للأسف، الجيش الحالي ليس إلا (أمانة) في المؤتمر الوطني .. هل من حاجة لأدلة ..!!؟؟
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
2 نوفمبر 2024
- منذ انقلاب 89’ لا يوجد ’شرفاء القوات المسلحة‘ ولا ’صغار الضباط والجنود‘.. يوجد ’إخوان مسلمون فقط‘..
- رئيس الجمهورية: "أنا حركة إسلامية كاملة الدسم ..من جبهة الدستور وجبهة والميثاق .. إلى أن وصلنا للمؤتمر الوطني"
- رئيس هيئة الأركان: أنا حالف حركة إسلامية .. عوض الجاز وكرتي والزبير محمد الحسن ديل ناسي وقادتي الحلفوني .
- المحبوب عبد السلام: منذ وصول الإسلاميين للسلطة أكثر من 80% من خريجي الكلية الحربية إسلاميين ..
- سناء حمد: [حققت] مع ’عم عوض‘ .. بعض الضباط وقعوا على كلامم وسلمت نتائج ما كلفت به للأمين العام للحركة الإسلامية..
جاء في إحدى منقولات الأثر الشفاهي للسلطنة الزرقاء أن رجلا هارباً من جنود كانوا يطاردونه للفتك به استنجد بالشيخ فرح ودتكتوك، عندما مرَ به، لحمايته منهم. فأشار عليه الشيخ فرح بالاختباء تحت دكة قصب بالقرب منه (الدكة هي كومة كبيرة من أعواد الذرة تُقطع وتجمع بعد الحصاد). وصل الجنود إلى المكان وسألوا الشيخ فرح إن كان رأى رجلاً هارباً في الأنحاء؟ فأجابهم أنه (تحت قصب الدكة ..!). لم يصدقه الجنود ظناً منهم أن الشيخ يريد أن يضللهم ليمنح الهارب فرصة للابتعاد، فأسرعوا مغادرين. خرج الرجل الذي سمع ما دار من حديث، من تحت الدكة، وسأل الشيخ مستنكراً عن سبب كشفه للجنود عن مكانه. فأجابه الشيخ فرح ودتكتوك بقولته التي سارت بها القوافل والركبان إلى يومنا هذا: (الصدق كان ما حلاك الكذب ما بحلك..!)..
صحيح أننا في زمن صار التضليل فيه حرفة وأتاحت وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة أدوات حاذقة لإغراق الناس بأكاذيب هدفها في كل مرة خلق رأي عام مساند لمصالح وأغراض من يبثون هذه الأكاذيب، في الغالب على حساب المصلحة والخير العام لهؤلاء الناس. لكن هذا لا يعفي أحداً من تقصي الحقائق والتثبت من الوقائع قبل اتخاذ موقف أو قرار أو اعتماد سياسات. قال الفيلسوف البريطاني الإنساني برتراند رسل إن له للأجيال القادمة وصيتين لا أكثر: الأولى، عندما تدرس مسألة أو تنظر في فلسفة أسأل نفسك فقط ما هي الحقائق حول تلك المسألة، وما هي النتائج التي تؤدي إليها.. لا تدع نفسك أبداً تعميك عن الحقائق لتقودك إلى ما تريدك هي أن تصدقه..! (الوصية الثانية كانت عن المحبة)..
في السودان منصور خالد هو من ألح على أن "تأسيس ثقافة وطنية صحيحة يأتي باحترام الحقيقة كمدخل أول في كافة ممارساتنا الفكرية والسياسية والثقافية".. وهو الذي حذر بوضوح من أن "الهروب من الحقيقة ومحاولة طمسها والسكوت عنها يفتح العديد من المداخل لإعادة انتاج ’الظواهر السالبة‘ وآثارها من جديد" (خالد/ 2000). قد تبدو هذه الوصايا من شدة بداهتها كأنما يدخل إيرادها أو التذكير بها في لغو الكلام الزائد الذي لا داعي له ولا ضرورة. لكن من تعرف على دخائل الحياة السياسية والاجتماعية في بلادنا يعلم أنها تعتمد كل وسيلة أخرى ما عدا البحث والدراسة والفكر للنظر في مسائلها..
