الصعود من بين أنقاض عالم متعدد الأقطاب
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
الصعود من بين أنقاض عالم متعدد الأقطاب
ناصر السيد النور
يشار إلى المنظر الاستراتيجي والفيلسوف الروسي ألكسندر دوغين إعلامياً، في العادة، بصفته عقل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومدبر مخططات الدولة الروسية في نسختها البوتينية، نظراً لما يشغله من حيزٍ واسعٍ في الاعلام والسياسة الدولية والسجالات الفكرية في قضايا الحرب والاستراتيجية الروسية.
مفسراً العالم وحضاراته التأريخية ونظمه السياسية بناءً على تصورات نظرياته وقراءاته من منظور الجيوبولتيكيا لروسيا (أوراسيا) لإمكانية قيام عالم تتعدد أقطابه (Multipolarism) السياسية والاقتصادية على أسس التنوع، يقدم دوغين تصوراً لعالم متعدد الأقطاب يكون محوره قارات وحضارات وثقافات ودول تقع خارج منظومة النطاق الغربي، تمثل برأيه تكتلات حضارية واقتصادية صاعدة كالصين والهند والبرازيل. ويطَّوف دعماً لنظريته حول مفهوم التاريخ والحضارة والعلاقات الدولية بمرجعيات وأبحاث غربية في الأساس على نحو ما تأسست في منشئها الغربي في حزمة العلوم السياسية والفلسفية وعلوم الاجتماع والتاريخ. وبهذا التداخل المنهجي الكثيف المتباين في مساراته النظرية والتطبيقية، يطرح دوغين نظرياته في تعدد الأقطاب كما لو كانت طريقاً للشعوب للخلاص مما يسميه بالهيمنة الحضارية الغربية، مستشهداً بالتناقضات وربما الاختلافات ببعدها الإنساني في الثقافات والحضارات البشرية في قدرتها على بناء عالم يخصَّها بعيداً عن الهيمنة الغربية؛ وهي هيمنة بالمعايير العالمية لا تعني غير الديمقراطية وحقوق الإنسان والنظام الاقتصادي العالمي الرأسمالي والمؤسسات الدولية المهيمن عليها من قبل الدول الغربية. بمعنى من القول التخلي عن منجزات الحضارة الإنسانية، واستبدالها بقيِّم ينافح عنها دوغين ممثلة في قيم الديانات الأرثوذكسية والبوذية والإسلام، وكل ما يدخل في تعريفات من منظور الثقافة الأنثروبولوجية في العالم خارج نطاق نيوتن، كما أطلق عليها منظر السياسة والدبلوماسي الأميركي هنري كيسنجر. وتشكل بدورها تمييزاً لها عن العالم الأوروبي كما يروج لها في القرون الثلاث الأخيرة من عمر الحضارة الإنسانية.
هذه المقاربات النظرية بدت وكأنها محاولة أخرى لاستعادة أو استمرار لجزء من تاريخ العالم في فترة الحرب الباردة، حيث سادت ثنائية قطبية إحداها مثلتها روسيا الاتحاد السوفييتي السابق، وما مثله من قوة مناوئة للغرب ومشروعه الاستعماري. وبعد انهيار المنظومة الاشتراكية لخلَّل بنيوي لم تستجب فيها العقيدة الاشتراكية التي منحت نسخة تبشيرية عالمية، تشكل النظام العالمي بقطبية أحادية (الغرب والولايات المتحدة الأميركية). فإذا كانت روسيا قد عادت بعد مرحلة الاتحاد السوفيتي مفككة الأوصال إلى مواجهة استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو عسكرياً، يضع دوغين رؤية تعبر عن شكل هذه المواجهة، أو ما يطلق عليها الإمبراطورية الأميركية وموقف روسيا إما أن تكون السيادة الروسية، وأو الإمبراطورية العالمية، وهو دور يصعب على الطرفين القيام به لعدم الحاجة إليه. فمفهوم مشروع الإمبراطورية لا يفهم منه – في سياقه الروسي – إلا تعبيراً عن “أوراسيا” كنتيجة تأريخية حتمية للوجود الروسي، إلا أن الموقع الجيوبولتيكي وحده لا يحدد وحده مواقع القوة في موازين القوة والنظام العالمي. وينطبق الأمر على مشروع القرن الأميركي الذي بشر به الليبراليون الجديد وبدا تطبيقه عملياً بعيد المنال.
الوسومألكسندر دوغين امريكا بوتين روسيا
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: ألكسندر دوغين امريكا بوتين روسيا
إقرأ أيضاً:
أمانة المدينة المنورة تنفذ أول مبنى متعدد الطوابق لوقوف المركبات بالمنطقة المركزية
المناطق_واس
شرعت أمانة منطقة المدينة المنورة بإنشاء أول مبنى متعدّد الطوابق لمواقف السيارات في المنطقة المركزية، يتألف من 12 طابقًا بطاقة استيعابية تصل إلى 400 مركبة، يعمل بنظام أوتوماتيكي وميكانيكي ذكي.
أخبار قد تهمك أمانة المدينة المنورة تقدم خدماتها لأكثر من 600 مستثمر خلال الشهر الماضي 31 أكتوبر 2024 - 12:37 مساءً أمانة المدينة المنورة تواصل أعمالها في تحسين المشهد الحضاري 1 أكتوبر 2024 - 6:16 صباحًا
وأوضحت أمانة المدينة المنورة أنه تم توقيع عقد إنشاء المشروع بقيمةٍ إجمالية تتجاوز الـ 90 مليون ريال، على مساحة تقارب الـ 982 مترًا مربعًا بالقرب من مسجد بلال بن رباح في المنطقة المركزية، بالقرب من المسجد النبوي، مبينة أن المشروع يعمل بنظامٍ قائم على إنترنت الأشياء ومؤتمت بالكامل، كما يجمع في تصميمه بين التراث المديني الأصيل والحداثة المعمارية؛ لتوفير حلول فعالة وذكية لإدارة المواقف.
وبينت أن المشروع يتميز بنظام ذكي يتيح إدخال المركبة وإخراجها بكل سلاسة دون الحاجة إلى تدخل يدوي، حيث يعتمد المبنى على تقنيات متقدمة لتحديد الأماكن المتاحة، وترتيب المركبات بشكل آمن وفعال، كما يسهم في استغلال المساحات بشكل مثالي، مما يجعله من أكثر المباني تطورًا، ويضم أحدث ما توصلت إليه التقنية في هذا الشأن.
وأشارت إلى أن المشروع يعدّ جزءًا من سلسلة مشاريع مماثلة يجري العمل على توقيع عقد إنشائها؛ بهدف توفير ما يزيد عن 4666 موقفًا للسيارات في 18 موقعًا بالمدينة المنورة، ورفع الطاقة الاستيعابية للساحات في المواقع التاريخية والمساجد من خلال تنظيمها وإدارتها كمواقف حافلات وسيارات لخدمة أهالي المدينة المنورة وزائريها، مؤكدةً سعيها لتوفير المزيد من الحلول المستدامة لإدارة الحركة المرورية وتعزيز تجربة الزائرين، بما يتماشى مع خطط التنمية الشاملة التي تواكب رؤية المملكة 2030.