كريمة أبو العينين تكتب: هيرودس القرن الحالى
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
ما يفعله رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو بالفلسطنيين واللبنانيين يجعلنا نعود بالتاريخ لمن يشبه "بيبى " كما يسمونه فى بلاد العم سام ألا وهو "هيرودس ".
ولمن لايعرف من هو هذا الظالم الاكبر فى تاريخ الاراضى المحتلة نقول له بعض المعلومات عن هذا الهيرودس القديم .وهيرودس الأول أو هيرودس الكبير، ولد حوالى سنة 74 أو 73 قبل الميلاد، ومات سنة 4 قبل الميلاد، كان والياً على اليهودية،وخلال ولايته كان له هدفا وحيدا وهو التخلص من كافة الاطفال وذبحهم امام اعين اهلهم بوحشية وقهر للاباء.
فرارا من ظلم هيرودس الذى لم يأبه بحديث عيسى وهو فى المهد وقوله بأنه نبى بنى اسرائيل وبأنه جاء بمعجزة الهية ، لم يعبأ ولم يخف هيرودس من الله وعذابه لمن يقتل روحا بغير حق ، وتمادى فى غيه وظلمه وجبروته ، ونتيجة لذلك غادرت الاراضى المقدسة الاسرة العظيمة اسرة سيدنا عيسى عليه السلام الى مصر ومضت فى طريق وعر طويل تحمل معها بشارة السماء وتحضن وليدها وفلذة كبدها لتستقر فى مصر لفترة لم يحددها التاريخ تحديدا جازما ولكنه يؤكد ان العائلة المقدسة عادت الى موطنها فى الناصرة بعد وفاة هيرودس وهو فى السبعين من عمره حيث جرى ماعرف بالاكتتاب الأول الذى ألزم يوسف ومريم بالحضور إلى بيت لحم.وفى زمن أرخيلاس (وهو ابن هيرودس الذى أصبح ملك اليهود بعد هيرودس الكبير أبوه، وفى وقته عادت العائلة المقدسة من مصر . وقد تملَّك أبناء هيرودس الثلاثة الحكم وقُسِّمَت مملكته بينهم هيرودس أرخيلاوس على اليهود، هيرودس أنتيباس على الجليل، هيرودس فيلبس الثانى على باتانيا. ويذكر التاريخ ان هذا الظالم مرض مرضا عجز الاطباء رغم علمهم وخبراتهم عن ايجاد العلاج لملكهم ، ويقولون انه صار حديثا للقاصى والدانى من هول معاناته من المرض العجاف ، وان كل من حوله كان يتمنى له الموت ليضع حدا من معاناته ، ويقولون انه كان يصرخ من شدة الالم صراخا يسمعه من فى الجليل قادما من اقامة هيرودس فى القدس الشريف. ويقولون ايضا انه بكى لابنه وطلب منه بعد ان منحه حكم القدس بعد وفاته طلب منه ان يخلصه من الامه ويقتله ولكن ابنه رفض طلب ابيه رغم الحاحه واصراره . مات هيرودس القديم وجاء هيرودس القرن الحالى نتنياهو العصر الحديث الذى وسع من دائرة عمل سلفه القديم هيرودس وضم الى قائمة المفضلين لديه من القتلى بجانب الاطفال النساء ليتفرد بذلك عما سبقه ويمضى قدما فى نيل جائزة القرف الدولية بقتل النساء والاطفال فى فلسطين المحتلة ويسجل التاريخ عددا قتلاه باكثر من ٤٢ الف شخص معظمهم من النساء والاطفال . هيرودس القرن والمرحلة الحالية لايتردد للحظة عن تنفيذ خطة الابادة الجماعية او ماسميت بالتطهير العرقى فى قطاع غزة بصفة عامة وفى شمال القطاع بصفة خاصة فعلى مدى اكثر من عام وهيرودس لايتوقف عن تفجير بركان الدم الفلسطينى واغراق الارض الفلسطينية بدم حر برىء لم يفعل شيئا سوى البقاء فيما تبقى من وطنه والعيش على ارضها لاخر رمق فى عمره . هيرودس المرحلة مدعوما بآلية امريكية ومباركة أوربية وخذلان عربى يتكاتف معه صمت دولى كل ذلك اعطى لهيرودوس كارت المرور الاخضر ليفعل مايريد كيفما يريد ويجعل التاريخ يسطر ويترقب المصير وهل سيكون كمصير السابق وكل ظالم ؟!؟ لنترقب وننتظر كيف ستكون نهاية هيرودوس القرن الحادي والعشرين
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
منال الشرقاوي تكتب: هل النص السينمائي لبنة أولى أم كيان مكتمل؟
تُعَدُّ الكتابة السينمائية نقطة الانطلاق لأي فيلم، فهي بمكانة البنية التحتية التي ينبني عليها العمل الفني. غير أنّ هذا النص الأولي، مهما بلغ من الإحكام والإبداع، يظلّ قابلاً للتحولات الجذرية التي قد تعيد تشكيل معناه ورسائله خلال عملية الإنتاج.
