طرواية مفعمة بالحيوية والإثارة عن فترة وجوده علي رأس السلطة في بريطانيا -  
"Unleashed" بهذا الاسم  كتب بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ووزير الخارجية مذكراته، وسرد جونسون فصلًا بعنوان "بيع نفس الجمل مرتين"...نعم، هذا هو الفصل الذي يتناول الشرق الأوسط، مستغلا ً المزيد من الصور النمطية المملة.

يروي "جونسون" كيف اصطحب بنيامين نتنياهو في جولة حول مكتبه بصفته وزيرًا للخارجية !! وحاول إقناع الزعيم الإسرائيلي بأن "آرثر بلفور"، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، وقع على الإعلان سيئ السمعة الذي يحمل اسمه في هذا المكتب وعلى ذلك المكتب.

حتى أن "جونسون" أخرج قلم حبر جاف، ضاحكًا بأن "بلفور" استخدمه لتوقيع الوثيقة، وكان مسرورًا بالانطباع الذي تركه هذا على الزعيم الإسرائيلي.

ولكن على الطريقة الكلاسيكية التي يتبعها جونسون، يعترف بأنه اخترع كل هذا، ولا يعرف أين كتبت الرسالة التي تتألف من 67 كلمة، وهي الوثيقة التي أشار إليها باعتبارها "قطعة رائعة من حيل وزارة الخارجية البريطانية".

هذه الوثيقة ليست مادة للضحك، وخاصة بالنسبة للشعب الفلسطيني الذي لا يزال بعد 107 سنة محروم من حقوقه الوطنية، وسوف يشعر الفلسطينيون بمرارة أكبر من المعتاد في 2 نوفمبر وهي ذكرى إعلان وعد من لايملك لمن لايستحق "بلفور".

فقد أدت الإبادة الجماعية في غزة، والفصل العنصري، ومستويات ملحمية من الازدراء الأوروبي الأمريكي لحقوقهم إلى مرحلة في تاريخهم تنافس حتى النكبة الأصلية في مستويات الخسارة الكارثية.

إن ازدراء عام 2024 يعكس ازدراء عام 1917.. ولعل الفارق الأعظم هو أنه في أوج العقليات الإمبراطورية، كان كبار المستعمرين مثل بلفور مرتاحين تمامًا لازدرائهم العنصري لأهل الشرق الأوسط.

لم يكن تقسيم أراضي شعوب أخرى لشعوب أخرى، ورسم خطوط على الرمال وإعادة ترتيب حياة أمم بأكملها، مثيرًا للجدال على الإطلاق في أوروبا في أوائل القرن العشرين.

خارج صفوف اليمين المتطرف حشود "جعلت أمريكا عظيمة مرة أخرى"، يبتعد العديد من الساسة في القرن الحادي والعشرين في العالم الأوروبي والأمريكي عن العنصرية الصريحة، ويدعمون لفظيًا المساواة في الحقوق والقانون الدولي وتقرير المصير.

"لكن هذا كان مجرد لفظ"..  منذ عام 1980، انضمت جميع الدول الأوروبية الكبرى إلى المشروع السياسي لحل الدولتين، ومع ذلك، خلال تلك السنوات الأربع والأربعين، لم تفعل أي شيء، ناهيك عن وقف المشروع الإسرائيلي لمنع أي دولة ثانية، والذي كان محوره مشروع الاستيطان.

هل يمكن فعل أي شيء قد يكفر عن هذا الفشل الذريع والجريمة التاريخية ضد الشعب الفلسطيني؟

تتحمل بريطانيا مسؤولية تاريخية أعظم من أي دولة أخرى، وهي مسؤولية من الواضح أن بلفور ولا جونسون لم يأخذاها على محمل الجد.

لقد خالفت بريطانيا وعودها وقسمت الشرق الأوسط مع منافستها الاستعمارية فرنسا، وباعت الفلسطينيين للحركة الصهيونية، وحق أن يتم وصفها ب “ألبيون الغادرة” أو (البيضاء الغادرة في إشارة إلى قمم جبال دوفر) لأنها كانت تعقد وتكسر التحالفات بناء على مصالحها.

وباعتبارها القوة الانتدابية في الماضي، سهلت الهجرة الصهيونية الجماعية، لكنها رفضت السماح بحقوق الفلسطينيين، تركت بريطانيا فلسطين، كما فعلت مع العديد من البلدان الأخرى، وأحدثها أفغانستان، في حالة من الصراع، مفضلة الهروب من المشكلة بدلًا من حلها.

إن أي شيء يتم القيام به الآن سيكون متأخرًا للغاية، لكنه قد يثبت أنه تصحيح بسيط لسجل تاريخي كئيب!!