مع وصول نظام الإنقاذ إلى السلطة بالانقلاب، وبرغم أن الإخوان المسلمين السودانيين كانوا هم الأكثر استخداما لمناهج التخطيط الاستراتيجي في عمل التنظيم وفي إحكام قبضته على السلطة، إلا أنهم (للمفارقة القاسية) كانوا هم أيضاً من أدخل أساليب التزوير الممنهج للانتخابات والتلاعب بالإحصاءات وتزوير الحقائق والأرقام لتبرير السياسات وإخفاء الفساد ولتضليل الرأي العام السوداني -لاسيما عندما بدأت النتائج الكارثية لمشروعهم الحضاري تظهر للعلن- ولكن أيضا ليحجبوا عن الأنظار مخططاتهم طويلة المدى للتنظيم وللدولة والمجتمع السوداني .. فقد كان نظام الانقاذ هو أيضاً الأكثر براعة في تمويه وتسويق السياسات التي لا تجد قبولا عند السودانيين..
من دلائل نجاح ’الحركة الإسلامية‘ في عملية الإخفاء والحجب هذه أن ثوار ديسمبر وحكومة الفترة الانتقالية لم ينتبهوا ولم ينشغلوا كثيراً حتى اليوم بعمليات "التأصيل- والتمكين والجهاد المؤسسي" التي حقنتها الحركة الإسلامية في أجهزة ومؤسسات الدولة والمجتمع أثناء فترة حكمها، خاصة في الأجهزة والمؤسسات العسكرية. لكن المسألة لم تقتصر على تركيز الفترة الانتقالية على مجرد التمكين الاقتصادي والمالي السطحي وعلى إغفال وتجاهل التأصيل والتمكين المؤسسي، فحسب، بل ظلت تظهر من حين لآخر، خاصة مع حالة الاستقطاب الحادة التي أفرزتها الحرب أصوات تقلل من أثر هذه العمليات أو تنكر نتائجها جملة، برغم تزايد الأدلة والشواهد عليها.
مارست الحركة الإسلامية ’التأصيل المؤسسي‘ على أنه "إدارة مناشط الدولة والمجتمع وفق اجتهاد" قالت إنه يريد "العودة [بهذه الأجهزة والمؤسسات] إلى ما كانت عليه على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم" (عيسى 2006).. ما ورد حديثاً على لسان أحد ضباط القوات المسلحة الذي قال إنه "لم يوجد شيء اسمه جيش على عهد الرسول"، لم يكن قولا جديداً، بل يردد ’مفهوما’ ظلت الحركة الإسلامية تحاول، عبر التأصيل المؤسسي، تطبيقه على مؤسسات الدولة، منذ انقلابها عام 1989.. وهو أمر ظللنا نكرر أنه في عداد المستحيلات لأنه لا يمكن إلغاء 1500 عاماً من التطور البشري..
فبعد أن أسست الحركة الإسلامية "دولة الحاكمية العابدة" بالمادة 18 من الدستور (دستور 98 هو الدستور المعبر عن الفكر السياسي لنظام الإنقاذ الأصلي وليس دستور 2005)، ونصها "یستصحب العاملون في الدولة والحیاة العامة تسخيرها لعبادة الله، يلازم المسلمون فيها الكتاب والسنة، ويحفظ الجميع نیات التدين، ويراعون تلك الروح في الخطط والقوانین والسياسات والأعمال الرسمية وذلك في المجالات السیاسیة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لدفع الحیاة العامة نحو أهدافها ولضبطها نحو العدل والاستقامة توجهاً نحو رضوان الله في الدار الآخرة"- أقول بعد تأسيس الدولة العابدة (المصطلح لبدوي تاجو 98’)، حدد الدستور في المادة 122 مهمة القوات المسلحة بأنها "حماية .. توجه الأمة الحضاري والنظام الدستوري"، أي حماية هذه "الدولة الدينية العابدة"..
