وعد بلفور.. تحل اليوم السبت، الذكرى الـ107 لــ وعد بلفور المشئوم، وهي الوثيقة التي أصدرتها بريطانيا في الثاني من نوفمبر عام 1917، لتعلن دعمها إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، الأمر الذي كان البداية لإطلاق شرارة الصراعات في المنطقة، ونقطة تحول تاريخية تركت آثارا عميقة لا تزال تتجلى في التوترات السياسية والأزمات الإنسانية الممتدة لعقود.

كيف بدأ وعد بلفور؟

وعد بلفور، هو بيان رسمي علني أصدرته الحكومة البريطانية خلال الحرب العالمية الأولى، وكان لأجل دعم وتأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، والتي كانت وقتها منطقة عثمانية ذات أقلية يهودية.

وأصدر وزير خارجية المملكة المتحدة آرثر بلفور، إلى اللورد ليونيل دي روتشيلد، أحد أبرز أوجه المجتمع اليهودي البريطاني، بتاريخ 2 نوفمبر عام 1917، رسالة جاء فيها ما نصه: «تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر».

وبعد إعلان المملكة المتحدة الحرب على الدولة العثمانية في نوفمبر 1914، بدأ مجلس وزراء الحرب البريطاني في النظر في مستقبل فلسطين لأجل الشعب اليهودي وبحلول أواخر 1917، قبيل إعلان بلفور، ووصولها في الحرب العالمية الأولى إلى طريق مسدود، إذ لم تشارك حليفتا بريطانيا بالحرب بشكل كامل، فالولايات المتحدة لم تعاني من ضرر كبير بسبب الحرب، وكان الروس في خضم ثورة 1917 وتم كسر حالة الجمود في جنوب فلسطين بقيام معركة بئر السبع في 31 أكتوبر عام 1917.

يمكن إرجاع أول مفاوضات على مستوى عال بين البريطانيين واليهود إلى مؤتمر تم إجراؤه في 7 فبراير من عام 1917، والذي نص على أن السير مارك سايكس والقيادة الصهيونية تقود النقاشات التي تأتي في هذا المؤتمر، وطلب وعد بلفور في 19 يونيو من روتشيلد وحاييم وايزمان لتقديم مشروع إعلان عام.

وتمت المناقشة في مشاريع واقتراحات أخرى أبعد من قِبل مجلس وزراء بريطانيا خلال سبتمبر وأكتوبر مع مدخلات صهيونية ومعادية للصهيونية، ورئيس بلدية يافا الدكتور يوسف هيكل من دون أي تمثيل للسكان المحليين لفلسطين أذن بالإفراج عن الإعلان النهائي بحلول 31 أكتوبر، وكان لمناقشات مجلس الوزراء هذه فوائد بإطلاق بروباجاندا بين أوساط اليهود حول العالم لنية الحلفاء في الحرب.

ومثلت الكلمات الأولى في نص الوعد، أول تعبير عام عن دعم قوة سياسية كبيرة للصهيونية. لم يكن لمصطلح «وطن قومي» أي سابقة في القانون الدولي، وقد أُورد المصطلح غامضا عمدا دون الإشارة إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين.

كما لم يتم تحديد حدود فلسطين المعنية، وأكدت الحكومة البريطانية أن عبارة «في فلسطين» تشير إلى أن الوطني القومي اليهودي المشار إليه لم يقصد أن يغطي كل فلسطين بل وأضيف الجزء الثاني من الوعد لإرضاء المعارضين لهذه السياسة، ممن ادّعوا أن هذا الإعلان سيضر بوضع السكان المحليين لفلسطين وسيشجع معاداة السامية الموجهة ضد اليهود في جميع أنحاء العالم.

ودعا الإعلان إلى حماية الحقوق المدنية والدينية للعرب الفلسطينيين، والذين كانوا يشكلون الأغلبية العظمى من السكان المحليين لفلسطين آنذاك واعترفت الحكومة البريطانية عام 1939 أنه كان من المفترض أخذ آراء السكان المحليين بعين الاعتبار، واعترفت عام 2017 بأنه كان ينبغي أن يدعو الإعلان لحماية الحقوق السياسية للعرب الفلسطينيين في ردها على الحملة الدولية أطلقها مركز العودة الفلسطيني في لندن لمطالبة الحكومة البريطانية الاعتذار عن وعد بلفور.

كان لهذا الوعد آثار طويلة الأمد كثيرة فقد زاد هذا الوعد من الدعم الشعبي للصهيونية في أوساط المجتمعات اليهودية في أنحاء العالم، وقاد إلى قيام فلسطين الانتدابية، وهو المصطلح الذي يشير حاليا إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية.

ونتيجة لذلك فقد تسبب هذا الوعد بقيام الصراع العربي الإسرائيلي، الذي يشار إليه غالبا بأكثر صراعات العالم تعقيدا حاليا ولا يزال الجدال فيما يخص الوعد قائما في كثير من النواحي.