لسنوات، لعب الساسة البريطانيون بفكرة الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة، بطريقة أو بأخرى، لم يكن التوقيت مناسبًا تمامًا للحكومة، وتبدو الأعذار دائمًا وفيرة وجاهزة، تحت مسمي  "ليس الآن، ولكن قريبًا"... "عندما يمكن أن تساعد عملية السلام، على الرغم من عدم وجود مثل هذه العملية".

يمكن لكير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني، أن يحيي سمعته المتدهورة اليوم إذا كان لديه الشجاعة لاتخاذ هذه الخطوة، إن الحكومة البريطانية لديها القدرة على الاعتراف بدولة فلسطين على أساس حدود عام 1967، ويمكنها أن تفعل ذلك غدًا.

هل يهم ذلك؟ لن يكون تحولًا تاريخيًا، ولكن من الناحية الرمزية والسياسية، نعم.

إن اعتراف بريطانيا كقوة استعمارية منتدبة في الماضي سيكون قويًا، وقد تتبعها دول أخرى. وقد يحاول "ستارمر" إقناع قوى أخرى، مثل فرنسا، بالانضمام، سيكون الاعتراف بدولة تحت الاحتلال، دولة تتعرض لهجوم شرس - ولكن هذا هو السبب في أنها مهمة أكثر من أي وقت مضى.
 

ولكن هذا لا يعني أن الاحتلال غير القانوني سوف ينتهي إلى جانب كل أشكال التمييز المنهجي التي وصفتها منظمات حقوق الإنسان بأنها نظام فصل عنصري. ولكن على الأقل سوف تقاوم بريطانيا مرة واحدة المشروع الاستعماري الذي بدأته منذ أكثر من قرن من الزمان.

ومن يدري، ربما يأتي يوم نرى فيه زعيمًا فلسطينيًا على المكتب الذي تم فيه توقيع خطاب الاعتراف البريطاني؟

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: حزب الله غزة فلسطين قطاع غزة وعد بلفور يحيى السنوار أخبار مصر لبنان بريطانيا اخبار فلسطين بيروت رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ايران المقاومة الفلسطينية سوريا الصين دونالد ترامب جو بايدن حسن نصر الله حركة حماس الجامعة العربية حرب اكتوبر الشرق الأوسط محور المقاومة اسرائيل رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الضاحية الجنوبية فلسطين المحتلة

إقرأ أيضاً:

