رقصة العدو على أوتار الإيلام
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
د. قاسم بن محمد الصالحي
بدت فرحة مستوطني الكيان اللقيط ومظاهر الانتشاء في ليلة اغتيال نظام كيانهم لرئيس المكتب السياسي لحماس الشهيد إسماعيل هنية، وهم يزغردون رقصاً وأهازيج، لم يكن بحسبانهم أن ظلمة ستلوك هناءهم وتشظي ذكراهم.. هكذا أرادوا، لم يدروا ما تخبئ لهم الساحات في أوصال حياتهم، حينما فتح كيانهم اللقيط لجريمة الاغتيالات باباً تاه بينه انتشاءه، وتهاوت عنده غطرسته، وثملت راحته من كأس الإيلام الذي صبّته المقاومة على رأسه ضربتي وعد الحق "1 و2"، وخمر الألم.
كان من نتائج عملية 7 أكتوبر 2023م "طوفان الأقصى"، وضعية استراتيجية وحدة الساحات في الصراع مع الكيان اللقيط (وفي الاتحاد قوة).. ما قبل الطوفان كانت إيران في المعادلة الإقليمية أنها المزعزع لاستقرار الإقليم، وحزب الله في لبنان ذراعها المتقدم، وأنصار الله في اليمن رأس حربة ميليشياتها السلطوية الخارجية، والحشد الشعبي في العراق غير شرعي، لا صفه له في الدستور الذي صاغه المحتل.. اعتبر الكيان اللقيط هذا المحور، بعد الصفعة التي تلقاها من المقاومة في غزة، ليست أكثر من أصداف هشة، تداعت في غمرة فوران الطوفان، كان تقدير حليفته واشنطن، التي تعاني من ندوب خلفتها تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ثم ظاهرة العولمة، وغزواتها للمنطقة، أنها قادرة أو راغبة بمخلبها المتقدم تنفيذ معادلة بناء شرق أوسط جديد.. أتى الدور الذي لعبته إدارة الرئيسين الأميركيين دونالد ترامب وجو بايدن على التوالي أقل تأثيراً من أدوار الرؤساء السابقين في محاولة كبح الانفلات والتوغل الهمجي لرأس الكيان اللقيط؛ كما أنهما انتهجا تجاه الكيان اللقيط وإيران على التوالي سياسات مثيرة للفزع من وجوه عدّة.
كانت إيران، وحزب الله، وسوريا قد أرست منذ أمد بعيد، "محور الممانعة" يجمعه العداء لإسرائيل ويعارض نظام الأمن الإقليمي الذي تتزعّمه الولايات المتحدة الأمريكية.. لم يكن لإيران إلا ارتباط طفيف بالمرحلة الأولى من فوران معادلة الفوضى التي سميت بالخلاقة في سوريا واليمن، غير أنها سعت بالتأكيد إلى الإفادة من تالي اليوم الذي أتى بعد طوفان الأقصى.. أثارت زعامة إيران لساحات المقاومة بالمنطقة فزع الكيان اللقيط وحلفائه الغربيين، ومن استظل معهم بظل الصهيونية العالمية.. كانت المخاوف تتقارب وتتقاطع بصورة مضطردة أثناء الرد والرد المقابل، سلوك القوة العالمية -الولايات المتحدة - نحو معالجة القضية الفلسطينية، هو الذي عزز التلاحم والتعاضد بين ساحات المقاومة، وحولها إلى ما يشبه محور عسكري إقليمي يناصر الحق ويقف إلى جانب المظلوم لاستعادة ما سلب منه بالقوة.. أدخلت هذه المعادلة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في شراكة عسكرية للردع مع ساحات المقاومة في فلسطين المحتلة، لبنان، اليمن، العراق، وسوريا.. حاولت حكومة الكيان اللقيط أن تركب موجة الانقسامات الإقليمية، لتواصل طرح سردية الزور والبهتان، مثيرة جعجعة خطر إيران على المنطقة، وأن خطرها يكمن في برنامجها النووي.
ازدادت غطرسة الكيان اللقيط بعد عجز الإدارة الأمريكية عن لجمه والإمساك برسنه لإعادته للحظيرة.. كانت نقطة الارتكاز لوحدة ساحات المقاومة إعادة هذا الكيان اللقيط إلى الحظيرة، في تلك الأثناء، تبدو الساحات كما لو كانت حشداً لردعه أكثر منها مواجهة عسكرية من النوع المتعارف عليه، وفي غياب القوة التي يمكن أن تمسك برسن رأس الكيان اللقيط، الذي ظل يمارس جريمة الإبادة والتمادي في الاغتيالات، حتى وصلت غطرسته حد خدش كرامة الشعب الإيراني وسيادة دولته ونظام جمهوريته الإسلامية، هنا نشأ تلاقح متبادل بين إيران وساحات المقاومة الأخرى، فعلى الرغم من شراكتها مع الساحات في لبنان، اليمن، العراق، والفصائل الفلسطينية، حافظت على علاقات عملية مع أغلب الدول في المنطقة، ومنها شركاء للولايات المتحدة في الميدان الأمني، فلعبت المنازلات الثنائية دوراً حاسماً في تشكيل معادلات للردع، مع ضآلة احتمالات حل أي من صراعات المنطقة، حيث إن بعضها يرتدي طابعاً شبه وجودي، بينما يحصد قادة الكيان اللقيط وحليفته واشنطن في بعضها الآخر منافع سياسية.
حذّرت دول المنطقة من المأزق الإقليمي الذي تفضي فيه الأفعال التي يقوم بها نظام الكيان اللقيط إلى ردّات معاكسة من إيران، ما يؤدي إلى سلسلة من تفاعلات تقود إلى نشوب صراع إقليمي أوسع.. يعكس مسلسل الإجرام الدائري المتحرّك الذي يرقص فيه الكيان اللقيط، صورة دقيقة عن الرقصة التي رقصها على حواف العاصمة الإيرانية طهران، خوزستان، وإيلام، فجر يوم السبت 26 أكتوبر 2024م، فمن الواضح تماماً للمراقبين أن إيران رسمت الخطوط العريضة لمعادلات القوة في المنطقة، وأقامت رادعا عسكريا يتمتع بالمصداقية بالنظر إلى توافر عقود من العداء مع الكيان اللقيط، والرد الإيراني على رقصة الكيان اللقيط واعتدائه على مسرح سيادتها له ما يبرره بوصفه ردّاً دفاعياً على غارات عسكرية شنها الكيان اللقيط عليها.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
صورة لمركز الجيش الذي استهدفه العدوّ في الصرفند.. هكذا أصبح بعد الغارة الإسرائيليّة
حصل "لبنان 24" على صورة تُظهر حجم الدمار في مركز الجيش في بلدة الصرفند، بعدما استهدفه العدوّ الإسرائيليّ ليل أمس. وكانت قيادة الجيش نعت المعاون أول الشهيد أيمن عبد اللطيف رحال والرقيب الشهيد آدم جرجي عون والرقيب الشهيد علي محمد حرب، الذين استشهدوا في الغارة الإسرائيليّة التي استهدفت مركزهم في الصرفند.