مصر أرض الأنبياء.. كيف وصفها سيدنا نوح وهذه صيغة دعاء سيدنا آدم لها
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
ماذا قال نبي الله نوح -عليه السلام- عن مصر؟ ذكرت العديد من الآثار أن سيدنا نوح -عليه السلام- مدح مصر وقال عنها هي أرض مصر أرض مباركة وهي أم البلاد؛ فهذا من كلام نبي الله نوح عليه السلام، وقد ورد في الأثر، وتناقله عددٌ كبيرٌ من علماء الأمة ومؤرخيها. وهذا ما أيَّده الواقع على مر العصور والأزمان.
من سمى مصر أم البلاد وغوث العباد
وسميت مصر بـ"أم البلاد و غوث العباد"؛ فبهذا سماها نبي الله نوحٌ عليه السلام؛ فقد أخرج ابن عبد الحكم في "فتوح مصر والمغرب" بسندٍ حسن عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن نوحًا عليه السلام قال لابنه حينما أجاب دعوته: [اللهم إنه قد أجاب دعوتي؛ فبارك فيه وفي ذريته وأسكنه الأرض المباركة، التي هي أم البلاد، وغوث العباد، التي نهرها أفضل أنهار الدنيا، واجعل فيها أفضل البركات، وسخر له ولولده الأرض وذللها لهم، وقوهم عليها].
وهذا الأثر ذكره جماعة من العلماء في كتبهم، واحتجوا به على فضائل مصر، فهي البلد الوحيد الثابت تسميته بهذا الاسم، وذلك كما سمى الله تعالى مكة المشرفة بــأم القرى، وهذا الاسم له دلالة المركزية والصدارة بين بقية البلاد، وله أيضًا دلالة الخير الوفير الذي يخص الله به أرض مصر مما لا يوجد في غيرها، ويحتاج الخلق إليه؛ فيفيض على جميع البلاد؛ كما هو الشأن الذي يُثبته التاريخ دومًا في مصر؛ قال العلامة الألوسي في "روح المعاني" (13/ 14، ط. دار الكتب العلمية): [قد يقال لبلد: هي أم البلاد باعتبار احتياج أهالي البلاد إليها] اهـ. وقد ذكرها بهذا اللقب سعيد بن أبي هلال، ونقل ذلك عنه العلماء والمؤرخون؛ كالحافظَيْن الكندي (355) في "فضائل مصر المحروسة"، والسيوطي في "حسن المحاضرة" (1/ 21)؛ [فقد ذكرا عن سعيد بن أبي هلال أنه قال: اسم مصر في الكتب السالفة أم البلاد، وذكر أنها مصورة في كتب الأوائل وسائر المدن مادة أيديها إليها تستطعمها].
أم البلاد والأرض المباركة
كما ذكرها بذلك الأديب علي بن ظافر الأزدي (613) في "بدائع البدائه" (ص 180)، والمؤرخ الرحالة ابن بطوطة (779) في "تحفة النظار" (1/ 201، ط. أكاديمية المملكة المغربية)، والمؤرخ الغزي (1351) في "نهر الذهب في تاريخ حلب" (1/ 123، ط. دار القلم)، وقال المرتضى الزبيدي في "تاج العروس" (14/ 126، ط. دار الهداية): [قال الحافظ أبو الخطاب بن دحية: مصر أخصب بلاد الله، وسماها الله تعالى بمصر وهي هذه دون غيرها، ومن أسمائها أم البلاد، والأرض المباركة، وغوث العباد، وأم خنور، وتفسيره: النعمة الكثيرة، وذلك لما فيها من الخيرات التي لا توجد في غيرها، وساكنها لا يخلو من خير يدر عليه فيها، فكأنها البقرة الحلوب النافعة].
