اكتشاف قرية أثرية من العصر البرونزي في واحة خيبر
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
الرياض : البلاد
أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة العلا عن اكتشاف فريد من نوعه لقرية أثرية من العصر البرونزي في واحة خيبر، شمال غرب المملكة، ضمن بحث أثري جديد نُشر في مجلة (بلوس ون) العلمية.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقدته الهيئة اليوم بمركز المؤتمرات في وكالة الأنباء السعودية بالرياض، سلط الضوء على أهمية هذا الاكتشاف الأثري وانعكاسه على المملكة في مجال الآثار على الصعيد الدولي وما تكتنزه أرضها من عمق حضاري، يعزز من جهودها في حماية التراث الثقافي والتاريخي، وعنايتها بتبادل المعرفة والخبرات مع العالم لتعزيز الوعي بالتراث الإنساني المشترك.
ويؤكد هذا الاكتشاف التزام المملكة بالحفاظ على التراث العالمي، وتعزيز التراث الثقافي وفقًا رؤية المملكة 2030 ، مع أهمية تعزيز الشراكات الدولية لتقديم هذا الإرث الغني للأجيال القادمة وللعالم.
ويظهر الاكتشاف، الذي تمّ في إطار مشروع “خيبر عبر العصور” بقيادة الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي الدكتور غيوم شارلو، ومديرة المسوحات الأثرية في الهيئة الملكية لمحافظة العلا الدكتورة منيرة المشوح، الانتقال من حياة الرعي المتنقلة إلى الحياة الحضرية المستقرة في المنطقة، خلال النصف الثاني من الألفية الثالثة قبل الميلاد, وبذلك يغير من المفاهيم السابقة بأن المجتمع الرعوي والبدوي كان النموذج الاجتماعي والاقتصادي السائد في شمال غرب الجزيرة العربية خلال العصر البرونزي المبكر والمتوسط.
وتشير الدراسة إلى أن مناطق مثل خيبر كانت مراكز حضرية مهمة تدعم استقرار مجتمعاتها بشكل دائم، وخاصةً مع ظهور الزراعة فيها، فضلًا عن كونها مراكز للتجارة والتعاملات مع المجتمعات المتنقلة. وكان لظهور هذا النمط الحضري أثر كبير على النموذج الاقتصادي الاجتماعي في المنطقة.
كما تُظهر الأدلة أنّه على الرغم من وجود عدد كبير من المجتمعات الرعوية المتنقلة في شمال غرب الجزيرة العربية في العصر البرونزي، إلاّ أن المنطقة كانت تضم عددًا من الواحات المسوّرة المتصلة مع بعضها، والمنتشرة حول المدن المحصّنة مثل تيماء.
وتقدّم القرية المكتشفة، التي تُدعى “النطاة”، دليلًا على وجود تقسيم واضح ضمن الحصون والمدن لمناطق مخصصة للسكن وأخرى جنائزية، ويعود تاريخ القرية إلى قرابة 2400-2000 قبل الميلاد وحتى 1500-1300 قبل الميلاد، وبلغ عدد سكانها 500 شخص ضمن مساحة 2.6 هكتار، مع وجود سور حجري بطول 15 كم يحيط بواحة خيبر لحمايتها.
وتمّت الدراسة من قبل الهيئة الملكية لمحافظة العلا بالتعاون مع الوكالة الفرنسية لتطوير محافظة العلا والمركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية, ويتولى قسم الآثار والحفظ والمقتنيات في الهيئة إدارة أحد أكبر برامج البحث الأثري في العالم، في إطار جهوده لتعزيز الوعي العالمي حول العلا بوصفها وجهةً عالميةً للتراث الثقافي، إلى جانب تضمين هذا الاكتشاف في بحثٍ أثريٍ جديد تمّ نشره في مجلة (بلوس ون) العلمية.
وتقع واحة خيبر على أطراف حقل حرة خيبر البركاني، وتشكلت عند التقاء ثلاثة أودية في منطقة جافة، ووجدت قرية “النطاة” في الأطراف الشمالية للواحة تحت أكوام من صخور البازلت حيث كانت مدفونةً لآلاف السنين.
وتمكن فريق البحث من تحديد الموقع الأثري في أكتوبر 2020، إلاّ أنه كان من الصعب تمييز هياكل القرية وتخطيطها، وفي فبراير 2024 استعان الفريق بعمليات مسح ميداني وأعمال بحث مخصصة، وتصوير عالي الدقة لفهم ما يكمن تحت السطح. ومن المتوقع أن تسهم عمليات التنقيب الأكثر شمولًا في المستقبل في تقديم صورة أوضح عن الموقع.
