هل الجزيرة قناة محايدة أم تدّعي الحياد؟ وكيف أثرت في العالم العربي؟
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
بانر باب حوار (الجزيرة)
وناقش البرنامج عددا من المحاور في مقدمتها مدى التزام الجزيرة بالاستقلالية والموضوعية في نقل الحدث، وقد اتفق المشاركون على عدم وجود حياد في وسائل الإعلام كافة وأجمعوا على أن الجزيرة ليست استثناء من هذا.
لكن الخلاف بين المشاركين كان بشأن التزام القناة بالموضوعية إذ قال المهندس العراقي غيث عبد الهادي إن الجزيرة هي أول وسيلة إعلام عربية لا تمثل حكومة بلدها لكنها ليست مستقلة، معربا عن اعتقاده بأن "كل وسيلة إعلام تابعة لسياسة المموّل، والجزيرة ليست استثناء من هذه القاعدة".
في المقابل، قال الباحث السوري في النزاعات والفكر الإسلامي عباس شريفة إن الجزيرة "قد لا تكون مستقلة لكنها وفرت مساحة حرية لم توفرها وسيلة إعلام عربية قبلها"، مضيفا أنها "حولت نمط الإعلام العربي الذي كان معبرا عن الأنظمة بالكامل ومثلت طفرة في طريقة العمل الإعلامي العربي".
وحتى طريقة تدخل الحكومة في عمل الجزيرة "كان جديدا لأنها فتحت الباب لمن ينتقدون الحكومة القطرية في ظل استقلالية نسبية حصلت عليها"، حسب شريفة.
الربيع العربي نقطة تحول
واختلف الكاتب الصحفي التونسي برهان اليحياوي مع هذه الفرضية بقوله إن الجزيرة هي أول قناة إخبارية عربية، وإنها خلقت حرفية في زمن لم يكن فيه الإعلام العربي أكثر من آلة دعاية حكومية، "لكنها ليست مستقلة رغم محاولاتها الظهور بمظهر الموضوعية".
ويرى اليحياوي أن الجزيرة "لم تكن موضوعية في وقت الربيع العربي لأنها انحازت للإسلام السياسي انحيازا كاملا وهو ما أفقدها كثيرا من شعبيتها".
ورد الصحفي الأردني خير الدين الجابري على هذا الحديث بقوله إن الجزيرة "كسرت النمط الإعلامي الحكومي"، لكنه اعترف بأن التمويل "يلعب دورا في كل وسائل الإعلام، والجزيرة ليست استثناء لكنها تتسم بمساحة كبيرة من الموضوعية".
الموضوعية مسألة نسبية
أما الباحثة السياسية المصرية كاترين جابر فاستشهدت بحديث الكاتب الإنجليزي هيو مايلز عن أن الجزيرة "أول قناة دولية قدمت العرب للعالم وقدمت العالم للعرب". لكنها تساءلت عن صورة العرب التي قدمتها الجزيرة للعرب وللعالم وعن صورة العالم التي قدمتها الجزيرة للعرب، وقالت إن الجزيرة قدمت الصورتين بطريقة غير حيادية ووفق سياسة محددة.
ودافع الباحث السياسي المصري محمد الصنهاوي عن القناة بقوله إن الحياد "مجرد وهم"، مضيفا أن "الجزيرة منحازة لكن دون كذب أو تدليس أو تزييف للواقع، وهي منحازة لمصلحة الشعوب العربية وقضاياه العادلة رغم أن هذا قد تراجع مؤخرا".
ومن وجهة نظر الصنهاوي، فإن الجزيرة تتفوق على جميع القنوات العربية في كل المحاور التي يتحدث فيها المشاركون بالحوار، رغم ما يوجّه لها من انتقادات.
لكن المهندس غيث عبد الهادي رفض هذا الكلام بشدة وقال إن هذا التقييم سياسي وليس مهنيا لأن "الجزيرة تقدم رأيا وتشوّه الرأي الآخر ولا تترك له فرصة التعبير عن نفسه".
