السعودية وقطر تدعوان طرفي الحرب بالسودان إلى حل سياسي عبر الحوار
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
إسطنبول/ الأناضول
استنكرت السعودية وقطر، مساء السبت، سقوط قتلى وجرحى مدنيين جراء القتال بولاية الجزيرة وسط السودان خلال الأيام الأخيرة، وحثتا الطرفين المتحاربين على الحوار للتوصل إلى حل سياسي ينهي النزاع المسلح.
جاء ذلك في بيانين منفصلين صدرا عن وزارتي الخارجية في البلدين.
وقالت السعودية، في البيان، إنها "تستنكر سقوط قتلى وجرحى مدنيين جراء القتال بولاية الجزيرة السودانية" في الفترة الأخيرة، وأنها تعتبر ذلك "انتهاكا للقانون الدولي ومبدأ حماية المدنيين".
وفي 20 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تجددت الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش في ولاية الجزيرة، على خلفية انشقاق القيادي بصفوف قوات الدعم أبوعاقلة محمد أحمد كيكل، وهو من أبناء الولاية، وإعلان انضمامه لقوات الجيش.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2023، سيطرت قوات الدعم السريع بقيادة كيكل، على عدة مدن بالجزيرة بينها "ود مدني" مركز الولاية.
وحاليا، تسيطر الدعم السريع على أجزاء واسعة من الولاية عدا مدينة المناقل والمناطق المحيطة بها حتى حدود ولاية سنار جنوبها، وغربا حتى حدود ولاية النيل الأبيض.
وفي بيانها، دعت السعودية "الأطراف المتحاربة في السودان إلى الالتزام والوفاء بما تم الاتفاق عليه في إعلان جدة الموقع في 11 مايو/ أيار 2023".
ونص الإعلان على التزام طرفي الحرب بـ"الامتناع عن أي هجوم عسكري قد يسبب أضرارًا للمدنيين"، و"التأكيد على حماية المدنيين"، و"احترام القانون الإنساني والدولي لحقوق الإنسان".
كما حثت السعودية الأطراف المتحاربة بالسودان على "وقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية".
وأكدت على أن "الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة".
وجددت "موقفها الثابت في دعم استقرار السودان والحفاظ على وحدة مؤسساته الشرعية وسيادته واستقلاله".
من جانبها، قالت قطر إنها "تدين بأشد العبارات الجرائم الوحشية التي استهدفت مدنيين بولاية الجزيرة السودانية"، وتُعدها "انتهاكا سافرا" للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية".
وفي الأيام الأخيرة، تصاعدت الاتهامات المحلية والدولية لقوات الدعم السريع بـ"ارتكاب انتهاكات وجرائم قتل جماعية" بحق المدنيين بولاية الجزيرة بعد تجدد الاشتباكات، دون صدور تعليق من الأخيرة عليها.
وشددت قطر في بيانها، على "ضرورة الحوار بين كافة الأطراف السودانية لإنهاء النزاع المسلح بشكل دائم، تمهيدا لإطلاق مفاوضات واسعة، تفضي إلى اتفاق شامل وسلام مستدام".
كما أكدت على "ضرورة وضع الأزمة السودانية في قائمة أولويات المجتمع الدولي، ومعالجة جذورها بشكل كامل".
وجددت موقفها الثابت "الداعم لوحدة واستقلال وسيادة وسلامة أراضي السودان، ورفض أي شكل من أشكال التدخل في شؤونه الداخلية، والاحترام الكامل لخيارات شعبه الشقيق في الحرية والسلام والعدالة والازدهار".
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 11 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: بولایة الجزیرة ولایة الجزیرة الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الشهادة السودانية كرقصة التانغو (1-2)
عبد الله علي إبراهيم
ملخص
تفجر حول انعقاد هذه الامتحانات الجزئية نقاش شخصه خصوم الحكومة حتى بين التربويين باستخدام الحكومة لها كـ"سلاح التعليم" لتعزيز سلطانها في البلاد. فقالت قمرية عمر، من نقابة المعلمين، إن هذا قرار حكومة الأمر الواقع، حكومة بورتسودان، وهو سياسي ومرتجل وهدفه الادعاء في مواجهة الطرف الآخر بأن السودان آمن، وأن الحياة تسير بصورة طبيعية.
شغلت منصات التواصل رحلة الـ2000 كيلومتر للطالبة شمس الحافظ عبدالله من بلدة أبشي في تشاد إلى عطبرة بولاية النيل بالسودان، للجلوس لاختبار الشهادة السودانية في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وهو الامتحان الذي تأجل بسبب الحرب وكان مقرراً له يونيو (حزيران) 2023.
وبدا أن قصة عبور شمس فوق الهول لمجرد الجلوس لاختبار، الملحمة في حد ذاتها، ليست نسيج وحدها. ففي بلد القطينة في ولاية النيل الأبيض، التي تحتلها قوات "الدعم السريع"، كان هناك من تحدى الطبيعة والحرب للامتحان. فركبت جماعة من الطلاب القوارب ليعبروا لمدينة الدويم ليجلسوا للامتحان.
وليست هذه أول مرة تكون فيها الامتحانات في عين عاصفة حروب السودان الأهلية. فسبق لطالبة من دارفور نفسها أن غادرت منطقة احتلتها حركة مسلحة حظرت الامتحان لتركب هولاً أصغر إلى مدينة الضعين لتجلس للامتحان.
