صحيفة التغيير السودانية:
2025-02-02@11:57:25 GMT

قراءة في إعلان أديس أبابا

تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT

قراءة في إعلان أديس أبابا

قراءة في إعلان أديس أبابا

فيصل محمد صالح

عاد إعلان أديس أبابا الموقّع في يناير (كانون الثاني) الماضي بين تنسيقية «تقدم» و«قوات الدعم السريع» ليتصدر النقاشات والحوارات في الأسافير السودانية بعد عشرة أشهر من توقيعه، بين المهاجمين له والمدافعين عنه.

ولعل مسألتي الهجوم والدفاع عن الوثائق السياسية بناء على المواقف السياسية المسبقة ليستا أمراً جديداً في السياسة السودانية، فغالباً لا يتم تحديد المواقف من الوثائق والاتفاقات بناء على نصوصها، بل بناء على مُوقّعيها، وهذه من آفات السياسة السودانية المزمنة.

صدر هذا الإعلان في يناير 2024، وقد سبقته اجتماعات للقوى التي كونت «تقدم»، وبعد انتهاء الاجتماعات أعلنت قيادة «تقدم» أنها ستسعى للقاء طرفي الحرب: القوات المسلحة و«قوات الدعم السريع»، ثم دفعت بطلب رسمي لقيادة الطرفين، وقالت إنها تلقت موافقة مبدئية من الطرفين، وإنها ستستمر في جهودها. لكن بدا أن لقيادة القوات المسلحة مواقف مترددة وبعض الشروط، فيما استجابت «قوات الدعم السريع» وأرسلت رداً إيجابياً، وطلبت عقد اللقاء في أديس أبابا.

وفعلاً، انعقد اللقاء الذي استمر يومين، وأسفر عن توقيع الإعلان الذي نُشر على نطاق واسع، وأعلنت قيادة «تقدم» أنها ستحمل النقاط نفسها لنقاشها مع قيادة الجيش. ووجد الإعلان ردود فعل متفاوتة؛ رحبت به بعض الأطراف، فيما رفضته مجموعات أخرى استنكرت مجرد اللقاء بقائد «الدعم السريع»، ورأت في ذلك خيانة وطنية.

ترددت قيادة الجيش في الأيام الأولى في إبداء ردود فعل على الاتفاق، لكن كان واضحاً عدم ارتياحها له، ثم أرسلت رداً مطولاً يحمل شروطاً قبل لقاء «تقدم». وتكاثرت الشروط والملاحظات، ومن بينها أن يتم اللقاء في بورتسودان. ثم بدأ الهجوم عبر الإعلام الرسمي على الإعلان وعلى قيادة «تقدم»، وكان ذلك إعلاناً بوأد أي محاولات للقاء بين الطرفين.

نأتي لما حمله الإعلان من نقاط ومواقف؛ فقد جاء في ديباجة وثلاثة أجزاء، هي أولاً: ﻗﻀﺎﯾﺎ وﻗﻒ اﻟﻌﺪاﺋﯿﺎت، وإﯾﺼﺎل اﻟﻤﺴﺎﻋﺪات اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ، وﺣﻤﺎﯾﺔ اﻟﻤﺪﻧﯿﯿﻦ. ﺛﺎﻧﯿﺎً: ﻗﻀﺎﯾﺎ إﻧهﺎء اﻟﺤﺮب وﺗﺄﺳﯿﺲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺴﻮداﻧﯿﺔ. ﺛﺎﻟﺜاً: اﻵﻟﯿﺎت. ومن خلال هذه العناوين يتضح أنه تركز حول سبل إنهاء الحرب وحماية المدنيين، ثم تصور أولي لمرحلة ما بعد نهاية الحرب.

حمل الجزء الأول تعهدات «الدعم السريع» باستعدادها اﻟﺘﺎم ﻟﻮﻗﻒ ﻋﺪاﺋﯿﺎت ﻏﯿﺮ ﻣﺸﺮوط ﻋﺒﺮ ﺗﻔﺎوض ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﻊ اﻟﻘﻮات المسلحة، وﻔﺘﺢ ﻣﻤﺮات آﻣﻨﺔ ﻟﻮﺻﻮل اﻟﻤﺴﺎﻋﺪات اﻹﻧﺴاﻧﯿﺔ، وﺗهﯿﺌﺔ اﻷﺟﻮاء ﻟﻌﻮدة اﻟﻤﻮاطﻨﯿﻦ ﻟﻤﻨﺎزﻟهﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎطﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺛﺮت بالحرب.

