ماذا حققت إيران من المواجهة المباشرة مع إسرائيل؟
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
طهران- بعد عقود من المواجهة التي خاضتها بالوكالة ضد الاحتلال الإسرائيلي، انتقلت إيران العام الجاري من الصراع المنضبط إلى المواجهة المباشرة باستهداف العمق الإسرائيلي مرتين حتى الآن، مما فتح الباب أمام تل أبيب للقيام بخطوة مماثلة أثارت تساؤلات عما حققته طهران بتدشينها المواجهة المباشرة مع حليف الولايات المتحدة.
فبعد أعوام طويلة من "الصبر الإستراتيجي" حيال الاغتيالات والعمليات التخريبية التي تُتهم تل أبيب بالوقوف وراءها، وجدت طهران في الهجوم على قنصليتها بالعاصمة السورية دمشق، في أبريل/نيسان الماضي، تجاوزا لسيادتها الوطنية، فقررت الرد بعملية الوعد الصادق الأولى في مسعى لإعادة ضبط خطوطها الحُمر.
وصبيحة اليوم الأول من رئاسة مسعود بزشكيان، أعلنت إيران، يوم 31 يوليو/تموز 2024، اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية إثر غارة إسرائيلية على مقر إقامته في العاصمة طهران، وبعد نحو شهرين اغتالت إسرائيل الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، فقامت إيران، مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعملية الوعد الصادق الثانية التي استهدفت منشآت عسكرية في العمق الإسرائيلي.
وبعد الهجوم الإسرائيلي في 3 محافظات إيرانية، الأسبوع الماضي، توعدت طهران من جديد برد حاسم وقوي ومدروس وأبعد مما يتصوره كيان الاحتلال.
مواجهة لا بد منها
ويرى رئيس مؤسسة "راهبرد بجوهان جهان معاصر" للدراسات الإستراتيجية شعيب بهمن، أن بلاده لم تنخرط بطرا في المواجهة الإستراتيجية مع الكيان الإسرائيلي، وإنما تحركت لوضع حد لتمادي تل أبيب في تجاوز خطوط طهران الحمر، معتبرا أن المغامرات الإسرائيلية ناجمة عن خطأ في الحسابات حيال قدرة طهران على الرد العملي من جهة، وبشأن قدرة تل أبيب على استدراج الولايات المتحدة والحلف الأطلسي إلى معركة مع طهران من جهة أخری.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال بهمن إن العقلية الإسرائيلية لا تقف عند حد في تجاوزها الخطوط الحمر، وإن عدم الرد الإيراني قد يفسر في تل أبيب على أنه نابع من قدرة الجيش الذي لا يقهر وقدرة مضاداته الجوية على صد أي هجوم، وهذه أسطورة مفبركة نسفتها الصواريخ الإيرانية، على حد تعبيره.
ورأى الباحث الإيراني، أن "العمليات العسكرية الإيرانية جاءت في خضم العدوان الإسرائيلي المتواصل على كل من قطاع غزة ولبنان والمجازر البشعة التي يرتكبها بحق المدنيين العزل فضلا عن التمادي في اغتيال قادة المقاومة في سياق حرب الإبادة الرامية إلى تفريغ المنطقة من سكانها الأصليين".
مكاسب سياسيةوردا على سؤال عما حققته إيران من استهداف العمق الإسرائيلي مباشرة، يعتقد بهمن أن بلاده كسبت نقاطا سياسية كثيرة جراء فتحها صفحة المواجهة المباشرة مع إسرائيل.
ورأى أن أبرز هذه النقاط تتمثل في تحييد كل من الولايات المتحدة والحلف الأطلسي من الوقوف المباشر إلى جانب إسرائيل، وإدانة الكيان الإسرائيلي في الأوساط الأممية والدولية، ونجاح دبلوماسية طهران في إقناع الدول المجاورة المضيفة للقواعد الأميركية بضرورة عدم السماح باستخدامها في أي هجوم قد يستهدف الأراضي الإيرانية.
وبالإضافة إلى ذلك، نجحت طهران، بحسب المتحدث، في رسم خطوط حمر بشأن الاقتراب من الأهداف الحيوية وعلى رأسها المفاعلات النووية ومنشآت النفط والطاقة، وفرض قواعد اشتباك جديدة في المواجهة، ورفع شعبيتها لدى الرأي العام المحلي والإقليمي والإسلامي، وبرهنت على سبب إصرارها على المضي قدما في تعزيز برامجها الصاروخية والنووية، في ظل الدعم الغربي اللامحدود للكيان الإسرائيلي.
مكاسب عسكرية
من ناحيته، يعتقد مدير معهد العلاقات الدولية، مجيد زواري، أن مكاسب طهران على الصعيد العسكري جراء التحول من سياسة الصبر الإستراتيجي إلى المواجهة المباشرة مع إسرائيل لا تقل أهمية عن الصعيد السياسي، مؤكدا أن الهجمات الصاروخية على إسرائيل فضحت عجز منظومتها العسكرية عن حماية سماء فلسطين المحتلة وحتى قواعدها العسكرية ومدى اعتماد تل أبيب على المساعدات الغربية.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال زواري إن الهجمات الإيرانية وضعت حدا لأسطورة القبة الحديدية وأخواتها من المضادات الجوية الإسرائيلية والأميركية، في حين أظهر الهجوم الإسرائيلي نجاح الأنظمة الجوية الإيرانية في كشف العدوان عبر أحدث طائرات الشبح الأميركية وصد غالبية صواريخها خارج الأجواء الإيرانية.
