جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-02@11:59:39 GMT

الشباب.. ثروة الوطن

تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT

الشباب.. ثروة الوطن

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

عندما أولت القيادة الحكيمة الشباب العُماني الاهتمام البالغ، فإنَّ هذا بلا شك إدراك واقعي لأهمية هذه الفئة ودورها الحيوي، الذي من المؤمل أن تؤديه لبناء الوطن، وقد حظي الشباب العُماني بالدعم منذ بداية عصر النهضة المباركة، وتم تمكينه في جميع المجالات، وأُسنِد بالتأهيل والتدريب اللازم حتى يضطلع بالمسؤولية الوطنية التي ألقيت على عاتقه، وقد قابل الشباب العُماني هذا التمكين وهذه الفرص بالعرفان والامتنان والاستغلال الأمثل واظهروا قدراتهم وإمكاناتهم التي جعلتهم قادرين على العطاء والعمل والبذل وقيادة المرحلة المقبلة.

والشباب هم عُدة الأمم وعتادها، وهم حجر الأساس الذي تقوم عليه مشاريع التنمية والتطوير وهم محركها وهدفها، وبالقدر الذي تولي الأمم الاهتمام بالشباب وتضع استراتيجياتها عليهم ومن أجلهم بقدر ما تنجح وتحقق أهدافها التنموية وتتقدم بين مصاف الدول، وتضع نفسها بين العالم المتقدم الذي ينشد الازدهار والحياة الكريمة الطيبة لأفراده، ويسعى إلى تحقيق طموحات الشعب.

والتوجه نحو الشباب وتمكينهم يتطلب في المقام الأول الإيمان بقدرتهم على صناعة الفارق وقيادة التغيير، وهذا أمر بالغ الأهمية؛ حيث ما زالت كثير من شعوب العالم ترى في الشباب عناصر قصور، وتظن أن قدرتهم على تحقيق النجاح محل شك، وبالتالي نجد هذه الشعوب ما زالت تتمسك بهذا الفكر وتُحجِم عن إسناد المسؤوليات والقيادة للشباب، خاصة في عالمنا العربي ودول العالم الثالث؛ إذ إن هذه المجتمعات تُعاني من شيخوخة الفِكر الذي لا يرغب في تمكين الشباب وإعطائهم المشعل لتولي مسؤولياتهم الوطنية.

إنَّنا في سلطنة عُمان لننظر بعين الفخر والاعتزاز لما قدمته القيادة الرشيدة لشباب هذا الوطن من تمكين واهتمام ورعاية ودعم، وجعلت من الشباب هم محور التنمية وهدفها، وهم قادة التغيير وصناع المستقبل، وقد تجلى هذا الاهتمام من خلال التوجيهات السامية الكريمة من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- الذي شدد على أهمية تمكين الشباب ومنحهم كامل المساحة والفرص وتعزيز دورهم وتحميلهم المسؤولية على كافة المستويات، وما تخصيص وزارة لشؤونهم وتخصيص يوم يحتفى فيه بهم إلا تأكيد على النهج السامي نحو شباب الوطن.

وهذا الاهتمام والتمكين يجب أن يُقابله فعل من جانب شباب الوطن؛ حيث إن الواقع يفرض عليهم الاستعداد لتحمل المسؤولية الكاملة وإبراز ما يملكون من طاقات ومواهب وتسخيرها من أجل رفعة وطنهم، وعليهم أن يظهروا استحقاقهم لهذه الثقة وإبراز قدراتهم التي تؤهلهم لحمل مشعل التنمية والتطوير وقيادة المستقبل، وعليهم أن يرتقوا إلى مستوى الطموح الذي ترجوه منهم القيادة والمستوى من المسؤولية التي يحمّلهم المجتمع آياها، وأن يكونوا رهانًا صائبًا لمستقبل مشرق.

والشباب هم الفئة الأكثر استهدافًا في كل أٌمَّة من قِبَل الأعداء والكارهين، الذين يسعون دائمًا للنيل من الدول الأخرى، فتجدهم يستهدفون هذه الفئة في قيمها وأخلاقها ومبادئها وثقتها بنفسها، وهُم يدركون أن تحطيم الشباب كفيل بتحقيق اهدافهم الخبيثة؛ فالأمم التي تُصاب في شبابها لا تقوم لها قائمة، ولا يذكر التاريخ أي أُمَّة سقطت إلّا عندما سقط شبابها وحُماتها وانحرفوا عن الطريق السوي وحادوا عن دورهم الذي كان عليهم القيام به.

