اليونيسيف: مخاوف على آلاف الصغار في شمال غزة بسبب شلل الأطفال
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
أعرب المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" في القدس، كاظم أبو خلف، في حديث إلى قناة "الحرة"، السبت، عن وجود مخاوف على آلاف الأطفال في شمال قطاع غزة، لعدم تلقيهم لقاح شلل الأطفال.
ولفت إلى أن المرحلة النهائية من الحملة تهدف إلى الوصول إلى ما يقدر بنحو 119 ألف طفل تحت سن العاشرة، لكن تحقيق هذا الهدف أصبح الآن "غير مرجح" مع تدهور الأوضاع في شمال غزة يوما بعد يوم.
وأوضح أبو خلف أنه كان من المفترض أن تشمل الجولة الثانية من عمليات التلقيح شمالي القطاع، مضيفا: "جرى تقليص المساحة لتشمل فقط مدينة غزة، حيث يقدر عدد الصغار هناك بـ50 ألف طفل".
ونبه إلى أن ذلك يعني أن حوالي 70 ألف طفل في بقية شمالي القطاع، سيبقون دون الحصول على لقاح، مردفا: "السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا عن الأهالي الذين لا يستطيعون الوصول إلى مراكز التطعيم في مدينة غزة؟ والتي يبلغ عددها بالمناسبة 66 نقطة".
وزاد: "هذا يعني أن هناك أطفالا سيفقدون حقوقهم في الحصول على التطعيم، وعليه لن يكونوا محصنين ضد فيروس شلل الأطفال".
ولفت أبو خلف إلى أن المحادثات مع كل الأطراف لا تزال مستمرة، على أمل توسيع مساحة المواقع التي ستحصل على التطعيم ضد ذلك الفيروس الخطير، وذلك من خلال السماح للناس بالوصول إلى مراكز التطعيم، أو السماح لفرق تقديم اللقاح بالوصول إليهم.
وشدد على أن حظر إسرائيل لعمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أثّر على عمل اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية، موضحا أن "تلك المنظمة الأممية تمتلك إمكانيات بشرية ولوجيستية أكبر، للمساهمة في تلك الحملة وغيرها من الخدمات".
وكانت منظمة الصحة العالمية، قد أعلنت، الجمعة، أن الجولة الثانية من حملة التلقيح ضد شلل الأطفال في شمال غزة ستستأنف السبت، بعدما تسببت عمليات القصف الإسرائيلية على المنطقة بوقفها.
وجاء الإعلان بعد يوم من دعوة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إسرائيل بشكل عاجل إلى تسهيل إتمام الحملة على وجه السرعة.
وبدأت حملة التطعيم في الأول من سبتمبر، بعدما أكد القطاع المحاصر أول إصابة بشلل الأطفال فيه منذ 25 عاما، حسب وكالة فرانس برس.
واستُكملت جولة أولى من التطعيم في أنحاء قطاع غزة وبدأت الجولة الثانية الضرورية من أجل المناعة كما هو مقرر في 14 أكتوبر أولا في وسط غزة ومن ثم في جنوبها، بفضل ما وصفت بأنها هدن إنسانية.
لكن منظمة الصحة أجّلت المرحلة الأخيرة في الشمال، التي كان من المقرر أن تبدأ في 23 أكتوبر، نتيجة "القصف الكثيف" الذي جعل الظروف الميدانية "مستحيلة".
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، على منصة "إكس": "حملة التلقيح ضد شلل الأطفال في شمال غزة جاهزة للاستئناف.. تأكدنا من الهدنة الإنسانية اللازمة في مدينة غزة للقيام بالحملة".
وتابع: "للأسف، فإن المنطقة التي تغطيها الحملة تم تقليصها بشكل كبير مقارنة بجولة التطعيم الأولى، مما سيترك بعض الأطفال غير محميين ويواجهون خطرا أكبر بالإصابة".
