افتتاح معرض مقتنيات مقبرة حاكم الصعيد "وني" والمكتبة العلمية بمتحف سوهاج
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
افتتح الدكتور محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والدكتور مؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، والدكتورة جانيت ريتشارد مدير مشروع الجبانة الوسطى بأبيدوس بسوهاج، معرض مقتنيات مقبرة حاكم الصعيد "وني" من عصر الأسرة السادسة بمتحف سوهاج القومي، والمكتبة العلمية للمتحف بعد الانتهاء من مشروع تطويرها.
وثمن شريف فتحي على دور متاحف الآثار في تنمية المجتمع وبنائه الثقافي من خلال مجموعة الأنشطة الثقافية والاجتماعية التي تقيمها والتي تعمل بدورها في المساهمة في رفع مناحي التعليم والثقافة لجميع أفراد المجتمع.
ومن جانبه أوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد، أن افتتاح هذا المعرض والمكتبة يأتي في إطار دور المجلس الأعلى للأثار كمؤسسة علمية تعمل على الحفاظ على تراث مصر الحضاري والأثري، وتعزيز الدور المعرفي للمتاحف كمؤسسات ثقافية علمية ومجتمعية لرفع الوعي المعرفي والأثري والثقافي لدي المجتمع وتعريفهم بعظمة الحضارة المصرية العريقة من خلال تنظيم المعارض المؤقتة ودعم إعداد وتجهيز وتطوير المكتبات العلمية والثقافية داخل متاحف الآثار على مستوى الجمهورية وإثرائها بالمراجع والمجلدات العلمية والأثرية الهامة.
وأضاف أن المجلس الأعلى للآثار يقوم حالياً بدراسة إمكانية إنشاء مكتبة بكل متحف وإثرائها بالكتب العلمية من خلال تفعيل التعاون العلمي بصورة أكبر مع الجامعات والمؤسسات العلمية والثقافية المصرية والأجنبية المختلفة، مثمنا التعاون المثمر بين المجلس الأعلى للآثار ومتحف سوهاج القومي ومشروع جامعة ميتشجان بالجبانة الوسطي بأبيدوس ومركز البحوث الأمريكي بمصر لإعادة بناء مقبرة حاكم الصعيد وإقامة المعرض وتطوير المكتبة.
ومن جانبه أكد رئيس قطاع المتاحف، أنه لأول مرة يتم عرض مقتنيات مقبرة حاكم الصعيد "وني" كاملة منذ اكتشافها عام 1858، حيث إنها كانت معروضة في عدد من المتاحف والتي من بينها المتحف المصري بالتحرير، مشيراً إلى أن المعرض يضم كل القطع الأثرية لمقتنيات المقبرة والتي تم إعادة بناء نموذجاً لها داخل المتحف، بالإضافة إلى إعادة تصور لرسم نقش لوحة السيرة الذاتية لوني. وتشمل هذه المقتنيات أعمدة الأركان الحجرية ذات النقوش، ، وصورة بانورامية لبناء الطوب اللبن الضخم الخاص بالمقبرة، وعدد من المسلات الحجرية الصغيرة المنقوشة لـ وني، والأبواب الوهمية للمقبرة ومجموعة من كتل المقصورة المزينة بنصوص هيروغليفية ومناظر جنائزية، وصورة حفرة حرق القرابين، وتمثال صغير من الحجر الجيري لصاحب المقبرة، وأجزاء من نماذج خشبية، وأدوات من الفخار ومواد تحنيط. كما يعرض حوالي 50 لوحة تعليمية مزودة بالصور والخرائط والرسوم التوضيحية الفوتوغرافية والبانورامية لتعريف الزائرين بالمعلومات الأثرية والتاريخية عن الحاكم "وني" ومقبرته وعن أعمال البعثة الأثرية.
وقالت السيدة إسراء عبد الجواد مسئول شئون المكتبات، إن المكتبة العلمية لمتحف سوهاج القومي تضم ما يقرب من 2000 كتاب متخصصة في علوم الآثار المصرية والإسلامية والقبطية واليونانية الرومانية، وحوليات المجلس الأعلى للآثار، بالإضافة إلى المصادر والمراجع القديمة والتي من بينها تلك الخاصة بجامع السلطان حسن للجنة حفظ الآثار العربية من عام 1903، وقصر الحمراء للمؤلف Owen jones من عام 1837، وفنون وعمارة بومبيى من عام188.
