المسيرة المؤيدة للحرب في تشاتام هاوس

* هولي هاستينجز

لقد شهدت لندن، التي تشتهر بتاريخها المفعم بالحياة في مجال السلام، مشهداً غير مألوف هذا الأسبوع: مظاهرة مؤيدة للحرب أمام تشاتام هاوس، إحدى المؤسسات الرئيسية في المدينة للشؤون الدولية.

شهدت العاصمة البريطانية، على مر السنين، عدداً لا يحصى من التجمعات المناهضة للحرب، من مسيرات مليونية لتحالف أوقفوا الحرب ضد غزو العراق إلى المظاهرات الأسبوعية التي تدين العنف المستمر في غزة.

ظلت الاحتجاجات العامة في المدينة توحد الناس في معارضة الحرب، وتروج للسلام والحلول الدبلوماسية.

لكن المسيرة التي جرت أمام تشاتام هاوس كسرت هذا القالب، حيث دعت إلى دعم العمل العسكري والتحالف مع الدكتاتورية العسكرية في السودان، في عرض يتناقض بشكل صارخ مع روح لندن المناهضة للحرب منذ فترة طويلة. فقد تجمع مجموعة من المحتجين، بعضهم يرتدي زياً عسكرياً، للتعبير عن دعمهم للقوات المسلحة السودانية. ورددوا شعارات باللغة العربية، بما في ذلك “جيش واحد، شعب واحد”، وهي عبارة ترمز إلى الولاء للقيادة العسكرية السودانية.

حدثت هذه المظاهرة في ظل خلفية قاتمة: الصراع الدموي المستمر في السودان، والذي أودى بحياة عشرات الآلاف من المدنيين وشرّد حوالي 10 ملايين شخص على مدى الأشهر السبعة عشر الماضية.

جاء توقيت المظاهرة المؤيدة للحرب استفزازيًا بشكل كبير، حيث تزامن مع حدث في تشاتام هاوس حضره الدكتور عبد الله حمدوك، رئيس وزراء السودان السابق والمدافع البارز عن السلام في المنطقة.

جاء الدكتور حمدوك لمناقشة سبل وقف إطلاق النار والاستراتيجيات المحتملة لحل سياسي سلمي للصراع السوداني. الاحتجاج في الخارج كان بمثابة تذكير واضح بالانقسامات العميقة داخل المجتمع السوداني والتحديات التي يواجهها الساعون للسلام.

عكست هذه المظاهرة التعقيدات والديناميكيات المتغيرة داخل الشتات السوداني وأثارت تساؤلات حول دور الدعوة في الصراعات التي تمتد إلى ما هو أبعد من الحدود.

بالنسبة للندن، فهي تمثل انحرافًا فريدًا ومزعجًا عن تقاليد المدينة العزيزة في بناء السلام.

مع استمرار الصراع السوداني، تؤكد أحداث مثل هذه على الحاجة الملحة إلى إيجاد حل، ليس فقط لمنع المزيد من الخسائر في الأرواح ولكن للحفاظ على روح الاحتجاج السلمي التي حددت منذ فترة طويلة الأماكن العامة في لندن.

لقد أصبح المشهد في المظاهرة متوتراً مع تزايد وجود الشرطة، حيث كان الضباط يراقبون عن كثب بينما أصبحت الاحتجاجات غير منضبطة وعنيفة.

أثارت المظاهرة المؤيدة للحرب أسئلة ملحة حول الحق في الاحتجاج وحدود مثل هذا التعبير عندما يتقاطع مع الدعوة إلى العنف.

وقف تقليد لندن للنشاط السلمي في تناقض صارخ مع التجمع خارج تشاتام هاوس، مذكراً الجميع أنه في حين تحمي الديمقراطية حرية التعبير، فإنها تدعم أيضًا قيم السلام والأمان.

مع استمرار الصراع السوداني، تسلط حوادث مثل هذه الضوء على الحاجة الملحة إلى حل سلمي- وإعادة تأكيد إرث لندن المناهض للحرب.

* صحفي مستقل

الوسومالحرب الدكتاتورية العسكرية السودان العراق القوات المسلحة تشاتام هاوس عبد الله حمدوك لندن هولي هاستينجز

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الحرب الدكتاتورية العسكرية السودان العراق القوات المسلحة تشاتام هاوس عبد الله حمدوك لندن تشاتام هاوس

إقرأ أيضاً:

تظاهرات حاشدة في لندن ومدريد وستوكهولم دعما لفلسطين

شهدت العاصمة البريطانية لندن والعاصمة السويدية ستوكهولم ومدن عدة في إسبانيا، السبت، تظاهرات حاشدة دعما لفلسطين، وللمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.

وتجمع المتظاهرون وسط لندن، السبت، المسيرة الوطنية الـ21 للتضامن مع فلسطين. وطالبوا بوقف بيع الأسلحة البريطانية لإسرائيل التي ترتكب حرب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

ودعا المحتجون إلى إعلان وقف لإطلاق النار في غزة فورا، قبل أن يتوجهوا سيرا على الأقدام إلى شارع "داونينغ" حيث مقر رئاسة الوزراء.



وخلال المسيرة ردد المتظاهرون هتافات من قبيل "الحرية لفلسطين"، و"كلنا فلسطينيون بالآلاف والملايين"، و"فلسطين حرة من النهر إلى البحر".

كما رفع المتظاهرون لافتات تطالب الحكومة البريطانية بوقف بيع الأسلحة لـ"إسرائيل".

وجاءت المسيرة الوطنية للتضامن مع فلسطين، بالتزامن مع مظاهرة أخرى مؤيدة لـ"إسرائيل" في لندن.


