تقنية ميتا الجديدة..الروبوتات تكتسب لمسة ومهارة بشرية
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
تراهن شركة ميتا بشكل كبير على مجال الذكاء الاصطناعي المتجسد الناشئ، من خلال دمج حاسة اللمس والشعور في ابتكاراتها الروبوتية.
و تتعاون شركة التكنولوجيا العملاقة مع شركة أجهزة الاستشعار الأمريكية GelSight وشركة الروبوتات الكورية الجنوبية Wonik Robotics لتسويق أجهزة الاستشعار اللمسية للذكاء الاصطناعي، و الأجهزة الجديدة ليست مصممة للمستهلكين، بل إنها تستهدف العلماء، وفق ما ذكر موقع "إنترستينغ إنجينيرينغ".وفي هذا الصدد، أصدرت شركة ميتا ثلاث قطع بحثية -Sparsh وDigit 360 وDigit Plexus- وتركز على إدراك اللمس، ومهارة الروبوت، والتفاعل بين الإنسان والروبوت، و بالإضافة إلى ذلك، وضعت الشركة PARTNR، وهو معيار جديد لتقييم التخطيط والمنطق في التعاون بين الإنسان والروبوت.
وترى الخطط في هذا النطاق، أن نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) ونماذج الرؤية واللغة (VLMs)، يمكن أن تمكن الروبوتات من أداء مهام أكثر تعقيدًا تتطلب المنطق والتخطيط.
و Sparsh الذي تم تطويره بالشراكة مع جامعة واشنطن وجامعة كارنيجي ميلون، هو مجموعة من نماذج الترميز المصممة للاستشعار اللمسي القائم على الرؤية، بهدف منح الروبوتات قدرات إدراك اللمس.
وهذه القدرة ضرورية لمهام الروبوتات المختلفة، مثل قياس مقدار الضغط الذي يمكن تطبيقه على جسم ما دون التسبب في ضرر .
أما Digit 360 فهو مستشعر لمسي على شكل إصبع اصطناعي يتميز بأكثر من 18 قدرة استشعار وأكثر من 8 ملايين تاكسل لالتقاط الأشكال متعددة الاتجاهات والحبيبية على أطراف أصابعه.
ويسمح هذا التصميم بفهم أكثر دقة للتفاعلات البيئية والتلاعب بالأشياء.
و يتضمن المستشعر أيضًا نماذج الذكاء الاصطناعي على الجهاز، مما يقلل من الاعتماد على خوادم السحابة وتمكين المعالجة المحلية للاستجابات السريعة للمس، على غرار أقواس الانعكاس لدى البشر والحيوانات.
و Digit Plexus فهو عبارة عن منصة أجهزة وبرامج تبسط تطوير التطبيقات الروبوتية، ويسمح بدمج أجهزة استشعار لمسية مختلفة لأطراف الأصابع والجلد في يد روبوت واحدة، وتشفير البيانات اللمسية ونقلها إلى كمبيوتر مضيف من خلال كابل واحد.
ومن خلال مشاركة الكود والتصميم لـ Digit Plexus، تأمل Meta في مساعدة الباحثين على تطوير براعة الروبوت.
وتطلق Meta أيضًا مهام التخطيط والاستدلال في التعاون بين الإنسان والروبوت (PARTNR)، وهو معيار لتقييم مدى نجاح نماذج الذكاء الاصطناعي في مساعدة البشر في المهام المنزلية.
ويُضاف المعيار الجديد إلى اتجاه متزايد للمشاريع التي تحقق في استخدام نماذج التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي المتجسد في الروبوتات والذكاء الاصطناعي المتجسد.
وعلى مدار العام الماضي، أظهرت هذه النماذج إمكانات كبيرة كمكونات تخطيط واستدلال للروبوتات التي تتعامل مع المهام المعقدة.
وأشارت الشركة إلى أنه "من خلال PARTNR، نهدف إلى دفع التقدم في التفاعل بين الإنسان والروبوت والذكاء التعاوني، وتحويل نماذج الذكاء الاصطناعي من "وكلاء" إلى "شركاء".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ميتا الذکاء الاصطناعی من خلال
إقرأ أيضاً:
لماذا تشتري «ميتا» البقرة إذا كان الحليب مجانًا!
