غزاويون فوق أنقاض المساجد يصلّون
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
على قطعة حجر من أنقاض مسجد مدمر جزئيًا في مدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، جلس الإمام الشيخ عز الدين الفرا، 43 عامًا، يلقي عظة في المصلين بعد أن فرغوا من أداء صلاة العشاء، يحثهم على الاستمرار في الصلاة بالمساجد حتى لو كانت ركامًا، مذكرًا إياهم بوعيد الله لمن يقصفون ويدمرون مساجد المسلمين.
يتلو الشيخ عز الدين على مسامع جمهور المصلين في مسجد خالد بن الوليد، غربي خان يونس، الآية 114 من سورة البقرة: «ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم».
وفي شرحه للآية الكريمة يوضح الإمام بوزارة الأوقاف الفلسطينية أن الاحتلال (الصهاينة) ينطبق عليه وعيد الله في تلك الآية، فهو الطرف الأكثر ظلمًا وكفرًا وعتوًا، الذي شن الغارات الجوية، ودمر مساجد المسلمين في قطاع غزة.
وبيّن الشيخ أن الاحتلال يسعى في خراب المساجد، لذلك كتب الله عليهم ألا يدخلوها إلا خائفين من أن يتعرضوا للقتل على يد المسلمين المظلومين، سواء في غزة أو في الضفة الغربية، حيث تقع مدينة القدس والمسجد الأقصى.
ويتابع الشرح: «(لهم في الدنيا خزي) أي عذاب وهوان، وبكل تأكيد سيزول احتلالهم عن الأراضي الفلسطينية العربية وتحكمهم في مقدسات المسلمين، كما أن الله سيحرقهم بالنار يوم القيامة عقابًا لهم على إحراقهم وقصفهم مساجد المسلمين، فـ(لهم في الآخرة عذاب عظيم) أي عذاب في الآخرة، أعظم وأشد مما فعلوه في بيوت الله في تلك الحياة الدنيا».
وخلال الدرس أشار الخطيب المفوه إلى العداوة القديمة بين المسلمين واليهود، بقوله: «عداء اليهود للمسلمين ليس جديدًا، فمنذ بدء الرسالة المحمدية واليهود يحاربون المسلمين، ويسعون إلى هدم دور عبادتهم، في الوقت الذي تنهى فيه أخلاق الإسلام عن هدم دور العبادة أيًا كانت الطقوس الدينية التي تُمارس فيها».
ويؤكد الداعية الفلسطيني أن العدوان الإسرائيلي المستمر منذ عام و18 يومًا لم يترك شيئًا سليمًا في قطاع غزة.
ويقول لـ«$» خلال حديثه: «في كل مسجد أو دار عبادة أو بيت آمن أو منشأة خاصة وعامة نجد دليلًا على جرائم الاحتلال، الذي يرتكب المجازر تلو المجازر، يقتل البشر ويدمر الحجر والشجر».
وعلل ذلك «برغبة الكيان الصهيوني في كسر عزيمة الشعب الفلسطيني الصامد على أرضه»، ولكن «هيهات فنحن سنبقى هنا، نرفع الأذان ونصلي على أنقاض مساجدنا».
ويوضح أن صمود الفلسطينيين على أرضهم في قطاع غزة والضفة الغربية وكل شبر من أراضي فلسطين الحبيبة، مدفوع بـ«قوة العقيدة والإيمان، والتي سعى العدو جاهدًا إلى محوها عن أرضنا، لكن كيف له أن يفعل ذلك، والعقيدة الدينية والهوية الفلسطينية والعربية راسخة في قلوبنا كأشجار الزيتون ضاربة بجذورها في هذه الأرض منذ مئات السنين».
ويشدد الشيخ الأربعيني، منطلقًا من ثوابت العقيدة ومن ثقته في المقاومة الفلسطينية، على «أن الأرض التي يقف عليها هي أرض الفلسطينيين، والأقصى هو بيت الله للمسلمين، وأن العدو الصهيوني سيندحر قريبًا عن هذه الأرض». ويضيف: «سنحرر الأرض ونحطم القيد، ونطرد الصهاينة الفاشيين، فلا مكان لهم هنا».
ويشير إمام جامع خالد بن الوليد إلى تخوف بعض الغزيين من ارتياد المساجد مع قصف الاحتلال لها، في بداية حرب السابع من أكتوبر، وسط انشغالهم بالنزوح، ودفن الموتى وتطييب الجرحى، لكنهم «سرعان ما استجمعوا قواهم وأعادوا إعمار المساجد من جديد، وأقاموا شعيرة الله -سبحانه وتعالى- في بيته، حتى لو كان المسجد متضررًا جزئيًا أو كليًا».
