عين ليبيا:
2025-03-03@21:13:38 GMT

متى يبدأ الدرس؟

تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT

قضايا أساسية خطيرة تعيشها شعوب عدّة، من دون أن تعي بوجودها، كمريض ينخره داء عضال من دون أن يشعر به، أو يستهين بخطورته.

شهد العالم تغييرات تكوينية وتأسيسية بعد الحربين العالميتين، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لم تقم دول، بل كانت المنطقة خاضعة للإمبراطورية العثمانية، باستثناء المغرب الذي قامت فيه دولة مستقلة مبكراً، ولم تكن جزءاً من الإمبراطورية العثمانية.

أكبر طامة نزلت على المنطقة في ظل الحكم العثماني، كانت تحريم المطبعة من سنة 1445 إلى سنة 1717. كانت تلك القرون مرحلة الإقلاع العلمي والحضاري في أوروبا، حيث انتشر التعليم، وتحرر العقل من طغيان الكهنوت، وأنارت الفلسفة والعلم الطريق، للنهوض الصناعي. بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، نشأت دول تحت الحماية أو الوصاية الفرنسية والبريطانية. وبدأت مرحلة الاستقلال بعد الحرب العالمية الثانية، وقامت دول في منطقتنا ذات نظام ملكي. تأسست الجامعة العربية سنة 1945، وكانت منتدى لا يختلف عن دار الندوة التي تلتقي فيها القبائل العربية في العصر الجاهلي. ظاهرة عاصفة هبّت على بعض دول المنطقة، وهي الانقلابات العسكرية، حيث قام ضباط غالبيتهم من صغار السن والرتب، بالاستيلاء على السلطة. قبل ذلك اهتزت المنطقة بقيام دولة إسرائيل، وهزيمة الجيوش العربية أمامها في حرب 1948. الحرب الباردة بين الكتلتين الشيوعية، والرأسمالية في غرب أوروبا وأميركا، أدخلت منطقة الشرق الأوسط في خضم هذه الحرب. حدثان كبيران شهدتهما المنطقة. الأول كان الثورة المصرية التي استولى فيها ضباط صغار السن والرتب على السلطة سنة 1952، وإنهاء النظام الملكي الخاضع للحماية البريطانية، والحدث الآخر كان تأسيس حلف بغداد سنة 1955، الذي ضم كلاً من بريطانيا والعراق وتركيا وإيران وباكستان. هدف الحلف الأساسي والاستراتيجي، كان منع التمدد الشيوعي في المنطقة. عارض النظام العسكري المصري هذا الحلف سياسياً وإعلامياً. ترتب على هذا الموقف اعتراض الولايات المتحدة الأميركية، على تمويل صندوق النقد الدولي، لمشروع بناء السد العالي في مصر، وقرار الحكومة المصرية بتأميم قناة السويس، وترتب على ذلك شن العدوان الثلاثي البريطاني – الفرنسي – الإسرائيلي على مصر. حققت مصر انتصاراً سياسياً، رغم الخسارة العسكرية، وانسحبت القوات المعتدية. اشتعلت المنطقة العربية شعبياً في احتفالات واسعة؛ فرحاً بأول نصر يحققه العرب على دولتين كانتا تستعمران أوطانهم، وأخرى استولت على أرضهم في فلسطين. رأى الرئيس المصري الشاب جمال عبد الناصر، ومضة كبرى تضيء دنياه، وسمع صوتاً عالياً يهتف تأييداً، بل مبايعة له بلغة عربية، كما قيل من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر. هتاف انفردت به سوريا، التي كانت تعيش في نظام ديمقراطي، امتاز بالسلام الاجتماعي، والتعايش السلمي بين كل الطوائف الاجتماعية والدينية، حيث تولى رجل مسيحي هو فارس الخوري رئاسة الحكومة، ووزارة الأوقاف الإسلامية. الهتاف الشعبي الذي تفردت به سوريا، كان المطالبة بالوحدة الفورية الكاملة مع مصر عبد الناصر. تمت الوحدة بين البلدين سنة 1958، لكنها انهارت سنة 1961. توالت الانقلابات العسكرية في المنطقة، ولم يعد للديمقراطية، والأحزاب السياسية، مكان في كل دول المنطقة. تدخلت مصر في الحرب الأهلية اليمنية بعد الثورة على نظام الإمامة في اليمن. هزيمة العرب الكبرى سنة 1967، كانت الضربة التي هزَّت الرؤوس ورجَّت النفوس، وضاعفت إسرائيل مساحتها مرات، ومات شعار تحرير فلسطين من البحر إلى النهر والقضاء على إسرائيل. وحلَّت محله سياسة إزالة آثار العدوان. بعد حرب أكتوبر سنة 1973 تبنى الرئيس المصري أنور السادات، سياسة السلام مع إسرائيل، وتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية. شكَّل العراق وليبيا والجزائز وسوريا، ما عُرف بجبهة الصمود والتصدي المعارضة لسياسة السادات، لكن هذه الدول انقسمت بسرعة، حيث انحازت سوريا وليبيا إلى إيران في حربها مع العراق، الذي كان عضواً في جبهة الصمود والتصدي.

