لجريدة عمان:
2025-01-08@23:34:18 GMT

إسرائيل على هاوية السقوط.. مؤشرات الهزيمة

تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT

سيتصور بعضُ القرّاءِ عبر عنوان المقال أن الحرب وضعت أوزارها، وأن الكيان الصهيوني دفع ثمن حماقاته التي أودت إلى خسارته، ولكن كل ما في الأمر أننا نضع تصورًا لمستقبل قريب قادم يحمل في طيّاته شيئا من التوقعات القادمة التي تنبؤها أحداث الحاضر وتستدل عليها في وضع تصور للأحداث القادمة.

توشك أحداث الحرب الحالية التي يشنّها الكيان الصهيوني على فلسطين ولبنان أن تؤكد تحقق حدوث خسارة غير مسبوقة للكيان الصهيوني لا يُستبعد أن تكون خسارته النهائية التي ستقصيه من ساحة الشرق الأوسط وتعيده إلى الساحة الغربية التي تستميت في ضمان بقائه البعيد عنها وتأمين كيانه الذي يقبع على أراضٍ مسلوبة.

يمكن التعويل على مؤشرات تساعدنا في قراءة مشهد الحرب الحالية التي ستقرّبنا إلى فرضية شبه محققة في خسارة إسرائيل للحرب وهزيمتها من قبل جبهات المقاومة وبتصاعد موجات الغضب العالمية، وستقرّبنا إلى تصوّر المشهد القادم بعد الحرب وخسارة إسرائيل.

تأتي هذه المؤشرات في أشكال ملحوظة منها زمن الحرب ودلالات طول مدته غير المسبوقة، والاستماتة الأمريكية والغربية في دعم الكيان، والمواجهة الجريئة التي يقودها الكيان الصهيوني ضد منظمات الأمم المتحدة وتحديها للقوانين الدولية بشكل علني، والمواجهة الإسرائيلية الإيرانية المباشرة وسقوط ورقة «إسرائيل القوة الأكبر في المنطقة»، وصمود المقاومة رغم الجراح النازفة.

يستدعي إصرار الكيان الصهيوني على استمرار الحرب رغم ما يواجهه من تحديات تساؤلات كثيرة نربط بعضها بالتجارب السابقة للحروب بين الكيان الصهيوني والعرب بشكل عام، وتحاول أذهاننا فرز هذه الحروب وأبعادها ونتائجها؛ فنستوعب بشكل جلي أن هذه الحرب الحالية ليس مثل سابقاتها من الحروب؛ فتظهر إرادة عالية للكيان الصهيوني للانتصار وهزيمة قوى المقاومة أجمعها عبر مغامرته في مواجهة جميع قوى المقاومة في المنطقة الذي يشمل حماس وحزب الله؛ لتستفرد بنفوذ عسكري وسياسي وجغرافي في المنطقة أكثر اتساعا من أيّ زمن سابق، ونستحضر هنا ما سبق أن ألمحنا إليه في مقالنا السابق عن الأهداف التوراتية التي يعمل الكيان الصهيوني على تحقيقها في حربه الحالية التي يمكن أن نستدل عليها بواسطة تضاعف ترديد الكيان وقادته للمفردات العنصرية المستقاة من المصادر الصهيونية الدافعة لاستمرار الحرب والقتل وتوسيع الرقعة الجغرافية للكيان، وكذلك تصريح نتنياهو بخطته لإعادة تشكيل الشرق الأوسط تحقيقا للحلم الصهيوني، وفي خضمِّ معمعة الظاهرة الصهيونية وجرائمها، نجدُ حضورَ الوعي العربي والإسلامي والعالمي بالمسار الصهيوني، ونجد تفاعل هذا الوعي على جميع المستويات بمن فيهم أفراد المجتمعات ومنظمات المقاومة والمجتمعات وبعض المؤسسات الحكومية مثل الحكومة التركية على لسان رئيسها الذي صرّح بهذا الخطر التوسّعي للكيان الصهيوني وحذّر منه، ويتضح حينها عبر هذا المؤشر الأول تحقق الوعي السياسي والمجتمعي بحقيقة الخطر الصهيوني، وحدوث التحوّل من مستوى العقل الجمعي الراضخ لفكرة قبول الكيان إلى مستوى الرفض القاطع لهذا الكيان، ويمكن أن نعتبر هذا أول المؤشرات التي تُنبىء بحدوث الهزيمة للكيان الصهيوني الذي لم تعد مخططاته الإجرامية مخفيّة عن الجميع.