وبرأي المتحدث، فإن "الهجوم الإسرائيلي على إيران -والذي جاء بعد مضي 3 أسابيع من التهديدات بشن هجوم واسع وقوي وموجع- فشل بفعل الأسلحة محلية الصنع"، مستذكرا أن تل أبيب كانت قد توعدت باستخدام أحدث الأسلحة المتوفرة لديها وأكثرها فتكا لإلحاق أكبر قدر ممكن من الأضرار بالجمهورية الإسلامية تمنعها من مهاجمة إسرائيل مرة أخرى، وهذا ما لم يحصل، وليس هذا فحسب، بل كشف للجانب الإيراني هشاشة التهديدات الإسرائيلية.
وخلص زواري إلى أن إيران تسعى لتعزيز قدراتها الردعية من جهة وإسناد الفصائل المتحالفة معها من جهة أخرى، وذلك من دون الحاجة إلى خوض حرب شاملة، لكن إصرارها على الرد القاطع على أي مغامرات ترمي للعبث بأمنها القومي وسيادتها الوطنية يؤكد أن لديها خيارات إستراتيجية قد تكشف عنها لاحقا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المواجهة المباشرة مع تل أبیب من جهة
إقرأ أيضاً:
خياران لا ثالث لهما.. أمريكا بين الضربة العسكرية والحلول السياسية مع إيران
بغداد اليوم - بغداد
كشف العضو السابق في لجنة الأمن والدفاع النيابية، عباس صروط، اليوم الخميس (30 كانون الثاني 2025)، عن ثلاثة أسباب رئيسة تمنع الولايات المتحدة من شن ضربة واسعة ضد إيران، رغم تصاعد التوترات في المنطقة.
وقال صروط، لـ"بغداد اليوم"، إن "المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط استراتيجية ومتعددة الأبعاد، وتلعب دورًا حاسمًا في قرارات البيت الأبيض لا سيما أن هذه المنطقة تمد العالم بنحو نصف احتياجاته من الطاقة، ما يجعل أي توتر غير محسوب مصدر قلق كبير لواشنطن، لما قد يترتب عليه من ارتدادات خطيرة على الاقتصاد العالمي".
وأضاف، أن "إيران تمتلك قدرات تمكنها من استهداف مواقع استراتيجية أمريكية في المنطقة ما يجعل أي ضربة شاملة محفوفة بالمخاطر خاصة أن طهران لديها العديد من الأدوات والوسائل القتالية التي قد تفاجئ واشنطن".
وأشار إلى، أن "البيت الأبيض يخشى من أن تدفع أي ضربة شاملة إيران إلى التفكير جديًا في امتلاك السلاح النووي كخيار دفاعي، وهو ما يشكل تهديدًا استراتيجيًا يثير قلق صناع القرار الأمريكيين".
وأكد صروط، أن "أي مواجهة عسكرية واسعة في الشرق الأوسط لن تقتصر على حدود جغرافية معينة، بل ستكون لها ارتدادات إقليمية وعالمية خطيرة، وهو ما يدفع الولايات المتحدة إلى تجنب هذا السيناريو، واللجوء بدلًا من ذلك إلى الضغوط الاقتصادية والمناورات السياسية بهدف الوصول إلى اتفاق يضمن مصالحها دون الانجرار إلى حرب مفتوحة".
وفي ذات السياق كشف مصدر مطلع، الثلاثاء (28 كانون الثاني 2025)، عن رسالة شفوية مقتضبة من البيت الأبيض إلى طهران تتضمن رؤية الرئيس الأمريكي الجديد لطبيعة العلاقة مع إيران.
وقال المصدر، لـ"بغداد اليوم"، إن "رسالة شفوية وصلت مساء الأحد من البيت الأبيض إلى بغداد، ومنها إلى وسطاء عراقيين لنقلها إلى طهران، تضمنت نقاطًا محددة تمثل خلاصة موقف واشنطن تجاه إيران".
وأضاف المصدر أن "الرسالة أكدت أن الرئيس الأمريكي لا يسعى إلى الحرب مع طهران، بل يهدف إلى التوصل إلى صفقة طويلة الأمد تنهي حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، مع التشديد على حماية المصالح الأمريكية في المنطقة".
وأشار إلى أن "رؤية الرئيس الأمريكي تتركز على منع إيران من الوصول إلى القدرة على إنتاج أسلحة نووية، في إطار صفقة شاملة تضمن تفوق حليفته في المنطقة، في إشارة إلى إسرائيل".
ولفت إلى أن "إيران تضررت بشدة في العديد من المحاور الإقليمية، مما يتيح فرصة جديدة لواشنطن لتحقيق تفاهمات طويلة الأمد معها، رغم أن الرسائل الأمريكية لا تزال غير علنية وتعتمد على وسطاء متعددي الأطراف".