سودانايل:
2025-01-24@18:38:19 GMT

للذين قالوا لا للمدنية من بريطانيا!

تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT

بثينة تروس

إننا نهنئ الاعداد المهولة للسودانيين ببريطانيا الذين خرجوا يتظاهرون ضد المدنيين المجتمعين لإيجاد حلول لوقف الحرب ونزيف الدم بالوطن، خرجوا رافعين شعارات استمرار الحرب (بل بس) وجيش واحد شعب واحد.. تهنئتنا منبعها تقديرنا لعظمة الديموقراطية وممارسة الحريات العامة في ظل امن وحماية الجيش البريطاني الموحد بلا مليشيات.


وفي ذات الوقت نتساءل كيف انتهي الحال بهذه التجمعات الضخمة إلى استبدال المواطنة في البلد الاصل واستبدالها بالعيش في صحبة ذوي الأصول الأنجلو سكسونية، والنورمانية؟!
فهؤلاء السكسون قطعاً لا يمتون بصلة دم (للعباس) عم النبي سيد الخلق عليه الصلاة والسلام! تلك الصلة المُدّعاة والتي قامت على اسسها الحرب الدينية في جنوب السودان وانتهت بفصله وقد ذُبح ثوراً أسوداً كرمز لنقاء العروبة الإسلامية بعد هذا الانفصال.. وقامت أيضا مجازر دارفور وما تبعها من تكوين مليشيات الجنجويد التي خرجت من رحم الجيش، على الأسس العرقية الاثنية، لتنقية العربة من الزرقة كما تفتقت تلك الفكرة في عقول قادة الحركة الإسلامية..
لقد لجأ هؤلاء المتظاهرون إلى دولة لا تقيم الشريعة الاسلامية، ولا يحمل تلفزيونها القومي شعار (لا الله الا الله).. كما أن في دستورها سعة من الحريات تجعل العيش في ارضها رجزاً من عمل الشيطان، خاصة للقابضين على جمر دينهم، حيث يقنن على سبيل المثال لا الحصر، العلاقات الجنسية خارج أطر الزواج، وتتوفر البارات ودور الدعارة وزواج المثليين ونوادي العري للجنسين.. كما تتوفر الحريات التي لا تعترف بها دولتهم مثل حرية الأديان والمعتقدات، بما في ذلك الإلحاد، والاعتراف بإسرائيل، ومحاربة الإرهاب حتى أن هنالك من يتهمها بالاسلاموفوبيا!
أيُعقل فرضيا ان أرض الدولة الإسلامية قد ضاقت بهؤلاء في ظل هيمنة سلطة الحركة الاسلامية والمشروع الحضاري الإسلامي، وكثرة المساجد، وتوفر فرص الجهاد وعرس الشهيد وزواج الحور العين؟!! فقد احتكرت الحركة الإسلامية في السودان المؤسسة العسكرية برمتها، وقدمت لها القرابين كرتب عسكرية عالية يتمتع بها من ينتمون اليها من صفوفهم، وأموالا طائلة تعادل ٨٢٪ من خزينة الدولة، ومكنت البقية من عضويتها سياسيا واقتصادية، بمشروعات تدار خارج ميزانية الدولة، احتكروا فيه المال العام والخاص.. لماذا ترك هؤلاء كل هذا وراء ظهرهم ولجأوا الي دويلة الكفر والإلحاد، بعد ان بشرهم قادتهم بأن (أمريكا روسيا قد دنا عذابها)؟؟ ام انهم امتثلوا الامر الالهي (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا) فلجأوا الى بريطانيا التي استعمرت الوطن سابقا لعلمها بخيراته وأنه (سلة غذاء العالم)؟!!
ام لعلهم هربوا حين لم يجدوا الحريات التي في ظلها يتظاهرون، ثم لا تكون عاقبة امرهم، طلقة طائشة من جهة مجهولة، أو سجنا في بيت من بيوت الاشباح؟! او ربما خوفاً من انعدام العدالة التي يجيز قضاتها العاطبون، خدام السلطة الحاكمة، وظيفة اختصاصي اغتصاب في دولة الشريعة الإسلامية؟! ثم يعجز هؤلاء المتظاهرون، وقد وُجد بينهم من ارتكب جريمة اغتصاب أطفال وحكم عليه بالإعدام وأودع السجن في السودان، فإذا هو يتظاهر مع هؤلاء ضد حمدوك في شوارع لندن، ويهتف ضده، ويطالب بالكشف عمن باع دم الشهداء و(بي كم)!! نعم كان هذا هتافهم ضد حمدوك، رغم انهم يعلمون من قتل الشهداء، حتى تكدست بهم المشارح في الخرطوم والتحمت الجثث على ارضيتها وسال مزيجها فيضاً يسعي بين الناس ينادي بالقصاص!!
او لعل هؤلاء قدموا لإنجلترا بحثاً عن السلام الذي لم تشهده الدولة منذ خروج بريطانيا المستعمرة منها؟! او يا ترى اشتهت نفوسهم نعمة التعليم والعولمة، والرعاية الصحية، والتنمية المستدامة وخدمات بلا صفوف الماء والرغيف والسكر، او كهرباء وفاكهة غير ممنوعة؟!
وجميع ذلك يمكن اختصاره في عبارة (الحياة الكريمة) التي من وهبها الله للإنسان كحق طبيعي يولد معه وهو حق الحياة وحق الحرية.. اذن لماذا يضنّون بها على المساكين العزل، الهائمين على وجوههم بسبب هذه الحرب، يبحثون عن مأوى آمن ولقمة عيش لأطفالهم أو جرعة دواء لمرضاهم، وقد حالت دون ذلك مليشيات الدعم السريع المجرمة ومليشيات الجيش وكتائبه من الجماعات المهووسة، التي لا تريد أن تدعهم وشأنهم، فقد رضوا بالهم والهم لم يرض بهم، إذ مع استمرار الحرب يستمر القصف اليومي لمنازلهم وأسواقهم بالطيران وبالمدافع الثقيلة، ويتم تهجيرهم من قراهم، ويتم قتل أبنائهم، لمجرد الاتهام بالتعاون مع الفريق الآخر، او الانتساب لقبيلة يرجح انها تمثل حاضنة للطرف الآخر، كما حدث في قرى الجزيرة ومدينة الحلفاية ومدينة الدندر..
أما كان الأجدر بهؤلاء اللاجئين لدول الغرب من شرور بلادهم ومن فتنها وحروبها أن يطالبوا بإيقاف هذه الحرب حتى يتمتع من تركوهم خلفهم، ممن لا يقوون على الهجرة، بنفس القدر من الأمن والسلام، الذي ينعمون هم به، او على الأقل يتركوا من اتى لهذا الغرض ليقوم بما يراه الواجب المباشر.. بدلا من استغلال الفرصة التي وهبها لهم الله في الاستعراضات العسكرية العبيطة والمحروسة بالشرطة البريطانية في شوارع لندن؟! وإذا لم يقووا على ذلك فلا أقل من أن يكونوا صادقين وينضموا لصفوف معركة الكرامة، بالاستجابة لدعوة الاستنفار وطلب الشهادة وتحرير البلاد من دنس مليشيات الدعم السريع، كما يدعون بدل الهتاف في شوارع لندن (جيشا واحد شعب واحد) والكيد لمن يحاول وقف الحرب!
وكيف سولت لهم نفوسهم بعد تلك الاستعراضات البهلوانية الرجوع الي اهلهم ومنازلهم وهم آمنين وفرحين بأنهم حققوا إنجازا ونصرا عظيما في الوقت الذي لم يفعلوا سوى تشجيع أحد طرفي النزاع بالاستمرار في المزيد من القتل والتشريد لأهلهم في السودان؟!!!