ومن أجل ذلك على شباب الوطن أن يهيِّئوا أنفسهم لتحقيق المرجو منهم وأن يكونوا على قدر الطموح، وان يتحلوا بالوعي الذي يمكنهم من إدراك دورهم الحقيقي في مجتمعهم، وأن يملكوا الإيمان بأهمية هذا الدور وضرورته في مسيرة التنمية؛ حيث إن هذا التوجه من شأنه جعل الفرد منهم مؤثرا في محيطه متفاعل بشكل إيجابي، وعلى الشباب أن يدركوا أن هذا التأثير يجب أن يتم في المحيط القريب لهم ليمتد بعدها إلى باقي المجتمع، وألّا يستصغروا أي دور لهم في المجتمع فكل ذلك له أهمية في تقدم الأمم والارتقاء بها.

وحماية الشباب من الأفكار الضالة والتيارات الفكرية السلبية والتوجهات الخاطئة مسؤولية كبيرة وواجب جسيم يجب ألا يغفل عنه؛ بل إنه من أوجب الواجبات على مؤسسات المجتمع المدني، خاصة في عالم اليوم الذي يشهد تحولات كثيرة متعددة ومتنوعة وانتشارا مهولا للأفكار، وعبور هذه الأفكار وسهولة تصديرها ونقلها للشعوب في ظل الثروة التكنولوجية الحديثة، وقابلية العالم لاستيراد كل شيء خاصة تلك الشعوب التي تعاني في قضايا الوعي والثقافة والفكر.

لقد جاء الاحتفال بيوم الشباب العُماني والاهتمام به من القيادة الحكيمة وبرعاية كريمة من صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد الموقر؛ تجسيدًا لرؤية واضحة حول الواقع والمأمول من الشباب ودفعًا لهم للمستقبل وما ينتظرهم من مسؤوليات وتحديات ودور كبير في مسيرة العمل الوطني والتنمية المستدامة والشاملة، ورعاية لإبداعاتهم وتطلعاتهم لمستقبل سلطنة عُمان الذي يحلمون به والذي يرسمون ملامحه بفكرهم وجهدهم وطموحاتهم.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هذا دورنا الذي يجب أن نفعله لمن حُرموا فرحة العيد

كانت أعياد جيلنا في الطفولة جميلة للغاية. ربما تسترجعون أنتم أيضًا ذكرياتكم قائلين: "أين تلك الفرحة؟"، وتشعرون بالحنين إلى تلك الأيام. قد يكون السبب أننا كنا ننظر إلى الأشياء بإيجابية في طفولتنا، ونفرح بأقل الأمور، ولهذا كانت تلك الأيام تبدو أجمل.

لكن مع تقدّمنا في العمر، بدأ طعم الأعياد يتلاشى؛ بسبب الحروب الكبرى، والاضطرابات، والمآسي التي تعصف ببلداننا، والعالم الإسلامي، ودول الجوار والعالم بأسره. ففي سوريا وحدها، على مدار أربعة عشر عامًا من الحرب الأهلية، قُتل الآلاف وهُجّر الملايين، وتحوَّلت الأعياد إلى كوابيس.

أما الفلسطينيون، فقد عانوا من القمع لعقود طويلة، حتى إن أحدًا لم يعد يحصي عدد الأعياد التي مرت عليهم وهم تحت الاحتلال والاضطهاد. كم من جيل أمضى العيد في المنفى، أو تحت القصف، أو بين جدران السجون! المجازر الأخيرة حصدت وحدها أرواح خمسين ألفًا، لم تتح لهم الفرصة ليفرحوا بالعيد.

هذا ليس سوى مثال واحد من عشرات الأمثلة.. ففي عشرات الدول، رحل آلاف الناس عن هذه الدنيا قبل أن يحظوا بفرحة العيد.

أتصدقون أن هذا المقال يتحدث عن العيد! كان يجدر بي أن أكتب شيئًا مفعمًا بالأمل والفرح والسعادة للشباب، لكنني أجد نفسي مرة أخرى أكتب عن الأحزان في يوم العيد.

إعلان

يتردد بين أبناء جيلي في تركيا مؤخرًا سؤال واحد: "في أي زمن نعيش؟"

إنه زمن مليء بالأزمات والصراعات والمآسي، حتى إننا لا نتوقف عن طرح هذا السؤال على أنفسنا. خلال السنوات الخمس الماضية، شهدنا كل أنواع المصائب، من الكوارث الطبيعية إلى الحروب الكبرى، ومن الأوبئة إلى موجات الهجرة الجماعية، ومن الأزمات الاقتصادية إلى الصراعات السياسية.

