..عن الأفكار والنساء والمقاومات
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
بعد اختيار الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً لـحزب الله، اهتم بعض المتابعين في الصحافة ووسائل التواصل بأفكار الرجل وقِيَمه. فهو مَن عُرف، تبعاً لكتاباته وتصريحاته، بفائض من المحافظة يفوق متوسّط المحافظة عند حزبه، وهذا علماً بأنّ المتوسّط الحزبي مرتفع جداً.
وكان الزميل حسام فران، في موقع "درج"، قد رصد بعض أبرز ما صدر عن قاسم على الصعيد هذا، فنقل عنه آراء من نوع أنّ شبيبة الحزب "بدل أن تتوجّه إلى المراقص والخمّارات توجّهت إلى قمم الجبال وقتال إسرائيل والتكفيريين"، وأنّ "الانتباه" واجبٌ علينا حيال "وجود الصبيان والبنات في المدارس في مكان واحد".
أما الاختلاط المنبوذ هذا فلا تتحمل مسؤوليته، في عرف الشيخ، إلا النساء حصرياً. ونعيم إذ يقدّم النِسوية الفرنسية سيمون دو بوفوار داعية من "الداعيات إلى حرّيّة المرأة الكاملة بلا ضوابط"، يهاجم "تحرر اللباس لدى النساء"، ويطالبهن "بالانصياع إلى سلطة الرجل"، رافضاً فكرة "توظيف المعلمات المطلقات" لأن السيّدة المطلقة «غير مؤهلة لتربية الأطفال وتدريسهم"...
ما لم يُشر إليه الزميل فران، وهو مما يكمّل اللوحة التي رسمها لعالم القيم لدى الشيخ قاسم، رفعُه درجة المماهاة التي أقامها بين المقاومة وطائفة معينة هي الطائفة الشيعية، إذ المقاتلون، وفقاً له، "قذائف مشحونة بحب الحسين". وكذلك اللاسامية ومماهاة إسرائيل والصهيونيّة بـاليهود على نحو إطلاقي، وهذا أيضاً مما رفعه خطاب الأمين العام إلى ذروة أعلى من المتوسط الحزبي المرتفع.
وكان الكثير من الجهد الفكري الذي سبق أن بذله، في الستينات والسبعينات، كتاب ومثقفون فلسطينيون وعرب، لا يُشكّ بعدائهم "للاستعمار والإمبريالية والصهيونية"، ينصبّ حول توكيدين نقيضين، من جهة، أنّ اليهوديّة والصهيونيّة شيئان مختلفان، ومن جهة أخرى أن "التحرّر الوطني" يعني شعباً بأكمله، ولا يقتصر على جماعة من جماعاته.
بيد أنّ الانتكاسة الخطابيّة التي عبّرت عنها كلمة قاسم، والتي تتوّج انتكاسات متتالية في قيادة "حركات التحرر" ووعيها، تحضّ على مغادرة التعميمات الإنشائية والكليشيهات كتلك التي تتوقف عند أن المقاومة حقاً مشروعاً لمن يُحتل، وهي كذلك من حيث المبدأ، أو تلك التي تنظر إلى المقاوم بوصفه مَن يحق له ما لا يحقّ لغيره، لمجرد أنه مقاوم. ذاك أن التثبت عند التعميم ومغازلة المبادىء خارج شروط واقعيّة محددة يرفعان نوعيّاً أكلاف المواجهات، كما يرشّحان الباحثين عن النصر العسكري لمواجهة هزائم لا حصر لها في مجالات حياتيّة شتى، حتى لو أحرزوا النصر العسكري المرتجى.
فالمقاومات لأنها تنهض على العنف، وهذا بالتعريف حالُها، تستوجب إبداء الحذر الذي ينجم عن عنفيّتها تحديداً، لا الذهاب مذهب التمجيد "الفانوني" لهذه العنفية المبرأة من كل نقد. والذين يؤثرون غضّ النظر عن "هفوات" المقاومين لأنّهم يقاومون، يُستحسن بهم أن يتوقفوا عند هذه "الهفوات" حين يتضح أنها كوارث. والشيء نفسه يقال عن الزمن الذي يُستحسن أن لا يُنظر إليه بوصفه الحاضر الداهم والمباشر فحسب، عملاً بعبارة امرىء القيس من أنّ "اليوم خمر وغداً أمر"، لأن ما نبتلعه اليوم من سموم قد يبتلعنا غداً.
وفي بلدان كبلداننا، ذات نسيج اجتماعي ووطني ضعيف، يمكن لامتلاك أدوات العنف، باسم المقاومة، أن يتحول جسراً لتجبر جماعة على جماعات أخرى "من إخوتنا في الوطن"، أو يتحول، في حال الانتصار العسكري، مقدمةً لفرض حكم فئوي وجائر عليهم.
وما دام العنف وحمل السلاح مما يرتبط بالذكورة، فهو بيئة مثلى لتحكّم الرجل المسلح بالمرأة العزلاء، وهذا قبل أن يبوّب الشيخ نعيم المرأة في مرتبة دونية. ومعروفةٌ تجربة الثورة الجزائريّة مع النساء اللواتي شاركن فيها، حتى إذا انتصرت الثورة سرحتهن وأعادتهن إلى البيت أمهاتٍ ومُنجبات ومُربيات وطباخات فحسب.