وقال المؤرخ ابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة" (1/ 30، ط. دار الكتب المصرية)-: [لمَّا خلق الله عز وجل آدم عليه السلام مثَّل له الدنيا؛ شرقها وغربها، وسهلها وجبلها، وأنهارها وبحارها، وبناءها وخرابها، ومن يسكنها من الأمم، ومن يملكها من الملوك، فلمَّا رأى مصر رآها أرضًا سهلة، ذاتَ نهر جارٍ؛ مادَّتُه من الجنة، تنحدر فيه البركة، وتمزجه الرحمة، ورأى جبلًا من جبالها مكسوًّا نورًا، لا يخلو من نظر الرب إليه بالرحمة، في سفحه أشجار مثمرة، فروعها في الجنة، تُسقَى بماء الرحمة، فدعا آدم في النيل بالبركة، ودعا في أرض مصر بالرحمة والبر والتقوى، وبارك على نيلها وجبلها سبع مرات، وقال: يا أيها الجبل المرحوم، سفحك جنة، وتربتك مسك، يدفن فيها غراس الجنة، أرض حافظة مطيعة رحيمة، لا خلتك يا مصر بركة، ولا زال بك حفظ، ولا زال منك ملك وعز، يا أرض مصر فيك الخبايا والكنوز، ولك البر والثروة، سال نهرك عسلًا، كثَّر الله زرعك، ودر ضرعك، وزكى نباتك، وعظمت بركتك وخصبت، ولا زال فيك خير ما لم تتجبري وتتكبري أو تخوني، فإذا فعلت ذلك عراك شرٌّ، ثم يعود خيرك. فكان آدم عليه السلام أول من دعا لها بالرحمة والخصب والبركة والرأفة].
وذكر أبو الحسن أحمد بن محمد بن المدبر المصري الكاتب [ت270هـ]: [مصر اختيار نوح عليه السلام لولده، واختيار الحكماء لأنفسهم، واختيار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لأنفس الصحابة.. واختيار عمرو بن العاص رضي الله عنه لنفسه.. واختيار الخلفاء لمن يقوم منهم، وكذلك الملوك والسلاطين إلى وقتنا هذا، وقد صارت دار الملك وبيضة الإسلام]. نقلًا عن القاضي ابن ظهيرة في "الفضائل الباهرة في مصر والقاهرة" (ص: 82).
وأفادت دار الإفتاء، بأن أرض مصر أرض مباركةٌ وهي أم البلاد؛ فبهذا سماها نبي الله نوحٌ عليه السلام، وتناقل هذه التسمية عددٌ كبيرٌ من علماء الأمة.
كما شرفها بمرور كثير من الأنبياء فيها، فعلى أرضها مر الخليل إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة، وفيها تلقَّى موسى الألواح، وعلى أرضها مر يعقوب عليه السلام والأسباط لما قدِموا للعيش في مصر، وكذا نبي الله يوسف عليه السلام، وسيّدنا شعيب، والنبي داود، والنبي صالح، والنبيّ عيسى عليهم السلام.
نزول النبي محمد في سيناء
وفي رحلة الإسراء والمعراج، التي أسرى الله بها بحبيبه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السماء، نزل النبي في 5 أماكن، طلب منه جبريل أن يصلي فيها، ذكرها البزار والطبراني والبيهقي والقسطلاني والإمام أحمد بن حنبل وبرهان الدين الحلبي والنبهاني.
1- يثرب: لمَّا بلغوا أرضًا ذات نخل، قال جبريل: انزل فصلِّ هنا، ففعل. فقال جبريل: صلَّيْتَ بِطَيْبَةَ وإليها المهاجر.
2- مدين: لمَّا بلغ مدين قال جبريل: انزل فصلِّ. ففعل. فقال جبريل: صَلَّيْتَ بمَدْيَنَ، حيث عاش شعيبٌ.
3- طور سيناء: لمَّا بلغ طورَ سَيْنَاءَ قال جبريل: انزل فصلِّ. ففعل. فقال جبريل: صَلَّيْتَ بطورِ سَيْنَاءَ حيث ناجى الله موسى.
4- بيت لحم: لمَّا بدت أرضٌ لهـا قصورٌ، قال جبريل: انزل فصلِّ. ففعل. فقال: صَلَّيْتَ ببيتِ لحم حيث وُلِدَ عيسى.
5- قبر موسى: لمَّا مَرّ على قبرِ موسَى، وهو يصلِّى فى قبرِهِ عند الكثيبِ الأحمرِ، قال جبريل: انزل فصلِّ. ففعل.