الموقف الفلسطيني من إعلان بلفور

لم يستسلم الشعب الفلسطيني للوعود الكاذبة القادمة من بريطانيا والوقائع العملية التي بدأت تفرض على الأرض من قبل الحركة الصهيونية، بل خاض الشعب الفلسطيني ثورات متلاحقة، كانت أولها ثورة البراق عام 1929، لتأتي من بعدها ثورة 1936.

واتخذ اليهود هذا الوعد مستندا قانونيا لتدعم به مطالبها المتمثلة في إقامة الدولة اليهودية في فلسطين، وتحقيق حلم اليهود الأبدي وهو الحصول على تعهد من إحدى الدول الكبرى بإقامة وطن قومي لهم، يجمع شتاتهم بما ينسجم وتوجهات اليهود داخل فلسطين، وبعد انتقالهم من مرحلة التنظير لأفكارها إلى حيز التنفيذ في أعقاب المؤتمر الصهيوني الأول، الذي عقد في مدينة بازل بسويسرا عام 1897، والذي أقر على أن البرنامج الصهيوني يكافح من أجل إنشاء وطن للشعب اليهودي في فلسطين.

اقرأ أيضاًاستشهاد 6 فلسطينيين وإصابة آخرين جراء قصف قوات الاحتلال لمخيم البريج

ذكرى وعد بلفور المشؤوم.. البرلمان العربي يطالب بالاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس

مصدر أمني: اتصالات مصرية مكثفة لحث الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: فلسطين بريطانيا اسرائيل اليهود وعد بلفور الشغب الفلسطيني الحکومة البریطانیة هذا الوعد وعد بلفور فی فلسطین وطن قومی عام 1917

إقرأ أيضاً:

كاتب صحفي: بعد إتمام هدنة غزة كل أحداث المنطقة تأتي تحت شعار الحرب النفسية

قال الكاتب الصحفي محمد مصطفى أبو شامة، إنه بعد إتمام صفقة الهدنة كل ما يجري في المنطقة يأتي تحت شعار الحرب النفسية بين كل الأطراف الفاعلة، لافتًا إلى أن هناك صورة سببت صدمة نفسية لبنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي وهي صورة مئات الآلاف العائدين إلى شمال غزة. 

وأضاف خلال مداخلة مع الإعلامي أسامة كمال، ببرنامج «مساء dmc»، المذاع على فضائية «dmc»، أن مسألة نشر صورة الرئيس السيسي مع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ذات دلالات كثيرة، فهي تحتمل تأويلات مختلفة، فصحيفة «جيروزاليم بوست» هي صحيفة ناطقة بالإنجليزية وتأسست في العقد الثالث من القرن العشرين، وهي صحيفة يمينية تعبر عن أجهزة الدولة والمخابرات الإسرائيلية.

وأشار الكاتب الصحفي، إلى أن الصورة لم تنشر سهوًا وهي تحريض واضح وتذكير بأن مصر كانت على الحياد في الحرب الإسرائيلية الأمريكية على إيران، وتعلم علم اليقين بأن مسألة إيران بالنسبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب مهمة في الشرق الأوسط وفارقة حول ما يجري في المنطقة، والمغزى البعيد لنشر الصورة، ربما يكون له علاقة بوفاة رئيسي التي ما زالت حتى الآن لغزًا ولم تحسم طبيعة الوفاة حتى الآن.

وتابع: «وأعلنت إيران أن الوفاة كانت بسبب خطأ تقني في الطائرة التي كان يستقلها إبراهيم رئيسي، ونشر صورة بهذه الطريقة ربما يكون بها رد على الموقف المصري الراسخ في المنطقة، ومما لا شك فيه أن هناك حملة ممنهجة للتقليل من الدور المصري، وهناك توجيه للرأي العام الإسرائيلي بأن الحل في غزة هو تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وهو ما ترفضه الدولة المصرية».

مقالات مشابهة

  • كاتب صحفي: بعد إتمام هدنة غزة كل أحداث المنطقة تأتي تحت شعار الحرب النفسية
  • الابيض جال في المستشفى التركي في صيدا: نفذت الوعد بتشغيله
  • 3 و5 سنوات حبسا للمتورطين بإنشاء “موقع إلكتروني” يقدم عروض لعقود عمل أجنبية “وفيزا”
  • لبنان.. احتلال بستار الهدنة
  • ترمب يعلن الحرب على دعم فلسطين داخل المؤسسات التعليمية
  • ترامب يعلن الحرب على دعم فلسطين داخل المؤسسات التعليمية
  • البخيتي: استقرار المنطقة مرهون بالتزام الكيان الصهيوني بوقف إطلاق النار في فلسطين ولبنان
  • وعدُ بلفور جديد من ترامب بغزةَ والضفة
  • أبو الغيط يؤكد استقرار المنطقة العربية مشروطا بمعالجة أزمات فلسطين والسودان وليبيا
  • سوريون يتظاهرون في القنيطرة مطالبين بانسحاب إسرائيل