تخريب الوطن من الداخل بنية حسنة . . !
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
#تخريب_الوطن من الداخل بنية حسنة . . !
#موسى_العدوان
خير مثال لما ما أهدف إليه في هذا المقال، هو ما جاء في القصة التالية أيام عنفوان الاتحاد السوفيتي في أواسط القرن الماضي. يقول نيكيتا خروتشوف عضو الحزب الشيوعي السوفيتي، اتصل بي الرفيق ستالين وقال لي : تعال إلى مكتبي بسرعة يا نيكيتا . . هناك مؤامرة كبيرة على بلادنا.
ولما وصلتُ وجدتُ لديه مجموعة من الوزراء، فقال لي ستالين : يا رفيق نيكيتا لدينا مصنع للإطارات (دواليب سيارات)، وهذا المصنع هو هدية من شركة فورد الأمريكية، ينتج الإطارات منذ سنوات بشكل جيد. ولكن فجأة ومنذ ستة أشهر، بدأ هذا المصنع بإنتاج دواليب تنفجر بعد بضع كيلومترات، ولم يعرف أحد لماذا يحدث ذلك. أريدك أن تذهب إلى المصنع فورا وتكتشف السبب في هذا الخلل.
مقالات ذات صلة الأحلام الضائعة 2024/11/02وحال وصولي إلى المصنع باشرتُ التحقيق فورا، وكان أول ما لفت نظري هو حائط الأبطال على مدخل البناية، حيث توضع صور أفضل العمال والإداريين، الذين عملوا بجد ونشاط خلال آخر شهر. وبدأتُ التحقيقات مباشرة من أعلى مستويات الإدارة حتى أصغر عامل. ولكن لم أحد يعرف أسباب انفجار الإطارات. فقررتُ النوم في المصنع، حتى أتوصل إلى حل هذا اللغز. فأنا لم أفشل في أية مهمة في حياتي العملية والسياسية، فما بالك إذا كان هذا التكليف صادر من قبل ستالين.
استيقظتُ في الصباح الباكر ووقفتُ في أول خط الإنتاج، وقمتُ بمتابعة أحد الإطارات (الدولاب)، ومشيتُ معه من نقطة الصفر حتى خروجه من خط الإنتاج، وقد أُصبتُ بإحباط شديد. لقد سارت عملية التصنيع بشكل طبيعي وكل شيء سار بمساره الصحيح وبصورة متقنة.
طلبت تركيب الإطار على إحدى العجلات الأمامية لسيارة ركبتُ فيها، وطلبتُ من السائق السير بسرعة متوسطة. ولكن الإطار انفجر بعد بضع كيلو مترات من المسير.
قمتُ فورا بجمع المهندسين والعمال والإداريين، وأحضرتُ المخططات وقمتُ بالاتصال بالمهندسين الأمريكيين لأستفسر منهم عن الخطأ، ولكني لم أصل إلى حل. ثم قمتُ بالإشراف على تحليل المواد الخام المستخدمة في صناعة ذلك الإطار.
فأثبتت التحاليل أن المواد المستخدمة في صنعه ممتازة جدا، وليست هي السبب أبدا في انفجار الإطارات. لقد أصابني الإحباط وأحسستُ بالعجز، وكان الهاجس الأكبر كيف أستطيع مقابلة ستالين دون أن أجد حلا لهذه المشكلة، التي ارتبط حلها بمستقبل حياتي ومستقبلي السياسي؟
وبينما كنت أمشي في المصنع، لفت نظري حائط الأبطال وصورهم المنشورة، إذ كان على قائمة صورهم، صورة أحد المهندسين وهو يتربع على رأس هذه القائمة منذ ستة أشهر، أي منذ بدأت الانفجارات بهذه الإطارات دون معرفة السبب.
لم أستطع النوم في تلك الليلة، وقمتُ باستدعاء هذا المهندس إلى مكتبي صباح اليوم التالي، وقلتُ له أرجوك اشرح لي يا رفيق، كيف استطعت أن تكون بطل الإنتاج لستة أشهر متتالية ؟ فقال لي لقد استطعتُ أن أوفر الملايين من الروبلات للمصنع والدولة. فقلتُ له وكيف استطعت أن تفعل ذلك ؟ فأجابني ببساطة:
” قمتُ بتخفيف عدد الأسلاك المعدنية في الإطار، بناء على توصية من المهندسين الأمريكان، وبالتالي استطعنا توفير مئات الأطنان من المعادن يوميا . . ! “.
هنا أصابتني سعادة كبيرة . . فقد عرفتُ حل اللغز أخيرا ولم أصبر على ذلك، فقد اتصلتُ بستالين فورا وشرحتُ له ما حدث. وبعد دقيقة صمت قال لي بالحرف الواحد : والآن أين دفنت جثة هذا الغبي؟ فأجبتُه وأنا خائف إنني في الواقع لم أعدمه، بل سأرسله إلى سيبيريا، لأن الناس لن تفهم لماذا نعدم بطل إنتاج، رفعت صورته كبطل قومي في مدخل المصنع لستة أشهر. . ! انتهى.
* * *
التعليق :
أعداء الوطن الذين يخرّبون اقتصاد الوطن، والذين يفسدون في مختلف مفاصله، ليسوا هم من يحاربوننا من الخارج، بل هم أصحاب النوايا الخبيثة، الذين ينفذون داخليا تعاليم الأعداء الخارجيين. ومنهم أصحاب الملامس الناعمة، والوجوه الباسمة، والكلام الجميل عن المستقبل الزاهر، فيهبطون علينا بالبراشوت، ليمارسوا في مؤسساتنا أبشع صور التخلف وتدمير الاقتصاد، تحت غطاء التطور وتحسين ظروف المعيشة. ولكنهم لم يقدموا شيئا نافعا للوطن والمواطن طيلة العقود الماضية.