ورد الباحث السياسي المصري محمد الصنهاوي على حديث عبد الهادي بقوله إن تشويه الرأي من عدمه يعدّ "تقديرات شخصية، لكن الجزيرة هي القناة الوحيدة التي تسمح لتيارات معارضة حتى لسياستها بالظهور على شاشتها".
ومع ذلك، رد الصنهاوي بقوله إن هناك كثيرا من القنوات العربية التي تقوم بالشيء نفسه، وإن الجزيرة ليست الوحيدة التي تفتح المجال لكل التيارات.
2/11/2024المزيد من نفس البرنامجهل للمنشآت الحق في تقييد المظهر الشخصي؟ شباب عرب يتساءلون
تابع الجزيرة نت على:
facebook-f-darktwitteryoutube-whiteinstagram-whiterss-whitewhatsapptelegram-whitetiktok-whiteالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات play arrowمدة الفیدیو الجزیرة لیست إن الجزیرة بقوله إن
إقرأ أيضاً:
كينيا والأزمة السودانية.. وساطة محايدة أم انخراط في الصراع؟
أثارت استضافة كينيا اجتماعًا لقوات الدعم السريع السودانية في نيروبي جدلا واسعا، حيث انتقدت الحكومة السودانية هذه الخطوة واعتبرتها انحيازًا لطرف على حساب الآخر في الأزمة المستمرة منذ نحو عامين.
في المقابل، دافعت الخارجية الكينية عن موقف بلادها، مؤكدة في بيان أن هذه الاستضافة تأتي ضمن دورها التقليدي كوسيط إقليمي يسعى إلى إنهاء النزاعات عبر الحوار، وليس من منطلق الانحياز لأي طرف.
لكن قراءة البيان الكيني، في سياق ردود الفعل السودانية والإقليمية، تثير تساؤلات حول مدى توازن هذا الدور، وما إذا كان يعكس التزامًا كاملاً بالحياد الدبلوماسي، أم أن هناك أبعادًا أخرى تستدعي مزيدًا من التدقيق.
غياب التأكيد على وحدة السودانإحدى الملاحظات اللافتة في بيان الخارجية الكينية هي غياب الإشارة المباشرة إلى وحدة وسلامة أراضي السودان، وهي نقطة أساسية غالبًا ما تؤكدها البيانات الدبلوماسية بشأن النزاعات الداخلية للدول.
وبدلًا من ذلك، ركز البيان على "حق الشعب السوداني في تقرير مصيره"، وهو تعبير قد يفسَّر بطرق مختلفة، سواء كدعم لعملية ديمقراطية أوسع، أو كإشارة ضمنية إلى احتمال إعادة رسم المشهد السياسي في السودان.
وفي هذا السياق، أشارت الباحثة في مجال الصراعات والسلام والسياسة تشيبكورير سامبو، في تصريح للجزيرة نت، إلى أنه لا يمكن الجزم بأن غياب التأكيد قد يكون نتيجة غموض مقصود أو سهو، لكنه بلا شك لا يعزز الثقة في دور الحكومة الكينية كقائد سابق لمجموعة الإيفاد الرباعية المكلفة بحل النزاع في السودان.
إعلان كينيا بين الحياد والانخراط في الأزمةرغم تأكيد كينيا على عدم انحيازها، فإن بعض التصريحات الصادرة عن مسؤوليها قد توحي بخلاف ذلك، فقد نقلت صحيفة "ذي ستار كينيا" عن مصادر حكومية تأكيدها أن نيروبي "لن تغلق أبوابها أمام أي مجموعة تسعى إلى السلام".
ورغم أن هذا الموقف يبدو حياديا في ظاهره، فإنه قد يُفسَّر أيضًا على أنه اعتراف ضمني بدور قوات الدعم السريع كفاعل سياسي، وهو ما ترفضه الحكومة السودانية.
