مقال في فورين أفيرز: ليس أمام العالم خيار سوى العمل مع طالبان
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
ذكر مقال في مجلة "فورين أفيرز" الأميركية أن الغرب لا يزال يخوض حربا ثقافية في أفغانستان، رغم مرور عامين على استعادة حركة طالبان السيطرة على البلاد.
وشكا مسؤول من الصف الثاني في طالبان من عدم قدرة الأطراف الإقليمية والغربية على الاتفاق على كيفية التعامل مع الحركة، التي تدير أفغانسان حاليا، حتى بعد انسحاب القوات الأجنبية من البلاد، وفقا للمقال المشترك للكاتبين المتخصصين في الشأن الأفغاني غرايم سميث وإبراهيم باهيس.
وتريد الولايات المتحدة وحلفاؤها -بحسب المجلة- من طالبان أن ترفع القيود التي تفرضها على حقوق المرأة.
نقاط خلاف
وفي الأثناء، طالبت الحكومات -من بكين وحتى واشنطن- طالبان بتشكيل حكومة شاملة، إلا أن قادة الحركة يرون أن ذلك لا يعدو أن يكون مجرد "نقطة نقاش غامضة قد تعني أي شيء من قبيل مشاركة أوسع في الحكم إلى استيعاب شخصيات سياسية من الحكومة المندحرة"، طبقا للمقال.
ويعتقد سميث وباهيس أن الحركة الأفغانية على استعداد للنظر في السماح بفتح المجال لمشاركة أوسع في الحكم، على الأقل بالنسبة للرجال، لكنها غير مستعدة لإدراج شخصيات من الحكومة السابقة.
وهكذا تعيش أفغانستان في مأزق -كما يقول الكاتبان- مع عدم وجود مسار واقعي للحكومة للتخلص من وضعها كدولة "مارقة"، والإفلات من العقوبات، وشغل مقعد في الأمم المتحدة.
ومن جانبهم، يجادل المسؤولون الغربيون بأن اعتماد دبلوماسيين من نظام حكم يميز ضد المرأة "سيكون منافيا لقيمهم ومضرا سياسيا". وفي هذا الصدد، يشير سميث وباهيس في مقالهما إلى أن اعترافا دبلوماسيا رسميا بحكومة طالبان قد يستغرق سنوات، "إنْ حدث أصلا".
صعوبات
ولفت الكاتبان إلى أن العقوبات، وتجميد الأصول، والقيود الاقتصادية الأخرى الرامية إلى عزل أفغانستان، أدت كلها إلى شل فرصها في التعافي من أزمة اقتصادية وصفتها الأمم المتحدة -خلال العامين الماضيين- بأنها أكبر كارثة إنسانية في العالم.
وتواجه البنوك وخطوط الطيران وغيرها من القطاعات الحيوية صعوبات؛ ولا يستطيع أكثر من نصف سكان البلاد الحصول على احتياجاتهم المنزلية الأساسية. كما تراجعت التعهدات بتقديم مساعدات إنسانية بسبب إدبار المانحين، على حد تعبير المقال.
ويشدد المقال على ضرورة أن تعمل الأطراف الإقليمية وكذا الحكومات والمؤسسات الغربية على إقامة علاقات "عمليّة" أكثر مع طالبان، وذلك من أجل ملايين الأفغان.
وكشف الكاتبان أنهما قضيا عدة أشهر في أفغانستان تحدثا خلالها مع مسؤولين في طالبان وشخصيات أجنبية مرموقة، وتوصلا إلى نتيجة مفادها أنه على الرغم من أن إعادة إدماج أفغانستان في المجتمع الدولي لا تزال بعيدة المنال، فإن هناك خطوات عملية كبيرة يمكن للعالم أن يتخذها في سبيل خدمة السلام والاستقرار والأمن.