وحمل الجزء الثاني المبادئ الأساسية للحل السياسي، ومنها التأكيد على وﺣﺪة اﻟﺴﻮدان ﺷﻌباً وأرﺿﺎً، واﻟﻤﻮاطﻨﺔ المتساوية، وأن ﺗﻘﻮم وﺣﺪة اﻟﺴﻮدان ﻋﻠﻰ اﻻﻋﺘﺮاف واﻻﺣﺘﺮام ﻟﻠﺘﻨﻮع واﻟﺘﻌﺪد السوداني، وأن ﯾﻜﻮن اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﺴﻮدان فيدراﻟﯿﺎً وﻣﺪﻧﯿﺎً ودﯾﻤﻘﺮاطﯿﺎً، وﺗﻨﻔﯿﺬ ﺑﺮاﻣﺞ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻹﻋﺎدة ﺑﻨﺎء وﺗﺄﺳﯿﺲ اﻟﻘﻄﺎع اﻷﻣﻨﻲ، ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺟﯿﺶ واﺣﺪ ﻣهﻨﻲ وﻗﻮﻣﻲ ﯾﺨﻀﻊ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ اﻟﻤﺪﻧﯿﺔ، ﻟﺘﻀﻊ ﺣﺪاً ﻗﺎطﻌاً ﻟﻈﺎهرة ﺗﻌﺪد اﻟﺠﯿﻮش (اﻟﻘﻮات اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ، «اﻟﺪﻋﻢ اﻟﺴﺮﯾﻊ»، اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ، الميليشيات)، ﻣﻊ ﺿﻤﺎن ﺧﺮوج اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻷﻣﻨﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎط السياسي واﻻﻗﺘﺼﺎدي، وإطﻼق ﻋﻤﻠﯿﺔ ﺷـﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻌﺪاﻟﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﯿﺔ، واﻟﻘﯿﺎدة اﻟﻤﺪﻧﯿﺔ ﻟﻠﻌﻤﻠﯿﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ، ﻣﻊ اﻻﻟﺘﺰام ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ واﺳﻌﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﺜﻨﻲ إﻻ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻟﻮطﻨﻲ/ الحركة اﻹﺳﻼمية… إلخ.

ثم تحدث الجزء الثالث عن الآليات، وهي: اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ لحماية المدنيين، واﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﻟﻠﻮﺻﻮل ﻟﻮﻗﻒ وإﻧهﺎء اﻟﺤﺮب وﺑﻨﺎء اﻠﺴﻼم، واﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻮطﻨﯿﺔ اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻟﻠﺘﺤﻘﯿﻖ ﺣﻮل ﻣﻦ اﻟﺬي أﺷﻌﻞ اﻟﺤﺮب، واللجنة اﻟﻮطﻨﯿﺔ اﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻟﺮﺻﺪ ﻛﺎﻓﺔ اﻻﻧﺘهﺎﻛﺎت ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ أنحاء السودان، وﺗﺤﺪﯾﺪ اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﻦ ﻋﻦ ارﺗﻜﺎﺑهﺎ، وذﻟﻚ ﺑﻤﺎ ﯾﻀﻤﻦ ﻣﺤﺎﺳﺒﺘهﻢ.

وقالت الوثيقة إن التفاهمات اﻟﻮاردة ﻓﻲ هذا اﻹﻋﻼن ﺳﺘﻄﺮح ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺗﻨﺴﯿﻘﯿﺔ «ﺗﻘﺪم» ﻟﻘﯿﺎدة اﻟﻘﻮات اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ، ﻟﺘﻜﻮن أﺳﺎﺳﺎً ﻟﻠﻮﺻﻮل ﻟﺤﻞ ﺳﻠﻤﻲ ﯾﻨهﻲ اﻟﺤﺮب.