وورد في كتب السيرة والحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في رحلة الإسراء مر على عدد من الأماكن المباركة، ومنها مصر، وتحديدًا في طور سيناء، فبعد أن مر البراق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم على طيبة - المدينة المنورة الآن - وكذلك أرض مدين بالقرب من منطقة تبوك، سار البراق إلى أن وصل بالنبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وجبريل عليه السلام إلى طور سيناء في مصر حيث كلم الله نبيه موسى تكليمًا، فقال له جبريل: انزل فصلّ، فنـزل فصلى.
من هم الأنبياء الذين عاشوا فى مصر
ذكر الدكتور محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، بعض فضائل مصر والأنبياء الذين عاشوا فيها، مضيفًا أن نبي الله نوح دعا أولاده، فلم يجبه إلا واحد من أبنائه دعا له بأن يسكنه الله مصر.
وأضاف «وسام» ردًا على سؤال: مَن ِمن الأنبياء عاش في مصر؟ أن نبي لله نوح لما لم يجبه سوى ابن واحد من أبنائه، دعا له بأن يسكنه الله أم البلاد وغوث العباد التي يجري فيها أفضل أنهار الدنيا، مشيرًا إلى أنه أثرُموقوف على ابن عباس حَسن السند.
وأوضح أن نبي الله يوسف كان من الأنبياء الذين عاشوا في مصر، وموسى الذي كلم الله من فوق جبل الطور في مصر، وأن سيدنا إبراهيم وسيدنا إدريس قد دخلاها مشيرًا إلى دخول السيد المسيح وأمه في أرض مصر وصلاة النبي صلى الله عله وسلم في أرضها(طور سيناء) أثناء رحلة الإسراء والمعراج أن من لم يعش من الأنبياء في مصر دعا لها، كما فعل أبو البشر آدم عليه السلام.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أرض مصر أرض مباركة نوح مصر أرض مباركة أم البلاد الأنبیاء الذین نبی الله نوح من الأنبیاء دار الإفتاء علیه السلام قال جبریل طور سیناء أم البلاد صلى الله أرض مصر دعا له فی مصر
إقرأ أيضاً:
هل رأى سيدنا النبي الله عزو جل؟.. يسري عزام يوضح
أكد الدكتور يسري عزام، إمام جامع عمرو بن العاص، أن كل نبي كان يعكس نموذجًا مختلفًا في العلاقة مع الله، فبينما كان سيدنا موسى عليه السلام يطلب رؤية الله في الدنيا، كان سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم يتمتع برؤية خاصة في السماء، حيث قال الله تعالى في شأنه "فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا"، وهو ما يعكس عناية الله الخاصة به منذ لحظة ولادته وحتى رحلته إلى السماء.
وأضاف إمام جامع عمرو بن العاص، خلال تصريح اليوم الاثنين، أن سيدنا موسى عليه السلام كان محبًا لله، وكان يسعى بكل ما أوتي من قوة للاقتراب من الله، وعندما طلب رؤية الله، قال له الله سبحانه وتعالى: "لن تراني ولكن انظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه فسوف تراني"، وعندما نظر سيدنا موسى إلى الجبل، تحطم الجبل وسقط مغشيًا عليه، وفي ذلك درس عظيم للمؤمنين في كيفية فهم التجلي الإلهي، حيث تجلى الله على الجبل بشكل يعجز البشر عن تحمله، إذ لو كشف الحجاب لحُرِق كل شيء.
وتابع بأن الشيخ الشعراوي رحمه الله فسر هذه الواقعة بقولهم: "إذا كان الجبل لم يستطع تحمل تجلي الله، فكيف للبشر أن يتحملوا؟" مشيرًا إلى أن هذا التجلي كان لحظة عظيمة تعكس عظمة الله وقدرته، حيث لم يتحمل الجبل الرؤية وكان محطّمًا بسبب هذه القوة الإلهية.
كما ذكر الدكتور يسري عزام أن هذه المعجزة تبرز كيفية تعامل الأنبياء مع رحمة الله وعنايته الخاصة، حيث كان سيدنا موسى عليه السلام، رغم حبّه الكبير لله، لا يستطيع تحمل رؤية الله في الدنيا، أما سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قُدر له أن يكون في أعلى مراتب القرب من الله في رحلة الإسراء والمعراج، إذ تجلت عناية الله به في السماء.