ويستطرد المقال في سرد المعطيات التي تفضي إلى وجوب التعامل مع حركة طالبان، موضحا أن أفغانستان لا تعيش في عزلة، "فهي تقبع في منطقة بها جيران هم في أمسّ الحاجة إليها لكي تتعافى؛ فإذا استمرت معاناة الأفغان، فإن هناك ملايين في الجوار سيعانون مثلهم".
وتسعى طالبان -والحديث لا يزال لكاتبي المقال- إلى تكريس سلطتها من خلال جهودها لبناء الدولة؛ حيث تعمل على تحسين السدود في كافة أرجاء البلاد، واستخدام الطائرات المسيرة للتحليق فوق مشاريع المياه، وإغراق وسائل التواصل الاجتماعي بصور تظهر الأعمال الجارية في المشاريع المختلفة.
قلق
وأيًّا كان رأي العالم في طالبان، فإنها تدير الآن دولة لها أهداف واحتياجات ملحة، حسب قول سميث وباهيس، اللذين يعتقدان أن المنطقة التي تعيش فيها أفغانستان لا يمكنها الانتظار حتى يبرم العالم صفقة كبيرة مع الحركة تتعلق بالاعتراف الدبلوماسي بها.
فمعظم جيران أفغانستان -يضيف المقال- أرادوا رحيل القوات الأجنبية منها، وكانوا سعداء عندما وضع الانسحاب الأميركي من البلاد حدا لحرب مميتة هناك.
ولكن بعد توقف قتال القوات الأميركية لمسلحين من جنسيات متعددة في المنطقة، ينتاب جيران أفغانستان القلق من عدم قدرة طالبان على ملء الفراغ، يوضح المقال.
وتمضي فورين أفيرز في مقالها إلى القول إن دول منطقة آسيا الوسطى لديها هواجس أمنية مماثلة، وهي تتلقى ردودا متطابقة من طالبان، مبرزة أن تلك الدول بحاجة إلى الجلوس مع طالبان والتحدث معها عن احتياجاتها الأمنية المشتركة.
مخاوف مشروعة
وكما للدول الأخرى مخاوف، فإن لكابل هي الأخرى "مخاوفها المشروعة" بشأن تسلل المسلحين المناهضين لطالبان عبر حدودها، ويتعين على جيرانها منع المهاجرين غير النظاميين والمخدرات والأسلحة من العبور إلى أراضيهم من أفغانستان، توضح فورين أفيرز.
وتطرق المقال إلى مجالات التعاون العديدة التي تتيح للعالم التعامل مع حكومة طالبان دون الحاجة للاعتراف الدبلوماسي الرسمي بها، مثل مشروعات تشييد الطرق السريعة والسكك الحديدية للتواصل التجاري مع دول جنوب آسيا. وهناك أيضا مشاريع المياه، حيث دمرت عقود من الحرب البنية التحتية للبلاد، وأعاقت التنمية.
ويخلص الكاتبان إلى أن هذه الحلول الإقليمية الجزئية قد توفر نموذجا للأطراف الدولية الفاعلة لكيفية التعامل مع حركة طالبان على المدى القصير.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: التعامل مع
إقرأ أيضاً:
مجلس الأمن الذي لم يُخلق مثله في البلاد!
(في أمر جلل يهز العالم والإنسانية: 93,3% نعم و 6,7% لا. فنطبق على العالم حكم %6,7 !!!)
هل عرف العالم إفلاسا أكثر من هذا للمنظومة الدولية، أخلاقيا وفكريا وديمقراطيا وقانونيا، عندما يعارض طرف واحد إجماع 14 عضوا في مجلس "الأمن" قرارا إنسانيا بالدرجة الأولى لوقف الإبادة الجماعية لشعب أعزل، إلا من قوة إرادته على الصمود والثبات في أرضه ومنازلته للمحتل بأقصى مما جاد الله عليه من ذكاء ووسائل إصرار وتوفيق في التصويب والتنكيل بالعدو!؟
يتجلى الإفلاس الأخلاقي عندما يرى العالم هذه الفظائع من الإجرام تطال النساء والأطفال بالدرجة الأولى (70 بالمائة من ضحايا الحرب)، ثم يسلم لعنجهية الراعي والداعم المستمر للإبادة في غزة، الإدارة الأمريكية.
