وماذا عنها؟ وهل يستطيع بشر على هذه البسيطة أن يعبر عن المأساة والفاجعة بالكلام وإن طال؟ أربعون ألفا وما يزيد نحروا من الوريد إلى الويد، ما حدث لا يستوعبه عقل حتى في أصعب التخيلات وأجرأها، إلا أنه كان واقعا شارك في صنعه جميع خونة الإنسانية ومن يجسد وجهها القبيح، أشهروا الموت في وجه طفل غزة، طاردوه بأسلحتهم، وإن لم تكن أطنان الصواريخ والقنابل التي يرمونها بلا هوادة من جعب طائراتهم اللاهثة الجائعة كافية لتمزقه أشلاء وتحرقه حتى الرماد أو تطمره تحت الأنقاض، واستطاع أن ينضم إلى جحيم النزوح والمعاناة، أو كان ممن بترت أعضاؤهم وأصبح مقعدا لبقية حياته، فلا يمكن لمثل هذا أو أسوأ أن يعفي طائراتهم من أن تلاحقه وتستهدفه في المستشفى الذي أجرى له الأطباء على أرضيته عملية البتر دون تخدير، أو تحت سقف مخيم قماشي لم يحمه من حر أو برد، هل سيخطر على قلب بشر كم هو كمد تلك المرأة التي انفلق فؤادها عندما لم تجد إلا بقايا أبنائها، أو تلك التي انفطرت روحها وهي تشاهد أبناءها يتلظون جوعا؟، هل تستطيع الكلمات أن تترجم إحساس ألم أب يحمل الأكفان ثم يهيل التراب ويدفن أفراد عائلته بيديه؟، مهما كانت مقاطع الفيديو المتداولة صعبة تقرح الأكباد وتلهب الحشا وتمزق الأرواح، فهي قطرة من بحر الوجع اللا منتهي، ومنها المشهد الأقسى الذي لا يمكن أن تنساه ذاكرة التاريخ أو يمحى من الأذهان عندما حاصرت ألسنة اللهب الناس في المخيمات والتهمتهم وهم أحياء، هم يقاتلون اليوم نيابة عن أمة خذلتهم، وكل شيء في الدنيا مهما كان قاسيا هو أهون من ألم الخذلان.
فهل سيهتم لكل ذلك من ينام متخما ويعيش البذخ من حكام أو عرب فقدوا المشاعر الفطرية؟ هل سيعني لمثل هؤلاء أن يُدك كل شيء في غزة ويسوى بالأرض؟ هل ستعنيهم المجازر؟ وهل سيلتفتون إلى آلاف الضحايا الذين تزهق أرواحهم وتسفك دماؤهم كل يوم، أم إلى من يكابدون الجوع والتشريد والمرض والحصار؟! هل سيأخذون في حسبانهم أن ما يتم محوه هم بشر مثلهم؟
ولمن كان يتألم قبلا ويعتصر قلبه الأسى عند رؤية الفظائع والجرائم، لماذا أصبح الأمر عاديا بالنسبة إليك الآن؟ فمذابح هنا وإحراق وتدمير شامل في كل منطقة هناك لم يعد يستحق منك حتى النظر، وأنت الذي كنت تتعذب وتسكب الدمع لتلك المشاهد الدامية، لماذا أصبحت أحداث غزة آخر اهتماماتك اليوم، وباتت أرقام الموت والنزوح والجراح التي تتصاعد بلا توقف مجرد أشكال لأرقام لا معنى لها لديك؟ والسؤال الأهم لمثل هؤلاء الكثرة: هل تتوقعون أنكم بغضكم طرفكم وتغاضيكم عما يحصل لأهل غزة ستكونون بمنأى ومعزل عن سؤال الله لكم يوم القيامة: ماذا فعلتم لهم وهل نصرتموهم؟؟؟ ألم تتوقعوا أنكم ستلبسون لباس الخزي والعار في حياتكم وفوق ذلك سيسلط عليكم الغضب والعقاب الإلهي؟، وهل يعقل لمن لا يزال يمتلك ولو ذرة من كرامة وشهامة وإنسانية، من يحمل في جوفه قلبا وفي كيانه ضميرا أن يلجم فاه ويغمض عينيه وأن لا يكون له أدنى موقف؟! يا هؤلاء لا تتأخروا أكثر، فالمتخاذلون إلى بوار وخسران، ولا عذر لأحد، ولتلتحقوا بركب النصر في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس الذي يخطه أهل غزة مع محور المقاومة بعظيم التضحيات وروائع آيات الفداء والشجاعة والاستبسال…
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
أبغض الناس عند الله ورسوله.. داعية أزهري يحذر هؤلاء
كشف الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، الداعية الأزهري وأستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، عن الشخص الذي يعد أبغض الناس عند الله ورسوله، مشددا على خطورة النميمة كصفة مذمومة تؤدي إلى إشعال الفتنة وتدمير المجتمعات.
