غزة - خاص صفا "أوضاع إنسانية كارثية، لا طعام ولا وقود ولا إسعاف ولا أكفان ولا خدمات صحية ولا مستشفيات"، مشهد مما يعانيه نحو 100 ألف مواطن شمالي قطاع غزة، مع استمرار حرب الإبادة الجماعية والحصار الإسرائيلي المشدد. الجرحى ينقلون على الأكتاف، فيما عشرات الشهداء ملقون في الشوارع وتحت أنقاض المنازل المدمرة، لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني إنتشالهم، بعدما أُجبرت قسرًا، بفعل استهدافها الممنهج من قوات الاحتلال.

لا مظاهر للحياة في مخيم جباليا ومشروع بيت لاهيا، كل شيء بات منعدمًا، في ظل مواصلة الاحتلال منع إدخال المساعدات والغذاء والمياه، وتدمير البنية التحتية، وأحياء سكنية بأكملها. واقع مأساوي هذا الواقع المأساوي دفع بلدية بيت لاهيا لإعلانها منطقة "منكوبة"، بحاجة عاجلة لإنقاذ ما تبقى منها. ورغم صرخات المحاصرين وأنينهم ومعاناتهم، إلا أن العالم لا يُحرك ساكنًا لما يجري من إبادة مروعة وحصار مطبق لم يرحم كبيرًا ولا صغيرًا. 29 يومًا لم يتوقف جيش الاحتلال عن ارتكاب الجرائم والمجازر ضد شعبنا الفلسطيني، وخاصة في محافظة شمال قطاع غزة الذي يعاني القتل والاستهداف المتواصل لكل القطاعات الحيوية. كما يقول مدير عام المكتب الإعلامي في غزة إسماعيل الثوابتة ويوضح أن الاحتلال استهدف كل المستشفيات والطواقم الطبية، وقتل الطبيب محمد غانم واعتقل العشرات من العاملين، بعد تهديد المستشفيات وإخراجها عن الخدمة. "هذه المجازر المتواصلة بحق شعبنا الفلسطيني ما زال الاحتلال يرتكبها كل ساعة شمالي القطاع، كان أكبرها المجزرة المروعة بحق عائلة أبو نصر التي اُستشهد فيها أكثر من 100 مواطن، معظهم من الأطفال والنساء. ويشير إلى أن أكثر من 130 مفقودًا ما زالوا تحت الأنقاض لم تتمكن طواقم الدفاع المدني من انتشالهم، لأن الاحتلال دمر سياراتهم ومنع عملهم بشكل كامل، إضافة إلى حرق سيارة أخرى تُستخدم في إنقاذ المواطنين. ولم يتوقف الاستهداف عند ذلك، بل تعمد تدمير القطاع الصحي شمالي القطاع، بعدما استهداف المستشفيات الثلاثة "كمال عدوان، الإندونيسي والعودة" في مخيم جباليا وبيت لاهيا، وأخرجها عن الخدمة. استهداف لا يتوقف ويضيف الثوابتة "كارثة إنسانية حقيقية يعيشها المحاصرون شمالي القطاع، نتيجة استمرار جيش الاحتلال بقتل أبناء شعبنا وارتكاب المزيد من الجرائم ضد النازحين في مراكز النزوح والإيواء، والمنازل، وضد كل شيء في الشمال". ويؤكد أن الاحتلال يحاول فرض خطة "الجنرالات" بتهجير أبناء شعبنا من محافظة الشمال، فيما يمنع فتح ممرات إنسانية آمنة من أجل تقديم الخدمة الصحية وإدخال الطواقم الطبية وإمداد المستشفيات بالوقود. ويتابع أن الاحتلال يستمر في حصار هذه المحافظة للانتقام من المواطنين الذين رفضوا رفضًا تامًّا إخلائها، وخطة تهجيرهم. ويقول إن الإدارة الأمريكية وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة يتحملون المسؤولية الكاملة عن جرائم الإبادة الجماعية المتواصلة في القطاع، ولا سيما محافظة الشمال. ويطالب الثوابتة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والأممية بفتح ممرات آمنة بشكل فوري وسريع، لإدخال المستلزمات الطبية والفرق الطبية والجراحية، وأيضًا مستشفيات ميدانية حتى نستطيع إنقاذ ما يمكن إنقاذه شمالي القطاع. وتعمد جيش الاحتلال_ كما يؤكد الثوابتة_ تحقيق مبدأ الشلل التام لعمل الدفاع المدني في محافظة الشمال وتدمير كل سيارات الإسعاف، بهدف تحويل القطاع عامةً، وشماله خاصةً إلى منطقة "خراب" ودمار. ويضيف "وبالتالي يواصل الضغط على أبناء شعبنا الفلسطيني لدفعهم للتهجير القسري، تحت تهديد القتل وإطلاق النار، وارتكاب المجزرة تلو الأخرى بحقهم". حكاية صمود ووفقًا للثوابتة، فإن جيش الاحتلال وضع خطة مدروسة ومعلنة مسبقًا من وزراء في حكومة الاحتلال، هدفها القضاء على المنظومة الصحية بشكل كامل في قطاع غزة، من خلال ثلاثة مسارات. والمسار الأول: تدمير المباني، وهذا ما تعمد جيش الاحتلال تنفيذه منذ بدءحرب الإبادة، عبر تدمير وإحراق المستشفيات والمراكز الصحية وإخراجها عن الخدمة، وهناك 34 مستشفى أخرجها عن الخدمة، ولم يتبقى سوى مستشفى حكومي واحد يقدم الخدمة الصحية والطبية لأكثر من مليون إنسان، وهو مستشفى شهداء الأقصى. وأما المسار الثاني، وفقًا للثوابتة، استهداف الطواقم الطبية، من خلال قتل أكثر من 1000 طبيب وممرض وكادر من القطاع الصحي، واعتقال 310 آخرين، فيما أعدم داخل سجون الاحتلال تحت التعذيب ثلاثة من الأطباء، وهم عدنان البرش، وزياد الدلو، وإياد الرنتيسي. ويضيف "نحن نعتقد وجود أيضًا طواقم طبية أعدمها الاحتلال، لكن هؤلاء فقط الذين عرفت أسمائهم". ويوضح أن المسار الثالث يتعلق بمنع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية والأدوية للمستشفيات، وأيضًا منع سفر الجرحى والمرضة لتلقي العلاج، ولدينا 25 مسجلة أسمائهم للسفر لتلقي العلاج يواصل الاحتلال منع سفرهم، ما يشكل ضغطًا أكبر على القطاع الصحي. ويبين أن هناك 101,223 مصابًا في القطاع منذ بدء الحرب يحتاجون إلى نصف مليون عملية جراحية، لا يمكن إجرائها في هذا الوقت، بسبب إنهيار المنظومة الصحية وتدميرها بشكل ممنهج. ويتابع "نحن نعاني أزمة إنسانية حقيقية عميقة فيما يتعلق بوجود الجرحى والمرضى، نتحدث عن أكثر من 130,000 منهم بحاجة الي إجراء عمليات جراحية وعلاجات وأدوية". ورغم كابوس الموت والجوع والدمار الذي يُلاحق أهالي شمالي القطاع، إلا أنهم يؤكدون بصمودهم وثباتهم تمسكهم في أرضهم ورفض كل محاولا النزوح والتهجير القسري. 