وفي تبريرها الأساسي لتأجيل التطعيم في الشمال، قالت المنظمة إن المنطقة التي تمّت الموافقة على الهدن الإنسانية فيها، أصبحت تشمل مدينة غزة فحسب، مما يعني أن العديد من الأطفال لم يتمكنوا من تلقي الجرعة الثانية.
تحذير من وضع "مأساوي"وفي سياق متصل، قال بيان موقّع من رؤساء 15 منظمة أممية، أبرزها يونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي، الجمعة، إن شمالي غزة "تحت الحصار لمدة شهر تقريبا، ومحروم من المساعدات الأساسية والإمدادات المنقذة للحياة، مع استمرار عمليات القصف والهجمات الأخرى".
وتابعت الهيئات الأممية أنه خلال الأيام القليلة الماضية فقط، "قتل المئات من الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال، وأُجبر الآلاف على النزوح مجددا".
وأوضح البيان أن السكان في شمال غزة "معرضون لخطر الموت بسبب المرض والمجاعة والعنف"، وحث طرفي الصراع في غزة (الجيش الإسرائيلي وحركة حماس) على حماية المدنيين، داعيا إسرائيل إلى "وقف هجومها على غزة وعلى العاملين في المجال الإنساني الذين يحاولون تقديم المساعدة".
وبدأت إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق في شمال غزة، الشهر الماضي. وقالت الولايات المتحدة إنها تراقب الوضع للتأكد من أن تصرفات إسرائيل على الأرض تظهر أنها لا تنتهج "سياسة التجويع".
وقالت إسرائيل إنها تنفذ عمليات في شمالي غزة لتفكيك ما أعادت حركة حماس (المصنفة إرهابية في أميركا) بناءه من قدراتها، وطالما تتهمها باستخدام المباني المدنية والسكان في أغراض عسكرية، وهو ما تنفيه الحركة الفلسطينية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: منظمة الصحة العالمیة ضد شلل الأطفال شلل الأطفال فی فی شمال غزة التطعیم فی مدینة غزة قطاع غزة ألف طفل
إقرأ أيضاً:
عمرها 7 آلاف عام.. العثور على سلالة بشرية مفقودة في ليبيا
بينما يسير رواد الصحراء الليبية عبر الكثبان الرملية، قد يصعب عليهم تصور أن هذه الأرض القاحلة، التي تسودها درجات الحرارة المرتفعة والرمال الجافة، كانت قبل نحو 7 آلاف عام مساحات خضراء مزدهرة تعج بالبحيرات والنباتات والحيوانات.
لكن ما يثير الاهتمام الآن، أكثر من هذا "الماضي الأخضر"، هو أن تلك الأرض كانت أيضا مسرحا لقصص بشرية قديمة ظلت مخفية لآلاف السنين، وحان وقت الكشف عنها عبر دراسة حديثة نشرت في دورية "نيتشر"، أعدها فريق دولي من الباحثين بقيادة معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية في لايبزيغ بألمانيا.
سلالة قديمةوبينما ركزت الدراسات السابقة على بيئة الصحراء الخضراء قبل أن تغزوها الرمال، كشفت الدراسة الجديدة عن مفاجأة غير متوقعة، وهي العثور على سلالة بشرية كانت معزولة عن باقي شعوب الأرض خلال فترة الصحراء الخضراء قبل 7 آلاف عام. ورغم أن هذه السلالة قد انقرضت اليوم، فإن آثارها لا تزال موجودة في جينوم بعض سكان شمال أفريقيا.
تروي ندى سالم، باحثة الدكتوراه في معهد ماكس بلانك والمؤلفة الأولى للدراسة، في تصريحات خاصة للجزيرة نت، قصة هذا الكشف المهم، الذي جاء نتيجة تحليل الحمض النووي لمومياوين بشريتين عثرت عليهما البعثة الأثرية التابعة لجامعة سابينزا في روما داخل كهف تاكاركوري الصخري، جنوب غربي ليبيا، حيث تعود هاتان المومياوان لامرأتين كانتا من الرعاة، وعاشتا قبل نحو 7 آلاف عام.