أرفقت الحركة الإسلامية التأصيل بالتمكين المؤسسي. ذكر المحبوب عبد السلام في كتابه المرجعي (دائرة الضوء خيوط الظلام) أن أجهزة الحركة السرية الخاصة مثل مكتب الفئات وهو من الأجهزة الخاصة المستترة للجبهة الإسلامية القومية (اسم حركة الإخوان المسلمين السابق للمؤتمر الوطني)، والمكلفة بمهام أمنية ومعلوماتية قبل توليها السلطة – أن مكتب الفئات هذا تولى الإشراف على تسمية (نعم تسمية..!) وتعيين الوزراء ووكلاء الوزارات ومديري المؤسسات ورؤساء مجالس الإدارات وضباط القوات المسلحة (نعم ضباط القوات المسلحة ..!) ومدراء التلفزيون والإذاعة ورؤساء تحرير الصحف والسفراء وتعيينات النقابات واتحادات العمل ولجان الاختيار للتوظيف في أجهزة الخدمة العامة كافة (نعم كافة ..!)..
أضاف المحبوب عبد السلام في لقاء تلفزيوني أن الحركة الإسلامية بدأت بدفع كوادرها إلى القوات المسلحة قبل عقدين من وصولها إلى السلطة، وكانت لها سياسة جاهزة للمؤسسات العسكرية عندما وصلت إلى السلطة، وأنها منذ انقلابها عام 89‘ ظلت تحتفظ سنوياً بأكثر من 80% من المقبولين للكلية الحربية لتنظيمها.. (الفيديو مرفق).
كذلك لم يخرج الد//عم السر//يع من عباءة الحركة الإسلامية إلا في حرب الخرطوم الحالية. فكما هو معروف أنشأ فريق ’القصر‘ من الحركة الإسلامية الد//عم السر//يع لمواجهة حركة العدل والمساواة التي أنشأها فريق ’المنشية‘ في حرب "المفاصلة" بين الجناحين على أرض دارفور منذ عام 2003، والتي راح ضحيتها 300 ألف من أهلنا المساكين في دارفور نيابة عن الإسلاميين.
ذكر د. سلمان محمد سلمان في تأريخه لـ(نشأة وتمدد الد//عم السر//يع والطريق إلى حرب أبريل)، أن تلك المليشيا "كانت تعرف وقت بروزها 2003 باسم الجنجويد .. بدأت بمجموعات صغيرة لم يتجاوز عدد أفرادها الخمسمائة عندما قررت حكومة الحركة الإسلامية في الخرطوم الاستعانة بها في حرب دارفور.. ومدتها بالعتاد والمال وأطلقت يدها .. وأعطتها كافة الصلاحيات لتفعل ما تشاء دون دون أية خطوط حمراء لما ستقوم به في تلك الحرب "، ومن المعلوم أن حكومة الحركة الإسلامية كانت هي جناح القصر.. وكما أضاف د. سلمان ووثق لذلك تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية للحرب في دارفور "ارتكبت تلك المليشيات منذ نشوب النزاع المسلح في دارفور عام 2003 وبمساعدة الحركة الإسلامية [نعم الحركة الإسلامية!] والجيش السوداني [نعم الجيش السوداني!] أسوأ أنواع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ضد شعب دارفور" (سلمان 23‘ ص 6) ..
وقد تواصل بقوة دعم ورعاية الحركة الإسلامية والجيش للمليشيا، فأعادا تسميتها وهيكلتها عام 2013 لتصبح الد//عم السر//يع وليقفز عدد جنودها من 500 إلى 30 ألف مقاتل، ثم قررت الحركة الإسلامية تقنين وجود وصلاحيات الدعم السريع، فأجاز المجلس الوطني برئاسة إبراهيم أحمد عمر قانون الدعم السريع عام 2017، وأزال الفريق البرهان رئيس المجلس العسكري الانتقالي في يوليو 2019 (نعم يوليو 2019 قبل الوثيقة الدستورية والحكومة المدنية) مادتين نقل بإحداهما صلاحيات القائد الأعلى لقوات الد//عم السر//يع (رئيس الدولة البشير)، إلى القائد العام للقوات المسلحة، البرهان لتفادي نقلها لرئيس مدني كنتيجة للمفاوضات التي كانت تجري مع قوى الحرية والتغيير. أما التعديل الثاني فألغى المادة 5 التي تُخضع الد!!عم السر!!يع للقوات المسلحة ..!!. كان عدد مقاتلي الد//عم قد بلغ حينها 70 ألف، فدشنه إلغاء المادة 5 جيشاً مستقلاً موازياً للقوات المسلحة السودانية، وليس تابعا لها.