هذا التباين في التصريحات فتح الباب أمام تساؤلات حول مدى التزام كينيا بالحياد، خاصة أن الوساطات الإقليمية السابقة كانت تعتمد على إشراك جميع الأطراف، بما في ذلك الحكومة السودانية، بدلًا من عقد لقاءات منفصلة قد يُنظر إليها كخطوات منحازة.
ولم يكن تحرك كينيا في الأزمة السودانية مفاجئًا، حيث سبق لها أن لعبت أدوارًا محورية في نزاعات إقليمية، أبرزها الوساطة في الحرب الأهلية السودانية، عبر بروتوكول مشاكوس لعام 2002، والتي انتهت باتفاقية سلام شامل 2005 قادت لاحقًا إلى انفصال جنوب السودان.
وفي هذا السياق، يشير الصحفي الكيني موانغي ماينا في تصريح إلى الجزيرة نت إلى أن استضافة قوات الدعم السريع في نيروبي لا تأتي في سياق وساطة شاملة، وإنما كجزء من تحول كيني في التعامل مع الأزمة السودانية، حيث يرى ماينا أن كينيا تسلك حاليًا مسارًا مستقلا بعد تعثر جهود الوساطة الإقليمية التي قادتها الإيغاد.
في هذا السياق، يُعد سعي قوات الدعم السريع فجأة لإقامة كيان سياسي موازٍ في نيروبي تطورًا لافتًا، خاصة أنه يتعارض مع نهج الوساطات السابقة التي ضمّت جميع الأطراف، بما في ذلك الحكومة السودانية، مما يطرح إشكاليات دبلوماسية معقدة لأي تسوية سياسية مستقبلية للأزمة السودانية.
من جانبها، ترى تشيبكورير سامبو أنه لا يمكن مقارنة ما حدث هذا الأسبوع بمحادثات بروتوكول مشاكوس سنة 2002، الذي كان نتاج عملية تفاوضية رسمية تحت إشراف الإيغاد وبمشاركة طرفي النزاع، إذ كان الهدف من مؤتمر الدعم السريع تشكيل حكومة موازية دون حضور الأطراف المتحاربة، كما أن غياب أطراف الوساطة يفقد الحدث صفة المحادثات الرسمية.
إعلانواعتبرت سامبو أن مساواته باجتماعات القوى المدنية في نيروبي غير دقيق، فالدعم السريع طرف في النزاع، عكس المدنيين، مما جعل البيان الكيني يخلق معادلة غير واقعية.
هل تتجاوز كينيا الاتحاد الأفريقي والإيغاد؟ومن النقاط التي أثارت الجدل أيضًا في البيان الكيني الإشارة إلى قرار الاتحاد الأفريقي بتعليق عضوية السودان منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021 على خلفية التغيير السياسي في البلاد.
ورغم أن هذا القرار معروف، فإن التذكير به في هذا السياق قد يُفسَّر على أنه تقليل من شرعية الحكومة السودانية الحالية، مما قد يبرر تعامل كينيا مع أطراف أخرى، مثل قوات الدعم السريع والمعارضة المدنية.
وفي هذا السياق، تعتقد سامبو أن استضافة كينيا للمؤتمر لم يحظ بأي دعم دولي أو إقليمي، وإلا لكانت وزارة الخارجية قد أوضحت ذلك. ورأت أن انعقاد المؤتمر بقرار كيني منفرد يضعف مصداقية الرئيس روتو كوسيط، ويعزز الشكوك حول حياده.
وأضافت أن المؤتمر يعد الأحدث في سلسلة من الوقائع التي تعزز لدى السودانيين الانطباع بأن كينيا منحازة إلى طرف دون آخر، أما إصدار وزارة الخارجية للبيان، فجاء نتيجة ردود الفعل الغاضبة من الكينيين.
من جانبه، صرح موانغي ماينا بأن "كينيا تقف في عزلة متزايدة بشأن هذه القضية، دون أي دعم إقليمي أو دولي لتحركاتها. وبدلًا من الحصول على التأييد، تواجه نيروبي ضغوطًا دبلوماسية متزايدة لتبرير أفعالها، مما يثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء انخراطها في هذا المسار".