هل يمكن اعتبار كل ما نُشِرَ على الإنترنت مُتاحًا تلقائيًا للاستخدام؟ وهل من العدل أن تُستخدم مؤلفات الكُتّاب والأدباء والباحثين لتدريب أنظمة ذكاء اصطناعي سيكون شغلها الشاغل بعد ذلك إنتاج بدائل لهؤلاء؟! هذان السؤالان الجوهريان هما لُبّ الاحتجاج الذي أطلقه يوم الخميس الماضي نحو مائة مؤلف بريطاني أمام المقر الرئيسي لشركة «ميتا» في لندن، رافعين لافتات ومرددين هتافات تتهم الشركة الأم لوسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك وأنستجرام وواتساب بسرقة كتبهم لاستخدامها في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، في مشهد يعيد إلى الواجهة سؤالًا قديمًا بصيغة جديدة: لمن تعود المعرفة في زمن الذكاء الاصطناعي؟
ولعلّ متعطشًا لهذه المعرفة لن يتعاطف كثيرًا مع هذه الاحتجاجات، وسيرى أنها تنطوي على أنانية من هؤلاء المؤلفين، فما الضير أن تنتشر المعارف والعلوم في العالم وتكون متاحةً للفقير قبل الغنيّ؟!، خاصة إذا ما علمنا أن مكتبة «LibGen» الإلكترونية التي أطلقتها «ميتا» هي قاعدة بيانات ضخمة تتضمن أكثر من 7 ملايين كتاب ومقالة علمية، وتتيح الوصول المجاني إليها عبر الإنترنت. غير أن هناك زاويتين مهمّتين في النظر إلى هذا الموضوع تجعل الفرح بالمعرفة هنا محل خلاف قانوني وأخلاقي في الوقت ذاته؛ الأولى أن جهة تجارية عملاقة كـ«ميتا» تستخدم هذه المواد بالمجّان لتطوير أدواتها وتحقيق أرباح طائلة على حساب جهد المؤلفين وحقوقهم، والثانية تلخصها عبارة الروائي البريطاني أيه جيه ويست الذي شارك في احتجاجات لندن وحاول دخول مبنى «ميتا» لتسليم رسالة موقعة من المؤلفين المحتجين، لكن الأبواب أغلقت في وجهه: «لقد أخذوا كتبي لتغذية تكنولوجيا مصممة لتدميري»!
هذا المعنى الذي ذكره ويست كانت قد سبقته إليه الروائية الكندية مارجريت أتوود في مقال لها نُشِرَ في مجلة «أتلانتك» في أغسطس 2023 شنّت فيه هجومًا ساخرًا على شركات الذكاء الاصطناعي التي استخدمت نسخًا مقرصنة من كتبها - وعددها 33 - لتدريب نماذج لغوية قادرة على محاكاة أسلوبها، مشبهة الأمر بالضغط على ماكينة لاستخراج آيس كريم!، ذلك أن النصّ الذي تُخرجه هذه الماكينة يظل خاليًا من الحياة، وعاجزًا عن توليد المجاز أو السخرية أو الدهشة، أي العناصر التي تُبقي الفنّ حيًّا، ومع ذلك، فإن مضيّ شركات الذكاء الاصطناعي في توليد نُسَخ من هؤلاء المؤلفين يؤدي إلى أن ينقرض المؤلف، وتقتله نسخته، ويُستغنى عنه بسهولة، فــ«لماذا تشتري البقرة إذا كان الحليب مجانًا؟».