هل يعقل أن دولة تجاوز عمرها المئة عام، ما زالت تعتمد على تلقي المساعدات والهبات من دول العالم، لكي تحافظ على بقائها في هذا العالم الذي لا يرحم الدول الضعيفة ؟ ولم تستطع على سبيل المثال، إقامة مصنع أقلام، بل تستوردها من الهند أو من دول غيرها ؟ والابلغ من ذلك . . أنها تسلّم شريان حياتها من الماء والغاز لعدو لا يؤتمن، ثم ترهن قواعدها العسكرية مجانا لقوات أجنبية ؟
هناك دول في جنوب شرق آسيا وفي شمال أفريقيا، عمرها أقل من عمر دولتنا، وتحررت من الاستعمار بعدنا بعقود، ومصادر الثروات الطبيعية لديها أقل مما لدينا، وعانت من حروب أهلية بين مواطنيها حرقت الأخضر واليابس، ولكنها لملمت جراحها وبنت نفسها، وأصبحت في طليعة الدول الصناعية المتقدمة، بفضل قادتها المخلصين، والحريصين على مصالح شعوبها.
بينما بقينا نحن في ذيل الدول المتخلفة، نعاني من ظروف اقتصادية بائسة، وبطالة عامة، وشح في المياه، وضرائب عالية، بفضل سياسات جامدة، استوردها بعض جهابذة الاقتصاد لدينا من الخارج وأساؤوا استخدامها، ثم جعلوا مصالح الوطن في آخر اهتماماتهم . . !
التاريخ : 2 / 11 / 2024
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
وزيرة البيئة: نعمل على إنشاء بنية تحتية متكاملة من خلال البرنامج الوطني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
علي هامش زيارتها لمحافظة قنا، شاركت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، الدكتور خالد عبد الحليم، محافظ قنا، في جلسة عُقدت بديوان عام المحافظة، لمناقشة القضايا البيئية بالمحافظة، بالإضافة إلى استعراض الإجراءات التي اتخذتها وزارة البيئة للتعامل مع تلك التحديات، ومحاور مبادرة "قنا صديقة للبيئة".
حضر اللقاء الدكتور حازم عمر، نائب محافظ قنا، والدكتور حازم الظنان، مدير البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة، واللواء أيمن السعيد، السكرتير العام المساعد للمحافظة، والنائب العمدة مبارك عامر، والنائب محمد الجبلاوي، عضوا مجلس النواب، والمهندسة سماح صالح، رئيس وحدة التنمية المستدامة بوزارة البيئة، إلى جانب عدد من ممثلي البرنامج الوطني ووحدات إدارة المخلفات والقيادات التنفيذية بالمحافظة.
وأكدت الدكتورة ياسمين فؤاد اهتمام وزارة البيئة بتطوير منظومة المخلفات الصلبة البلدية في محافظة قنا وجميع المحافظات الأخرى، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية.
وأوضحت أن الوزارة، من خلال البرنامج الوطني، تعمل على إنشاء بنية تحتية متكاملة تشمل محطات وسيطة، ومصانع لتدوير المخلفات، ومدافن صحية، كما أشادت بتجربة استخدام وقود الـRDF (وقود مشتق من المخلفات) في مصانع الأسمنت كبديل اقتصادي للفحم، مشيرة إلى خطط الوزارة لتوسيع هذا النهج واستغلال المتبقيات في إنتاج الكمبوست، لتعظيم الاستفادة الاقتصادية والبيئية من المخلفات.
وشددت الوزيرة على أهمية إدراج البنية التحتية لإدارة المخلفات ضمن التخطيط العمراني للمدن الجديدة، بما يشمل مدافن صحية، ومحطات وسيطة، ومصانع تدوير. كما أكدت ضرورة تقنين أوضاع العمالة غير الرسمية بالمحافظة، من خلال حصر أعداد العاملين في هذا القطاع وتنظيم أوضاعهم لتحقيق الاستدامة في الإدارة.
وأبدت الوزيرة استعداد الوزارة للتعاون مع محافظة قنا لتحويلها إلى نموذج صديق للبيئة، مقترحة إعداد دراسة تقييمية للوضع البيئي الحالي، ووضع خارطة طريق شاملة تتضمن تحديد الاحتياجات ومصادر التمويل الممكنة. كما أكدت أهمية التوعية البيئية من خلال الجمعيات الأهلية، وتنظيم برامج تدريبية للأفراد، والاستفادة من تجارب المحافظات الأخرى.
من جانبه، عرض الدكتور خالد عبد الحليم، محافظ قنا، الخطوط العريضة لمبادرة "قنا صديقة للبيئة"، مشيرًا إلى أن المبادرة تستند إلى عدة محاور رئيسية، منها، استخدام الطاقة المتجددة والاعتماد على مصادر طاقة نظيفة، إدارة المخلفات بشكل مستدام لتحقيق أقصى استفادة اقتصادية وبيئية، النقل المستدام، من خلال تشجيع استخدام الدراجات ووسائل النقل العام، وتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة، البناء الأخضر وزيادة المساحات الخضراء، الحفاظ على جودة المياه وصون التنوع البيولوجي.
وأوضح محافظ قنا، أن هذه الجهود تهدف إلى تحسين نوعية الحياة، والحد من آثار تغير المناخ، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وتحقيق استدامة الموارد الطبيعية بالمحافظة.
وفي سياق آخر، اختتمت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، زيارتها بجولة في معبد دندرة والمنطقة المحيطة به، تلبية لدعوة محافظ قنا، ضمن جهود الترويج السياحي للمحافظة.
IMG-20241219-WA0012 IMG-20241219-WA0013 IMG-20241219-WA0014 IMG-20241219-WA0011