ماذا تعرف عن اتفاقية القسطنطينية التي اتخذتها مصر ذريعة لعبور بوارج الاحتلال؟
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
أثار بيان هيئة قناة السويس في مصر بخصوص عبور سفينة حربية تابعة للاحتلال الإسرائيلي في القناة جدلا ونقدا واسعا تجاوزت حدود مصر .
فقد بررت الهيئة السماح لسفن الاحتلال الحربية بالعبور٬ باتفاقية القسطنطينية والتي تسمح بحرية الملاحة للسفن العابرة لقناة السويس، سواء كانت تجارية أو حربية، دون تمييز على أساس جنسية السفينة.
وأوضحت الهيئة في بيانها أن هذا الالتزام يأتي "تماشياً مع بنود اتفاقية القسطنطينية، التي تُعتبر ضمانة أساسية للحفاظ على مكانة القناة كأهم ممر ملاحي في العالم". كما أكدت أن عبور السفن الحربية عبر القناة يخضع لإجراءات خاصة.
وأشار البيان أيضاً إلى أن اتفاقية القسطنطينية، التي وُقعت عام 1888، وضعت الأسس الأساسية لطبيعة التعامل الدولي مع قناة السويس منذ ذلك الحين.
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
اتفاقية القسطنطينية
اتفاقية القسطنطينية هي معاهدة دولية تنظم حركة الملاحة في قناة السويس، وُقّعت في 29 تشرين الأول/ أكتوبر 1888 بين بريطانيا وفرنسا، بمشاركة دول أخرى، منها روسيا، وإيطاليا، والنمسا والمجر، وإسبانيا، وهولندا، والدولة العثمانية.
ونصت المعاهدة على حرية الملاحة في قناة السويس، مع الاعتراف بسيادة مصر عليها. كما ألزمت الدول بالاحترام التام لسلامة القناة، ومنعت أي عمليات عسكرية داخلها. وبذلك، حصلت مصر على "السيطرة الشكلية" على قناة السويس بموجب هذه المعاهدة.
سياق تاريخي
أتت اتفاقية القسطنطينية بعد سيطرة بريطانيا على مصر وقناة السويس في عام 1882، حيث كانت فرنسا تملك أغلب أسهم شركة قناة السويس وتسعى لتقليص النفوذ البريطاني في المنطقة عبر تدويل المسألة داخل أوروبا.
من جانبه، أبدى وزير الخارجية البريطاني لورد غرانفل رغبة في تأمين حرية الملاحة في القناة، مشيرًا في بيان إلى الدول الأوروبية الكبرى بتاريخ 3 كانون الثاني/ يناير 1883 إلى أن "القناة يجب أن تكون مفتوحة لجميع السفن في كافة الظروف".
وأعقب ذلك تقرير لورد دفرن في شباط/ فبراير 1883 حول نفس الهدف. ثم انطلقت مفاوضات بريطانية فرنسية بشأن تنظيم المرور في القناة في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1884 و21 كانون الثاني/ يناير 1885، حيث وافقت بريطانيا على اقتراح الوزير الفرنسي جول فيري بوضع القناة ضمن إطار معاهدة دولية، وإنشاء لجنة تمثل الدول الكبرى لتنظيم شؤونها.
وقّع مندوبو سبع دول كبرى، وهي إنجلترا وفرنسا وألمانيا وروسيا والنمسا والمجر والدولة العثمانية، إضافةً إلى مندوب الخديوي المصري، على اتفاقية مبدئية مستندة إلى منشور لورد غرانفل في آذار/ مارس 1885.
بعد جولات من المفاوضات، تم توقيع اتفاقية القسطنطينية في 29 تشرين الأول/ أكتوبر 1888، التي شكلت تسوية وسطى بين القوى الاستعمارية، إذ ضمنت حيادية قناة السويس وحق مرور جميع السفن فيها، سواء في السلم أو الحرب، دون تمييز حسب جنسيتها.
أبدت بريطانيا تحفظاً يتعلق بتطبيق بعض مواد الاتفاقية، إذا ما تسببت في تقييد حرية عمل الحكومة البريطانية خلال فترة احتلال مصر، وقد وافقت فرنسا على هذا التحفظ، مما جعل المعاهدة غير قابلة للتنفيذ العملي في حينها. ولم يتم تفعيل بنودها فعلياً إلا في عام 1904.