سيكون قد وضح، أن أهم التطورات المتعلقة بالد//عم السر//يع تمت تحت إشراف الحركة الإسلامية والجيش قبل التوقيع على الوثيقة الدستورية وتنصيب أي مؤسسات مدنية على أساسها. وليس كما تحاوله الآلة التضليلية لدعاة الحرب من نسبة تمدد الد//عم السر//يع للفترة الانتقالية.
على العكس من ذلك فكل هذه الوقائع والحقائق تؤكد ما توصل إليه د. سلمان من أن "قوات الدع//م الس//ريع في حقيقة الأمر هي الابن غير الشرعي للحركة الإسلامية الحاكمة" (ص 25)، أضافتها لابنها غير الشرعي البكر: القوات المسلحة السودانية. ذلك أن شرعية الجيوش تكتسبها، كما هو معلوم، من انتمائها للأوطان لا من ولائها لمجموعات حزبية تتخذها مطايا للسلطة والثروة وقهر المواطنين..
تسقط بسبب الوقائع والحقائق أعلاه مسببات واهية وأوهام اتخذت عن قصد أو ربما سوء تقدير كمبررات لدعم الحرب والوقوف مع جيش الحركة الإسلامية في الحرب الأهلية البشعة التي تدور رحاها في بلادنا اليوم. فهناك من قالوا بأن إنشاء الد؟؟عم السر؟؟يع جاء لأن الحركة الإسلامية لا تثق في الجيش السوداني المهني الملتزم بقسم الولاء للوطن وأن ذلك دليل على قومية الجيش ومهنيته. لكن الحقيقة كما وضح هي أن كلا الجيشين ينتميان للحركة الإسلامية لم يخرج عنها الد//عم السر//يع بصورة واضحة إلا مع الحرب. وأن بناء جيوش متعددة هو جزء من الفكر الجهادي للحركة الإسلامية التي تفهم القوة في الآية الكريمة (وأعدوا من لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل) على أنها فقط القوة الحربية، لا القوة الاقتصادية ولا العلمية ولا الصناعية .. أما انعدام الثقة فهو بين فصائل الإسلاميين المتناحرة، فيقوم كل بإنشاء جيشه تحسباً ليوم سيطعنه فيه من الخلف (إخوانه في الله) جراء صراعاتهم حول الجاه والسلطة والمناصب العليا، كما حدث بين القصر والمنشية..
يقول آخرون إن الجيش انحاز للوطن والشعب بعد الحرب، وبعض آخر أن رهانهم على صغار الضباط والجنود أو على شرفاء القوات المسلحة .. ولكن كما يتضح من الحقائق والوقائع أعلاه فلا وجود لجيش منفصل عن الحركة الإسلامية، ومن يريد أن يقف مع الحركة الإسلامية فليقل ذلك جهراً لا بإنكار أن الجيش السوداني هو الحركة الإسلامية بالإصالة. فما فعلته الحركة الإسلامية بالسودان والسودانيين فترة حكمها لثلاثين سنة معروف للجميع، ولذلك فإن من يقف مع جيشها فإنما يقف معها ضد السودان الوطن، لأنها من فصل الجنوب وطرح مثلث حمدي، ويسعى للتخلص من دارفور الآن لشوشرتها على سلطة الإخوان، وهي من ناصب ثورة ديسمبر العداء ومن وقف باستمرار ضد تطلعات السودانيين في المواطنة المتساوية والحرية والديمقراطية والكرامة.
