هل اقتربت إسرائيل وإيران من الحرب الشاملة؟
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
لا يزال الشرق الأوسط في حالة من عدم اليقين المتقلب بعد تبادل الصواريخ الأخير بين إسرائيل وإيران. ففي نهاية الأسبوع الماضي، دمرت إسرائيل جزءاً كبيراً من نظام الدفاع الجوي الإيراني، فضلاً عن مصنع صواريخ إيراني كبير. وهذا الأسبوع، هدد اثنان من كبار المسؤولين الإيرانيين بمواصلة دورة الانتقام.
وقال الجنرال علي فدوي، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، وفقاً لوسائل الإعلام الإيرانية: "لم نترك أي عدوان من دون رد منذ 40 عاماً".
وبحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" فقد أدت هجمات حماس والغزو الإسرائيلي لغزة والحرب الآخذة في الاتساع بين إسرائيل وإيران والجماعات المسلحة المدعومة منها إلى زعزعة توازن القوى في الشرق الأوسط، وحالة من عدم اليقين الذي يهدد بالتحول إلى حرب شاملة.
وحتى مع محادثات السلام ذات المسار المزدوج الجارية الآن لحل النزاعات بين إسرائيل وحماس في غزة، وبين إسرائيل وحزب الله في لبنان، فإن المنطقة بعيدة عن الاستقرار. أضف إلى ذلك حالة عدم اليقين بشأن نتيجة الانتخابات الأمريكية الأسبوع المقبل، ويبدو أن احتمال إعادة التوازن بعيد المنال.
الصحيفة تحدثت إلى خبراء في العلاقات الدولية حول كيفية رؤيتهم للوضع، وماذا يتوقعون في الأسابيع والأشهر المقبلة.
Israel’s attacks on Iran early Saturday destroyed air-defense systems set up to protect several critical oil and petrochemical refineries, as well as systems guarding a large gas field and a major port in southern Iran. https://t.co/Xda5LTXMIk via @NYTimes
— Mark Dubowitz (@mdubowitz) October 27, 2024 حرب الظل وبحسب المحللين، كانت إسرائيل وإيران في حالة توازن مستقر، ولكن عنيف في بعض الأحيان، إذ كان البلدان منخرطين في ما يرقى إلى حرب الظل، لكن أياً منهما لم يرغب في صراع شامل. وكان لكل جانب القدرة على إيذاء الآخر، والاهتمام الكافي بتجنب هذا الضرر، للحفاظ على توازن تقريبي للردع المتبادل.كان لدى إسرائيل جيش أقوى ودعم حليف أقوى، وهو الولايات المتحدة، بينما طورت إيران مجموعة من الميليشيات بالوكالة التي حاصرت إسرائيل، وقالت إن أي هجوم على أراضيها سيواجه انتقاماً مدمراً.
بدأ هذا التوازن في الانهيار بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، عندما هاجم مسلحون من حماس، إسرائيل، وذبحوا المدنيين وأخذوا حوالي 250 رهينة. ومن الواضح أن حماس كانت تأمل أن يكون هجومها هذا بمثابة بداية لحرب أوسع ضد إسرائيل.
بعد ذلك أطلق حزب الله صواريخه على إسرائيل دعماً لحماس، لكن كلاً من إيران وحزب الله أشارا إلى أنهما لا يريدان التصعيد. أما إسرائيل، من جانبها، انخرطت في حرب عنيفة ضد حماس في غزة، لكنها تجنبت في البداية التصعيد مع إيران أو حزب الله.
وفي الأشهر الأخيرة، بدأ التوازن في التفكك.
The news agency @AP has published high-resolution images of the Shahroud missile site, revealing significant damage to the blue-roofed shed, likely used for molding solid fuel in the booster. However, flames are not visible in the image. South of this shed, around certain… pic.twitter.com/FwspUtxa5Q
— OSINT WWIII (@OsintWWIII) October 30, 2024 في أبريل (نيسان)، تبادلت إسرائيل وإيران الضربات المباشرة على أراضي بعضهما البعض في أعقاب غارة جوية إسرائيلية على القنصلية الإيرانية في سوريا.وفي منتصف سبتمبر (أيلول)، صعدت إسرائيل بشدة من أعمالها ضد حزب الله بحملة قصف عنيفة في لبنان إلى جانب هجمات مستهدفة قتلت الكثير من القيادة العليا لحزب الله، قبل شن توغل بري في الأول من أكتوبر (تشرين الأول).