لقد استُنزفت فرحتنا بالحياة..

لكننا لم نفقد الأمل في الله، ولم يعد لدينا ملجأ سوى التضرع إليه. هو الباب الوحيد المفتوح أمامنا، فلنلجأ إليه قائلين: "اللهم كن لنا عونًا".

كثيرًا ما نشعر بالعجز، وربما في لحظات العجز هذه تحديدًا يكون اللجوء إلى الله والابتهال إليه هو الحل الوحيد.

عندما كنت أتجول في شوارع دمشق بعد الثورة، كنت أفكر: قبل عشرة أيام فقط، كانت هذه الشوارع تعيش تحت قمع نظام الأسد. أما الآن، فقد استعاد الشعب السوري حريته، وبدأ بإعادة بناء وطنه بأمل جديد. ومع كل يوم يمر، تثبت سوريا قدرتها على الوقوف على قدميها، مثل طفل صغير بدأ لتوّه بالمشي، وكنت أشعر بسعادة غامرة وأنا أشاهد هذا التحول.

امتلأ قلبي بالأمل في دمشق.. فإذا كان نظام الأسد قد سقط بعد 61 عامًا، فلماذا لا يسقط الاستبداد الصهيوني أيضًا؟

ولماذا لا تنهار أنظمة الطغيان والقمع التي تحكم شعوبها بالحديد والنار؟

إن كان الله قد منح الشعب السوري النصر في غضون عشرة أيام، فلا شك أنه قادر على منح النصر لشعوب أخرى أيضًا.

لكنْ هناك شيئان أساسيان لا بد من التمسك بهما لتحقيق ذلك:

أولًا: الثقة بالله.

ثانيًا: العمل بجد للقضاء على الظلم.

أنا مؤمن بأن الله لا يخذل المؤمنين الذين يتمسكون به ويعملون بلا كلل لنصرة الحق.

ربما علينا أن نغرس هذا المفهوم في نفوس شبابنا: ثقوا بالله واعملوا جاهدين لتصبحوا أقوياء. ومهما كان المجال الذي تعملون فيه، فلتقدموا فيه أفضل ما لديكم، لأن كل جهد صادق يسهم في إنهاء الظلم.

إعلان

أما أن نبقى مكتوفي الأيدي، نذرف الدموع، ونتحسر على واقعنا، ونتحدث عن مآسينا دون أن نبذل جهدًا، فهذا لا معنى له. المسلم لا بد أن يكون صامدًا، مجتهدًا، متفائلًا.

في هذا العصر الذي يطغى فيه الظلم، علينا أن نكون أقوياء. علينا أن ننظر إلى أهل غزة الذين يواجهون آلة القتل الصهيونية بصدورهم العارية، ونستلهم منهم القوة لاستعادة توازننا. علينا أن ننهض، ونستعيد عزيمتنا على حماية أوطاننا، وشعوبنا، وأمتنا الإسلامية.

هذا النظام الإمبريالي سيجلب للعالم مزيدًا من الكوارث في المستقبل، لذا يجب أن نستعد منذ الآن للنضال من أجل عالم أفضل.

فلنفكر في أولئك الذين لم يشهدوا العيد. نحن وإن كنا نعاني، ما زلنا نشهد فرحة العيد، لكن إذا أردنا لأطفالنا أن يعيشوا أعيادًا جميلة كما عشناها في طفولتنا، فعلينا أن ننهض، ونجاهد، ونصبح أقوى.

دعنا نجدد تلك الآمال مرة أخرى بمناسبة هذا العيد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • هذا دورنا الذي يجب أن نفعله لمن حُرموا فرحة العيد
  • بالخطأ.. بريطانية ترمي ثروة بيتكوين بقيمة 3.8 مليون دولار في القمامة
  • حصيلة طائرات MQ9 الأمريكية التي تمكنت الدفاعات الجوية اليمنية من اسقاطها
  • إمرأة تلقي ثروة تُقدر بأكثر من ٣ مليون دولار في القمامة بالخطأ
  • دار الأوبرا.. مسارح القاهرة التي لا تنام
  • خطأ فادح.. امرأة ترمي ثروة بيتكوين بقيمة 3.8 مليون دولار في القمامة!
  • (مناوي) الذي لا يتعلم الدرس
  • خطاب زعيم طالبان.. هل ينجح فى تحسين العلاقات مع المجتمع الدولى؟
  • تقرير: المغرب يقع فوق ثروة معدنية هائلة
  • بالفيديو .. من هو الشيخ الذي عاتب الشرع بسبب التهميش؟ مؤيد لنظام الأسد