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: شمال القطاع العدوان على غزة أوضاع مأساوية إبادة حصار شمالی القطاع جیش الاحتلال أن الاحتلال عن الخدمة أکثر من

إقرأ أيضاً:

مستشفى الرنتيسي بغزة.. صراع من أجل الحياة لأطفال غسل الكلى

في مشهد يختصر معاناة القطاع الصحي بغزة، يصارع أطفال فلسطينيون في مستشفى الرنتيسي للأطفال للبقاء على قيد الحياة، حيث يخضعون لجلسات غسل كلى وسط ظروف قاسية ونقص حاد في الإمكانات الطبية، نتيجة الحصار الإسرائيلي المستمر وتأثير الإبادة التي شهدها القطاع.

داخل غرفة غسل الكلى، يرقد الأطفال على الأسرة متصلين بأجهزة ضخ الدم التي تسحب السموم من أجسادهم الغضة.

ملامحهم شاحبة، وأعينهم تترقب، بعضهم مغمض العينين من شدة الإرهاق، بينما يحاول آخرون التحدث رغم التعب.

وبالقرب من سرير طفلها، تجلس إحدى الأمهات ممسكة بيده الصغيرة، تهمس بالدعاء في محاولة لتهدئة قلبها المضطرب، بينما يضغط الممرض على أزرار الجهاز لبدء العملية التي تستغرق أربع ساعات.

وفي زاوية ثانية، طفل آخر ينظر إلى السقف بعينين زائغتين، وكأن عمره تجاوز سنواته القليلة بكثير، من شدة الألم والمعاناة التي يعيشها في هذا المستشفى الذي أصبح مكانا دائما للمعركة من أجل البقاء.

القسم الوحيد شمال غزة

ويعد هذا القسم في مستشفى الرنتيسي بمدينة غزة الوحيد الذي يقدم خدمات غسل كلى للأطفال دون 14 عاما في شمال القطاع، حسب ما أكده نبيل عيد، رئيس قسم أمراض الكلى للأطفال بالمستشفى.

وقبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، كان القسم يضم 14 آلة لغسل الكلى، ويخدم 45 طفلا كانوا بحاجة إلى الجلسات ثلاث مرات أسبوعياً.