عرضتُ في هذه السطور، جملة من الأحداث الكبيرة التي عاشتها المنطقة، وشكَّلت محطات حاسمة في مساراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

لم تنل هذه المحطات التاريخية الكبيرة، دراسة علمية موضوعية عميقة، تشخّصها وتحلل أسبابها، وتكتب وصفة أو وصفات، لمقاربات تضيء للقادة السياسيين، والخبراء الاقتصاديين والاجتماعيين، مسارات بناء المستقبل. إيطاليا وألمانيا البلدان اللذان قادتهما الفاشية والنازية وجنون الديكتاتورية إلى الدمار، قام مئات من العلماء والخبراء فيهما، بدراسات موسعة حللت محركات ما حدث، ورسموا خرائط المستقبل الذي يُبنى في ظل الحرية والعلم والديمقراطية.

في منطقتنا قفز ضباط صغار إلى السلطة، واعتنقوا سياسة الشعارات، ودخلوا في حروب مع من يتقاسمون معهم اللغة العربية ذاتها. الفشل له ظهر جاهز يُحمَّلُ عليه، وهو المؤامرات الإمبريالية والصهيونية، وهم يعلمون أن الهزائم والفشل والتخلف، وقودها الفساد والجهل والديكتاتورية.

أول شروط اليقظة هو، دخول السنة الأولى في مدرسة الجرأة العلمية، وقراءة حقيقة تراكمات ما كان، وتخليق رؤية واقعية تفتح الباب لدخول عالم، هجرناه قروناً طويلة، وعشنا في كهف الأحلام الرغبوية.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

إقرأ أيضاً:

ايهود باراك يتهم نتنياهو ببيع الأكاذيب للأمريكان

اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، نظيره الحالي بنيامين نتنياهو بأن جميع قراراته تهدف فقط إلى الحفاظ على ائتلافه الحكومي واستمراره في السلطة، مشيرًا إلى أنه "يبيع الأكاذيب للأمريكيين" ويستغل انشغالهم بأزمة أوكرانيا وعدم إدراكهم العميق لتعقيدات الوضع في المنطقة.

وخلال مقابلة أجراها مع الإذاعة العبرية العامة صباح اليوم الأحد، اعتبر باراك أن المقترحات التي قدمها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف قد تكون مثالية نظريًا، لكنها تحمل إشكاليات كبيرة في الواقع. وشدد على أن الأولوية يجب أن تكون استعادة جميع الرهائن دفعة واحدة، محذرًا من أن "استمرار الجدل حول الصفقة يعني عمليًا الحكم عليهم بالإعدام"، مستشهدًا بمصير الطيار الإسرائيلي رون أراد، الذي فُقد في لبنان قبل أربعة عقود.

وأوضح باراك، المعروف بمواقفه المعارضة لنتنياهو، أن الحرب على غزة لن تتجدد لأسباب سياسية تتعلق برئيس الوزراء، إذ يسعى الأخير إلى تمرير مشروع قانون الموازنة العامة، مؤكدًا أن عدم إقرارها سيؤدي إلى سقوط حكومته فورًا.

كما وجه انتقادًا مباشرًا للمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، مشككًا في مدى إدراكه للواقع المعقد في المنطقة، ومشيرًا إلى أنه قد يقع ضحية تلاعب نتنياهو وتقديم صورة مضللة له عن الشرق الأوسط.

واعتبر باراك أن إهمال قضية الرهائن يمثل كارثة يتحمل مسؤوليتها نتنياهو ومستشاره رون درمر، إذ يضعان "إنقاذ الحكومة" فوق كل اعتبار. ودعا إلى إجراء مداولات جادة لإعادة المحتجزين فورًا، مشيرًا إلى أن حركة حماس لن تزول عسكريًا، وإنما يمكن استبدالها بخيار سياسي لليوم التالي.

وأكد باراك أن الرهان على تدمير حماس عسكريًا هو مجرد وهم، قائلاً:
"لقد دخلنا جباليا أربع مرات، ولن يتحقق أي شيء جديد في المرة الخامسة، بل ستؤدي العمليات العسكرية إلى مقتل مزيد من الرهائن والجنود، وسنعود إلى نقطة الصفر."

وأضاف أن استمرار الحرب لن يؤدي فقط إلى قتل الرهائن، بل سيؤثر على مكانة إسرائيل الدولية وقد يهدد اتفاقات إبراهام.

ترامب غير جاد بشأن خطة التهجير
في سياق متصل، رأى باراك أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب "لا يتعامل بجدية" مع خطط تهجير الفلسطينيين، ولا يدرك الواقع المعقد الذي تواجهه إسرائيل.

تصريحات باراك تعكس تصاعد الخلافات الداخلية في إسرائيل حول إدارة ملف الحرب على غزة ومستقبل المنطقة، وسط انتقادات حادة لسياسات نتنياهو التي يراها معارضوه مرتبطة فقط بمصالحه السياسية الضيقة.

مقالات مشابهة

  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • ايهود باراك يتهم نتنياهو ببيع الأكاذيب للأمريكان
  • بيلينجهام: تعلمت الدرس!
  • من هو الصحفي الذي أشعل الحرب داخل البيت الأبيض بين ترمب وزيلينسكي؟
  • المغرب الدولة العربية الوحيدة التي أعلنت الأحد أول أيام رمضان
  • وزير الري: المنطقة العربية تٌعد الأكثر ندرة في المياه
  • إعلام إسرائيلي: الجيش مستعد لاستئناف القتال في غزة وفق خطط جديدة
  • القضايا العربية والمتغيرات العالمية
  • شلقم: كل حرب في المنطقة العربية كانت حطباً يلقى فوق نار الصراع
  • تقرير يكشف الضرر الكبير الذي خلفته الحرب على الصحة العقلية للأطفال في لبنان