ومن خلال منشور له على صفحته الرسمية عبر موقع "فيسبوك" بعنوان "تحريم السعي بين الناس بالنميمة على كل الأحوال"، استعرض مرزوق واجب المسلم تجاه تجنب النميمة، موضحا أن دور المسلم يمتد لدرء الفتن بدءا من الأسرة الصغيرة، وصولا إلى المجتمع بأسره، بل ويشمل أيضا الدول الشقيقة، حيث يجب أن يحرم المسلم من إيقاد نيران الفتنة والتفرقة.
كيف يمحو الركوع والسجود ذنوبك؟ .. نصيحة نبوية تُقربك من مغفرة الله داعية يكشف عن سر آية لجلب الرزق وتيسير الأمور .. رددها طوال الوقت الأدلة الشرعية على خطورة النميمةأورد الدكتور مختار مرزوق عدة أدلة من السنة النبوية تظهر بشاعة هذه الصفة وضررها الكبير، وجاءت كالتالي:
1. النمام لا يدخل الجنة: ذكر مرزوق حديثا عن الصحابي حذيفة رضي الله عنه، حيث قال إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يدخل الجنة قتات)، وهو حديث صحيح ورد في صحيح مسلم، حيث "القتات" يعني النمام، مما يبين أن من يتصف بالنميمة محروم من دخول الجنة، وفقا لتحذير النبي الكريم.
2. النمام يعذب في قبره بسبب النميمة: استدل مرزوق بحديث وارد في صحيح البخاري، حيث سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت اثنين يعذبان في قبورهما، وعلق قائلا: (كان أحدهما لا يستتر من بوله وكان الآخر يمشي بالنميمة). وبذلك أوضح مرزوق أن النميمة تعد من الكبائر التي تترتب عليها عقوبات قاسية، تبدأ من عذاب القبر.
3. النمامون أبغض الناس إلى النبي: أوضح الدكتور مرزوق أن أشد الناس بغضا عند الرسول صلى الله عليه وسلم هم من يسعون بالنميمة ويفرقون بين الناس، حيث استشهد بحديث صحيح رواه أبو هريرة رضي الله عنه، قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أحبكم إلي أحاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إلي المشاؤون بين الناس بالنميمة المفرقون بين الأحبة)، مما يعكس البغض الشديد للنمامين في الإسلام.
4. النهي عن إيقاظ الفتن: واستشهد مرزوق بحديث ضعيف جاء فيه: (الفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها)، وأوضح أن هذا الحديث على الرغم من ضعفه، إلا أنه يعبر عن مبدأ إسلامي واضح، يحث المسلم على الابتعاد عن أي عمل يوقظ الفتن بين الناس.
في ختام منشوره، شدد الدكتور مختار مرزوق على كل من يثير الفتن ويمارس النميمة سواء في محيط صغير أو كبير، بضرورة تقوى الله والابتعاد عن هذا السلوك الخطير، وقال: "اتق الله، ولا تكن عونا للشياطين على المسلمين بإشعال نيران العداوة بينهم". وأضاف مرزوق أن عقوبة النميمة شديدة في الدنيا والآخرة، مستندا إلى السنة النبوية، حيث جاء عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ما يكفي لردع كل من يهم بالنميمة والتفريق بين الناس.
وبهذا الطرح، يأمل الدكتور مختار مرزوق أن تكون رسالته هذه بمثابة دعوة للمسلمين للابتعاد عن النميمة، والحفاظ على وحدة المجتمع وتماسكه، مؤكدا على أن الإسلام دين يدعو للوحدة والألفة بين الناس، ويحرم كل ما من شأنه أن يؤدي إلى التفرقة والكراهية.