جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-31@05:08:38 GMT

الشباب.. ثروة الوطن

تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT

الشباب.. ثروة الوطن

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

عندما أولت القيادة الحكيمة الشباب العُماني الاهتمام البالغ، فإنَّ هذا بلا شك إدراك واقعي لأهمية هذه الفئة ودورها الحيوي، الذي من المؤمل أن تؤديه لبناء الوطن، وقد حظي الشباب العُماني بالدعم منذ بداية عصر النهضة المباركة، وتم تمكينه في جميع المجالات، وأُسنِد بالتأهيل والتدريب اللازم حتى يضطلع بالمسؤولية الوطنية التي ألقيت على عاتقه، وقد قابل الشباب العُماني هذا التمكين وهذه الفرص بالعرفان والامتنان والاستغلال الأمثل واظهروا قدراتهم وإمكاناتهم التي جعلتهم قادرين على العطاء والعمل والبذل وقيادة المرحلة المقبلة.

والشباب هم عُدة الأمم وعتادها، وهم حجر الأساس الذي تقوم عليه مشاريع التنمية والتطوير وهم محركها وهدفها، وبالقدر الذي تولي الأمم الاهتمام بالشباب وتضع استراتيجياتها عليهم ومن أجلهم بقدر ما تنجح وتحقق أهدافها التنموية وتتقدم بين مصاف الدول، وتضع نفسها بين العالم المتقدم الذي ينشد الازدهار والحياة الكريمة الطيبة لأفراده، ويسعى إلى تحقيق طموحات الشعب.

والتوجه نحو الشباب وتمكينهم يتطلب في المقام الأول الإيمان بقدرتهم على صناعة الفارق وقيادة التغيير، وهذا أمر بالغ الأهمية؛ حيث ما زالت كثير من شعوب العالم ترى في الشباب عناصر قصور، وتظن أن قدرتهم على تحقيق النجاح محل شك، وبالتالي نجد هذه الشعوب ما زالت تتمسك بهذا الفكر وتُحجِم عن إسناد المسؤوليات والقيادة للشباب، خاصة في عالمنا العربي ودول العالم الثالث؛ إذ إن هذه المجتمعات تُعاني من شيخوخة الفِكر الذي لا يرغب في تمكين الشباب وإعطائهم المشعل لتولي مسؤولياتهم الوطنية.

إنَّنا في سلطنة عُمان لننظر بعين الفخر والاعتزاز لما قدمته القيادة الرشيدة لشباب هذا الوطن من تمكين واهتمام ورعاية ودعم، وجعلت من الشباب هم محور التنمية وهدفها، وهم قادة التغيير وصناع المستقبل، وقد تجلى هذا الاهتمام من خلال التوجيهات السامية الكريمة من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- الذي شدد على أهمية تمكين الشباب ومنحهم كامل المساحة والفرص وتعزيز دورهم وتحميلهم المسؤولية على كافة المستويات، وما تخصيص وزارة لشؤونهم وتخصيص يوم يحتفى فيه بهم إلا تأكيد على النهج السامي نحو شباب الوطن.

وهذا الاهتمام والتمكين يجب أن يُقابله فعل من جانب شباب الوطن؛ حيث إن الواقع يفرض عليهم الاستعداد لتحمل المسؤولية الكاملة وإبراز ما يملكون من طاقات ومواهب وتسخيرها من أجل رفعة وطنهم، وعليهم أن يظهروا استحقاقهم لهذه الثقة وإبراز قدراتهم التي تؤهلهم لحمل مشعل التنمية والتطوير وقيادة المستقبل، وعليهم أن يرتقوا إلى مستوى الطموح الذي ترجوه منهم القيادة والمستوى من المسؤولية التي يحمّلهم المجتمع آياها، وأن يكونوا رهانًا صائبًا لمستقبل مشرق.

والشباب هم الفئة الأكثر استهدافًا في كل أٌمَّة من قِبَل الأعداء والكارهين، الذين يسعون دائمًا للنيل من الدول الأخرى، فتجدهم يستهدفون هذه الفئة في قيمها وأخلاقها ومبادئها وثقتها بنفسها، وهُم يدركون أن تحطيم الشباب كفيل بتحقيق اهدافهم الخبيثة؛ فالأمم التي تُصاب في شبابها لا تقوم لها قائمة، ولا يذكر التاريخ أي أُمَّة سقطت إلّا عندما سقط شبابها وحُماتها وانحرفوا عن الطريق السوي وحادوا عن دورهم الذي كان عليهم القيام به.

