"بريكس".. حديث الإعلام العالمي
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
صالح بن أحمد البادي
انتهت قمة بريكس وأصدرت قرارتها المهمة، وقد حضر افتتاح القمة 24 من رؤساء الدول والحكومات، وغاب عن القمة الرئيس البرازيلي بسبب إصابته بالرأس إثر سقوطه بمنزله وحضر نيابة عنه وزير خارجيته.
قمة مجموعة "بريكس" أو "بريكس بلس" مُهمة جدا، ورغم أن السعودية لم تؤكد عضويتها بعد وبحضور أعضاء يحضرون لأول مرة هي الإمارات ومصر وإثيوبيا وإيران، يبدو جلياً أن بريكس ستُحسِّن من شروط العضوية بهذا التجمع العالمي، لبناء عضويات ذات جودة عالية تتوافق مع اقتصاديات دولها من حيث الحجم، وكذلك من حيث التنوع والاستدامة والنمو.
ما يهم مع حجم الاقتصاد هو النمو الأعلى والمستدام؛ لأن أحد الأهداف المتوقعة هو تحفيز التجارة والميزان التجاري بين هذه الدول على المستوى المتوسط وتحفيز عملة موحدة كذلك على المدى المتوسط والطويل ليس من حيث وجود عملة بريكس فمن الواضح أنها ملف هام ومقرر ولكن من حيث أثر العملة على الاقتصاديات الأعضاء والعالم وأيضًا وجود نظام ينافس سويفت المنتشر بالعالم كنظام التحويلات الأوحد.
بريكس النامية بشكل محفز، ظهر جليا أن دولها من بين الأسرع نموا اقتصاديا في العالم؛ حيث تشكل بريكس 45% من سكان العالم، فيما تمثل الصادرات وتبادلها التجاري ما يقترب من ربع حجم الصادرات بالعالم. وتأسست بريكس عام 2006 باسم بريك من 4 دول هي: البرازيل وروسيا والهند والصين، وعقدت أول اجتماع لها في 2009، وفي 2010، انضمت جنوب أفريقيا لتشكل ما يطلق عليه "بريكس"، وبعدها بثلاث عشرة سنة أي بداية هذا العام دخلت مجموعة دول أخرى بينهم دولتان عربيتان هما الإمارات ومصر، ضمن هذا التحالف ليُطلق عليه اسم "بريكس بلس".
يُشكِّل حجم اقتصاد بريكس نهاية العام 2023 ما قيمته 26 تريليون دولار مقارنة مع 12 ترليون دولار في عام 2011، وهو ما يعني أن الاقتصاد يتضاعف كل 10 سنوات تقريبًا.
أحد قراراتها المهمة هو ما أطلق عليه النظام المالي المكافئ، وتحفيز نظام مدفوعات شبيه لنظام "سويفت" لكنه منافس له. ورغم أن المسألة ليست بتلك السهولة ولها تحدياتها لأنها يجب أن ترتبط بعملة قوية ونظام مقاصة عالمي وتحالفات متعددة وقبول جزء أكبر من العالم لاستخدام عملة مع أو غير الدولار وهي مسألة ليست سهلة ولكنها ماضية فبعض الدول الأعضاء استخدمت عملتها المحلية أو عملة وسيطة أخرى لتعزيز قدرات ومكانة وقيمة عملتها المحلية وأثرها عالميا.
لقد أثارت فكرة النظام المالي المكافئ حفيظة جزء من العالم لكن الدول الأعضاء تؤطره في كل مرحلة بشكل واضح. لذلك فإن التعايش والتعاون معه قد يكون خيارا أسلم.
ورغم أن حجم الاقتصاد والأثر السياسي العالمي للدول الاثنين معا سيلعبان دورا مهما في تحديد أولويات العضوية لكن في تقديري فإن مجموعة بريكس تريد أن تدعم عوامل أخرى مهمة كعدد السكان للدول الجديدة للتأثير من حيث عددالسكان وكذلك القدرات السياسية للدول حيث إن بعض الدول مثل سلطنة عُمان قد يبدو أن حجم الاقتصاد بها متوسط- يفوق 100 مليار دولار- لكن الموقع الاستراتيجي وسياسات التكامل مع المنطقة والقدرات السياسية النوعية عالية القبول والأثر، كلها عوامل ستؤدي دورًا مُهمًا.
وقد تكون الشراكة بين السعودية وعُمان فرصة سانحة لتعزيز تلك الشراكات، خصوصًا وأن السعودية لم تقرر عضويتها بعد، رغم استلامها دعوة من بريكس. كما إن تأثير بريكس خصوصًا بشرق العالم ووسطه سيزداد من حيث الأثر والقدرات؛ حيث تبدأ طرق التجارة العالمية وتنتهي، وحيث تتحرك صادرات العالم وواردات المواد الخام من العالم وحيث معدلات النمو العالمية الأفضل وحيث وجود دول عالية الكثافة السكانية مثل إندونيسيا ودول أخرى متعددة. كما إن فرص الشرق عالية جداً وتكتلاتها ستشكل تحالفات مُميَّزة ومفيدة.
