أهلًا وسهلًا بالوافدين
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
خلفان الطوقي
العُمانيون ومنذ مئات السنين وبحكم سفرهم إلى إفريقيا وآسيا، وتواجد جاليات عُمانية إلى الآن في عشرات الدول الآسيوية والأفريقية، فإنهم مؤهلون- أكثر من غيرهم من الشعوب- لاستيعاب التمازج الحضاري والثقافي والعيش والتعايش السلمي مع أمم وشعوب العالم؛ إذ تجد الشخصية العُمانية مُحِّبةً ومُرحِّبة بكل من يأتي إليها، وستبقى عُمان كما عهدها كل من فيها وكل من وطأت قدماه فيها أرضًا للمحبة والسلام، بعيدةً كل البعد عن أشكال التاجيج أو أو العنصرية أو التنمُّر ضد الغير؛ سواءً علانية أو باللَّمز أو الهمز، بفضل ما يتحلى به العُمانيون من قيم أصيلة وأعراف مجتمعية راسخة فضلًا عن أحكام القانون العادلة في شتى مناحي الحياة.
نُؤكد أنَّ عُمان ترحب بالوافد؛ سواءً كان عاملًا فيها، أو سائحًا زائرًا لها، أو مُكتشِفًا لمعالمها الجمالية أو فُرصها التجارية، أو راغبًا في الاستقرار فيها، وهذه ليست شعارات مرفوعة، وإنما سياسات حكومية مُطبَّقة، ولا أحد يُنكر فوائد وجود الوافدين بيننا، وقد كتبنا مقالًا تفصيلًا سابقًا لإظهار ذلك وتأكيده، بعنوان: "الاقتصاد والعمالة الوافدة"، ويبقى المقيمون والزائرون مُكَوِّنًا مُهمًا وقيمة مضافة للاقتصاد في السلطنة.
لكن رغم ما ذكرناه أعلاه، فمن ناحية أخرى، هناك فئة من الوافدين ليسوا سوى عبءٍ ثقيل، خاصة على الأجهزة الأمنية والأجهزة الحكومية وحتى المؤسسات الخيرية وصولًا إلى أفراد المجتمع، وأبرز من في هذه الفئة: من لا توجد لديه إقامة قانونية، أو جاء إلى عُمان بتأشيرة سائح وهو ليس بسائح، ولا يملك قوت يومه، أو أصدر بطاقة "إقامة مُستثمر" لهدف البقاء في الدولة والبحث عن وظيفة أو الترزُّق بطرق عشوائية وغير قانونية، أو دخل إلى السلطنة من غير المعابر الحدودية الرسمية، ومثل هؤلاء يزيدون الأعباء، ويتسببون في مشكلات يصعب معالجتها إذا زادت أو خرجت الأمور عن السيطرة.
ربما هذه الفئة من الأجانب يعتقدون أن أهدافهم نبيلة أو "مشروعة"، باعتبار أنه يبحث عن عمل، لكن يجب الوقوف بحزم أمام كل من يُسهِّل دخولهم إلى السلطنة عن قصدٍ، ولا يبالي بعواقب ما قام به من عبء وتشويه متعمد، وعلى الحكومة أن تعي أنَّ هناك من يحاول خلط الأوراق والمفاهيم، فهناك فرق شاسع بين الوافد القانوني ذي القيمة المضافة، والذي هو مُرحَّب به، ويكفل القانون له كل حقوقه، وسوف يعيش بيننا عزيزًا مُكرَّمًا، أما الوافد غير القانوني- والأهم من يقف وراؤه- فلا بُد للقانون أن يأخذ مجراه ويُطبَّق بحزم وفق مقتضيات العدالة الناجزة.
إنَّ مناقشة هذه القضية لا يجب أن يُنظر إليه على أنه عنصرية أو انحياز؛ بل ننطلق فيها من هدف سامٍ وهو خلق بيئة جاذبة للعُمانيين والوافدين معًا، ورُب فئة صغيرة غير قانونية تؤثر سلبًا على بقية الفئات القانونية والتي تُمثِّل الأغلبية من الوافدين. وللتأكيد هذه المناقشة ليست ضد الوافد القانوني؛ بل إن حديثنا صريح جدًا وأنه ضد المتجاوزين منهم، وعلينا أن لا نضعهم في ميزان واحد، لكي لا نخلط الحابل بالنابل، والقانوني بالمُتجاوِز، ويضيع الحق بالباطل، بين من يُمثِّل قيمة مضافة من ناحية، وبين من يُعتبر عبئًا كبيرًا وتشويهًا للمشهد العام بكافة أشكاله وصوره.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سام: العمالقة تقمع الحريات وتمارس اعتقالات تعسفية ومداهمات غير قانونية في حيس جنوب الحديدة
دعت منظمة "سام" للحقوق والحريات لإلزام قوات اللواء السابع عمالقة المدعومة إماراتيا، باحترام القوانين المحلية والدولية، والكف عن استخدام القوة كأداة لقمع الحريات العامة، متهمة إياها بممارسة اعتقالات تعسفية ومداهمات غير قانونية في حيس جنوب الحديدة.
