علي جمعة: الإسلام انتشر بطريقة طبيعية بدون عنف ولا إجبار
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، انه إذا تكلمنا عن سيدنا رسول الله ﷺ باعتباره قائدًا مجاهدًا شجاعًا نبيلاً، ونراه ﷺ وهو يعلم قواد الجيوش في العالم بأسره حقيقة الحروب، وكيف تدار، ومتى تبدأ وكيف تنتهي، وبالاطلاع على الحقائق التاريخية يتأكد ذلك المعنى
ومن هذه الحقائق: أنه ﷺ لم يسع إلى الحروب وإنما فرضت عليه بسبب الاعتداء عليه، أو رغبة الظلم والعدوان، أو محاربة دين الله والآمنين، فقد فرض عليه ﷺ طوال قيادته للدولة الإسلامية اثنان وثمانون تحركا عسكريا، لم ينشب القتال في ستين منها، وخمس تحركات لم يقتل غير المسلمين، ومجموع القتلى والشهداء من الفريقين 1004 أشخاص منهم 252 شهيدا مسلما والباقي من المشركين.
هذه الأرقام ليست من الفظاعة حتى تجبر العالم بأسره أن يخشى من الإسلام ويدخل فيه خوفا من السيف، بل إن عدد قتلى حوادث السيارات في عام واحد في أي مدينة كبيرة يفوق هذا العدد.
وذلك يؤكد أنه ﷺ لم يكن الخيار الأول عنده القتال، وكان يبتعد عن القتال قدر استطاعته حتى لا يجد من القتال بدا بأن يدافع عن نفسه وينصر المظلومين وينشر الإسلام.
وقد أنتجت هذه الحروب نحو ستة آلاف وخمسمائة أسير عفا رسول الله ﷺ عن ستة آلاف وثلاثمائة أسير، ولم يأسر ويستمر الأسر إلا على مائتين، فكانت حروبه ﷺ رحمة للعالمين، وهو سيد ولد آدم ولا فخر.
وبذلك الخلق وتلك الأرقام يعلمنا رسول الله ﷺ كيف نجاهد جهاد النبلاء، كيف نكون أتقياء مراقبين لله حتى في ظل احتدام المعركة، كيف نذكر الله في كل وقت وخاصة في وقت الجهاد، وقد اكتنف جهاده ﷺ حقائق كثيرة ينبغي أن يعلمها المسلمون، فمن كان يجاهد؟ وكيف كان تواضعه ولجوءه إلى ربه في أصعب الأوقات؟ وكيف صار أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ بعده على هديه في الجهاد؟.
وقد واصل الصحابة الكرام مسيرة نبيهم ﷺ في نشر الإسلام، والدعوة إلى الله على بصيرة، وبالحكمة والموعظة الحسنة، وكانوا لا يلجئون إلى القتال إلا إذا فرض عليهم من قوى العالم المتجبرة.
فلم ينشر المسلمون دينهم بالسيف، وقد شهد بذلك المنصفون من أبناء الحضارة الغربية، فهذا المستشرق الفرنسي جوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب) - وهو يتحدث عن سر انتشار الإسلام في عهده ﷺ وفي عصور الفتوحات من بعده -: «قد أثبت التاريخ أن الأديان لا تفرض بالقوة...، ولم ينتشر القرآن إذن بالسيف بل انتشر بالدعوة وحدها، وبالدعوة وحدها اعتنقته الشعوب التي قهرت العرب مؤخرا كالترك والمغول، وبلغ القرآن من الانتشار في الهند التي لم يكن العرب فيها غير عابري سبيل ما زاد عدد المسلمين على خمسين مليون نفس فيها».
ونسجل شهادة الكاتب الغربي الذي يدعى (توماس كارليل)، حيث قال في كتابه «الأبطال وعبادة البطولة» ما ترجمته: «إن اتهامه ـ أي سيدنا محمد ـ بالتعويل على السيف في حمل الناس على الاستجابة لدعوته سخف غير مفهوم ؛ إذ ليس مما يجوز في الفهم أن يشهر رجل فرد سيفه ليقتل به الناس، أو يستجيبوا له، فإذا آمن به من يقدرون على حرب خصومهم ، فقد آمنوا به طائعين مصدقين، وتعرضوا للحرب من غيرهم قبل أن يقدروا عليها».
إن من يقرأ التاريخ ويلاحظ انتشار الإسلام على مر العصور يعلم أن الإسلام لم ينتشر بالسيف، بل انتشر بطريقة طبيعية لا دخل للسيف ولا القهر فيها، وإنما بإقامة الصلات بين المسلمين وغيرهم وعن طريق الهجرة المنتظمة من داخل الحجاز إلى أنحاء الأرض.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة رسول الله الصحابة الكرام انتشار الإسلام
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: تحويل القبلة حدث عظيم يعكس حب النبي للوطن
كشف الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، عن أسباب تحويل القبلة في الإسلام، وهو الحدث العظيم الذي يعكس فرحة النبي صلى الله عليه وسلم باستجابة الله لدعائه، مؤكدًا أن هذا التحول كان له أهمية كبيرة لدى الصحابة، حيث كانوا يتوقون إليه.
وفي حديثه مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "اسأل المفتي" على قناة "صدى البلد"، أضاف الدكتور عياد أن حب النبي صلى الله عليه وسلم لمكة، رغم ما تعرض له من معاناة وعداء هناك، يعكس معنى عميقًا حول حب الوطن حيث قال النبي: "والله إني أعلم أنك أحب بلاد الله إلى الله، ولو لا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت".
وتابع المفتي أن الوطن في الإسلام ليس مجرد فكرة عابرة بل هو جزء من العقيدة التي يلتزم بها المسلم، مشيرًا إلى أن هناك محاولات لتشويه هذه الفكرة من خلال تأثيرات سلبية تتناقض مع مقاصد الدين.
وأوضح المفتي أن حفظ الوطن يتطلب العمل على إزالة أي معوقات تحول دون تقدمه، وينبغي أن تتضمن هذه المسؤولية الحفاظ على العلاقة الطيبة بين العبد وربه. وأضاف أن الإسلام يعزز واجب المسلم تجاه وطنه ويحث على الحفاظ عليه من أي أذى أو تهديد.
وأكد أن هناك من يروج لأفكار مغلوطة حول الوطن لأهداف شخصية أو مصالح ضيقة، داعيًا إلى تصحيح هذه المفاهيم من خلال المؤسسات الدينية والعلمية.