وفي ذلك الوقت، أطلقت إيران أكثر من 180 صاروخاً باليستياً على الأراضي الإسرائيلية، وهو تصعيد كبير في الأعمال العدائية المباشرة.
ويوم السبت، قدمت إسرائيل ردها الذي طال انتظاره على الهجوم الإيراني، وكان سلسلة من الغارات الجوية التي دمرت الكثير من نظام الدفاع الجوي الإيراني. الاستقرار الاستراتيجي ليس هناك شك في أن إسرائيل في وضع استراتيجي أفضل اليوم مما كانت عليه قبل هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول). على الرغم من أنها تركت ندوباً عميقة على نفسية البلاد. كما تم إضعاف "محور المقاومة" الإيراني بما في ذلك حزب الله في لبنان وحماس في قطاع غزة والمتمردين الحوثيين في اليمن بشكل كبير.
Hamas made it clear to the mediators that its representatives would not participate in the talks on Thursday, but said they would be willing to meet with the mediators afterwards to get an update and see if Israel presented a serious and practical proposal for a deal, per source https://t.co/BEU9A8qDzF
— Barak Ravid (@BarakRavid) August 14, 2024 وتقول الحصيفة إنه على الرغم من استمرار وجود حماس، إلا أنه تم تعطيلها بطرق مختلفة، كما تم قطع رأس قيادة حزب الله بالكامل، وألحق الإسرائيليون الكثير من الضرر به.كما أن الهجوم الإسرائيلي على إيران في أكتوبر (تشرين الأول)، قد ألحق أضراراً بالغة بالدفاعات الجوية الإيرانية، مما أعاق قدرة إيران على الدفاع عن نفسها ضد الضربات المستقبلية.
وتشير الصحيفة إلى أن هناك طريقتان أساسيتان لتحقيق "الاستقرار الاستراتيجي"، وفقاً لدانيال سوبلمان، الأستاذ في الجامعة العبرية في القدس ومؤلف كتاب بعنوان "محور المقاومة: الردع غير المتماثل وقواعد اللعبة في صراعات الشرق الأوسط المعاصرة".
ويوضح الخبير أن الطريقة الأولى هي الهيمنة، حيث يهزم أحد الطرفين الآخر بشكل حاسم بحيث يمكنه فرض إرادته. هكذا انتهت الحرب العالمية الثانية، على سبيل المثال، بهزيمة الحلفاء لقوى المحور. والأمر الآخر هو التوازن، حيث يوجد توازن متماثل نسبياً للقوى، بحيث يتم ردع جميع الأطراف عن التصعيد. وهذا يصف تقريباً الشرق الأوسط قبل هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول).
أما الميزة الجديدة لإسرائيل، وهي أنها دمرت الكثير من دفاعات إيران، رغم أهميتها، لا ترقى إلى مستوى النصر المطلوب لهيمنة مستقرة، بحسب سوبلمان.
????#BREAKING: Another Huge explosion in southern Beirut pic.twitter.com/Mm6tUS8x5E
— World Source News 24/7 (@Worldsource24) October 26, 2024 خطوط حمراء جديدةوقال سوبلمان إن توازناً جديداً "سيتحقق من خلال الإرهاق المتبادل ومن خلال الجمود... يجب أن يكون الطرفان قادرين على موازنة بعضهما البعض، حتى ينظر إليهما كقوة لا يستهان بها".
في الأسابيع التي سبقت الضربة المضادة لإسرائيل، ضغط دبلوماسيون أمريكيون على إسرائيل لعدم ضرب المنشآت النووية أو النفطية الإيرانية. وأجرى دبلوماسيون إيرانيون محادثات رفيعة المستوى مع دول من المنطقة.
وقال سوبلمان: "ما رأيناه خلال الأسابيع القليلة الماضية هو أن إسرائيل وإيران والولايات المتحدة كانت تتفاوض نوعاً ما حول ما يمكن اعتباره مقبولاً، وما يمكن اعتباره انتهاكاً فاضحاً للخط الأحمر الإيراني".
وأضافت إيما أشفورد، الزميلة الأولى في مركز ستيمسون، وهو معهد أبحاث غير حزبي يدرس السلام والأمن: "لقد انتقلنا إلى مستوى أعلى من التصعيد بين الإسرائيليين والإيرانيين".
وثمة عامل رئيسي آخر في عدم اليقين وهو علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة، وكيف يمكن أن تؤثر نتائج انتخابات الأسبوع المقبل على الديناميات المعقدة للشرق الأوسط.