بقيت قناة السويس تحت السيطرة الأجنبية حتى قام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتأميمها في عام 1956.
تأميم القناة لإعادة السيطرة
"تؤمَّم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية، شركة مساهمة مصرية، وينتقل إلى الدولة جميع ما لها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات، وتحل جميع الهيئات واللجان القائمة حاليًا على إدارتها".
وفقا لاتفاقية القسطنطينية كان قرار عبدالناصر بتأميم قناة السويس باطلا ومخالفا للقوانين الدولية، وكان العدوان الثلاثي على مصر لتطبيق أحكام الاتفاقية pic.twitter.com/hjB5HsDoee — زكريا الشرعبي (@zakaria_sharabi) November 3, 2024
بهذه الكلمات، أعلن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في ميدان المنشية بمدينة الإسكندرية عن قراره التاريخي بتأميم شركة قناة السويس، وذلك في 26 تموز/ يوليو 1956.
وذلك من أجل إعادة السيطرة وفرض الإرادة المصرية على القناة إداريا وماليا٬ حيث كان المحتل الأجنبي هو الذي يدير القناة. وردت الدول الغربية على خطوة التأميم بالقيام بعدوان ثلاثي عسكري على مصر.
وجاء إعلان عبد الناصر بعد عدة أشهر من تصاعد التوترات السياسية بين مصر وبريطانيا وفرنسا، وإقدام مصر في آب/ أغسطس 1955 على إغلاق مضيق تيران في خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية.
الغرب يرد بالعدوان الثلاثي
بدأ العدوان الثلاثي على مصر بتحرك القوات الإسرائيلية في سيناء بعد ظهر 29 تشرين الأول/ أكتوبر 1956، تلاه قصف جوي من الطيران الفرنسي والبريطاني الذي استمر من نهاية الشهر نفسه حتى 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 1956.
حدث في مثل هذا اليوم: 31 أكتوبر 1956 - يوم من أيام العزة والكرامة المصرية
يصادف اليوم 31 أكتوبر ذكرى أحد أهم الأحداث في التاريخ المصري المعاصر، وهو بدء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956. هذا العدوان الذي شنه كل من إسرائيل وبريطانيا وفرنسا، كان ردًا على قرار الرئيس جمال عبد الناصر… pic.twitter.com/L1K9uIlwDj — مصر ???????? Egypt (@engazatmasr2020) October 31, 2024
بعدها، بدأت قوات المظلات البريطانية بالهبوط في بورسعيد، وتقدمت حاملات الجنود تحت حماية مدافع الأسطول، مما مهد لبدء الغزو البري. في الوقت نفسه، انفجرت المقاومة الشعبية في شوارع بورسعيد، بينما صدحت الإذاعة المصرية بأغانٍ حماسية تم تسجيلها على عجل، منها: "الله أكبر فوق كيد المعتدي، دع سمائي فسمائي محرقة".
وخرجت مصر من أزمة السويس منتصرة معنويًا. ورغم أن الاحتلال الإسرائيلي لم يحصل على حرية استخدام القناة، إلا أنه استعاد حقوق الشحن في مضيق تيران. ومن جهة أخرى، فقدت بريطانيا وفرنسا معظم نفوذهما في الشرق الأوسط نتيجة هذه الحرب.
ويذكر أن قناة السويس تعرضت للإغلاق بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967 خلال فترة حكم عبد الناصر، ولم يُعاد افتتاحها إلا في حزيران/ يونيو 1975 في عهد الرئيس المصري الراحل أنور السادات.
وفي هذه المناسبة، ألقى السادات خطابًا وصف فيه قناة السويس بأنها "همزة وصل بين القارات والحضارات، حيث عبرها المصريون بأرواح شهدائهم لنشر السلام والأمان على ضفافها، لتكون رافدًا للسلام وشريانًا للازدهار والتعاون بين البشر".