إعلانوتوضح الباحثة أن "تحليل الحمض النووي لهاتين المومياوين هو أول فحص جينومي يعود لفترة الصحراء الخضراء، وكشف أنهما تنتميان إلى سلالة بشرية قديمة ومعزولة عاشت طويلا في شمال أفريقيا ثم انقرضت".
كما أظهرت الدراسة أن هاتين المومياوين تحملان فقط جزءا ضئيلا من الحمض النووي غير الأفريقي، مما يشير إلى أن تربية الحيوانات انتشرت في الصحراء الخضراء من خلال التبادل الثقافي، وليس عبر هجرات بشرية واسعة النطاق، كما حدث في شرق أفريقيا، حيث كانت تربية الحيوانات في تلك المنطقة متزامنة مع هجرات من منطقتي الشام ووادي النيل، إضافة إلى ذلك، لم تتضمن جيناتهما أي أثر للسلالات الأفريقية جنوب الصحراء، مما يتعارض مع التفسيرات السابقة التي اعتبرت الصحراء الخضراء ممرا يربط شمال أفريقيا بأفريقيا جنوب الصحراء.
وتكشف تحليلات الجينوم أن مومياوي ملجأ تاكاركوري تنتميان إلى سلالة بشرية نادرة ومتميزة، انفصلت عن أسلاف البشر الذين غادروا أفريقيا وانتشروا في بقية أنحاء العالم منذ نحو 50 ألف عام، وهذا يعني أن هذه المجموعة بقيت في شمال أفريقيا ولم تختلط بالسكان الذين هاجروا إلى أوروبا وآسيا، مما جعلها فريدة من الناحية الوراثية.
ويقول يوهانس كراوس، الأستاذ في معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية والباحث الرئيسي في الدراسة، للجزيرة نت: "عندما هاجر البشر المعاصرون من أفريقيا إلى أوروبا وآسيا، تزاوجوا مع إنسان نياندرتال منذ نحو من 50 إلى 40 ألف عام، مما أدى إلى أن معظم السكان غير الأفارقة اليوم يحملون نسبة صغيرة من الحمض النووي الخاص به، لكن سكان تكركوري كانوا مختلفين، إذ احتوت جيناتهم على كميات ضئيلة جدا من هذا الحمض النووي، أقل بكثير من الأوروبيين أو الآسيويين، مما يدل على أنهم لم يختلطوا كثيرا بالسكان الذين غادروا أفريقيا وتزاوجوا مع النياندرتال".
إعلانووجد العلماء أيضا أن التوقيع الجيني لهذه السلالة كان موجودا في مجموعات بشرية شمال أفريقية منذ نحو 15 ألف عام، خلال العصر الجليدي المتأخر، وهذا يشير إلى أن هذه السلالة استمرت لفترة طويلة في شمال أفريقيا، دون أن تتأثر بشكل كبير بالتغيرات السكانية التي حدثت في أماكن أخرى من العالم.
ويضيف كراوس: "من المدهش أن سكان تاكاركوري لم يُظهروا أي تأثير جيني يُذكر من سكان أفريقيا جنوب الصحراء، ولا من سكان الشرق الأوسط أو أوروبا في عصور ما قبل التاريخ. ورغم أنهم مارسوا تربية الحيوانات، وهي تقنية زراعية يعتقد أنها نشأت خارج أفريقيا، فإنهم لم يختلطوا وراثيا مع المجموعات التي ربما أدخلت هذه الممارسة".