وإذا كان المؤلفون البريطانيون قد اختاروا الاحتجاج في الشارع، فإن نظراءهم الأمريكيين فضلوا اللجوء إلى المحاكم، في معركة قانونية لا تزال في بداياتها؛ ففي يناير 2024، رفع مؤلفون دعوى قضائية جماعية ضد شركتي «مايكروسوفت» و«أوبن إيه آي»، يتهمونها فيها باستخدام أعمالهم غير الروائية في تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي ChatGPT دون موافقة منهم. وفي الأسبوع الماضي دُمجت اثنتا عشرة دعوى قضائية تتعلق بحقوق النشر ضد الشركتين «أوبن إيه آي» و«مايكروسوفت» في المحكمة الفيدرالية للمنطقة الجنوبية في نيويورك. وهي تحركات تعكس تصاعد التوتر بين المبدعين من جهة، وشركات التكنولوجيا من جهة أخرى، فيما يتعلق باستخدام المحتوى المحمي بحقوق النشر في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
ولأن التشريعات القانونية ما زالت عاجزة عن مواكبة تطورات الذكاء الاصطناعي فكان من الطبيعي أن تردّ «ميتا» على هذه الاحتجاجات ردّ الواثق المطمئن: «نحترم حقوق الملكية الفكرية للأطراف الثلاثة، ونعتقد أن استخدامنا للمعلومات لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي يتوافق مع القانون المعمول به». ويعرف مارك زوكربيرج؛ مالك «ميتا»، قبل غيره، أن القانون المعمول به غير كافٍ لحماية الإبداع الإنساني في ظل هذا التسارع المستمر للتطور التكنولوجي، فالقوانين الحالية، التي وُضعت لعصر الورق والطباعة، لم تعد صالحة لضبط الممارسات التقنية المتقدمة. والمؤلفون يدركون أن معركتهم ليست فقط ضد شركات التكنولوجيا، بل ضد نظام قانوني عاجز عن مواكبة الواقع الجديد. وما تَعُدُّه «ميتا» استخدامًا مشروعًا ضمن مفهوم «الاستخدام العادل» أو «Fair Use»، يعتبره المؤلفون اعتداءً مباشرًا على حقوقهم المعنوية والمادية.
اللافت أن احتجاجات الخميس الماضي تتزامن مع موجة رفض ثقافية أكبر في بريطانيا ضد سياسات تيسير استخدام المحتوى من قِبل شركات التكنولوجيا. ففي فبراير الماضي، وقّع أكثر من ألف فنان بريطاني رسالة مماثلة نددوا فيها بخطط حكومية تهدف إلى تقليل الحماية القانونية لحقوق النشر، ما يسهل على شركات الذكاء الاصطناعي استغلال الأعمال الفنية.
خلاصة القول إن العالم بأسره بحاجة إلى تصور جديد للملكية الفكرية، يأخذ بعين الاعتبار الذكاء الاصطناعي باعتباره طرفًا جديدًا في المعادلة، ويوازن بين المصلحة العامة والتعويض العادل للمبدعين. فليس من المنطقي - كما تقول الروائية البريطانية كيت موس إحدى الموقعات على رسالة الاحتجاج لـ«ميتا» - «أن نبني أدوات تعتمد على إبداع الآخرين، ثم نحرمهم من ثمارها. الذكاء الاصطناعي ليس حتمية، بل هو خيار يحتاج إلى ضوابط أخلاقية». وإذا لم تتدخل الحكومات والمؤسسات الدولية لوضع أطر واضحة، فإننا سنشهد مستقبلًا يُسلب فيه الإبداع من صانعيه، وتُمنح أرباحه لمن لم يبذلوا فيه أي جهد.
قبل نحو ألف عام، بعث الأديب والفيلسوف العربي أبو حيان التوحيدي؛ إلى أحد الأعيان الموسرين برسالة يستغيث فيها به من ضيق الحال: «أنقذني من لبس الفقر، أطلقني من قيد الضر، [..] اكفني مؤونة الغداء والعشاء. إلى متى الكُسَيرة اليابسة، والبقيلة الذاوية، والقميص المرقع. إلى متى التأدُّم بالخبز والزيتون...» إلى آخر الرسالة الشهيرة التي تكشف بؤس حالته المادية والمعنوية. ولا أظنني مغاليًا إذا قلتُ إن أدباء اليوم وفنانيه ومبدعيه ينتظرهم مصير أبي حيان نفسه، إذا ما عومِل الإبداع البشري كمواد خام بلا قيمة، مجرد وقود لآلة صماء تُنتِج نصوصًا بلا روح.
سليمان المعمري كاتب وروائي عماني