ومن أجل ذلك على شباب الوطن أن يهيِّئوا أنفسهم لتحقيق المرجو منهم وأن يكونوا على قدر الطموح، وان يتحلوا بالوعي الذي يمكنهم من إدراك دورهم الحقيقي في مجتمعهم، وأن يملكوا الإيمان بأهمية هذا الدور وضرورته في مسيرة التنمية؛ حيث إن هذا التوجه من شأنه جعل الفرد منهم مؤثرا في محيطه متفاعل بشكل إيجابي، وعلى الشباب أن يدركوا أن هذا التأثير يجب أن يتم في المحيط القريب لهم ليمتد بعدها إلى باقي المجتمع، وألّا يستصغروا أي دور لهم في المجتمع فكل ذلك له أهمية في تقدم الأمم والارتقاء بها.

وحماية الشباب من الأفكار الضالة والتيارات الفكرية السلبية والتوجهات الخاطئة مسؤولية كبيرة وواجب جسيم يجب ألا يغفل عنه؛ بل إنه من أوجب الواجبات على مؤسسات المجتمع المدني، خاصة في عالم اليوم الذي يشهد تحولات كثيرة متعددة ومتنوعة وانتشارا مهولا للأفكار، وعبور هذه الأفكار وسهولة تصديرها ونقلها للشعوب في ظل الثروة التكنولوجية الحديثة، وقابلية العالم لاستيراد كل شيء خاصة تلك الشعوب التي تعاني في قضايا الوعي والثقافة والفكر.

لقد جاء الاحتفال بيوم الشباب العُماني والاهتمام به من القيادة الحكيمة وبرعاية كريمة من صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد الموقر؛ تجسيدًا لرؤية واضحة حول الواقع والمأمول من الشباب ودفعًا لهم للمستقبل وما ينتظرهم من مسؤوليات وتحديات ودور كبير في مسيرة العمل الوطني والتنمية المستدامة والشاملة، ورعاية لإبداعاتهم وتطلعاتهم لمستقبل سلطنة عُمان الذي يحلمون به والذي يرسمون ملامحه بفكرهم وجهدهم وطموحاتهم.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