وأشار كراوس إلى أن انتشار الزراعة في أوروبا خلال العصر الحجري الحديث كان مصحوبا بموجات من المهاجرين الذين جلبوا معهم تقنيات زراعية جديدة، لكن في حالة الصحراء الخضراء، لا يبدو أن تربية الماشية انتشرت عبر هجرات جماعية أو اختلاط جيني، بل من خلال التبادل الثقافي، أي أن سكان تاكاركوري تبنوا هذه الممارسة من مجموعات أخرى من دون أن يكون هناك تزاوج أو اندماج جيني كبير معها.
ووفقا للأدلة الجينية، بدأ تدفق مجموعات بشرية من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى شمال أفريقيا قبل نحو 20 ألف عام. وبعد بضعة آلاف من السنين، أي قبل نحو 8 آلاف عام، حدثت موجات أخرى من الهجرة من شبه الجزيرة الأيبيرية (إسبانيا والبرتغال حاليا) وصقلية، مما أدى إلى تغييرات في التركيبة الجينية للسكان.
ومع ذلك، ظلت سلالة تاكاركوري معزولة لفترة أطول مما كان متوقعا، مما يطرح تساؤلات عن كيفية تمكنها من البقاء دون اختلاط كبير مع المجموعات البشرية الجديدة التي دخلت المنطقة.
أسئلة بلا إجاباتويقول كراوس: "لا نزال غير متأكدين من العوامل التي سمحت لهذه المجموعة بالبقاء لفترة طويلة نسبيا دون أن تتأثر بالهجرات الكبيرة التي اجتاحت شمال أفريقيا، وهو ما يتطلب مزيدا من الدراسات".
إعلانوأضاف: "من المعروف أيضا أن الصحراء الكبرى لم تكن صالحة للسكن إلا قبل نحو 15 ألف عام، عندما دخلت فترة (الصحراء الخضراء) وتحولت إلى بيئة مليئة بالمياه والغطاء النباتي. لكن نظرا إلى أن سلالة تاكاركوري تعود إلى زمن أقدم، فإن موطنها الأصلي لا يزال لغزا، فهل نشأت في مناطق أخرى من شمال أفريقيا ثم انتقلت إلى تاكاركوري بعد أن أصبحت المنطقة صالحة للسكن؟ أم أنها كانت تعيش في مناطق مجاورة قبل أن تضطر إلى التكيف مع التغيرات البيئية؟ هذا لا يزال قيد البحث".
وعما إذا كانت مومياوان تكفيان لاستخلاص استنتاجات قابلة للتعميم، أوضحت الباحثة ندى سالم أن "الإجابة عن هذا السؤال تحمل وجهين، فمن ناحية، يمكن أن نقول: نعم، لأن الجينوم ليس مجرد لقطة خاطفة، بل هو سجل للوراثة البيولوجية المتراكمة على مدى آلاف السنين، لذا حتى جينوم واحد يمكن أن يكشف عن رؤى قيمة في تاريخ السكان، ومن ناحية أخرى، يمكن أن نقول: لا، لأن الصحراء الكبرى شاسعة ومتنوعة، وربما لا تُمثل عينة واحدة من منطقة واحدة المنطقة بأكملها".
تضيف: "مع ذلك، ونظرا لندرة الحمض النووي القديم من هذه المنطقة، يعد هذا الاكتشاف استثنائيا، فهو يقدم لمحة نادرة وقيمة عن سلالة معزولة منذ زمن طويل في قلب الصحراء الكبرى".
وحول ضعف حفظ الحمض النووي بسبب الجفاف الشديد في هذه المنطقة، تقول الباحثة إنه "كان تحديا رئيسيا، ومع ذلك، فإن التحنيط الطبيعي وحماية الكهف عززا، بطريقة ما، حفظ الحمض النووي لدى المومياوين، وقد استخدمنا طرق التقاط مستهدفة وبروتوكولات معملية صارمة لاسترجاع الحمض النووي القديم والتحقق منه وتعزيز تغطيته (الكمية)، مما ممكنا من إجراء تحليلات قوية".