خلوة درزية في بعذران لمواكبة النزوح... جنبلاط: يبدو أنّ الحرب طويلة
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
عقد عدد من القيادات الدرزية لقاءً جامعاً في خلوات القطالب في بلدة بعذران- قضاء الشوف، حضره النائب السابق وليد جنبلاط، ورئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال إرسلان والنائب السابق فيصل الداوود، وممثّل عن النائب السابق وئام وهاب.
وأكدت الخلوة الدينية السياسية على الموقف الموحّد بين الهيئات السياسية والدينية، وتحصين الداخل الدرزي في وجه التحديات بظلّ الحرب والنزوح الكثيف لقرى الجبل.
وكتبت" الاخبار": مجموعة من الرسائل المبطّنة أراد الحزب التقدمي الاشتراكي توجيهها، خلال لقاء درزي جمع القيادات السياسيّة والروحيّة أمس في خلوات القطالب في بعدران - الشوف. اختيار المكان لم يكن سوى واحدة من هذه الرسائل، إذ إنها أوّل قرية درزيّة استهدف فيها العدو الإسرائيلي مجموعة من العائلات النّازحة.
الهم الأمني الذي يُقلق وليد جنبلاط المُقتنع بأنّ «الحرب طويلة»، دفعه إلى المُسارعة إلى الدّعوة للقاء برعاية المشايخ الدروز وقضاته، والعمل على تكثيف الاتصالات من أجل إنجاح الاجتماع وتأمين حضور أكبر قدر ممكن من النواب الحاليين والسابقين والوزراء والمشايخ والفاعليّات. وهو ما حصل بحضور شيخ العقل سامي أبو المنى، على رأس المشايخ الذين يُمثّلون «الثقل» في قرى الشوف وعاليه والغرب الأعلى والشحّار والبقاع الغربي، كالمشايخ: أمين مكارم (رأس المتن) وأبو علي سليمان أبو ذياب (الجاهلية) وأبو زين الدين حسن غنّام (الشوف)، فيما سُجّل غياب عدد من المشايخ المُعارضين، على رأسهم الشيخ أنور الصايغ، وهو ما أشار إليه في كلمته الشيخ ناصر الدين الغريب الذي انتقد تغييب بعض المشايخ، داعياً إلى عقد لقاءات في عاليه وعدم حصرها بالشوف.
هدف جنبلاط من اللقاء كان واضحاً بتثبيت وحدة الصف الدرزي خلال مواجهة العدو الإسرائيلي وتطويق أي محاولة لإشعال فتنة، واستنفار الفاعليّات بغية تفعيل اللجان المشتركة المعنيّة بمتابعة شؤون النّازحين في القرى، وضرورة الاحتكام إلى الدّولة بكامل أجهزتها لمنع مظاهر الأمن الذاتي.
مع ذلك، لم يخلُ كلام جنبلاط من توجيه رسائل إلى حزب الله، بفصل ملفي النزوح والأمن عن بعضهما. الرّجل الذي شدّد على ضرورة حسن استضافة النّازحين، شدّد على عدم تعريض أمن الجبل لأي خطر أمني أو اعتداء من أي نوعٍ كان، خصوصاً أنّه سبق الاجتماع استهداف العدو الإسرائيلي لإحدى المركبات على طريق الكحالة، وانفلات القواعد الشعبيّة الدرزيّة التي ذهبت إلى مُحاولات لفرض حواجز أمنيّة على الطريق الرئيسية لعاليه – الكحّالة.
هذا القلق دفع بجنبلاط إلى الإشارة في كلمته خلال الخلوة إلى أنه «لا يُمكننا أن نغض الطرف عمّا يحصل على الطريق كما أنّنا لا يُمكننا الاستمرار في هذه الطريقة، وعلينا معالجة الأمر»، مشدّداً على أنّ «هذه القضيّة تحتاج إلى الانتباه وأن تبقى العيون ساهرة بالتنسيق مع الجيش والأجهزة الأمنيّة حتّى لا تنفلت الأمور».
كما دعا جنبلاط إلى «التكاتف ووحدة الصف الدّاخلي في ظل هذه المرحلة الدقيقة، ورفع درجات التنسيق لمعالجة أزمة النزوح واحتضان النّازحين وتفعيل الخدمات الصحيّة واللجان الإغاثيّة في القرى، خصوصاً أنّ الحرب طويلة»، مطالباً وزير التربية بتفعيل الخطط لتعليم النازحين. وقال إنّ الموفد الأميركي عاموس هوكشتين «تآمر علينا وقدّم لنا ورقة استسلام، فيما رصدنا أنا ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي هذا الأمر وتصدّينا له».
أرسلان وممثّل وهاب يردّان
كلام رئيس «الاشتراكي» استتبعه كلام لرئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان الذي شدّد على «أنّ علينا ألا نضيع البوصلة ولا ننسى أنّ إسرائيل هي المعتدية»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّ «أمن الجبل يحتاج إلى وعي وتنسيق مع الأجهزة الأمنيّة وشرطة البلدية التي يجب أن تبقى حاضرة منعاً لأيّ محاولة فتنة أو انقسام في الجبل وتطويق أي إشكال يحدث».