إن النص السينمائي في جوهره ليس منتجاً نهائياً، بل هو أشبه بمخطط معماري مفتوح على التأويل والتطوير. حيث يبدأ الكاتب بتشكيل العالم السينمائي ورسم الشخصيات وتحديد الحبكة، إلا أنّ هذه المكونات تظلّ عرضة للتأويل من قِبَل المخرج، كما أنها تستجيب للتغيرات التي تفرضها اعتبارات الإنتاج، كذلك الأداء التمثيلي والمونتاج والمؤثرات السمعية والبصرية.
هنا يكمن السؤال المحوري: هل تُصان رسالة الفيلم كما رُسمت في النص، أم أن النص ذاته يصبح نقطة انطلاق لتحولات إبداعية مشتركة، تُعيد صياغة الرسالة بما يخدم الرؤية الجماعية للفريق السينمائي؟
في البداية دعنا نتفق؛ لا شك أن المخرج هو القائد المحوري في عملية تحويل النص المكتوب إلى عمل بصري. فالرؤية الإخراجية قد تضيف مستويات جديدة من العمق أو تُعيد صياغة رمزية العمل بأكمله. على سبيل المثال، قد يُضفي المخرج عبر اختياراته في زوايا التصوير، والإضاءة، والمونتاج، أبعاداً رمزية أو فلسفية لم تكن واضحة في النص الأصلي.
فيلم "Blade Runner" (1982)، للمخرج "ريدلي سكوت"، مثالٌ بارز على ذلك. حيث بدأ الفيلم كقصة خيال علمي مستوحاة من رواية " Do Androids Dream "of Electric Sheep? "هل تحلم الروبوتات بخرفان كهربائية؟" للكاتب "فيليب ك. ديك"، إلا أنّ سكوت أعاد تشكيله ليصبح عملاً فلسفياً يستكشف قضايا عميقة مثل الإنسانية، والهوية، والوجود. وقد تطورت رسالته بشكل ملحوظ عبر النسخ المختلفة، مثل النسخة المسرحية، ونسخة المخرج (Director's Cut)، ونسخة الإصدار النهائي (Final Cut). إلى جانب ذلك، أُدرج الفيلم في السجل الوطني للأفلام بالولايات المتحدة عام 1993، اعترافاً بأهميته الثقافية والجمالية والتاريخية. لم يقتصر تأثيره على تلك الحقبة فقط، بل أصبح بمكانة حجر أساس لأفلام الخيال العلمي التي جاءت بعده، حيث أسهم في ترسيخ توجه بصري ومعنوي جديد يتسم بالديستوبيا والتأملات الفلسفية. فمن أبرز الأعمال التي تأثرت به أفلام مثل "The Matrix" و"Ghost in the Shell".