وفي ختام عظته، بيّن إمام الأوقاف الفلسطينية، أنه بعد مضي عام على العدوان، الذي دمر كل المساجد في قطاع غزة، تم استكمال حلقات تحفيظ القرآن في كثير من المساجد المهدومة جزئيًا، بالإضافة إلى نصب خيام على مساحات كبيرة من الأرض في بعض مناطق غزة، التي دُمرت فيها المساجد كلية، من أجل استئناف عبادة الله -سبحانه وتعالى. ويعقب:سنعيد بناء المساجد، ويختم بقوله: «سنشيد هذا الوطن من جديد، وسينعم شعبنا وأناسنا -بإذن الله- بكل خير.. بكل خير».
ثم تلقى الشيخ عز الدين بعض الأسئلة من الحضور، وبينها سؤال كان من الأهمية بمكان: «لماذا استهدف العدو الصهيوني كل المساجد في قطاع غزة لدرجة أنه لم يعد هناك مسجد في القطاع لم يخل من ضرر جزئي أو كلي؟»، ليجيب الشيخ العالم بنوايا الصهيونية الخبيثة: «العدو يعلم تمام العلم أن المساجد هي؛ قبلة المسلمين، فيها تُقام الشعائر،ويُصنع الرجال الأبطال».
ويوضح أن «المقاومين، الذين يحملون السلاح الآن ضد الاحتلال، تعلموا الإسلام والإيمان في المساجد، ووجوب قتال الكافرين الذين يقاتلونهم، لذا يعمد الاحتلال دائمًا مع كل عدوان إلى استهداف المساجد، التي تُسرد فيها آيات القرآن الكريم، وتُدرّس فيها العقيدة الإسلامية الصلبة القوية الداعية إلى الوحدة والترابط واستمرار السعي وحمل السلاح في وجه الظلم والبهتان».
وبعد انتهاء الإمام من عظته سألناه عما أصاب المسجد المسمى على اسم الصحابي الجليل خالد بن الوليد، فأوضح أن المسجد تعرض لغارة جوية إسرائيليةٍ أدت إلى هدم أجزاء كبيرة منه، وتدمير بنيته التحتية من مياه وكهرباء.
ويستدرك: «لكننا سنصلي هنا في الجزء السليم منه دون إنارة أو مكيف أو أي شيء، لن يمنعنا شيء عن الصلاة»، مشيرًا إلى ساحة صغيرة مساحتها 50 مترًا مربعًا، نجت من العدوان.
وكان بين جموع المصلين شاب يرتدي زي الأزهر الشريف، العمامة والكاكولة والجبة والجلباب، يبدو أنه من أهل المنطقة، ويعرف جيدًا ما حل بمسجد خالد بن الوليد إبان العدوان الصهيوني على قطاع غزة.
يؤكد الشاب الأزهري، عبدالخالق الغف، تعرض مسجد خالد بن الوليد، وسط خان يونس، للقصف من قبل المقاتلات الحربية للاحتلال، مطلع عام 2024، عندما ألقت طائرات جيش الاحتلال منشورات، تطالب بضرورة إخلاء المنطقة المحيطة بالمسجد.
ويضيف خلال حديثه: «بالفعل أخلينا المكان، حيث كنا نظن أن الطيران الحربي الإسرائيلي سيستهدف منزلًا أو أكثر في المنطقة، لكن بعد دقائق من أمر الاحتلال، وبعدما قطعنا عدة أمتار بعيدة عن منازلنا، فوجئنا بقصف المسجد مباشرة، وتضرر العديد من المنازل المجاورة له».
يستنكر الطالب بجامعة الأزهر في غزة، استهداف الاحتلال دور العبادة، بما فيها المساجد، بتلك الطريقة الوحشية، رغم أن «القوانين الدولية، التي كتبها وفعّلها الاستعمار بعد الحرب العالمية الثانية، تنص على استثناء دور العبادة في أراضي النزاع من الاستهداف، لأن من يرتادون تلك الأماكن الروحانية ليسوا مسلحين، بل أشخاصًا يتوقون للعبادة والتواصل مع الله».
ويشير الشاب النازح الآن في خيمة على مقربة من محل إقامته في خان يونس، إلى استهداف مسجد خالد بن الوليد بعد عام واحد فقط على بنائه وتشييده بجهود متبرعين من فاعلي الخير من سلطنة عُمان.