إعلان

لكن مع تدمير جزئي للقسم خلال الإبادة الجماعية، توقفت الخدمة مؤقتا، ما أسفر عن وفاة العديد من الأطفال بسبب نقص الجلسات الطبية والإمكانات الضرورية، فضلاً عن صعوبة نقل المرضى إلى أماكن أخرى بسبب التوغلات الإسرائيلية والقصف المستمر.

افتتح مؤخرا

ورغم الدمار، وبفضل الجهود المتواصلة من وزارة الصحة، أعيد افتتاح القسم مؤخرا ليبدأ استيعاب الأطفال المرضى الذين يحتاجون إلى هذه الرعاية الحيوية.

وأشار الطبيب عيد إلى أن القسم يستقبل حاليا 12 طفلا فقط، في حين تم تحويل بعض الأطفال الذين كانوا يتلقون العلاج قبل الحرب الإسرائيلية إلى الخارج لتقليل المخاطر الصحية.

ويواجه القسم نقصا حادا في المستلزمات الطبية الأساسية، خاصة القسطرة الدموية الخاصة بالأطفال، التي تُعد ضرورية لإجراء جلسات غسل الكلى.

كما يعاني المستشفى نقصا حادا في الأدوية والمواد الطبية اللازمة، ما يزيد من معاناة الأطفال وذويهم.

ودعا عيد المؤسسات الصحية الدولية لتقديم الدعم العاجل للمنظومة الصحية في قطاع غزة، لمساعدتها على تجاوز هذه المحنة المستمرة.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، دمرت إسرائيل 34 مستشفى من أصل 38، منها حكومية وأهلية، تاركة 4 مستشفيات فقط تعمل بقدرة محدودة رغم تضررها، وسط نقص حاد بالأدوية والمعدات الطبية، بحسب آخر إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
كما أخرجت الغارات الإسرائيلية 80 مركزا صحيا عن الخدمة بشكل كامل، إلى جانب تدمير 162 مؤسسة طبية أخرى.

حصار مستمر

بدوره، قال  رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بغزة سلامة معروف: تتواصل جريمة الاحتلال بمحاصرة قطاع غزة ومنع وصول المساعدات بمختلف أنواعها، ومن بينها الوقود.

وأضاف في منشور على منصة إكس مؤخرا، أن هذا الحصار يترتب عليه توقف المستشفيات والمراكز الصحية عن العمل بشكل كامل، ما يهدد حياة آلاف المرضى والجرحى.

إعلان

كما لفت إلى أن هذا الوضع يسبب توقف خدمات البلديات وحركة الإسعاف والدفاع المدني، إضافة إلى تعطيل محطات معالجة الصرف الصحي، ما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع.

والاثنين، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن وقف السماح بدخول المساعدات الإنسانية لغزة إن حكومته قررت السبت وقف دخول البضائع والإمدادات إلى قطاع غزة.

وخاطب نتنياهو حماس بالقول إنها إذا لم تفرج عن الأسرى الإسرائيليين فستكون العواقب لا يمكن تخيلها، معلنا الاستعداد بدعم من الرئيس (الأمريكي دونالد) ترامب، للمراحل التالية من المعركة.

ومطلع مارس/ آذار الجاري، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة رسميا والتي استغرقت 42 يوما، فيما تنصلت إسرائيل من الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.

ويريد نتنياهو تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين في غزة، دون تقديم أي مقابل لذلك أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية، وذلك إرضاء للمتطرفين في حكومته.

فيما تؤكد حماس مرارا التزامها بتنفيذ الاتفاق وقف إطلاق النار، وتطالب بإلزام إسرائيل بما نص عليه، وتدعو الوسطاء للبدء فورا بمفاوضات المرحلة الثانية بما تشمله من انسحاب إسرائيلي من القطاع ووقف الحرب بشكل كامل.
وبدعم أمريكي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير/ كانون الثاني 2025، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • مستشفى الرنتيسي بغزة.. صراع من أجل الحياة لأطفال غسل الكلى
  • بالصور.. أهالي غزة يعيشون الحياة من قلب الدمار
  • حماس تعلن موافقتها على المقترح المصري
  • «الفارس الشهم 3» تلبي احتياجات أهالي غزة خلال رمضان
  • وزير الصحة يمنع مغادرة المسؤولين الجهويين ومديري المستشفيات لمناطق عملهم دون ترخيص
  • التعليم العالي: تعزيز الشراكة بين المستشفيات الجامعية والقطاع الخاص لتطوير الرعاية الصحية
  • الأمم المتحدة: النازحون في مخيمات جنين وطولكرم يفتقدون أدنى مقومات الحياة
  • منع الاحتلال الوقود عن المستشفيات يهدد المرضى في غزة
  • حماس تدعو لخطوات عربية وإسلامية عملية لتعزيز صمود الفلسطينيين
  • شركة كهرباء غزة: انقطاع التيار لأكثر من 519 يومًا يشكل كارثة إنسانية غير مسبوقة