ورغم بعض النظر بوجود تحديات للغرب لكن هذا النمو سيشكل بشكل أو بآخر فرصًا للغرب؛ حيث القدرات والصناعة والخبرات التراكمية ومراكز البحوث والدراسات وفرص الجامعات الأوروبية والأمريكية وغيرها للتعاون. أضف إلى ذلك أنه على المستويات الاستثمارية والتجارية فإن وجود بعضا من التنافسية هو أكبر محفز لصناعة أنظمة مالية أكثر تحفيزا وأكثر اعتدالا على المستويات المتوسطة لكن غالبيتها على المستوى بعيد الأجل.
لقد أبدى عدد من الدول الباحثة عن عضوية هذا التجمع العالمي- تزيد على 30 دولة- رغبتها في الانضمام، لكن من الواضح أنه سيتم الاختيار بعناية فائقة لتحقيق الأهداف الكبرى التي تسعى لها المجموعة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
من يتجرأ يتقدم!
إسماعيل بن شهاب البلوشي
تتعدد الشعارات العسكرية، وواحد منها يقول "من يتجرأ ينتصر"، وقد اخترت هذا العنوان اليوم كي أتحدث عن رؤية بها شيء من الشمولية حول الوضع الاقتصادي والباحثين عن عمل في وطني العزيز؛ ولأن الجميع يتفق أن الفرص والأسباب لا تعد في الوطن ولا تحصى وبها الكثير الكثير مما يمكن استغلاله وأن يكون اقتصادنا أفضل بكثير.
لدينا خامات قد لا توجد في دولة أخرى وأيضًا لدينا تباين في الطقس قد لا يوجد في كثير من دول العالم، كما إن لدينا إرث ملموس وغير ملموس يمكن أن يسخّر في كثير من الجوانب، وكذلك فإن الركن الأساسي وهو المواطن العُماني، والذي يمتلك القدرة الفذة في جوانب كثيرة وانه يعد من أفضل الشعوب حول العالم؛ حيث إن إرثه التاريخي تشبع بالحضارة والتجربة إضافة إلى الموقع المتميز لعُمان والعلاقات المحيطة وما وراء البحار هي بأفضل حالًا من كثير من الدول، ولذلك وإذا تمت إضافة جرعة كافية من جرأة الطموح والقرار الشجاع والمغامرة المحسوبة يمكن الوصول إلى الأفضل، وأني أريد أن استدل ببعض الدول التي أصبحت من أفضل وأشهر الوجهات السياحية والتجارية الكبيرة جدًا حول العالم؛ حيث إن الفارق سهلًا جدًا لا يتعدى دراسة من جهة عليا يليها قرار وإدخال شركاء لهم وزنهم وتبادل المنفعة، وأخيرًا ستكون عُمانية دون الحاجة الى دفع الكثير من ميزانية الوطن فهل أن بالفعل اليوم هو النقص الحقيقي جرأة قرار ومغامرة محسوبة، فإذا كانت لدينا حسابات ورؤية فكرية عميقة ومقدرة واقعية على العقاب والحساب بكل حزم او تردد من خلال أجندة واضحة كي تحقق طموح الأمة العُمانية العريقة، فإنه وبعد دراسة ما تزخر به السلطنة من قدرات وإمكانيات، فإن علينا أن نقوم بمشاريع عملاقة هذه المشاريع قد لا تدفع فيها الحكومة أي من المبالغ إنما تكون دراستها وافية وأن تفتح المجال لدول العالم بالمشاركة والاستثمار فيها، وأن تنقل السلطنة من الأفكار التي أرى بأنها متواضعة نوعا ما إلى أفكار ورؤية كبيرة جدًا.
أركزُ في الجانب السياحي على تحديدًا، لدينا الجبل الأخضر من يصدق أن هذا الكنز هذا ما يمكن أن يكون عليه فقط. هل قمنا بعمل المدينة التي اقترحتها يومًا وأسميتها بمدينة المليارديرات وبها مطار وبها ما يتناسب وبها من الكثير من المواصفات والتي يمكن أن تكون مقبولة وتجعل من هذا المكان وجهة للسياحة والإقامة بل حتى العلاج التخصصي والنقاهة والاستجمام وأيضًا في الجانب الآخر محافظة ظفار فإن ما يمكن عمله خلال موسم "الخريف"، وهو في الحقيقة المطلقة ربيع جزيرة العرب دونما منافس، فإنه يمكن أن يكون برؤية أبعد بكثير؛ حيث اني اقترحت يومًا أن نفتح آفاقًا أخرى من خلال مصب للمياه وبركة عملاقة وعليها دائرة كبيرة جدا من المعطيات والتفاعلات، وحتى يمكن أن تكون لما بعد الموسم التقليدي أيضا رمزا ومقرًا للمجال السياحي.