إذن سموه ما شئتم إلا أن يكون مجلس "أمن" ! أين الأمن للضعفاء وللمحرومين وللمضطهدين! هذا مجلس تواطؤ ومجلس شرعنة قانون الغاب ومجلس تكريس منطق دوس القيم وكل المثل الانسانية من أجل شهوة متعطشين لسفك الدماء! ينبغي لأحرار العالم من دول ومنظمات وهيآت دولية ومجتمعية الثورة على هذا المنطق الاستعماري الذي تكوى به الانسانية منذ عقود من الزمن!
يتجلى الإفلاس الأخلاقي عندما يرى العالم هذه الفظائع من الإجرام تطال النساء والأطفال بالدرجة الأولى (70 بالمائة من ضحايا الحرب)، ثم يسلم لعنجهية الراعي والداعم المستمر للإبادة في غزة، الإدارة الأمريكية.ويدل هذا التصويت على الإفلاس الفكري للمنظومة الحداثية الغربية التي صدعت العالم لعشرات السنين، بعد الحرب العالمية الثانية بمشروعها "المبشر" بإنقاذ البشرية من التخلف ومن الكراهية ومن القمع والاستبداد ومن الإرهاب، فإذا هي تكشف عن حقيقتها بالدوس على ذلك كله، وإستدعاء عمقها الصليبي الاستعماري بتوظيف القوة، كل أنواع القوة المادية والاستخباراتية والابتزازية وغيرها من أجل التنكيل الممنهج بكل مطالب بحقه في الحرية وفي الانعتاق من الظلم والاستغلال والاحتلال.
كما يدل هذا التصويت على الإفلاس الديمقراطي السياسي، إذ كيف تتحكم نسبة 6,7% تمثلها الإدارة الأميركية في مصير شعب بأكمله تحت الإبادة الجماعية المستمرة وترفض إيقاف الحرب ونتجاهل 93,3% من أصوات ممثلي باقي دول العالم التي صوتت لإيقاف الحرب!!
كما يعبر هذا التصويت عن الإفلاس القانوني للمنظومة الدولية حين تعطل المحاكم الدولية كالمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية ومهام المقررين الأمميين من أجل نزوات استعلائية تسلطية استعمارية موروثة من عهد بائد سيء الذكر، لخمسة من دول العالم، ويتم تجاهل رأي 188 دولة أخرى من بين 193 دولة عضوة الآن في الأمم المتحدة.
وإنك لتعجب أشد العجب وأنت تفتح الموقع الرئيس للأمم المتحدة على الأنترنيت وتجد التقديم التالي بالأحرف الكبيرة:
"الأمم المتحدة: السلام والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة.
تعريف بنا: مكان واحد حيث يمكن لدول العالم أن تجتمع معا، وتناقش المشكلات الشائعة
و تجد حلولا مشتركة".
﴿أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ٦ إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ ٧ ٱلَّتِی لَمۡ یُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ٨ وَثَمُودَ ٱلَّذِینَ جَابُوا۟ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ ٩ وَفِرۡعَوۡنَ ذِی ٱلۡأَوۡتَادِ ١٠ ٱلَّذِینَ طَغَوۡا۟ فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ١١ فَأَكۡثَرُوا۟ فِیهَا ٱلۡفَسَادَ ١٢ فَصَبَّ عَلَیۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ ١٣ إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلۡمِرۡصَادِ ١٤﴾ [الفجر ]
*مسؤول مكتب العلاقات الخارجية بجماعة العدل والإحسان/ المغرب