وترسم الدراسة صورة أولية لملامح حياة سكان قرية “النطاة”، حيث كانوا يقيمون في مساكن تقليدية من عدة أدوار، وكانوا يخصصون الدور الأرضي للتخزين في الغالب، بينما كانت معيشتهم في الطابقين الأول أو الثاني، وكانت الطرقات بين المساكن ضيقة تقود إلى مركز القرية، وكانوا يدفنون موتاهم في مدافن ومذيلات برجية متدرجة؛ مما يشير إلى علو مكانة المدفون من خلال وضع قطعٍ ثمينةٍ في بعض المدافن، كالفخار أو الأسلحة المعدنية كالفؤوس والخناجر، وكان سكان القرية يستخدمون الخرز في ملابسهم، ويصنعون الفخار ويتاجرون به، وكانوا يعملون بالمعادن، ويزرعون الحبوب ويربون الكائنات الحية، إذ كان النظام الغذائي المحلي يعتمد بشكل كبير على الأغنام والماعز، ويظهر تعاون السكان لتعزيز أسوارهم بالحجارة الجافة والطين.
وضم فريق البحث بالإضافة إلى الدكتور غيوم شارلو، الدكتورة منيرة المشوح مديرة المسوحات الأثرية في الهيئة الملكية لمحافظة العلا، والمؤرّخ صيفي الشلالي من أهالي خيبر.
وتُضاف الاكتشافات الجديدة إلى سلسلة من الدراسات التي بدأت في منذ عام 2018 باستكشاف معالم وخبايا العلا وخيبر القديمة، بما في ذلك المنشآت الحجرية الضخمة المعروفة باسم “المستطيلات”، والمصائد الحجرية، و”الطرق الجنائزية” الطويلة التي ربطت بين المستوطنات والمراعي عبر ممرات محاطة بالمدافن، بالإضافة إلى المساكن المعروفة باسم “الدوائر الحجرية المنصوبة”.
وتشير هذه الدراسات بمجملها إلى أن المجتمعات في العصر البرونزي في شمال غرب شبه الجزيرة العربية؛ كانت أكثر تعقيدًا وارتباطًا بالمنطقة الأوسع مما كان يُعتقد سابقًا.
وتشرف الهيئة الملكية لمحافظة العلا على 10 مشاريع أثرية، بمشاركة 100 عالم آثار ومختص في العلا وخيبر ليسهم الاكتشاف بترسيخ مكانة العلا والمملكة كمركز عالمي للأبحاث الأثرية والحوار الثقافي، ويأتي الإعلان بعد انعقاد ندوة العلا العالمية للآثار 2024، التي أقيمت خلال الأيام الماضية، وشهدت مشاركة مجموعة متعددة التخصصات من علماء الآثار وخبراء التراث الثقافي من جميع أنحاء العالم حول موضوع “استشراف المستقبل: آثار وتراث المجتمعات المتنقلة عبر الماضي والحاضر والمستقبل”.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: قرية أثرية واحة خيبر الهیئة الملکیة لمحافظة العلا العصر البرونزی شمال غرب
إقرأ أيضاً:
محافظ بورسعيد يناقش مقترحات تطوير" الهوية البصرية" لمحافظة بورسعيد
عقد اللواء أركان حرب محب حبشي محافظ بورسعيد، اجتماعا، لاستعراض و مناقشة عددٱ من مقترحات تطوير الهوية البصرية في الشوارع والميادين و المنشآت بمحافظة بورسعيد، وذلك لوضع هوية بصرية متميزة للمحافظة، تعكس تراثها وتاريخها، و ترتبط ارتباطا وثيقا بالبيئة المحيطة، جاء ذلك بحضور الدكتور عمرو عثمان نائب المحافظ، واللواء عمرو فكري السكرتير العام المساعد، و اللواء أيمن جمال الدين مساعد المحافظ، و الدكتور أشرف المقدم رئيس لجنة التراث المعماري ببورسعيد، والمهندسة نيرمين نشأت مدير إدارة التخطيط العمراني بالديوان العام وممثلي جامعة بورسعيد، و عدد من الجهات المختصة
خلال الاجتماع تم طرح العديد من الأفكار الإبداعية التي تسهم في بناء هوية بصرية متكاملة ومتناغمة مع هوية محافظة بورسعيد يتم تنفيذها في المؤسسات المختلفة و الطرق و الميادين و الفعاليات المتنوعة، و تتماشى مع جهود وزارة التنمية المحلية نحو تعميق مفهوم الهوية البصرية في المحافظات المصرية، كما تم عرض أهداف خلق هوية بصرية للمحافظة، ومنهجية العمل على إعداد الهوية البصرية المميزة لمدينة بورسعيد
أكد محافظ بورسعيد، على أهمية أن ترتبط الهوية البصرية ارتباطا وثيقا بمحافظة بورسعيد ومعالمها وتعكس تاريخها و تراثها و تتماشى مع خطط التنمية السياحية بالمحافظة، و تجمع أيضا بين الماضي والحاضر لما لها من تأثير كبير في تعزيز الولاء والانتماء لدى المواطنين تجاه مدينتهم و تبرز الصورة الحضارية و الجمالية لمدينة بورسعيد
وأشار المحافظ، لضرورة تضافر جهود الجهات المختصة من أجل تنفيذ عمل يليق بمحافظة بورسعيد، و الالتزام بالاشتراطات العامة للهوية البصرية التي تم وضعها من قبل وزارة التنمية المحلية و جهاز التنسيق الحضاري، وصولًا إلى استخلاص اشتراطات هوية بصرية تتناسب مع الطبيعة الثقافية والعمرانية الخاصة بمحافظة بورسعيد، وتحديد آليات التنفيذ المناسبة لها