جلس طلاب الشهادة الثانوية لعام 2023 لاختباراتها المؤجلة لظرف الحرب في الـ18 من ديسمبر (كانون الأول) 2024. واقتضى ظرف الحرب أن تجرى الامتحانات بصورة أساس في ولايات كسلا والقضارف والبحر الأحمر والشمالية والنيل الأزرق، بينما تقام في ولايات نهر النيل والنيل الأبيض وكردفان بصورة جزئية علاوة على 15 دولة أجنبية نزح إليها الطلاب. واضطرت وزارة التربية والتعليم في هذا العام إلى تعديل توقيت الامتحانات ليبدأ عند الساعة الثانية والنصف ظهراً بدلاً من الثامنة صباحاً تقديراً لظروف الطلاب الذين جلسوا للاختبار في مصر. وعددهم أكثر من 27 ألف طالب وطالبة من جملة 49 ألف طالب وطالبة يجلسون للاختبارات من خارج السودان، لاعتذار وزارة التربية في مصر بأنها لا تستطيع عقد الامتحانات في الفترة الصباحية.
وجلس للاختبار 120724 طالباً وطالبة من الولايات تحت قوات "الدعم السريع" في مراكز الولايات التي تحت سلطة القوات المسلحة. وتكفلت حكومات الولايات باستضافتهم وإعاشتهم. وكان من المفترض، بحسب وزارة التربية والتعليم، أن يجلس للامتحانات المؤجلة أكثر من 343 ألف طالب وطالبة يمثلون 70 في المئة من إجمال الطلاب المسجلين البالغ عددهم نحو 500 ألف، إلا أن العدد تقلص بسبب سقوط آلاف أرقام الجلوس، وتأجيل الامتحانات في ولايتي جنوب وغرب كردفان. وكانت لجنة المعلمين السودانيين، وهي غير التي في داخل السودان، قد قالت إن إجراء الامتحانات في شرط الحرب كما سيحدث سيؤدي إلى حرمان 60 في المئة من إجمال الطلاب الذين استوفوا شروط الجلوس للاختبارات قبل الحرب. وتخلف، وفق تقارير سودانية، عن الجلوس قسراً نحو 157 ألف طالب وطالبة في ولايات تقع تحت سيطرة قوات "الدعم السريع".
تفجر حول انعقاد هذه الامتحانات الجزئية نقاش شخَّصه خصوم الحكومة حتى بين التربويين باستخدام الحكومة لها كـ"سلاح التعليم" لتعزيز سلطانها في البلاد. فقالت قمرية عمر، من نقابة المعلمين، إن هذا قرار حكومة الأمر الواقع، حكومة بورتسودان، وهو سياسي ومرتجل وهدفه الادعاء في مواجهة الطرف الآخر بأن السودان آمن، وأن الحياة تسير بصورة طبيعية. وساقت جزئية الامتحان معارضة الحكومة وغيرها للقول بأنها مما سيغبن الجماعات التي انحرم طلابها من الامتحان ويمهد "لتفتيت البلاد وتهتك نسيجها الاجتماعي".
وذهب آخر إلى أن هذا التفكيك للبلاد هو الهدف من إجراء هذا الامتحان الناقص. فالقرار، في قوله، ليس قراراً إدارياً بريئاً، بل يعكس إستراتيجية تتبناها هذه السلطة، التي تسيطر عليها عناصر من النظام المباد، لاستغلال التعليم كأداة لتعزيز نفوذهم السياسي والاجتماعي في مناطقهم المعروفة بـ"دولة النهر والبحر"، وهي تقريباً الولايات التي جرى فيها الامتحان. فتفاوت الفرص فريضة في صفوة هذه الدولة بعواقبه الوخيمة على وحدة السودان.
واتفق مع هذا التطيُّر من الامتحانات رئيس الحزب الاتحادي الموحد، محمد عصمت يحيى، الذي قال إن انعقاد اختبارات الشهادة السودانية في هذا التوقيت هو بداية لانفصال البلاد وخطوة من "خطوات المشروع الانفصالي لسلطة الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني وواجهاتهما تمضي بإجراء امتحانات الشهادة السودانية قدماً في الشهر الذي شهد اندلاع ثورة ديسمبر (2018)"، كأنه لا تثريب على انعقادها في غير هذا الشهر.
قالت النقابية قمرية في نقد الامتحانات الجزئية إن الشهادة السودانية حدث قومي له وزنه وهيبته. ولا غرو أن جاء هذا القول الفصل من مثل قمرية في علو كعبها في التعليم والنقابية. لكنه مما يصدر من مثلها عن "عادة المعارضة" للحكومة. فلم ير الناس من النقابة مشروعاً مستقلاً لانعقاد اختبارات الشهادة. وكان سامي الباقر من نقابة المعلمين قال إنهم ناشدوا طرفي الحرب إعلاناً بوقف إطلاق النار خلال فترة الامتحانات، وفتح طرق آمنة لتمكين الطلاب والطالبات والمعلمين من الوصول إلى مراكز الامتحانات، وأن ترعى الأمم المتحدة هذه الهدنة التربوية مع قادة الأطراف. ولم يفصل سامي في مساعيهم للغرض، واستجابة الأطراف. وخلافاً لهذا العمل البناء استغرقت النقابة في نقد غير راحم للحكومة لأنها قامت بوظيفة من وظائفها لم نر من النقابة اعتراضاً عليها، بل سعت، في قولها هي ذاتها، بطريقتها إلى تأمين انعقاد الامتحانات بسلامة ولم توفق. ونواصل
ibrahima@missouri.edu