أما وسط عُمان فإنه يزخر بالجبال والآثار والرمال والكثير من المعالم والأحداث التاريخية على مر العصور والتي يمكن من خلال القلاع والحصون أن يتم صناعة سياحة، أما إذا تحدثنا عن محافظة مسندم أيضاً فبها ميزة البحار الواسعة والجبال الشاهقة التي يمكن أيضا أن تسخّر بطريقة أكثر بُعدًا وتطورًا ملموسًا، ولكن علينا أن نفكر في أمرين مُهمين: إن أردنا لهذا الأمر أن يتحقق أن نبتعد من الفكرة المفردة وأن تكون المصلحة العليا للوطن هي الأساس وكذلك علينا أن نواكب العالم في الجوانب الأمنية الدقيقة التي يمكن أن تكون حافظة لحقوق الناس الزائرين وكذلك المحافظة على حقوق المواطن العُماني بالدرجة الأولى. الأمر الآخر الذي يجب علينا أن نحسب له حسابات أن نكون مستعدين ويمكن أن نفكر فيما يسمى على سبيل المثال: الشرطة السياحية وأن تقوم بدورها ومتابعة كل ما يكون يحافظ على السمة ذات المردود العالمي الذي يجعل من عُمان محطًا للأنظار على مستوى العالم، وأن نراعي الزائر بدءًا من وصوله إلى المطار ثم استقلال سيارة الأجرة.
نحن نرى اليوم في بعض الدول أنها قامت وبطرق تقنية جديدة تتسم بالدقة في هذا المجال وتدعم الكثير من الجوانب التي تخدم السياحية، ولا يمكن أن يكون هنالك أي مجال لاستغلال أو شعور لا يتناسب والسمة العالمية لأن هذا الأمر سيدخل في مجاله غير العُمانيين ويمكن أن ينقل الفكرة والانطباع والشعور الذي لا نتمناه.
نحن اليوم وعندما نسافر إلى دول العالم فإننا نركز على كل شيء ونفضّل سرعة إجراءات وصولنا إلى مكان إقامتنا وكذلك معاملة سائق الأجرة الذي هو على درجة كبيرة جدا فوق تصور الكثير ممن لا يعلم عن السياحة، فهو العامل الأساسي في كثير من الجوانب ولذلك وإذا كنت قد وضعت بعض النقاط البسيطة جدًا، غير إنني متأكد أن هنالك من هم أفضل مني بكثير يمكنهم إعطاء أفكار عملاقة يمكن أن تسير بهذا الوطن إلى مصافِ الدول المتقدمة، وأن لا نركن الى النفط والبحث عن البدائل وبسرعة لأن الدول في سباق محموم وأن الفكرة العامة كما كتبت في حلمي الأول وحلمي الثاني حول مسقط، وليتني أرى شارع الكورنيش يُستبدل وأن يكون نفقا بحريا تمر من خلاله السيارات. أما الكورنيش الحالي فيترك للسياحة وللكثير من الفعاليات التي يمكن أن تنقل مسقط من عالم إلى آخر، مستغلين الكثير من المعطيات، وأن تكون مسقط وبحق وجهة عالمية، وأن تكون إحدى أبرز الواجهات السياحية حول العالم. أما الزائرون إلى قصر العلم العامر، فيمكن استخدام طرق أخرى غير النفق ومن الوجهات السياحية (قلعتي الجلالي والميراني)، وكذلك الأسواق الموجودة مثل "سوق مطرح"، والتي يمكن أن تجسد وتوضح التراث العُماني التجاري والحربي عبر العصور وأن الطموح الحالي هو البدء في التعامل مع شركات عالمية وأن يكون لها نصيب وجزء من هذه الأعمال وتطويرها بالشكل الحضاري العالمي وسيعمل الكثير من أبنائنا على فتح آفاق كبيرة.
وأخيرًا.. فإنِّه علينا وبأسرع ما يمكن أن تكون لدينا الجرأة المناسبة حتى نخوض التجربة وأن نعمل على استغلال الفرص بشتى الطرق حتى نكون قادرين على مواكبة التطورات والتقلبات العالمية وأن نعلم أن ديمومة الحياة واستقرار الدول يحتاج إلى المال وأن المال يأتي من خلال أقصى استغلال لما هو متوفر في الدول وأن نعلم يقينًا أن كنوز عُمان لا حصر لها والحمد لله رب العالمين.
رابط مختصر