فالرجاحة ليست مما يتطلّبه العنف بما يلازمه من إلحاح على تعبئة الجماعة عبر مخاطبة مواريثها اللاعقلانية، وتأثر شعوري مفهوم بأحوال الألم والمعاناة، ومداورة لأفكار الموت وما بعد الموت واستنطاق لمخيّلتها، وهذا فضلاً عما يظهر أحياناً من مناشدة للمعجزات الغيبيّة وللخوارق البطولية. وفي الصراعات العنفية، كائنةً ما كانت درجة الحقّ السياسيّ الذي تنطوي عليه، تتطوّر رؤية رجعيّة للذات وللعالم، يزيدها تأجّج العنف رجعيّةً فلا تتراجع إلاّ بعودة الحياة المدنيّة والسلميّة.
ولسوف يبقى مستغرَباً، وباعثاً على الأسى، أن تكون الأفكار الأشد تخلّفاً، في لبنان كما في غزة، هي الأفكار التي يرشحها أصحابها لتحرير سواهم من خلال المقاومة. والتناقض هذا هو ما يفسّر جوانب من العزلة التي يعيشها أصحاب الأفكار هذه عن القوى والفئات الأشد وعياً وديناميّة في مجتمعاتها. فعبر الشيخ قاسم ووعيه، هو الذي وصل إلى موقعه القياديّ في الظروف البائسة المعروفة، لا تتحقق إلا مصالحة واحدة بين اللغة اليائسة والمعركة اليائسة. وهذا ما يستدعي اقتصاداً أكبر في توقّع الانتصار، وفي الرهان على أن يكون انتصار كهذا، حتّى لو تحقّق، سبباً للأمل.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عام على حرب غزة إسرائيل وحزب الله ة التی
إقرأ أيضاً:
جامعة الدلتا التكنولوجية تنظم ندوة "ريادة الأعمال ودعم الأفكار الإبتكارية
نظمت جامعة الدلتا التكنولوجية برئاسة الدكتور عربى السيد كشك ندوة بعنوان ريادة الأعمال ودعم الأفكار الإبتكارية، بحضور الدكتور أشرف السيسى نائب رئيس الجامعة والمشرف على كلية تكنولوجيا الصناعة والطاقة، والدكتور حسام عبدالقادر رئيس الإدارة المركزية لريادة الأعمال بالهيئة العامة للإستثمار.
كما حضر الندوة، محمد رجائى مدير عام الادارة العامة لمتابعة الإستثمار بمحافظة المنوفية، وأحمد غانم نائبًا عن رئيس جمعية مستثمرى المنطقة الصناعية بقويسنا،المهندسة ياسمين مصطفى مدير إدارة تراخيص المستثمرين بالمحافظة، المهندس إبراهيم الجروانى ممثلًا عن مجموعة العربى للتجارة والصناعة،الدكتور محمد عزت رئيس برنامج تكنولوجيا الميكاترونكس ومدير مركز ريادة الأعمال بالجامعة،وعدد من اعضاء هيئة التدريس والطلاب.
ورحب الدكتور عربى كشك رئيس الجامعة بالحضور مؤكدًا حرص الجامعة على توفير منصة مثالية لإحتضان الأفكار الإبتكارية لطلابها وتحويلها إلى مشروعات حقيقية قابلة للنجاح والإستدامة، مشيرًا إلى دعم الجامعة لريادة الأعمال ودعم طلابها واكسابهم المهارات العملية والعلمية،مما يجعلهم قادرين علي خلق فرص العمل في المجالات التكنولوجية المتعددة.
وشدد "كشك" على حتمية القدرة علي تحويل الأفكار الإبتكارية إلى منتجات ومشروعات تنافسية، وتوطين التكنولوجيا وتحويلها إلى منتجات على أرض الواقع، من خلال الوسائط التكنولوجية الجديدة والمعاصرة؛ لتحقيق التنمية الشاملة وتحقيق الغايات الإستراتيجية للدولة.
وأكد الدكتور حسام عبدالقادر أهمية جامعة الدلتا التكنولوجية وما تتمتع به من إمكانيات وتجهيزات تساعد فى تعزيز قدرات طلابها،بالإضافة إلى وجود مركز لريادة الأعمال بها،مؤكدًا دعم الهيئة للمشاريع الابتكارية لطلاب الجامعة وتمكينهم من تطويرها وتسويقها.
وأشار أحمد غانم إلى دعم جمعية المستثمرين ورجال الأعمال لطلاب الجامعة ومساعدتهم على تنفيذ وتطبيق أفكار مشاريعهم الإبتكارية،بما يسهم فى تأهيلهم لسوق العمل وتوطين الصناعة المصرية.
واستعرض محمد رجائى الخريطة الإستثمارية التى تهم الشباب ورواد الأعمال ،وكيفية توفير الدعم للطلاب الراغبين فى مجال الإستثمار وريادة الأعمال.
وأوضح الدكتور محمد عزت حرص الجامعة على ترسيخ فكر ريادة الأعمال وتحفيز شباب الجامعة على فتح وانشاء مشروعات وشركات خاصة بهم.
وشهدت الندوة عرضاً تقديميا عن الخدمات التى تقدمها مبادرة فكرتك شركتك ، فضلًا عن تعريف الطلاب بالجهات التى يمكن من خلالها الحصول على تمويل لبدء شركاتهم، والتعريف بريادة الأعمال وصفات رائد الأعمال ،ودراسات الجدوى وأنواعها،وكيفية الوصول بالمشروع إلى ارض الواقع،حيث اختتمت الندوة بحوار مفتوح مع الطلاب وعرض افكار لمشاريعهم الإبتكارية