تنطلق المبررات الأمريكية المعلنة في حماية الكيان الصهيوني ومدّه بالسلاح والمال لأسباب تتعلق بحماية أمن إسرائيل وكيانها وبقائها، ولكن في حقيقة الأمر تتفرّع من هذا المبرر الرئيس تفاصيل أخرى منها ذات جذور دينية تعتقدها طائفةٌ من المسيحيين -أكثر من اليهود أنفسهم- الذين يؤمنون بالصهيونية باعتبارها أيديولوجية ذات بعد ديني تتعلق بضرورة قيام دولة إسرائيل وتحقق المعركة النهائية «هرمجدون» التي ستكون حتمية لظهور المسيح -وفق اعتقادهم-، وتتبين من هذه السردية جذور تأسس الصهيونية فكرةً وكيانًا، ويأتي في سياق هذا النقاش تساؤلٌ مهم: من يسيطر على الآخر، أمريكا أم إسرائيل؟ فمن اليسير أن نجيب أن إسرائيل هي من تتحكم بالقرار السياسي لأمريكا عبر مجموعات الضغط الصهيونية ذات النفوذ المالي، وذلك عبر تمويلهم القوي لحملات الانتخابات للنواب الأمريكيين والانتخابات الرئاسية بعد أخذ تعهدات تضمن الولاء المطلق للكيان الصهيوني، ولكن رغم وجود هذا الدعم الأمريكي اللامحدود للكيان الصهيوني؛ فإن نهضة الوعي العالمي بالصهيونية وخطرها على الإنسانية تتصاعد بشكل غير مسبوق؛ فباتت مجموعات الضغط الصهيونية في موقف أضعف من أيّ وقت مضى رغم نفوذهم المالي والإعلامي؛ فلم يعد تأثيرهم المالي والإعلامي في ظل تصاعد الإعلام الرقمي الحر وارتفاع معدلات الوعي المجتمعي ذا مفعول، وهذا ما سنراه يُشكِّل أداة ضغط مضادة لمؤسسات صناعة القرار السياسية والعسكرية في أمريكا مما يجعلهم أمام خيارات ضعيفة لا تضمن بقاء الدعم أو على الأقل تقلّصه؛ فهذا مؤشر آخر سيقود الصهيونية إلى خسارة غير معهودة.

في مؤشر آخر، بفضل الدعم الأمريكي والغربي اللامحدود للكيان الصهيوني ومدّه بكل مستجدات العلم والسلاح، أظهر الكيان نفسه قوةً لا تهزم ولا منافس له على الأقل في منطقة الشرق الأوسط؛ ليكون بمثابة الفزاعة التي لا يجرؤ أحد على إسخاطها، ولكن كشفت هذه الحرب مدى هشاشة هذا الكيان وضعف نظامه السياسي والاقتصادي، بل وضعفه العسكري الذي أيقن بعض الخبراء عدم قدرته على خوض حرب لمدة أكثر من 6 أشهر إلا بوجود دعم مكتمل الأركان من أمريكا والغرب يشمل السلاح والمال والخبراء والجنود، وهذا ما كانت تخشاه الولايات المتحدة الأمريكية من توسّع هذه الحرب التي ستكون شرارة تهدد الوجود الإسرائيلي والمصالح الأمريكية خصوصا حال المواجهة الشاملة مع قوة بحجم حزب الله التي لم تكن أمريكا ترغب بحدوثها كما جاء في كتاب «الحرب» لـ«بوب وودورد»، وأكد هذه المخاوف المواجهة المباشرة التي جرت بين الكيان الصهيوني والجمهورية الإسلامية الإيرانية التي حدثت في هذه الحرب ولأول مرة في تاريخ الصراع الصهيوني العربي والإسلامي؛ فأثبتت الضربات الإيرانية على الأراضي المحتلة قدرات صاروخية إيرانية عالية القوة والدقة، وفي المقابل أثبتت ضعف منظومة الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأمريكية في محاولة مواجهة الهجمات الصاروخية الإيرانية وصدها، وكذلك أثبتت محاولة الكيان الصهيوني المترددة على ضرب بعض الأهداف الإيرانية قوة منظومة الدفاعات الجوية الإيرانية التي استطاعت وبشهادة عدد من الخبراء والمحللين وعبر ما أظهرته المقاطع المرئية الملتقطة أن تصد معظم هذه الضربات الإسرائيلية؛ لتعلن بعدها الجمهورية الإسلامية الإيرانية تمسّكها بحق الرد والدفاع، ولترسل رسالة مفادها أنها سيدة الموقف وصاحبة القرار العسكري الأقوى في وضع حد للغرور الصهيوني، ويتضح لنا بسقوط أسطورة «إسرائيل الدولة التي لا تهزم» المؤشر الثالث الذي يدلنا على تحقق الهزيمة المرتقبة للكيان الصهيوني الذي أثبت للعالم أجمع كرهه للتعايش مع البشرية ونبذه لأدنى حقوق الإنسان وحقه في الحياة، ولعلّ مشهد جنازة أحد الحاخامات العسكريين الذي قُتِلَ في جنوب لبنان دليلا من بين آلاف الأدلة التي تثبت جرائم هذه الكيان ودناءته؛ إذ ظهر شقيقُ الحاخام المقتول وهو ينعى شقيقَه ويطلب من الرب -حسب وصفه- الانتقام وأن أخاه المقتول أسهم في قتل النساء والأطفال في غزة دون أيّ مبالاة للرأي العام ولأيّ اعتبارات أخلاقية. ستثبت لنا الأيام المقبلة حجم المأزق الذي يواجه الكيان الصهيوني، والذي يقوده إلى النهاية والهزيمة.