وقالت "سام" في بيان لها، إن قوات اللواء السابع عمالقة ارتكبت خلال الفترة من 24 إلى 27 فبراير 2025، سلسلة من الانتهاكات الجسيمة بقيادة علي كنيني في مدينة حيس، والتي شملت اعتقالات تعسفية بحق الصحفيين والناشطين، بالإضافة إلى مداهمة المنازل دون أي مبرر قانوني، في ممارسات تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، وتقوض أبسط الضمانات القانونية التي كفلتها التشريعات اليمنية والدولية.
وأشارت إلى أن قوات اللواء السابع أقدمت في 24 فبراير الماضي، على اعتقال الصحفي حسام بكري، مراسل قناة اليمن اليوم، بعد مطاردته على خلفية منشور له في فيسبوك انتقد فيه قرار منع الأنشطة الرياضية الرمضانية.
وأعتبرت المنظمة، احتجاز صحفي لمجرد تعبيره عن رأيه يعد انتهاكًا لحرية الصحافة التي كفلها الدستور اليمني في المادة (42)، والتي تنص على أن “لكل مواطن الحق في حرية الفكر والتعبير بالقول والكتابة والتصوير، في حدود القانون.” كما يتعارض هذا الإجراء مع المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تضمن حرية التعبير دون مضايقة أو عقاب.
وأشارت منظمة "سام" إلى أن استمرار اعتقال الصحفي حسام بكري ومنعه من زيارة أسرته، ورفض إحالته إلى الجهات القضائية المختصة، يمثل احتجازًا تعسفيًا يندرج ضمن الجرائم التي يعاقب عليها القانون، ويضع المسؤولين عنها تحت طائلة المساءلة القانونية.
ولفتت إلى انها تلقت معلومات مؤكدة تفيد باعتقال الناشط المجتمعي عبد الله كزيح من منزله في مدينة حيس مساء 26 فبراير 2025، بعد ساعات من اعتقال الصحفي حسام بكري على خلفية مواقفه وآرائه الناقدة لبعض الإجراءات الأمنية التي تمارسها قوات العمالقة.
وذكرت "سام" أن هذا الاعتقال التعسفي يعكس واقعًا خطيرًا يعيشه الناشطون والصحفيون في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات المسلحة غير النظامية، حيث يتم استغلال السلطة لإسكات أي صوت معارض.
وتحدثت المنظمة عن قيام قوة مسلحة تابعة للواء السابع بمداهمة منزل المواطن صالح علي الزبيدي مساء يوم 27 فبراير 2025، بحثًا عن نجله علاء الزبيدي، دون إذن قضائي أو أي مسوغ قانوني يبرر هذا الانتهاك الصارخ لحرمة المنازل.
واعتبرت المنظمة أن ما حدث في مدينة حيس لا يمكن اعتباره حوادث فردية معزولة، بل هو جزء من نمط متكرر من القمع والترهيب تمارسه بعض القوى المسلحة التي تتخذ من الدين ذريعة لفرض سياسات قمعية ضد المواطنين، مضيفةً أن هذه الجماعات لا تملك أي سلطة قانونية تتيح لها فرض وصايتها على المجتمع أو التدخل في وجدان الأفراد وضمائرهم، وهو ما يعيد إلى الأذهان محاولات سابقة لتقييد الحريات العامة وفرض أنماط دينية متشددة بالقوة.
ولفتت "سام" إلى أن تذرع قيادة اللواء السابع بمنع الإفطار العلني خلال نهار رمضان كمبرر لحظر الفعاليات الرياضية، واعتقال من يعترض على ذلك، يعد تعديًا صارخًا على حق المجتمع في تنظيم أنشطته الثقافية والرياضية. إن ممارسة الشعائر الدينية هي شأن شخصي، وليس من صلاحية أي جهة عسكرية أو غيرها فرض تفسيرات دينية معينة على المواطنين بالقوة.
وطالبت منظمة “سام” للحقوق والحريات بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الصحفي حسام بكري والناشط عبد الله كزيح، اللذين تعرضا للاعتقال التعسفي على خلفية تعبيرهما عن آرائهما وانتقادهما لقرارات السلطات في مدينة حيس، معتبرةً أن استمرار احتجازهما يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وحرية التعبير، ويؤكد على ضرورة وقف هذه الممارسات القمعية التي تستهدف تكميم الأفواه وترهيب الأصوات الحرة.
وشددت “سام” على ضرورة وقف التدخل العسكري في شؤون المجتمع المدني، حيث لا يجوز لأي جهة عسكرية فرض وصايتها على الأنشطة الثقافية والاجتماعية للمواطنين، مبينةً أن محاولة إلغاء فعاليات تقام منذ سنوات بحجج دينية أو أخلاقية، واستخدام القوة العسكرية لقمع من يعارض ذلك، يشكل تعديًا خطيرًا على الحريات الأساسية.
وأكدت المنظمة على ضرورة أن تقتصر صلاحيات هذه القوات على مهامها العسكرية والأمنية المشروعة، دون تجاوزها إلى فرض قرارات سياسية أو اجتماعية على المواطنين، أو التدخل في حقوق الأفراد وحرياتهم المكفولة بالقانون، محذرةً من أن استمرار هذه الانتهاكات يعمق الأزمة الحقوقية في اليمن، ويزيد من تفاقم حالة الاستبداد التي تمارسها الجماعات المسلحة على المدنيين.