تقول أشفورد "في هذه المرحلة، أظن أن التوازن في الشرق الأوسط هو في الواقع في مكان ما في ولاية بنسلفانيا، أو على الأقل في ولاية متأرجحة أخرى..".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإيراني لغزة حزب الله إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل عام على حرب غزة السنوار إسرائیل وإیران الشرق الأوسط تشرین الأول بین إسرائیل عدم الیقین الکثیر من حزب الله
إقرأ أيضاً:
كيف سيخرج لبنان من الحرب مع إسرائيل؟
واقع قاتم يعيشه لبنان مع تحوله إلى نقطة محورية لحرب بالوكالة بين إسرائيل وإيران، يلعب فيها حزب الله دوراً مركزياً. وتعكس الدعوة العلنية التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، للمواطنين اللبنانيين لتحدي حزب الله المخاطر العالية المترتبة على هذا الصراع المتصاعد، وفق مديرة مركز مالكولم كير في كارنيغي الشرق الأوسط، مهى يحيى.
يواصل جيل أصغر من القادة، مدفوعاً بالحماسة الإيديولوجية، دعم طموحات حزب الله الإقليمية
وتضيف في مقالها المطول بموقع مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية: على النقيض من ذلك، فإن تورط إيران المتزايد من خلال حزب الله يؤكد طموحاتها الإقليمية الأوسع نطاقاً. وفي خضم هذا الشد والجذب، يعاني لبنان بشكل كبير، سواء كساحة معركة أو كرمز لمنافسات أيديولوجية واستراتيجية أكبر في الشرق الأوسط. الأزمات التي تشل الحياة في لبنانويذكر أنه قبل وقت طويل من اندلاع أعمال العنف الأخيرة، كان لبنان يعاني بالفعل من أزمات متشابكة، على رأسها الانهيار الاقتصادي، حيث أدى الانهيار المالي في لبنان إلى تقليص الطبقة المتوسطة، مما دفع معدلات الفقر من 12% في عام 2012 إلى ما يقدر بنحو 44% بحلول عام 2022.
ويواجه لبنان، الذي يعد بالفعل أحد أكثر بلدان العالم مديونية، دماراً اقتصادياً جديداً، حيث يتنبأ البنك الدولي بأن يؤدي الصراع المستمر إلى خسائر اقتصادية مباشرة تبلغ 8.5 مليار دولار. كما حدث عجز في القطاع الزراعي، الذي يساهم بشكل كبير في الدخول الريفية، بسبب العنف الدائر.
Israeli strikes pounded parts of Beirut's southern suburbs on Tuesday, a day after eight people were killed, according to the authorities. Strikes from Lebanon killed two people in northern Israel on Tuesday, the Israeli authorities said. https://t.co/0Wbhye436Z pic.twitter.com/UGwZzoDzN4
— The New York Times (@nytimes) November 12, 2024ويعاني لبنان أيضاً من جمود سياسي؛ فقد أدى فشل لبنان الطويل الأمد في انتخاب رئيس إلى جعل حكومته غير قادرة على اتخاذ إجراءات حاسمة، كما تعمل الانقسامات الطائفية العميقة بين النخبة الحاكمة على إدامة الخلل الوظيفي.
كما يعاني النسيج الاجتماعي في لبنان من انقسام شديد، وتفاقمت الانقسامات الطائفية بعد استهداف القوات الإسرائيلية معاقل حزب الله في المناطق ذات الأغلبية الشيعية؛ فالبعض يرى أن حزب الله يدافع عن لبنان والبعض الآخر يتشكك في ذلك ويطالب بنزع سلاحه والانخراط في العملية السياسية فحسب؛ ويؤدي هذا التفاوت في الآراء إلى تعميق الاستياء وتأجيج المظالم القائمة بين الطوائف الدينية في لبنان.
وتناولت الكاتبة الخسائر البشرية الناجمة عن الحرب جنوب لبنان ووصفتها بالصادمة. على صعيد الخسائر البشرية، فقد أكثر من 3481 شخصاً حياتهم، وأصيب 14786 شخصاً، وتشرد 1.2 مليون شخص، وهو ما يرسم صورة قاتمة للدمار الذي حل بلبنان. ويعيش أغلب النازحين في ظروف مزرية، مع مأوى غير ملائم ومساعدات إنسانية غير كافية.
وبالنسبة للبنية الأساسية، دمرت الحملة العسكرية الإسرائيلية المكثفة البلدات والمدن في جنوب لبنان، حيث أفادت تقارير باستخدام قذائف الفوسفور الأبيض التي لا تدمر الأرواح والمنازل فحسب، بل تخلق أيضاً مخاطر بيئية تهدد جهود التعافي على المدى الطويل.
