السياحة أنواع: فهي طلب العلم، والتجول، والترفيه، وغيرذلك من أمور، يريدالإنسان تحقيقها لنفسه، ليرسِّخ لهذه النفس قيّما، ومغانما شتّى لاتحصى، ومن الخطأ تسمية رحلة الحج سياحة، فالحج فريضة على المسلم، وشرطه الإستطاعة المادية، والصحة والعافية، فقد يحج من هو في الستين وأكثر، وهو مريض، أو يكون فقيراً في ماله الذي يملكه لنفسه وأولاده وزوجته، فالغنى بالمال شرط من شروط سلامة الحج، ولاشك أن المملكة العربيةُ السعودية تقوم كل عام بتقديم وجبات الطعام اليومية الثلاث لكل معتر وفقير، ناهيك عن السكن تحت الخيام في أيام الحج، وقد ساهم البنك الإسلامي للتنمية من التخفيف من التلوث أيام التشريق، فقام بذبح الأضاحي، وتغّليفها في أكياس نايلون، وترحيلها إلى شتّى البلدان الفقيرة، ناهيك عن إعادة تدويرالنفايات كعلب البيبسي والميرندا والسفن أب، والتصدق بها للدول الفقيرة، ويمكن إتمام ذلك تحت شعار(اجعلها صدقتين).
ومن المفيد الإستشهاد بالقرآن في هذا الموضوع، فالله عزّوجلّ يقول:(السا ئحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكروالحافظون لحدود الله وبشرالمؤمنين)التوبة/١١٠، والسياحة في هذه الآية هي طلب العلم، أوالقتال كمايقول المفسرون.
ومع الأسف قام ويقوم بعضنا بالإساءة لمفهوم السياحة، فهي عنده الترفيه عن النفس، بقلة العقل والجوارح، وعدم النيل من معرفة بثقافة الشعوب، فاليونان- مثلاً-فيها ثقافة، متمثلة بالدوران حول الإسطوانات المبنية تحت معابدهم، للتفكير بالفلسفة والرياضيات وعلم الفلك والطب والصيدلة.
ومن أوربا إلى بلاد الأندلس- بوابة العرب إلى أوربا-، يرى السائح معالم الحضارة الإسلامية، التي امتدّت إلى أكثرمن خمسة قرون، حتى إن شواعها لاتزال تحمل أسماء عربية ، ويمكن للسائح أن يقرأ آيات القرآن وهي تزيّن جدران الفنادق كقوله تعالى:(وماالنصر إلامن عندالله)، ويحتارالسائح في ساعة قصرالحمراء بغرناطة، والتي عجزالمهندسون المحدثون عن تشغيلها، بحيث يقذف كل أسد بالماء كل ساعة من ساعات اليوم، من الفجرحتى الغروب.
وفي الوقت الذي لم يهدم الإسلام كنيسة ولامعبداً، نجد أن عمربن الخطاب رضي الله عنه، رمّم كنيسة القيامة في القدس، وصلى فيها ، وما أروع ماقاله النبي محمد صلى الله عليه:”لوكان نبي بعدي لكان عمر”.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
العملُ الإعلامي بين الحجّـة والقول السديد
حمزة الحماس
في زمن المعركة الإعلامية، لا يكفي أن نملك الحق، بل يجب أن نقدمه بالحجّـة والبرهان، لا بالعاطفة والانفعال. أكّـد السيد على ضرورة أن يتحول خطابنا إلى مشروع عملي، يعتمد على المعرفة العميقة والطرح المقنع، بعيدًا عن الشعارات الجوفاء والردود المرتجلة.
لكن هذا وحده لا يكفي..!! يجب أن يكون أصحاب العلم والمعرفة أكثر نشاطًا على كافة الوسائل، وأن يتصدروا ساحة الخطاب الإعلامي، فلا يُترك المجال لمن يفتقرون إلى أدوات التقديم أَو لمن يعرضون الحق بصورة ضعيفة ومشوشة. لا يكفي أن تكون الفكرة صحيحة، بل يجب أن تُقدم بأُسلُـوب يجذب العقول، ويؤثر في الرأي العام.
لكي تكون حجتنا قوية ومؤثرة، علينا أن نستند إلى معرفة دقيقة قائمة على مصادر موثوقة، فالمعلومة الخاطئة تضر أكثر مما تنفع. لا بد أن نفهم حجج الخصم، لا لنؤمن بها، بل لنتمكّن من تفنيدها وكشف زيفها، فالمعركة اليوم ليست فقط في امتلاك الحقيقة، بل في قدرتنا على الدفاع عنها وإيصالها بالشكل الصحيح. لا يكفي أن تكون حجتنا صحيحة، بل يجب أن تُعرض بأُسلُـوب منطقي متماسك يجعل المتلقي يتفاعل معها ويتقبلها.
القول السديد ليس مُجَـرّد ترفٍ خطابي، بل هو منهج قرآني أمرنا الله به، فهو الخطاب المستقيم، المؤثر، الذي يصل إلى العقول والقلوب دون استفزاز أَو تجريح. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً﴾. لذلك نهانا الله عن السباب، لأن نتائجه تأتي عكسية، وتؤدي إلى ردود فعل غير محسوبة: ﴿وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾.
الالتزام بالقول السديد في معركتنا الإعلامية يحفظ هيبة خطابنا، فعندما يكون الحديث قائمًا على الحق والمنطق، يصبح الإعلام الذي نقدمه موثوقًا ويحظى بالاحترام. كما أنه يضعف حجج الخصم؛ لأنه حين نواجهه بالحجّـة القوية والطرح المتزن، فإن زيفه ينكشف أمام الجماهير.
والأهم من ذلك، أن الخطاب القوي والمتزن قادر على التأثير في الرأي العام، وكسب العقول والقلوب يحتاج إلى خطاب واعٍ ومسؤول.
مسؤوليتنا ليست فقط في أن نقول الحق، بل في أن نقوله بالطريقة الصحيحة. علينا أن نرتقي بأُسلُـوبنا، وأن نحمل مشروعًا إعلاميًّا يقوم على الوعي والمعرفة، لا على الانفعال والتجريح. وأهل العلم والمعرفة عليهم أن يكونوا في الصدارة، حتى لا يُترك المجال للطرح الضعيف والمشوه. بهذا فقط نحول توجيهات السيد إلى واقع عملي ملموس، وبهذا ننتصر في معركة الكلمة.