كما تم عمل قاعدة بيانات للمكتبة ليسهل على الباحثين والدارسين الوصول إلى الكتب والمراجع التي يحتاجونها.
وقد حضر الافتتاح أيضا الدكتور أحمد حميدة المشرف العام على الإدارة المركزية للمتاحف الاقليمية، والأستاذ محمد عبد البديع رئيس الادارة المركزية للآثار المصرية، والدكتور فهيم فتحي حجازي عميد كلية الآثار بجامعة سوهاج، والأستاذ علاء القاضي مدير عام متحف سوهاج القومي، والدكتور محمد نجيب مدير عام منطقة الآثار المصرية بسوهاج، وعدد من وكلاء وأعضاء هيئة التدريس بكلية الآثار جامعة سوهاج، وممثلي الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: وني متحف سوهاج القومي المكتبة العلمية المتاحف المصرية المجلس الأعلى للآثار سوهاج القومی
إقرأ أيضاً:
التعاون المصري الفرنسي في البحث العلمي.. 25 عاما من الشراكة العلمية تتجدد بروح إيمحتب
على مدى عقود جسدت العلاقات المصرية الفرنسية نموذجا مميزا للتعاون الثنائي، لم تقتصر فيه الشراكة على الجوانب السياسية أو الاقتصادية، بل امتدت بعمق إلى مجالات البحث العلمي والتعليم العالي، فقد حرص البلدان على تطوير روابط معرفية متينة، تهدف إلى تبادل الخبرات، وتحفيز الابتكار، وتقديم حلول علمية لتحديات القرن الحادي والعشرين.
وفي قلب هذا التعاون، يبرز "برنامج إيمحتب" كواحد من أهم المبادرات العلمية المشتركة بين مصر وفرنسا، والذي انطلق عام 2005 وسمى بهذا الاسم تكريما للمهندس "إيمحتب" وزير الملك زوسر مؤسس الأسرة الثالثة، والذي نفذ بناء هرم سقارة المدرج الذي يرجع تاريخه إلى بداية الأسرة الثالثة (حوالي 2667-2648 ق.م)، واشتهر "ايمحتب"بعلمه في الفلك والطب وقدسه البطالمة واعتبروه آله للطب والسحر والفلك، وكأن التسمية تحمل دلالة رمزية على السعي لإحياء الإرث العلمي المصري من خلال أدوات العصر الحديث وبالشراكة مع إحدى أقوى الدول الأوروبية في مجال البحث العلمي.
برنامج" إيمحتب" هو برنامج ثنائي يهدف إلى دعم وتمويل مشروعات بحثية مشتركة بين فرق علمية مصرية وأخرى فرنسية، ويدار من الجانب المصري عبر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ومن الجانب الفرنسي من خلال وزارة أوروبا والشئون الخارجية والمعهد الفرنسي في القاهرة.
ويركز البرنامج بشكل أساسي على تبادل الباحثين، خاصة الشباب وطلاب الماجستير والدكتوراه، مما يساهم في بناء جيل من العلماء يمتلكون الخبرة الدولية والرؤية العلمية المتطورة.
لا يقتصر دور "إيمحتب" على تقديم الدعم المالي، بل يشجع على التفاعل العلمي الحقيقي بين الجانبين من خلال تنفيذ مشروعات بحثية تمتد غالبا لعامين، وتغطي خلالها نفقات السفر والإقامة والتنقل بين المؤسسات البحثية في البلدين.
ورغم أن البرنامج لا يقدم تمويلا لشراء معدات أو دفع رواتب، إلا أن أثره يتجاوز بكثير الجانب المادي، فهو يعزز الحوار العلمي، ويشجع النشر المشترك، ويعمق العلاقات المؤسسية بين الجامعات والمعاهد البحثية في البلدين.
ومن أبرز الشركاء المصريين في البرنامج.. يبرز "المركز القومي للبحوث"، أكبر المؤسسات البحثية في مصر والعالم العربي، والذي لعب دورا محوريا في التعاون مع مراكز فرنسية كبرى مثل CNRS والمعهد الوطني للصحة والبحث الطبي (INSERM). وقد شارك باحثو المركز في مشروعات تناولت موضوعات دقيقة مثل الأمراض المعدية، النانوتكنولوجي، تطبيقات التكنولوجيا الحيوية، وتأثير العوامل البيئية على الصحة العامة.