The proxy war between Iran and Israel has come to Lebanon “at perhaps the worst possible moment,” writes @mahamyahya. To prevent a new era of conflict and unrest, Lebanon’s political parties must act quickly to stabilize their country’s institutions. https://t.co/Ti1LyE5FG8
— Foreign Affairs (@ForeignAffairs) November 21, 2024أما من ناحية التأثير الاقتصادي على العمالة والناتج المحلي الإجمالي، فَقَدَ أكثر من 166 ألف شخص وظائفهم، ومن المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي في لبنان بنسبة 9%. وتواجه البلاد مستقبلاً اقتصادياً قاتماً مع شلل السياحة والزراعة والصناعات المصرفية.
حالة حزب الله وخلّفت الحرب خسائر فادحة في حزب الله، سواء على المستوى المادي أو السياسي. ودمرت العمليات العسكرية الإسرائيلية 80% من ترسانة حزب الله بالقرب من الحدود الجنوبية، في حين قُتل كبار القادة، بمن فيهم الأمين العام حسن نصر الله.وعدّت الكاتبة هذه التطورات تحولاً حاسماً في القدرات العملياتية لحزب الله. ومع ذلك، ورغم هذه الخسائر، ما يزال حزب الله يتمتع بنفوذه، مع تدخل إيران لإعادة تنظيم صفوفه. ويواصل جيل أصغر من القادة، مدفوعاً بالحماسة الإيديولوجية، دعم طموحات حزب الله الإقليمية.
خطوات نحو الاستقرار: الحوار والإصلاح
وقالت الكاتبة إن تعافي لبنان يتوقف على تضافر الجهود لمعالجة قضاياه العميقة الجذور؛ فالحوار الوطني، الذي يشمل جميع الفصائل، أمر ضروري. وتشمل الأولويات الرئيسية: أولاً: استراتيجية الدفاع الوطني؛ فتنفيذ اتفاق الطائف وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بدمج قوات حزب الله في القوات المسلحة اللبنانية أمر بالغ الأهمية لتعزيز سيطرة الدولة.
ثانياً: القيادة السياسية؛ فانتخاب رئيس وتشكيل حكومة طوارئ سيمهد الطريق للإصلاحات المؤسسية والتعافي الاقتصادي.
ثالثاً: التماسك الاجتماعي؛ فإعادة بناء الثقة بين المجتمعات اللبنانية؛ أمر حيوي لتجنب المزيد من الصراعات الطائفية واستعادة الاستقرار.
دور المجتمع الدوليوأضافت الكاتبة أن الدعم الخارجي أمر بالغ الأهمية لبقاء لبنان، وأكدت الكاتبة ضرورة توسط المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار بالضغط على إسرائيل لوقف حملتها العسكرية في لبنان مع إشراك إيران دبلوماسياً للحد من عمليات حزب الله؛ وتعزيز مؤسسات الدولة عن طريق تمكين الجيش اللبناني عبر المساعدات العسكرية للعمل كقوة موحدة، والحد من نفوذ حزب الله؛ والمساهمة في جهود إعادة الإعمار لإعادة بناء البنية التحتية المدمرة في لبنان بالشفافية والمساءلة لضمان الاستخدام الفعال.
مخاطر عدم الاستقرار ومضت الكاتبة بالقول: إذا استمر الصراع، فإن لبنان يخاطر بالانزلاق إلى مزيد من الفوضى. وقد ينهار التوازن الدقيق بين مجموعاته الطائفية، مما يؤدي إلى إبطال عقود من التعايش الهش. وقد تستغل القوى الإقليمية، بما في ذلك إيران وإسرائيل، عدم استقرار لبنان لتحقيق أجنداتها، وتحويل البلاد إلى ساحة معركة طويلة الأمد.من هنا، تؤكد الكاتبة الحاجة الملحة للإصلاح والمصالحة في لبنان. فبدون اتخاذ إجراءات حاسمة في هذا الصدد، ستواجه البلاد مستقبلاً غير مؤكد، مشوهاً بالدمار الاقتصادي والخلل السياسي، مع احتمال تجدد الاضطرابات المدنية.
وشددت الكاتبة على أن الجهد التعاوني الذي يشمل القادة اللبنانيين والمجتمع الدولي هو السبيل الوحيد للبنان نحو الاستقرار والتعافي.