الحرب والحياة اللولبية
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
الحرب والحياة اللولبية
خالد فضل
في زمن الحرب ؛ وهو من أزمنة الاختبارات العسيرة لمنظومة القيم المدعاة في غيره ، تتكشف المواقف الحقيقية للأفراد والمجتمعات ،وخلال الحرب السودانية المستعرة منذ ما يقارب ستة الأشهر بين فريقي ما يسمى بالمكون العسكري السوداني ( القوات المسلحة / قوات الدعم السريع) تكشفت أوجه الحياة اللولبية حقا .
على المستوى الفردي والأسري ، تبدلت أوضاع تبدلا درامتيكيا ،من كان يقطن مستقرا مرتاح البال ، منعما وأسرته بمباهج الحياة الرغدة والخير الوفير ، بات في غمضة عين وانتباهتها نازحا في قرى وفرقان (عرب الجزيرة وبحر أبيض ) ،من تيسرت أموره المادية وامتلك المال الوفير وسلس له قياد تطبيق بنكك ، شوته نيران أجرة السكن الباهظة في مدني أو شندي ، وبات الرقم السواني المشهور (مليار) هو المطلوب شهريا لشقة مفروشة كيفما اتفق في حاضرة الجزيرة ، ومع ذلك فإنّ سكان الحلّال لم يقصروا أبدا مع النازحين الفارين إلى جزيرتهم أواخر رمضان المنصرم وحتى الآن ، إنهم يرفدونهم بالماء والطعام والحلوى والتمر ، وكلمات الترحاب فيما الجشع واستغلال الظروف لأقصى درجة هو ديدن الممارسة اليومية لأنشطة الحياة المختلفة ، وعلى ذلك قس بقية الممارسات اللولبية السودانية .
إنّ أقسى اللحظات أمام أغلبنا كسودانيين هي لحظات مواجهة الحقائق ، وتضرب حكوماتنا _ التي يغلب عليها الحكم العسكري _ الرقم القياسي في (اللولبة) إن جاز التعبير ، وبين ثنايا الحرب الدائرة الآن ملايين الشواهد ، فمنذ البدء من الحقائق أنّه لا توجد حكومة في السودان منذ إنقلاب الثنائي البرهان /حميدتي على السلطة المدنية الإنتقالية برئاسة د.عبدالله حمدوك في 25أكتوبر2021م هذه الحقيقة يتم المراوغة بشأنها بصورة فجة ،والناس لا يتوقفون ثيرا في كنه الأشياء ، فالحرب في حقيقتها هي حرب ضد الإنتقال الديمقراطي السلمي ،هي ممارسة معهودة من جانب تيار من السودانيين لديهم تنظيم لولبي ، يدعو باسم الله ودين الإسلام بينما جل ممارساتهم ضد أي قيمة نبيلة ، تنظيم شعاره (فلترق كل الدماء) كثير من السودانيين ما يزالون يغالطون أيهم أسبق البيضة أم الدجاجة من عجب !وفي أيام الديمقراطية الثالثة 86__1989م كانت خطوات تحقيق السلام وإنهاء الحرب الأهلية في الجنوب _السابق_ قد بدأت بالفعل ، فلما قرب أمل السلام طبّ على الحكم عسكر ذلك التنظيم اللئيم ليعلنوا (إنقاذ) البلاد من السلام المتوقع والزج بها في أتون حرب (الجهاد) ، ثم لما قرب موعد تداول الرئاسة بين العسكر والمدنيين في مجلس السيادة الإنتقالي ، ولكي لا يكتمل هيكل سلطة مدنية إنتقالية ، كان عسكر ذلك التنظيم بالمرصاد فجاءوا بانقلاب 25أكتوبر الذي أحدث الفراغ في القيادة والحكومة ، فلما تواطأت بعض القوى الثورية على وثيقة إتفاق ؛ وبدأ في الأفق بريق أمل جديدها هم يطبون مرّة أخرى عن طريق هدم المعبد على الجميع هذه المرة ، وبذريعة مجاربة أكبر مشروع انتهازي في حرب عبثية المنتصر فيها خاسر , هل فهمت حاجة عزيزي القارئ من هذه اللخابيط ,في السطر الفائت ؛ لكنها على العموم صفات وعبارات قالت بها قيادات الحرب الراهنة، ومن لولبية الحياة في السودان أن الدعم السريع (صاحب المواقف الوطنية والأدوار المهمة للبلاد) كما قال أحمد هرون ذات مرة وهو وحميدتي في كنف البشير , ها هو ذات الدعم وبمهامه الوطنية تلك يصير المليشيا المتمردة صاحبة المشروع الإنتهازي الذي تشكل في أبريل الماضي فقط !،
إن كانت لنا عقول علينا إعمالها، وإن كانت الرؤوس لحمل الطواقي والعمائم فابشري بطول سلامة يا حرب !