ويضيف: «خلال رحلة نزوحي من خان يونس إلى مدينة رفح ثم العودة إلى مدينتي مجددًا، لم أر مسجدًا سليمًا، كل المساجد دمرها الاحتلال، لكنني أؤكد للاحتلال أن مساجدنا لن تُقفل، ونحن سنذهب للصلاة وسط الدمار».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مسجد خالد بن الولید فی قطاع غزة خان یونس لهم فی
إقرأ أيضاً:
ضيوف برنامج الملك سلمان للعمرة يزورون مسجد قباء ويشيدون بالتوسعة التاريخية
زار ضيوف الدفعة الأولى من برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة الذي تنفذه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد لعام 1446هـ، مسجد قباء في المدينة المنورة، واطلعوا على أعمال التوسعة الجارية في المسجد حاليا، وذلك ضمن البرنامج الديني للضيوف خلال إقامتهم في مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قبل الانتقال إلى مكة المكرمة لأداء مناسك العمرة.
وأدى الضيوف لدى وصولهم إلى مسجد قباء ركعتين تأسيا بالنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، كما جالوا في مرافقه، وشاهدوا التوسعات الجديدة المحيطة بالمسجد الذي أسسه الرسول - صلى الله عليه وسلم - واختطه بيده عندما وصل إلى المدينة المنورة مُهاجرا إليها من مكة المكرمة.
أخبار متعلقة ”الزراعة“: الترقيم الإلكتروني للإبل يعزز الشفافية في البيع والشراءشاهد| أمطار متوسطة ورياح على محافظة جدةوأبدى الضيوف إعجابهم بمسجد قباء، وتعرفوا على فضله وقيمته الدينية والتاريخية في الإسلام، معتبرين أنه جزء من تاريخ الأمة ومصدر فخرها واعتزازها.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } ضيوف برنامج الملك سلمان للعمرة يزورون مسجد قباء ويشيدون بالتوسعة التاريخية ضيوف برنامج الملك سلمان للعمرة يزورون مسجد قباء ويشيدون بالتوسعة التاريخية var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });توسعة مسجد قباء
أشاد ضيوف البرنامج بحجم التوسعة الجارية في مسجد قباء وساحاته في إطار مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لتوسعة مسجد قباء وتطوير المنطقة المُحيطة به.
وقال عبدالله سان من دولة تايوان، أن للمسجد مكانة عالية في نفوس كل المسلمين فهو أول مسجد بني في الإسلام وهو شاهد على العصر الإسلامي منذ بدايته، كما امتزجت فيه حضارات فن العمارة الإسلامية على مر العصور، وهذا يجعل توسعته محل تقدير واعتزاز للمسلمين أجمعين.
فيما قال المعتمر نصرالدين إبراهيم من دولة الفلبين إن تزايد عدد المعتمرين والزائرين يظهر مدى أهمية هذه التوسعة لاستيعاب أكبر عدد من المصلين في أوقات المواسم.
كما رفع المعتمر ماش يوي من دولة فيتنام الشكر والتقدير لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظهم الله ـ على اهتمامهم غير المحدود بعمارة الحرمين الشريفين والأماكن الدينية والتاريخية في مكة المكرمة والمدينة المنورة سائلا الله عز وجل أن يجزيهم عن المسلمين خير الجزاء.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } ضيوف برنامج الملك سلمان للعمرة يزورون مسجد قباء ويشيدون بالتوسعة التاريخية ضيوف برنامج الملك سلمان للعمرة يزورون مسجد قباء ويشيدون بالتوسعة التاريخية var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });أكبر توسعة
وفي رمضان من عام 1443هـ أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظه الله – عن إطلاق أكبر توسعة في تاريخ مسجد قباء ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030، وتطوير المنطقة المُحيطة به، ووجّه - حفظه الله - بتسمية المشروع باسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - أيّده الله -.
ويهدف مشروع الملك سلمان لتوسعة مسجد قباء وتطوير المنطقة المُحيطة به، إلى رفع المساحة الإجمالية للمسجد لـ 50 ألف متر مُربع بواقع 10 أضعاف مساحته السابقة، وبطاقة استيعابية تصل إلى 66 ألف مُصلٍ، إذ يُعد المشروع أكبر توسعة في تاريخ مسجد قباء مُنذ إنشائه في السنة الأولى من الهجرة.
وتأتي زيارة مسجد قباء ضمن برنامج أعدته وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد المنفذة لبرنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة، لتمكين الضيوف من زيارة المواقع الدينية، والتاريخية في المدينة المنورة.