تؤكد هذه الوقائع والحقائق أيضاً أنه لا وجود يُذكر لما عُرف بشرفاء القوات المسلحة، أولئك الملتزمين بقسم الولاء للوطن، ولا لصغار الضباط في مقابل كبارهم من قيادات اللجنة الأمنية .. يوجد في سلك ضباط القوات المسلحة فقط إخوان مسلمون، في رتب ومستويات مختلفة، أدوا قسم الولاء للحركة الإسلامية (فيديو). فسلك ضباط الجيش السوداني بنسبة أكثر من 80% ومنذ الدفعة 40 وحتى آخر دفعة (68) تخرجت قبل أسابيع، من دفع بكشوفات أسمائهم من عضويته للقبول بالكلية الحربية هو (مكتب الفئات) التابع للحركة الإسلامية.
بل إن تدخل الحركة الإسلامية في الجيش السوداني بدأ قبل ذلك: الدفعة 18، دفعة البشير (فيديو)، والدفعة 30، دفعة رئيس الأركان السابق (فيديو)، ومن المؤكد أنه لم ينتهي بلجنة الحركة الإسلامية للتحقيق مع قيادات الجيش في الانقلاب على البشير 2019 (فيديو).
لكل هذه الأسباب فإن حرب الحركة الإسلامية التي أسمتها ’حرب الكرامة‘ لا تعدو أن تكون صيغة أخرى، دامية شرسة، من حملات دارجة للحركة في أوقات التضييق عليها. سبقتها حملات مثل حملة (ارفع رأسك) فبراير 2009 او حملة (الهجرة إلى الله) ديسمبر 2014، من أجل ضمان البقاء في السلطة أو استعادتها. وقد ظهر من مجريات التحضير للحرب ومن سير عملياتها ومن دمويتها البالغة أنه لا علاقة لها بالدفاع لا عن الوطن ولا المواطنين، بل بدحر ثورة ديسمبر واستعادة سلطة الحركة الإسلامية، حتى لو كان ذلك على حساب اقتطاع جزء عزيز آخر من بلدنا المنكوبة بها..
shamsaddindawalbait@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة فی ضباط القوات المسلحة للحرکة الإسلامیة الجیش السودانی الشیخ فرح
إقرأ أيضاً:
أيها الجيش سلاماً، يقودونك إلى طريق جهنم المتلفز ، وما البراء إلا ارهابيين قتلة
أشعر بأسف عميق من إنشغال الناس والمدنيين على وجه الخصوص بمماحكات فك الارتباط وهم يتركون القتلة وكتائب الارهاب المسماة زوراً وبهتاناً بكتائب البراء التي تستأسد على الابرياء وتهاجم جماعاتها مدنيين غير مسلحين وتقوم بقتل المئات وتوزع جرائمها المتلفزة على وسائل التواصل الإجتماعي في تطور غير مسبوق لجرائم الحرب في السودان.
يظن قادة الإسلاميين وقادة هذه الكتائب من أمثال أسامة عبدالله وأخواته وإخوته الممتلئين حقداً على ثورة ديسمبر، انهم بذلك سيقضون على كل اثر للمقاومة في نفوس الناس ويطوون ذكر وذاكرة الثورة وهم لا يدركون ان الثورة باقية ما بقي الشعب بل هي طريق الشعب نحو الحياة الكريمة، وعائدة ما عاد الناس إلى منازلهم والإيمان بها كالايمان بالله لا يتزعزع.
الإسلاميون لهم زواج مصلحة مع الفئة العليا من قادة الجيش، قائم على عهد السلطة واكتناز الثروة بلا مباديء أو ذكر لله أو الوطن، عهد غير مأذون ولم يوقع أمام مأذون.