الوسومالبرهان الحرب اللولبية حميدتي نازحالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: البرهان الحرب حميدتي نازح
إقرأ أيضاً:
أمين حسن عمر يضع النقاط فوق الحروف
بابكر فيصل
في حوار أجرته معه قناة الجزيرة مباشر يوم السبت 28 ديسمبر الجاري، أوضح القيادي في المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية والتيار الإسلامي العريض أمين حسن عمر رؤيتهم لقضية الحرب وأكد في إجابته عن السؤال حول تلك الرؤية أنه لا يُعبّر عن رأيه الشخصي، بل الموقف الرسمي للتيار والحركة والحزب.
لكل من يقول إن هناك انشقاقاً داخل المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، وأن هناك جناحاً معتدلاً وآخر متطرف، أوضح أمين حسن عمر بلسان مبين وباسم التيار الإسلامي العريض أن هذا الكلام غير صحيح، وأنهم لا يختلفون في الرؤية والأهداف، بل هناك تباين في قضايا تنظيمية صغيرة وبسيطة:
قال أمين: (نعم. هنالك خلاف في تأويل اللوائح. خلاف في تفسير مواقف. وليس لهذا أهمية. المهم أننا متفقون على البرنامج العملي. متفقون على العمل على الأرض. وليس هناك صوت نشاز في العمل الذي نقوم به أو صوت مخالف للموقف الذي يعلنه التيار الإسلامي العريض).
أكد أمين أن كوادرهم وكتائبهم تمثل العدد الأكبر من المقاتلين على الأرض، في إشارة إلى أن الجيش ليس هو القوة الحقيقية التي تقود المعارك، وهو تكرار لنفس المعنى الذي قصده عبد الحي يوسف في حديثه الذي قال فيه أن الجيش لا يحارب، بل الإسلاميون هم من يقاتلون الدعم السريع.
قال أمين: (.. ليس البراء وحدها، بل هناك البرق الخاطف والفرقان وغيرها.. هناك عشرات الألوف من الإسلاميين يحاربون وهم يمثلون السواد الأعظم من المقاتلين على الأرض، وقد استشهد منهم ألفان).
الأهم من ذلك هو توضيحه لرؤية المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية للحرب التي وصفها بالعدوان:
قال أمين (… إن هذه الحرب عدوان، وإن العدوان لا يمكن الرد عليه بالتسويات. العدوان مثل الحريق إذا لم تطفئ الحريق ستنتشر النار. إذا اعتدى عليك أحد في قعر دارك لا يمكن أن تجلس وتتفاوض معه إلى تسوية أن يسرق هذه الأشياء ويترك تلك. العدوان ينبغي أن يرد ويوقف عند حده).
وأضاف أن الحرب ستتوقف في حالة واحدة فقط وهي: (تسليم الدعم السريع أنه الطرف المعتدي وردة لحقوق الناس. ثم بعد ذلك كل الحروب تنتهي بتفاوض، ولكنه تفاوض يرد الحقوق إلى أصحابها، ويقطع العدوان على الآمنين. والتسويات التي تُعرض الآن لا تُقدم هذا الحل، وإنما تُقدم هدنة سيكون من بعدها لهيب أكبر وحرب أكبر وعدوان أكبر؛ ولذلك نحن لن نقبل هذا. لن نقبل بتسوية إلا عندما نتأكد أن هذه التسوية هي تسوية نهائية لن تكون من بعدها حرب، ولن تقوم للدعم السريع قائمة لا على المستوى السياسي ولا على المستوى العسكري).
الكلام أعلاه يوضح بجلاء أن المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية والتيار العريض لا يعترفون بمنبر جدة ولا جنيف ولا غيرهما من المبادرات والمنابر؛ لأنها لا تحقق هدفهم النهائي المتمثل في إجبار الدعم السريع للذهاب لتفاوض استسلام مثل الذي ذهبت إليه دول المحور (على رأسها ألمانيا) في أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية بعد أن تلقت هزيمة ساحقة على يد جيوش الحلفاء.
خطورة هذا الكلام تتمثل في أنه لا يمكن لقيادة الجيش الذهاب للتفاوض؛ لأن القوة الحقيقية التي تحارب على الأرض ممثلة في الحركة الإسلامية لن تسمح لها بالانخراط في أي حوار مع الدعم السريع إلا بعد خضوعه الكامل، وهو ما يفسر الهجوم الإعلامي الكبير الذي يستهدف قائد الجيش كلما تحدث عن التفاوض أو إمكانية الوصول لتسوية.
خلاصة كلام أمين حسن عمر هي أنه لا توجد فرصة للوصول لتسوية في ظل الأوضاع الميدانية الحالية، وأن رؤية الحركة الإسلامية موحدة، ولا توجد تباينات داخلية في صفوفهم حول الهدف النهائي، وأنهم لن يوافقوا على أي اتجاه يدعو للتفاوض في منبر جدة أو جنيف، وستستمر الحرب إلى أن يتحقق الهدف الذي يصبون إليه وهو استسلام الدعم السريع!
الوسومبابكر فيصل