لا يبدو الإعلان غير مجموعة مبادئ أساسية للحل الشامل، قد يتوافق معها الناس أو يختلفون في بعض نقاطها، لكنها قطعاً لا تكشف عن تكوين تحالف سياسي أو دعم من أي نوع لـ«قوات الدعم السريع»، أو انحياز له، وهو شبيه جداً بإعلان جدة الذي وقّعت عليه القوات المسلحة مع «قوات الدعم السريع» في مايو (أيار) 2023، فلماذا صدرت مواقف عنيفة معادية له؟ الإجابة موجودة بدرجة ما في مقدمة هذا المقال، لكن للأمانة هناك نقطة يثيرها البعض، وهم ليسوا بالضرورة من خصوم «تقدم»، وهي أن «قوات الدعم السريع» لم تلتزم بهذا الإعلان، بل عملت عكسه، وبالتالي فإن هذا سبب كافٍ لكي تعلن «تقدم» تخليها عن الإعلان، وتغلق الباب أمام من يتهمها بالتحالف مع «قوات الدعم السريع»، وتشكيل سند سياسي لها.

هذه وجهة نظر قابلة للنقاش، لكن هل يظن أحد أن خصوم «تقدم» سيرحبون بذلك ويقولون إنها لم تعد حليفاً لـ«الدعم السريع»، وإنها «عادت للصف الوطني؟!».

* نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط

الوسومإعلان أديس أبابا الدعم السريع السودان الشرق الأوسط القوات المسلحة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية- تقدم فيصل محمد صالح وقف الحرب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إعلان أديس أبابا الدعم السريع السودان الشرق الأوسط القوات المسلحة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية تقدم فيصل محمد صالح وقف الحرب قوات الدعم السریع القوات المسلحة أدیس أبابا

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يتقدم لاستعادة مناطق حيوية من الدعم السريع

حقق قوات الجيش السوداني تقدما ملحوظا واستعادت مواقع مهمة من قوات الدعم السريع، بعد استعادة قوات الجيش مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيزة في السودان، وتقدمت نحو المناطق الشرقية من محلية بحري، بعد بسطه السيطرة على أجزاء واسعة منها.

وتحركت قوات الجيش نحو "محلية بحري"، إثر دخوله حي كافوري، أحد آخر معاقل قوّات الدعم السريع في شرق الخرطوم بحري

تزامن هذا التحرك مع وصول رئيس هيئة الأركان بالجيش محمد عثمان الحسين من مقر قيادة الجيش بالخرطوم إلى مدينة أم درمان ولقائه بمساعد القائد العام للجيش عضو مجلس السيادة ياسر العطا بعد أيام من فك الحصار عن القيادة العامة للجيش.

في المقابل، أقر قائد قوّات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي، بوقوع خسائر في الخرطوم، وتراجع قواته في بعض المواقع، إلا أنه توعد بـ"طرد" الجيش من العاصمة.

ومقرّا للمرّة الأولى بطريقة غير مباشرة بالانتكاسات، دعا قواته إلى "عدم التفكير في أن عناصر الجيش دخلوا القيادة أو معسكر سلاح الإشارة أو الجيلي ومدني" في جنوب الخرطوم.

وفي بداية الحرب التي تفجرت في أبريل 2023، سيطرت قوّات الدعم السريع على جزء كبير من الخرطوم متقدّمة نحو الجنوب واستولت على ولاية الجزيرة.

فيما أدّى النزاع إلى كارثة إنسانية هائلة مع مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص، فيما الملايين على حافة المجاعة.

مقالات مشابهة

  • الدعم السريع تهاجم تَنْدَلتي بالمسيرات وعشرات القتلى بقصف سوق بأم درمان
  • مجلس الأمن الدولي يدين الهجمات المكثفة على مدينة الفاشر بشمال دارفور من قبل قوات الدعم السريع
  • السودان: أكثر من 60 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على سوق شعبي في أم درمان
  • أكثر من 50 قتيلاً في قصف لقوات الدعم السريع على سوق بضواحي الخرطوم
  • قوات الدعم السريع تنفي مسؤوليتها عن قصف أم درمان
  • مجلس الأمن يدين هجمات قوات الدعم السريع في دارفور
  • 54 قتيلا في قصف لقوات الدعم السريع على سوق في ضواحي الخرطوم  
  • الجيش السوداني يتقدم لاستعادة مناطق حيوية من الدعم السريع
  • الدعم السريع يعترف بالانتكاسات ويتعهد بطرد الجيش من الخرطوم  
  • "العربية" تدشن 3 رحلات أسبوعية مباشرة من الشارقة إلى أديس أبابا