كامب ديفيد.. ضوء أخضر جديد
وبعد توقيع مصر في حكم السادات على اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع الاحتلال الإسرائيلي عام 1979، فيحق للسفن الإسرائيلية المرور عبر قناة السويس. وتحتاج السفن التابعة للبحرية الإسرائيلية، المتمركزة في مدينة إيلات على ساحل البحر الأحمر، إلى عبور القناة للعودة إلى قواعدها على ساحل البحر المتوسط.
تجري عملية عبور السفن الإسرائيلية عبر قناة السويس تحت إجراءات أمنية صارمة تفرضها السلطات المصرية. تشمل هذه الإجراءات تعليق حركة المعديات بين ضفتي القناة ووقف مرور السيارات على جسر قناة السويس، بالإضافة إلى تأمين الطريق البري الموازي للمجرى الملاحي.
أين الدفاع العربي المشترك؟
وتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي على التبرير الرسمي المصري لعبور سفن الاحتلال٬ فالناشط السياسي المصري إسلام لطفي٬ قال في حسابه على منصة "إكس": " - اتفاقية القسطنطينية تمنح مصر بشكل واضح ومباشر الحق في منع الملاحة إن كانت ترى في ذلك تهديدا لأمنها القومي (إسرائيل تحتل فلسطين وتعتدي على لبنان التي تربطها بمصر معاهدة دفاع عربي مشترك؛ وتحتل محور فيلاديلفيا بالمخالفة لاتفاقية السلام).
من المؤسف أن نشهد تسرب سلوكيات الخنازير ٫من بلادة وانكفاء على الإلتهام دون اعتبار للقذارة والنجاسة, إلى مؤسسات الدولة شيئاً فشيئاً.
- اتفاقية القسطنطينية تمنح مصر بشكل واضح ومباشر الحق في منع الملاحة إن كانت ترى في ذلك تهديد لأمنها القومي (إسرائيل تحتل فلسطين وتعتدي على لبنان… pic.twitter.com/HG8pQgMyEv — Islam Lotfy (@Islam_lotfy) November 2, 2024
وأضاف أن الاتفاقية "لم تمنع مصر من إغلاق الملاحة عدة مرات في وجه سفن إسرائيلية وفرنسية وبريطانية. وأثناء حكم مبارك تم منع سفن إيرانية وشمال كورية من العبور ولم يحدث شيء".
وقال الباحث السياسي المصري عبد الرحمن عياش على حسابه على منصة "إكس" أن اتفاقية القسطنطينية هي "اتفاقية احتلال لم نكن شركاء فيها، وكيف يكون في سياق تبرير إن بلدنا تسمح بعبور سفن العدو لحرب أهلنا! صيغة الاتفاقية أصلا عار تاريخي لازم يتصلّح!".
أول مرة في حياتي أسمع اسم "القسطنطينية" في سياق رسمي مصري، يكون عن اتفاقية احتلال لم نكن شركاء فيها، ويكون في سياق تبرير إن بلدنا تسمح بعبور سفن العدو لحرب أهلنا!
صيغة الاتفاقية أصلا عار تاريخي لازم يتصلّح! pic.twitter.com/9kJAQiHNxc — Abdelrahman Ayyash (@3yyash) November 2, 2024
وأضاف عايش أن: "شرعية "جمهورية" مصر كلها بُنيت على منجزات ثورة 1952 زي تأميم قناة السويس والتخلص من معاهدات وشروط الاستعمار. هذه الوقاحة ليست موجهة ضد الفلسطينيين، بل تضرب الجمهورية من أساسها. حكامنا بيضربوا النار، مش على رجلهم لكن على راسهم!".
شرعية "جمهورية" مصر كلها بُنيت على منجزات ثورة 1952 زي تأميم قناة السويس والتخلص من معاهدات وشروط الاستعمار. هذه الوقاحة ليست موجهة ضد الفلسطينيين، بل تضرب الجمهورية من أساسها.
حكامنا بيضربوا النار، مش على رجلهم لكن على راسهم! — Abdelrahman Ayyash (@3yyash) November 2, 2024
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية قناة السويس مصر الاحتلال الدفاع العربي المشترك مصر الاحتلال قناة السويس الدفاع العربي المشترك المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدوان الثلاثی بریطانیا وفرنسا قناة السویس عبد الناصر pic twitter com على مصر
إقرأ أيضاً:
قناة السويس تؤكد التزامها بتطبيق حرية الملاحة لكل السفن “تجارية أو حربية”
أعلنت هيئة قناة السويس المصرية، التزامها بتطبيق الاتفاقيات الدولية التي تكفل حرية الملاحة البحرية للسفن العابرة “سواء كانت تجارية أو حربية دون تمييز لجنسياتها”.