tina.terwis@gmail.com

   

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الآلية الوطنية لحماية المدنيين تناقش إعادة تشكيل الآلية بما يواكب المستجدات التي فرضتها الحرب

ناقش إجتماع الآلية الوطنية لحماية المدنيين برئاسة وزير الداخلية اللواء خليل باشا سايرين، إعادة تشكيل الآلية بما يواكب المستجدات التي فرضتها الحرب التي شنتها مليشيا الدعم السريع المتمردة على البلاد.وقال وزير الداخلية في إفادة صحفية عقب الإجتماع بنادي الشرطة ببورتسودان الثلاثاء، ان الإجتماع ناقش ثلاث أجندة رئيسية تمثلت في مناقشة كيفية إعادة تشكيل الآلية خاصة في ظل إندلاع الحرب واستمرارها، مبيناً انه تم استيعاب وضم مؤسسات جديدة للالية، وقال إن شكل الحماية اختلف حاليا بسبب اوضاع الحرب حيث كان في السابق لا توجد حرب.وقال خليل ان الإجتماع تداول أيضا حول الخطة الوطنية لحماية المدنيين الرامية الى سد الثغرات التي تحاول بعض الجهات الدولية أن تستخدمها للإضرار بالسودان مثل المساعدات الإنسانية، وملف حماية المدنيين بغرض التأثير على السيادة الوطنية، مؤكدا ان الآلية ستعد وثيقة رسمية للخطة ورفعها للأمم المتحدة.وأضاف ان الخطة ستكون شاملة كل أنواع الحماية، مشيرا الى جهود الحكومة في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية بما فيها فتح المعابر، مؤكدا التزام القوات المسلحة بحماية المدنيين والالتزام بالقوانين الوطنية والقانون الدولي الإنساني.واوضح رئيس الآلية الوطنية لحماية المدنيين ان الإجتماع ناقش كذلك تشكيل اللجان الفرعية الولائية واهميتها في احكام وتجويد العمل .سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مجمع البحوث الإسلامية: رحلة الإسراء والمعراج جسرًا سماويًا بين الأرض والسماء
  • فهمي بهجت: موقف القاهرة الثابت تجاه فلسطين يكشف المخططات التي تستهدف الدولة
  • المادة 149: جدلية التحريض وتقييد الحريات في سياق سياسي مضطرب – حالة أيمن صندوقة نموذجًا
  • ميقاتي: الحكومة الحالية استطاعت ان تتخطى كل الصعوبات التي واجهها لبنان
  • هذه العمليات الإرهابية التي يقوم بها الجنجويد تعكس حالة الإحباط التي وصلوا إليها
  • شيماء سبت: الناس قالوا عني أم المعرس بعد دخولي جوي اوورد ..فيديو
  • الآلية الوطنية لحماية المدنيين تناقش إعادة تشكيل الآلية بما يواكب المستجدات التي فرضتها الحرب
  • رئيس الدولة ومحمد بن راشد يبحثان المواضيع التي تهم شؤون الوطن في العين
  • رئيس الدولة يستقبل مساعدة الرئيس الإيراني التي تقوم بزيارة عمل إلى الدولة
  • إحصائية بالخسائر التي خلفتها حرب الإبادة  الإسرائيلية على غزة .. تقرير