معرض الكتاب يناقش "ثقافة التطوع وتعزيز القيم الإيجابية".. صور

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استضافت قاعة "ديوان الشعر"، ندوة بعنوان "ثقافة التطوع وتعزيز القيم الإيجابية"،  ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، أدارتها الدكتورة أسماء فؤاد.
وافتتحت الدكتورة سالي عاشور، أستاذة العلوم السياسية المساعدة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، الندوة، قائلة: إنه منذ عدة أعوام تم مطالبة الدول بتبني استراتيجيات للتطوع، وكان هناك اتجاه في مصر لتبني هذه الاستراتيجية، مشددة على ضرورة تطبيق هذه الفكرة على أساس علمي يكشف ملف التطوع.
وأكدت عاشور أن من أهم ملامح التطوع هو الانتشار السريع للمبادرات المجتمعية الساعية للتعامل مع القضايا والتحديات التي تواجه الأفراد، مشيرة إلى مشكلة غلبة التبرع المادي على التبرع بالوقت.
وأوضحت أن نسبة التطوع في المجتمع المصري بلغت 17% من الشباب فوق 18 عامًا، مؤكدة أن مصر تقترب بهذه النسبة من المؤشرات العالمية في مجال التطوع.
وثمنت الدكتورة سالي عاشور تجربة التطوع في معرض الكتاب، معتبرة إياها تجربة رائدة تثبت مدى حب الشباب للتطوع في هذا الحدث الثقافي المهم، باعتبارهم القوة الضاربة في المجتمع.
وأكدت أن المؤسسات لا بد أن تلعب دورًا مهمًا في استيعاب طاقات الشباب وتشجيعهم على التطوع، وخاصة الإناث، حيث توجد محدودية في نسبة تطوع الإناث.
وقالت إن المجالات الأكثر احتياجًا للتطوع هي البيئة والتعليم ومحو الأمية والصحة، مؤكدة على ضرورة نشر ثقافة التطوع من خلال التعريف عبر وسائل الإعلام، وشرح مفهوم التطوع في الدين وتنمية روح التطوع.
وشددت على ضرورة تمكين المتطوعين غير الرسميين من القيام بشراكات منتجة لتحقيق أهداف التنمية المنشودة والمساعدة في نشر ثقافة التطوع لدى النشء والشباب من خلال المؤسسات التعليمية ودور العبادة.
بدوره، قال الدكتور عبدالله الباطش، مساعد وزير الشباب والرياضة لشؤون مراكز الشباب، إن التطوع يعني تماسك المجتمع، فهو مرتبط ببناء الأفراد والمجتمع المستدام.
وأوضح الباطش أن وزارة الشباب والرياضة وضعت استراتيجية في هذا الملف لتحفيز الشباب على الخدمة التطوعية، وهم الآن يعملون على تعزيز فكرة التطوع خارج مصر.
وأضاف أن الوزارة تقوم بدور مهم في هذا الملف، حيث يوجد العديد من فرق التطوع على مستوى الجمهورية، مؤكدًا أن الوزارة أنشأت أندية للتطوع داخل مراكز الشباب للإسهام في تنمية المجتمع. كما نستهدف إنشاء 1500 نادي للتطوع داخل مراكز الشباب بحلول عام 2027.
وتابع أنه على مدار السنوات الماضية، أطلقت وزارة الشباب والرياضة مبادرة "أنا متطوع" للمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، مشيرًا إلى أنه يتم انتقاء الشباب بعناية لإعطائهم فرصة للتعامل مع الجمهور.
وأكد أن الوزارة تشارك أيضًا في كافة الفعاليات التطوعية خارج مصر، وتستقطب متطوعين من جميع الدول لتعليم الشباب اللغة والفنون والتكنولوجيا وثقافة التطوع. كما أشار إلى أن الوزارة قامت في عام 2016 بتصدير متطوعين مصريين للاتحاد الإفريقي ليصبحوا سفراء للتطوع المصري في الاتحاد الإفريقي.
من جانبه، قال الدكتور أيمن عبدالوهاب، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن التطوع هو مرآة لاهتمام المجتمع بالقضايا المختلفة التي تتوافق مع ثقافته. فالتطوع يعد قضية أساسية في البناء على مستوى الأفراد والمجتمع. وشدد عبدالوهاب على أهمية تغذية الجانب الروحي في ملف التطوع، حتى لا يطغى عليه الجانب المادي، مشيرًا إلى أن هناك محددات للتطوع، وأبرزها أن فكرة التطوع تساهم في بناء الإنسان والمجتمع من خلال القيم الثقافية والاجتماعية والدينية التي تدفع إلى التطوع. كما أشار إلى أهمية مراعاة الفروق بين شرائح الشباب من حيث مرجعياتهم وثقافتهم ومستوى معرفتهم ووعيهم، وكذلك تراجع الطبقة الوسطى بسبب الضغوط الاقتصادية، لأن هذه الطبقة هي أساس المتطوعين.
وأوضح أن هناك تحديات تواجه قضية التطوع، ومنها ضعف المؤسسات في إدارة التطوع وتحفيزه، إضافة إلى خلل في خريطة عمل الجمعيات الأهلية في بعض المجالات، مشيرًا إلى الحاجة إلى إعادة توزيع التطوع في العمل الأهلي، وعدم تعزيز فكرة أهمية العمل التنموي، وكذلك عدم ربط المحليات بمنظومة التطوع لتحفيز المواطنين على القيام بأدوار فعالة في المجتمع.
من جانبه، أكد الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن من أهم أسس ثقافة التطوع هو الحافز الديني والإيثاري، الذي يمثل أكبر البواعث في مسألة التطوع، مما يؤدي إلى اتساع في الأفق.
وأضاف أن التطوع من المفاهيم التي تنتشر على أساس مفهوم مادي، مما يصعب استثماره. مؤكدًا أن التطوع هو المسؤول الرئيس عن الحضارة، فصناعة الحضارة هي صناعة الأفراد، والدولة تنشر الوعي ولكن الأفراد هم من يمارسون هذا الوعي.
وأشار الدكتور عمرو الورداني إلى أن الثقافة هي مجموعة من القيم والعادات والتقاليد والمعارف والفنون التي تميز مجموعة من الناس وتعكس هوية الأفراد والمجتمعات. موضحًا أن مفهوم التطوع يقوم على الاختيار والاستطاعة والمطاوع والطواعية والطاعة.
وشدد على أهمية أن تكرس الجمعيات التطوعية ثقافة الكرامة وليس ثقافة الفقر، وأن تهتم بما يخص التطوع الصحي بالمجهود وليس فقط بالأموال.
واستعرض مقاصد التطوع، وهي حفظ النفس، حفظ العقل، حفظ العرض، حفظ الدين، وحفظ المال.
وأكد على ضرورة الاهتمام بالتطوع الصحي النفسي، معربًا عن أمله في أن يكون التطوع النفسي من أولويات التطوع لتحقيق السلام.
 

مقالات مشابهة

  • نهيان بن مبارك: أولويتنا تمكين ودعم الشباب
  • مدير عام «الاتحادية للشباب» لـ«الاتحاد»: «يداً بيد».. الشباب الإماراتي نبض التطوير
  • محمد بن راشد: تقدم الأوطان وازدهارها مرهون بما تملكه من ثروة بشرية وكوادر شابة
  • نهيان بن مبارك يكرم خريجي برنامج “مستقبلي” الذي نظمه صندوق الوطن
  • معرض الكتاب يناقش "ثقافة التطوع وتعزيز القيم الإيجابية"
  • معرض الكتاب يناقش "ثقافة التطوع وتعزيز القيم الإيجابية".. صور
  • سامي الجميّل: نرفض المسيرات الغوغائية التي لا تجدي نفعاً
  • رئيس «إرادة جيل»: الشائعات سلاح فتاك يستهدف استقرار المجتمع وأمنه
  • الثورة الرأسمالية التي تحتاجها إفريقيا
  • الكشف عن أغنى فنان في العالم: ثروته تتجاوز اقتصادات 19 دولة