جاء ذلك في بيان لهيئة القناة، مساء الجمعة، قالت إنه “رد على ما تم تداوله من تساؤلات على بعض منصات التواصل الاجتماعي حول قيام هيئة قناة السويس بالسماح بعبور السفن الحربية من جنسيات مختلفة عبر المجرى الملاحي”، دون تحديد تلك الجنسيات.
وأكد هيئة قناة السويس في البيان “التزامها بتطبيق الاتفاقيات الدولية التي تكفل حرية الملاحة البحرية للسفن العابرة للقناة سواء كانت سفنا تجارية أو حربية دون تمييز لجنسية السفينة”.
وشددت على أن ذلك الالتزام “يأتي اتساقا مع بنود اتفاقية القسطنطينية (1888) التي تشكل ضمانة أساسية للحفاظ على مكانة القناة كأهم ممر بحري في العالم”.
وأوضحت أن “الاتفاقية رسمت منذ ذلك الوقت الملامح الأساسية لطبيعة التعامل الدولي لقناة السويس حيث حفظت حق جميع الدول في الاستفادة من هذا المرفق العالمي”.
ونصت الاتفاقية في مادتها الأولى على “أن تكون قناة السويس البحرية على الدوام حرة ومفتوحة سواء في وقت الحرب أو في وقت السلم، لكل سفينة تجارية أو حربية دون تمييز لجنسيتها”، وفق بيان الهيئة.
وشددت هيئة قناة السويس على أن “عبور السفن الحربية لقناة السويس يخضع لإجراءات خاصة”.
ولم توضح الهيئة لأي دول تنتمي تلك السفن العابرة، غير أنه يأتي مع تداول أنباء غير مؤكدة بمنصات التواصل عن مرور سفن حربية، لم يتسن الوصول إلى معلومات عن جنسياتها من مصدر مصري رسمي على الفور.
وفي بيانين منفصلين الخميس والجمعة، أكد الجيش المصري عدم وجود أي نوع من التعاون مع إسرائيل، بينما أوضحت وزارة النقل المصرية أن “السفينة التي أثير حولها اللغط كانت تحمل معدات لصالح وزارة الإنتاج الحربي في مصر”، دون ذكر جنسيتها.
ونفى بيان الجيش المصري “جملة وتفصيلاً، ما يتم تروجيه من مساعدة القوات المسلحة المصرية “إسرائيل” في عملياتها العسكرية بشكل قاطع بعد ما تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي والحسابات المشبوهة”.
وأكد الجيش المصري أنه “لا يوجد أي شكل من التعاون مع إسرائيل”.
وتعتبر قناة السويس من أهم القنوات والمضائق حول العالم، وهي أقصر طرق الشحن بين أوروبا وآسيا، وتعد من المصادر الرئيسية للعملة الصعبة لمصر.
وكشف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، في كلمة متلفزة أن بلاده فقدت نحو 6 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس، بسبب التوترات الجيوسياسية في المنطقة.
وذلك في إشارة إلى تصاعد التوترات جنوبي البحر الأحمر بسبب استهداف الحوثيين سفنا في إطار ما تقول إنه دعم لغزة سيتوقف حال وقف حرب الإبادة الإسرائيلية المندلعة ضدها منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ويستهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحر الأحمر، واتسع نطاق الاستهداف لاحقا ليشمل خليج عدن والمحيط الهندي وصولا إلى البحر المتوسط، دعما لما تقول الجماعة المدعومة من إيران، لغزة التي تواجه عدوان إسرائيلي منذ أكثر من عام
ومنذ مطلع العام الجاري، يشن تحالف تقوده واشنطن غارات يقول إنها تستهدف “مواقع للحوثيين” في مناطق مختلفة من اليمن، ردا على هجماتهم في البحر الأحمر، وهو ما قوبل برد من الجماعة من حين لآخر.
(الأناضول)