د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الکیان الصهیونی للکیان الصهیونی هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

شاهد 136B.. كيف تهدد المسيرة الإيرانية الجديدة إسرائيل؟

عرضت إيران طائرتها المسيرة "شاهد 136B " خلال احتفالها بذكرى الحرب العراقية الإيرانية، في أيلول / سبتمبر الماضي ما أثار العديد من التساؤلات حول الهدف وراء هذا الابتكار.

وأثارت الطائرة، التي لا تتمتع بمظهر تقني متطور أو سرعة كبيرة، اهتمامًا عالميًا بسبب مدى طيرانها غير العادي الذي يصل إلى 4000 كيلومتر، ما يفتح آفاقًا جديدة في الحروب بالوكالة .

وأبرز موقع "كالكاليست" العبري ما يميز الطائرة وما الجديد فيها؛ حيث تتميز بتصميمها الضخم الذي يشمل جسمًا منتفخًا لاستيعاب كمية أكبر من الوقود، وقادرة على التحليق لمسافات كبيرة تصل إلى 4000 كيلومتر، وهو ما يعادل تقريبًا المسافة من طهران إلى باريس، بالمقارنة مع الطائرات المسيرة التقليدية، يعد هذا المدى نقلة نوعية في قدرة إيران على تنفيذ هجمات دقيقة في أماكن بعيدة.




وطائرة "شاهد 136B" ليست الأكثر سرعة أو قوة مقارنة بالأنظمة الغربية أو الروسية الحديثة، لكنها تتمتع بكفاءة تكتيكية عالية، في مكانتها، يمكنها أن تهاجم أهدافًا حيوية باستخدام تقنيات التوجيه عبر الأقمار الصناعية (GPS)، وتنفذ مهامها بدقة، وقد تكون الخيار الأمثل للدول التي ترغب في تهديد الأعداء على مسافات بعيدة وبأقل تكلفة ممكنة مقارنة بالصواريخ الباليستية أو صواريخ كروز.

وتسعى إيران منذ سنوات لزيادة قدرتها على التصنيع العسكري المحلي وتطوير أسلحة منخفضة التكلفة لكن فعالة، ويظهر هذا النوع من الطائرات المسيرة كيف يمكن لإيران توظيف قدراتها العلمية والهندسية لصنع سلاح يمكن استخدامه ضد خصومها الإقليميين والدوليين الطائرات المسيرة توفر لإيران مزايا استراتيجية عديدة.




وتعد الطائرات المسيرة أرخص بكثير، مقارنة بالأسلحة التقليدية، مثل الصواريخ الباليستية أو القنابل الموجهة، مما يجعلها وسيلة استراتيجية فعالة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها إيران.

وتسمح طائرة "شاهد 136B"  لإيران بزيادة هيمنتها على المناطق التي تدير فيها عمليات بالوكالة، بما في ذلك تهديد الدول الخليجية أو حتى الدول البعيدة في شمال إفريقيا أو أوروبا. من خلال توفير مثل هذه الطائرات لحلفائها، يمكن لإيران أن تضع ضغطًا أكبر على منافسيها دون أن تتورط مباشرة في مواجهات عسكرية.




ومن خلال طائرات مثل "شاهد 136B"، سيكون هناك تحول في كيفية إدارة الحروب بالوكالة، قد تجد الدول نفسها أمام تهديدات جديدة لا يمكن مواجهتها بالطرق التقليدية، وطائرة مسيرة بمدى يصل إلى 4000 كيلومتر يمكنها استهداف مواقع استراتيجية في عدة دول دون أن تكلف إيران مجهودًا كبيرًا.


على الرغم من أن طائرة "شاهد 136B" لا تتمتع بالقدرات المتقدمة مثل نظيراتها الغربية أو الروسية، فإن تهديدها يكمن في نطاق استخدامها وإمكانية الوصول إلى أهداف بعيدة.




مقالات مشابهة

  • الكيان الصهيوني يعتقل أربعة مواطنين جنوب طولكرم
  • منها اقتحام عدة مدن فلسطينية.. الكيان الصهيوني يواصل عدوانه على قطاع غزة 
  • إيرلندا تتقدم بطلب للانضمام إلى جنوب إفريقيا في دعواها ضد الكيان الصهيوني
  • تقارير: الكيان الصهيوني يقترح صفقة جزئية لتفادي شرط الانسحاب الكامل من غزة
  • الحرس الثوري الإيراني: العملية المقبلة ضد الكيان الصهيوني ستكون أكثر قوة وتأثيرًا
  • الحرس الثوري الإيراني: العملية المقبلة ضد الكيان الصهيوني ستكون أقوى وأشد
  • انخفاض السياحة في الكيان الصهيوني بنسبة 70%
  • شاهد 136B.. كيف تهدد المسيرة الإيرانية الجديدة إسرائيل؟
  • “الأونروا” تدق ناقوس الخطر مع اقتراب سريان حظر الكيان الصهيوني نشاطها
  • الصين تسخرُ من الكيان الصهيوني بشأن مزاعم تزويدها اليمن بالسلاح