قطر والسعودية ومصر رفضوا الاعتراف بها.. (حكومة الشفشافة).. شهادات وفاة

قطر والسعودية ومصر رفضوا الاعتراف بها..
(حكومة الشفشـــــــــافة).. شهادات وفاة
المملكة ترفض أي خطوات غير شرعية خارج المؤسسات الرسمية للسودان..
موقف الدول الرافض قطع الطريق بالكامل أمام عصابة نيروبي..
كينيا خرقت القانون الدولي وميثاق الاتحاد الإفريقي بعقدها اجتماعات للمليشيا
تقرير_ محمد جمال قندول
الضربات تتوالى لميليشيا الدعم السريع الإجرامية الإرهابية، حيث أعلنت عدد من الدول رفضها التام لميثاق نيروبي وعدم اعترافها بأي حكومة موازية.
آخر الدول كانت السعودية وقبلها قطر ومصر، ليتلقى التمرد خسائر جديدة تضاف لسلسلة خسائرها عسكريًا وسياسيًا مع توقعات بتحرير كامل للعاصمة الخرطوم قريبًا، بعد أن تم تطهير الجزيرة وقبلها سنار.
بازار سياسي
وأعلنت وزارة الخارجية السعودية عن رفض المملكة لأية خطوات أو إجراءات غير شرعية تتم خارج إطار عمل المؤسسات الرسمية لجمهورية السودان قد تمس وحدته ولا تعبر عن إرادة شعبه الشقيق، بما في ذلك الدعوة إلى تشكيل حكومة موازية.
الخارجية السعودية دعت في بيان أمس، الأطراف السودانية لضرورة تغليب مصلحة السودان على أي مصالح فئوية، والعمل على تجنيبه مخاطر الانقسام والفوضى.
ويرى رئيس تحرير الانتباهة الكاتب الصحفي بخاري بشير أنّ عددًا من الدول الصديقة والشقيقة للسودان أعلنت مواقفها الرافضة بالكلية لقيام حكومة موازية خارج الأطر الرسمية لحكومة بورتسودان. وكانت لوقفات هذه الدول الأثر الفاعل في محاصرة فكرة الحكومة الموازية وميلادها ميتة في ملتقى نيروبي، مشيرًا إلى أنّ رفض السعودية أمس، أكد عمق ومتانة العلاقة السودانية مع المملكة.
وتابع محدّثي أنّ هذا الرفض القاطع من السعودية مضافًا إليه موقف دولة قطر بالأمس، وقبلها إعلان القاهرة رفضها الكامل لأي دعوات لقيام حكومة موازية في السودان يمثل قطع للطريق بالكامل أمام عصابة نيروبي، التي أصبح تجمعها في الثامن عشر من هذا الشهر بقاعة جوميو كينياتا بكينيا عبارة عن بازار سياسي، هدفت ميليشيا الدعم السريع من ورائه للفت الأنظار بعيدًا عن انتصارات الجيش القوية خلال الفترة الماضية، وعن الهزائم المتتالية التي منيت بها.
مزيد من الانتصارات
بخاري واصل في معرض الطرح إنّه ينبغي كذلك الإشارة إلى أنّ مجموعة الدول الإفريقية مجموعة A+ التي تضم الجزائر وسيراليون والصومال وغانا، حيث أكدت هذه الدول مجتمعة أنّ تشكيل حكومة موازية في السودان، خطوة خطيرة تعيق جهود السلام في المنطقة.
وكذلك الكلمات القوية في جلسة مجلس الأمن كلمة مندوب مصر الذي أكد على ضرورة رفض أي مساعٍ لتشكيل أُطُر موازية للإطار القائم حالياً في السودان، وقال إن السلامة الإقليمية للسودان ليست محلاً للمساس أو التفاوض، ولا تهاون في ذلك. هذه المواقف القوية من هذه الدول جاءت للإيمان القاطع بسلامة واستقرار الإقليم، لأنّ هذه الدول تعرف تمامًا تكوين ميليشيات الدعم السريع القائمة على الأساس الإثني والجهوي، وعدم خروج الميليشيا من إطار الأسرة الواحدة، فضلًا أن التجربة أثبتت أن الميليشيا لا يمكن أن تحكم دولة، خاصة إذا كانت ضالعة في انتهاكات دولية وموثقة ضد المدنيين والأبرياء.
بدوره، ذهب القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي خالد الفحل في ذات الاتجاه وقال: إنّ موقف جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية ودولة قطر الرافض للتدخل في شؤون السودان الداخلية ورفض تشكيل أي حكومة موازية يعد موقفًا مشرفًا من أصدقاء السودان، وهذا ليس بموقف جديد فقد ظلت هذه الدول تساند مؤسسات الدولة الشرعية وترفض في كل المنابر الخارجية التدخل في شؤون السودان الداخلية وضرورة الالتزام بتنفيذ اتفاق جدة الذي تهربت منه الميليشيات برفض تنفيذ الاتفاق.
وأضاف الفحل أنّ دولة كينيا ارتكبت خرقًا للقانون الدولي وميثاق الاتحاد الإفريقي بالسماح لمجموعة معزولة لا تمثل الشعب السوداني بتوقيع اتفاق سياسي هدام يهدف إلى زعزعة الاستقرار في السودان، ولكن إرادة الشعب السوداني وقواته المسلحة قادرة على تجاوز هذه التحديات، حيث إنّ الرد الفعلي هو مزيد من الانتصارات على مختلف محاور القتال.
واعتبر خالد أنّ ما حدث في كينيا مجرد محاولة بائسة لتعويض الهزائم الميدانية التي ظلت تتعرض لها الميليشيات والمرتزقة من قبل القوات المسلحة والمشتركة والمقاومة الشعبية، جازمًا بأنه لن تكون أرض السودان خصبة لأي جهات خارجية لتشكيل أي حكومة موازية.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أحمد أمين يعود للسرقة في ثاني حلقات "النص"
  • فلسطين أمام وعدَي بلفور وترامب!
  • بهاء عبد الحسين عبد الهادي: مشاهير العرب قوة مؤثرة.. ولكن المسؤولية الاجتماعية أولًا
  • فلسطين أمام وعدي بلفـور وترامـب!
  • ممثل شهير يدعم فلسطين في حفل جوائز “الأوسكار”
  • فيديو لممثل يدعم فلسطين في حفل جوائز "الأوسكار"
  • مسلسل جودر 2 الحلقة 2 .. مجدي بدر يخطط للتخلص من ياسر جلال
  • مسلسل جودر2 الحلقة1 .. تارا عماد تطلب الزواج من ياسر جلال
  • قطر والسعودية ومصر رفضوا الاعتراف بها.. (حكومة الشفشافة).. شهادات وفاة
  • مغامرات مُثيرة.. ياسر جلال يعود للتريند بالجزء الثاني من «جودر»