وسريعاً، تلقّف ممثّل رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب الموجود في ألمانيا، نائب رئيس الحزب، الدكتور هشام الأعور، كلام جنبلاط، وأكّد «ضرورة التنسيق مع الأجهزة الأمنية وفرض هيبة دولة القانون، ومنع المظاهر المسلّحة وانتشار الحواجز على الطرقات وقمع جميع مظاهر الأمن الذاتي، حفاظاً على السّلم الأهلي، إذ إنّ خيارنا الدّولة التي تحمي الجميع»، مشدداً على أنّ «الطائفة الدرزية هي طائفة معروفية كيانية وعروبيّة، وبالتالي علينا الابتعاد عن لغة الشماتة والتحريض». كما دعا إلى تطبيق الطائف مع الإصلاحات الإداريّة وإنشاء مجلس الشيوخ.
في الخلاصة، كان جو اللقاء «هادئاً وموزوناً، وشدّد جميع الحاضرين على أنّ إسرائيل هي العدو وضرورة الحفاظ على السلم الأهلي وحُسن استضافة النازحين»، على حد تعبير عدد من الحاضرين. في حين ركّزت كلمة أبو المنى على الشق الروحاني والديني وضرورة توحيد الصف والكلمة والتضامن مع النازحين، «من دون أن نقبل بأي خلل أمني من أي جهة أتت ونتعامل مع الجيش وقوى الأمن لتحقيق الاستقرار». كما حذّر من «المتاجرة بالمنازل في هذه الفترة العصيبة»، مستنكراً العدوان الإسرائيلي المتمادي.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
عدوانُ الكيان الصهيوني على لبنان
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
كانت الحربُ على لبنان لا بُـدَّ أن تحدُثَ، ولكنها كانت في حُكم المؤجَّلة، وكل طرف كان يستعدُّ لها، وما حدث في غزةَ خلالَ (طُـوفَان الأقصى) خلط الأوراقَ وأرغم الكيان الصهيوني على دخول الحرب قبل أن يستعدَّ لها بشكل كامل، وكان هدف الكيان الصهيوني من حربه على لبنان هو القضاء على قدرات حزب الله الممثِّلِ الرئيس للمقاومة الإسلامية في جنوب لبنان، ولكن على مراحل، وفي هذه المرحلة من الحرب يطمحُ الكيان الصهيوني إلى دفع المقاومة الإسلامية إلى خلف نهر الليطاني، خَاصَّةً بعد عملية تفجير (البيجرات) وأجهزة المنادَاة ثم قتل العديد من قادة الحزب وعلى رأسهم أمينه العام السيد حسن نصر الله، ولكن المفاجأة التي تلقاها العدوُّ خلال هذه المرحلة هي صمودُ المقاومة على أرض المعركة ومنعُها جيشَ العدوّ من التوغل داخل جنوب لبنان، وكذلك كمية الصواريخ والمسيَّرات التي تنطلقُ يوميًّا نحو الأراضي المحتلّة؛ مَا دفع العدوَّ إلى أن يلجأ إلى التدمير الممنهج لمنازل المواطنين وللمؤسّسات الخدمية في الجنوب وفي الضاحية الجنوبية؛ بهَدفِ الضغط على بيئة المقاومة حتى تقدم تنازلات.
ويراهن الكيان الصهيوني على المجتمع الدولي وعلى المعارضة اللبنانية لتحقيق أهدافه التي فشل في تحقيقها من خلال الحرب؛ ولذلك بدَأَ المجتمعُ الدولي -وخَاصَّة أمريكا وفرنسا- بتقديم المبادرات لإنهاء الحرب بما يتلاءمُ مع أهداف العدوّ وبشروط مجحفة في حق المقاومة وفي حق لبنان؛ مما دفع الحكومة َاللبنانية ورئيسَ مجلس النواب إلى رفض تلك المبادرات والاكتفاء بالموافقة على تطبيق القرار الدولي رقم 1701 من قبل الطرفَينِ، وكان العدوّ يعتبر تحَرُّكُ المجتمع الدولي جزءًا رئيسًا من خُطَّةِ الهجوم العسكري على لبنان، وفي البداية رفع المجتمعُ الدولي سقفَ التفاوض؛ باعتبَار أن المقاومةَ في طريقها إلى الانهيار، وعندما لم يتم ذلك بدَأ بالتنازل عن بعض الشروط، وأهمُّ شرط يركِّزُ عليه العدوُّ هو فرض انسحاب المقاومة إلى جنوب نهر الليطاني، على أن يعملَ في المستقبل على تجريدها من السلاح، وإبقاء لبنانَ من دون درع واقٍ.
وكانت المقاومةُ تعي مخطّطاتِ العدوّ الصهيوني من خلال تحَرّكات المجتمع الدولي، وتعلم أن ما سيمنعُ العدوَّ من تحقيق أهدافه هو الصمودُ في الميدان، والعملُ على إيلامه، من خلال القصف اليومي للمناطق المحتلّة، والعمل مع جبهة الإسناد؛ لإرباك العدوّ وإجباره على وقف عدوانِه في لبنان وفي غزة.