وفي إطار الاستمرارية والتوسع في هذا التعاون، أعلنت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا عن فتح باب التقدم لدورة جديدة من برنامج "إيمحتب" للأعوام 2025/2026، بالتعاون مع وزارة الخارجية الفرنسية، حيث تتولى الأكاديمية الأعمال الإدارية عن الجانب المصري، بينما تتولى مؤسسة "كامبس فرانس" الإدارة من الجانب الفرنسي، ويأتي ذلك في سياق دعم مشروعات بحثية مشتركة لمدة عامين، بتمويل يصل إلى 300 ألف جنيه سنويا لكل مشروع.
وحددت الأكاديمية مجالات بحثية ذات أولوية للتعاون تشمل قضايا المياه من خلال معالجة الصرف الصحي وتحلية المياه وإدارة نظم الري، إضافة إلى قضايا البيئة والطاقة خاصة الطاقة المتجددة وخلايا الطاقة الهيدروجينية وبطاريات السيارات الكهربائية، كما تشمل مجالات الطب والبيولوجيا من خلال أبحاث إنتاج الإنزيمات بالتكنولوجيا الحيوية وتقنيات التشخيص المتقدمة مثل الحساسات، وأبحاث فيروس التهاب الكبد الوبائي سي، إلى جانب تخصصات الرياضيات وتطبيقاتها، والفيزياء، وعلوم الأرض والفضاء، والكيمياء، والعلوم الإنسانية والاجتماعية، بالإضافة إلى الدراسات المرتبطة بالمجتمع مثل السياحة والتعليم، والهندسة مع التركيز على الطاقة المتجددة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات خصوصا الوسائط المتعددة، وكذلك الزراعة والإنتاج الحيواني والنباتي والغذائي بما في ذلك إنتاج المحاصيل الغذائية.
وتعكس هذه المجالات تنوع التحديات العلمية والبحثية التي يسعى الجانبان للتصدي لها من خلال هذا البرنامج الذي لم يعد مجرد أداة للتبادل الأكاديمي بل بات منصة استراتيجية لتعزيز الابتكار ودعم البحث التطبيقي بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ويرسخ الدور العلمي لمصر وفرنسا على المستويين الإقليمي والدولي.
لكن برنامج" إيمحتب" ليس سوى أحد أوجه التعاون البحثي بين القاهرة وباريس، فهناك جهود مشتركة تبذل أيضا عبر مؤسسات تعليمية وبحثية مثل "الجامعة الفرنسية في مصر"، التي أسست عام 2002 كمؤسسة تعليمية فريدة من نوعها في المنطقة، تجمع بين النظم التعليمية الفرنسية والخبرة الأكاديمية المصرية، وتوفر برامج دراسات عليا وأبحاث تطبيقية مشتركة في مجالات الهندسة، والعلوم الاجتماعية، وإدارة الأعمال.
وفي مجال الآثار والعلوم الإنسانية، يعد "المعهد الفرنسي للآثار الشرقية" في القاهرة أحد أقدم المراكز البحثية الفرنسية بالخارج، والذي تأسس عام 1880 على يد العالم "جاستون ماسبيرو"، وهو ينتمي اليوم إلى شبكة المراكز البحثية الفرنسية الكبرى خارج فرنسا، ويخضع لإشراف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الفرنسية، ويعمل على دراسة الحضارة المصرية القديمة منذ قرابة قرن ونصف، بالتعاون مع علماء آثار مصريين وهيئات حكومية مصرية.
من جانب آخر، توفر الحكومة الفرنسية العديد من المنح والزمالات الدراسية للباحثين المصريين، مثل برنامج "إيفل للتميز"، ومنح "المعهد الفرنسي للإقامات العلمية قصيرة الأجل"، التي تمكن الباحثين المصريين من إجراء أبحاثهم داخل أعرق المعاهد الفرنسية، مما يفتح آفاقا جديدة للتعاون الأكاديمي ونقل التكنولوجيا.
يعكس هذا التعاون العلمي بين مصر وفرنسا فلسفة معرفية وإنسانية عميقة، قوامها أن العلم لا يعرف حدودا، وأن الشراكات الدولية يمكن أن تكون مدخلا لتطوير القدرات المحلية، وتحقيق التنمية المستدامة.. وفي زمن تتسارع فيه التحديات العلمية، من تغير المناخ إلى الأمن الصحي، تظل الشراكة العلمية بين القاهرة وباريس نموذجا ملهما لما يمكن أن تحققه الإرادة السياسية والمجتمعية إذا اقترنت بالاستثمار في العقول.