من العناصر الأخرى، التي تسهم في تحوّل النص المكتوب إلى تجربة سينمائية حية أداء الممثلين، حيث يصبح النص أداة مرنة تتشكل بتفاعلهم معه. فالأداء العاطفي للممثل يمكن أن يعيد صياغة فهم الجمهور للشخصيات، وقد يحمل الفيلم نحو سياقات دلالية لم تكن واردة في النص الأصلي. خذ مثلاً أداء "هيث ليدجر" في دور الجوكر بفيلم "The Dark Knight"، حيث تجاوز النص ليُقدّم شخصية تحمل رؤى فلسفية واجتماعية أعمق، مما عزز الرسائل النقدية للفيلم.
وبالمثل، يبرز أداء أحمد زكي في فيلم "ناصر 56" ، الذي أخرجه محمد فاضل وكتبه محفوظ عبد الرحمن، وصدر عام 1996، كأحد الأمثلة البارزة التي توضح كيف يمكن للممثل أن يعيد صياغة النص المكتوب إلى تجربة درامية مؤثرة. في تجسيده لشخصية الرئيس "جمال عبد الناصر"، حيث تجاوز زكي حدود النص ليضفي على الشخصية بُعداً إنسانياً آخر، مكّن الجمهور من معايشة الصراعات النفسية والسياسية للقائد التاريخي في لحظة فارقة من التاريخ العربي. أداء زكي أضاف لمسات من المشاعر جعلت الفيلم يتجاوز كونه مجرد تأريخ لحدث سياسي، ليصبح تأملاً درامياً في شخصية تحمل أعباء أمة بأكملها.
بهذا، يتضح أن أداء الممثل ليس مجرد تنفيذ للنص، بل هو إعادة خلق للفيلم بما يفتح أبعادا ورؤى جديدة أمام الرسائل التي يمكن أن يحملها العمل السينمائي.
استكمالاً لما سبق عن دور التحولات الإبداعية في إعادة تشكيل النص السينمائي، نجد أمثلة تُبرز هذه الجدلية بوضوح. فيلم "Joker"، على سبيل المثال، بدأ كنص يعكس قضايا الصحة النفسية والهامشية الاجتماعية، لكنه تحوّل إلى عمل فلسفي عميق يستكشف قضايا العنف والعدالة، بفضل البنية السردية المتطورة والجوانب البصرية المؤثرة. كذلك، سلسلة "Harry Potter" شهدت تحولات لافتة خلال انتقالها من النصوص الروائية إلى الشاشة، حيث أضافت الرؤية الجماعية للعمل السينمائي أبعاداً بصرية ودرامية عززت الرسائل الأخلاقية والسحرية. كذلك، فيلم "إسماعيلية رايح جاي" (1997)،الذي كتبه أحمد البيه وأخرجه كريم ضياء الدين. بدأ كنص بسيط عن شاب بسيط يحاول تحقيق حلمه في أن يصبح مغنياً. لكن مع انتقال النص إلى الشاشة، تحوّل الفيلم إلى تجربة تمزج بين الكوميديا، الدراما، والأداء الموسيقي، مما أعطى العمل أبعاداً اجتماعية وشبابية أكثر تفاعلاً مع الجمهور.الأداء العفوي لأبطال الفيلم، مثل محمد فؤاد ومحمد هنيدي، أضفى روحاً خفيفة وجاذبية على النص، مما جعله علامة فارقة في السينما الكوميدية المصرية. كذلك، أسهمت الموسيقى والأغاني في تعزيز أبعاد درامية لم تكن واضحة بالنص الأصلي، مما جعل الفيلم يخرج عن إطار قصته الأساسية ليعكس تطلعات جيل بأكمله.
إن تحولات الكتابة ليست مجرد تغييرات عرضية؛ بل هي عملية هامة تُعيد تشكيل العمل الفني وتجعله أكثر ديناميكية وثراءً. وبينما قد تُغيّر هذه التحولات الرسائل الأصلية، فإنها في الوقت ذاته تضيف قيمة جديدة تمنح الفيلم روح تتجاوز حدود النص المكتوب. هذه الجدلية بين النص والإنتاج تظلّ واحدة من أبرز تجليات الإبداع السينمائي، وهي التي تجعل كل فيلم عملاً فريداً يستحق التحليل والتأمل.