وتجمع مؤيدو "إسرائيل" على طول مسار المسيرة المتضامنة لفلسطين، محاولين إغلاق الطريق.

وتشابك مؤيدو "إسرائيل" مع الشرطة البريطانية، ما أدى إلى توقف المسيرة المتضامنة مع فلسطين مدة قصيرة قبل أن تتدخل الشرطة وتعيد فتح الطريق.

واتخذت الشرطة البريطانية تدابير أمنية لمنع وقوع أي توتر بين الطرفين.

لاحقا، أعلن منظمو المسيرة المتضامنة مع فلسطين مشاركة قرابة 120 ألف شخص فيها.

ومن بين المشاركين في المظاهرة، الفنان خالد عبد الله، أحد أبطال مسلسل "ذا كراون"، حيث قال إن ما تشهده غزة خلال الأشهر الـ14 الماضية أحدث تغييرا في الضمير العالمي.

وأضاف في حديثه للأناضول، أن ما جرى كان بمثابة "درس مؤلم للبشرية".

وتابع أنه بالرغم من عدم قيام بعض الحكومات بواجبها، فإن "بوادر التغيير في ضمير الشعوب بدأت تظهر".

وفي سياق متصل، أكد الفنان البريطاني المصري أن التضامن مع فلسطين ضمن العالم الثقافي والفني بالعالم، وصل إلى مستويات "تفوق التوقعات".

وتطرق إلى الذين فقدوا أعمالهم بسبب دعمهم لفلسطين، قائلاً: "لهذا السبب، من المهم أن ترفع صناعة الثقافة والفنون صوتها. لأن أصواتهم ستكون أعلى من غيرهم، وهذا ربما يمنح الآخرين الشجاعة اللازمة".

بدوره، اتهم المغني البريطاني الشهير يوسف إسلام حكومة بلاده بأنها "بعيدة كل البعد عن الإنسانية".

إسبانيا
شهدت قرابة 50 مدينة إسبانية، السبت، مظاهرات تطالب بوقف فوري لإطلاق النار بقطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية على يد "إسرائيل" منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

المظاهرات التي نظمت تحت شعار "هدنة من أجل السلام، لا للإرهاب ولا للإبادة الجماعية"، شارك فيها فنانون إسبان بارزون مثل المغني ميغيل ريوس، وآني بي. سويت، ونينا ديكانتو، وآينوا بويتراجو.

كما شهدت مشاركة المخرجين السينمائيين فيرناندو كولومو ورودريغو سوروجوين، والممثلات مرسيدس سامبياترو، وكلوديا جرافي، وفيكي بينيا، وأولغا أندرينو، وخوان إيتشانوف.

العاصمة مدريد احتضت واحدة من هذه الفعاليات، حيث احتشد متظاهرون في ساحة "سول"، وأدى بعض المغنين الإسبان أغاني تدعو للسلام.

كما نشر الفنانون مقطعا مصورا يدعون فيه إلى وقف إطلاق النار بغزة، وظهروا فيه يمزقون ورقة تحمل عبارة "إبادة جماعية في غزة".


على صعيد متصل، أطلق نحو 15 ألف فنان من 35 دولة، بمبادرة إسبانية، بيانا مشتركا دعوا فيه إلى "تحرك عالمي مناهض للحرب"، مؤكدين دعمهم لحق فلسطين في إقامة دولة مستقلة.

السويد
وشهدت العاصمة السويدية ستوكهولم كذلك، السبت، مظاهرة حاشدة للتنديد بالعدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان.

وندد مئات المتظاهرين بالإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" بحق الشعب الفلسطيني، وهجماتها على لبنان.

ورفع المتظاهرون أعلام فلسطين ولبنان، مرددين هتافات مثل "فلسطين الحرة"، و"غزة الحرة"، وأوقفوا الإبادة".


كما أدان المشاركون في الفعالية مواقف الحكومة السويدية والإدارة الأمريكية بشأن دعم الهجمات الإسرائيلية.

وقالت الناشطة السويدية إيفا ميردال إن المظاهرات الداعمة لغزة ستستمر حتى تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي.

وأشارت ميردال إلى أن "إسرائيل دولة احتلال أسستها القوة الاستعمارية البريطانية بعد الحرب العالمية الأولى".



وبدعم أمريكي ترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إبادة جماعية في قطاع غزة خلفت أكثر من 149 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتواصل "إسرائيل" مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين.

كما تتحدى "إسرائيل" قرار مجلس الأمن الدولي بإنهاء الحرب فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

مقالات مشابهة

  • أحمد رفاعي يعلن تجديد تعاقده مع الزمالك: "المسيرة مستمرة"
  • مقصود كروز: مواصلة المسيرة الاستثنائية بخطوات واثقة
  • استهداف سيارة عسكرية تابعة للنظام السوري في حماة بواسطة طائرة «شاهين» المسيرة
  • وزير الخارجية يثمن مواقف ماليزيا المؤيدة للشعب الفلسطيني.. ويؤكد تعزيز التعاون المشترك
  • إلتون جون يصارح الجمهور في لندن: فقدت بصري
  • أحمد محمد الحميري: علامة مضيئة في المسيرة الشامخة
  • مجلة بريطانية تسلط الضوء على قوارب الحوثيين المسيرة والعبوات الناسفة التي تهاجم بها السفن بالبحر الأحمر (ترجمة خاصة)
  • تظاهرات حاشدة في لندن ومدريد وستوكهولم دعما لفلسطين
  • مظاهرة في باريس ضد إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا
  • روما تفعلها من جديد نصرة للقضية الفليسطينية.. طوفان بشري يغرق شوارع العاصمة الإيطالية