الإسلاميون يعشقون امتطاء ظهر الجيش فهو الحبل السري نحو السلطة ولكنهم يخشون الجيش أيضُا وقد حاولوا حماية انفسهم من الجيش بتعددية جيوش ومليشيات مقابلة ومنافسة للقوات المسلحة وعلاقتهم ملتبسة بالجيش، وقد شهدنا ذلك عن قرب في الفترة الانتقالية في نيفاشا وفي فترة ما بعد ثورة ديسمبر ولديهم جوقة إعلامية للهجوم على قيادة الجيش متى ما استرابوا من امرهم، ومن مصلحتهم ان يظل الجيش على عداء تام مع بنات وابناء شعبه، وأكثر ما يفزعهم ان يقترب الجيش نحو الشعب أو ثورة ديسمبر على وجه الخصوص، ودفع الجيش ثمناً باهظًا في عهد الإنقاذ فصلاً وتشريداً مثله مثل كل مؤسسات الدولة المختطفة، ولم يخلو الجيش في اي وقت من الاوقات من مقاومة الاسلاميين ومحاولتهم لتحويله لجناح عسكري، ويحيطونه اليوم بكتائب الإجرام والارهاب في تحالف قابل للتصدع مثل ما شهد تصدعات في اكثر من محطة تاريخيّة.
الجيش يعاني من خلل بنيوي قديم وجديد ومتعاظم في تكونيه القومي فتركيبة الضباط لا تماثل تركيبة الجنود ولا تعكس التنوع السوداني، وازداد خلله بخوضه لحروب الريف لسنوات طويلة، من قبل شكلٍ الجنوبيين ٢١٪ من قوامه وترتب على ذهاب الجنوبيين بالسماحة والندى ازدياد خلله، ودار فور شكلت ٣٤٪ من قوامه وجبال النوبه ١٣٪ ، وهجر الكثيرون من ابناء هذه المناطق الجيش بحكم حروب الريف وعدم الاهتمام بالفئات الدنيا من منتسبيه، وازداد تشويه الجيش في فترة الإنقاذ التي اعتمدت مبدأ التسييس ومبدأ تعددية الجيوش والمليشيات، شهدت هذه الحرب شهادات ميلاد جديدة للمليشيات وآخرها أورطة كسلا المصنعة في الخارج.
الجيش ومؤسسات السيادة والأمن استحوذت على ٨٠٪ من ميزانية الدولة ولم يتبقى شيء ذو بال للتعليم والصحة والخدمات وتم تدمير الريف والطبقة الوسطى وازدادت أعداد الفقراء والمهمشين، والعطالة وسط الشباب الذين توجهوا نحو حمل السلاح وقد لخص ذلك بذكاء بليغ الراحل جلحة رحمة المهدي رحمة ( نحن ام باقة لا جواز لا بطاقة مكلفين الدولة فوق الطاقة، الميت شهيد والحي مستفيد) ان الدولة التي تهمل الريف وشبابه غير قابلة للحياة.
ان العقيدة العسكرية للجيش لا تقوم على ان السيادة للشعب وان مهمة الجيش هي الدفاع عن سلطة الشعب وسيادة البلاد وقامت العقيدة العسكرية على معادة الحكم المدني الديمقراطي. الحركة الاسلامية لا مصلحة لها في مهنية الجيش او اعادة بنائه، فهي تخشى الجيش المهني والقوي المنحاز للوطن ولا تخشى الله وتحتاج لجيش منحاز للتنظيم والجماعة.
ان تجفيف المقاومة امر مستحيل وقتل كتائب البراء المتلفز للأبرياء والمدنيين يضرب النسيج الاجتماعي في الصميم ويعظم الغبن الإثني والجغرافي ويمزق روابط البناء الوطني وروابط الوطنية السودانية ووحدة المجتمع ومؤسسات الدولة وعلى رأسها القوات المسلحة.
في اليوم التالي لاستعادة الجيش لمدينة ود مدني كتبت مقال بعنوان ( هل قادة الجيش على اعتاب تحويل نصر مدينة ود مدني لهزيمة؟ وهل يسعى الإسلاميون مجدداً لدفع الجيش لطريق لاهاي؟) ان الحركة الاسلامية التي يقودها مطلوبين للجنائية لا تريد لقيادة الجيش ان تبحث عن حلول خارج طريق جهنم الذي حددته وتريد ان تقودهم لطريق الجنائية، ظنًا منها ان المجتمع الدولي سيتصالح معها كما فعل مع بعض الجماعات التي صنفها كجماعات ارهابية مثل ما حدث في سوريا، وهنا يخطيء الإسلاميون في التدقيق في فوارق الجغرافيا السياسية والفرق بين دمشق والخرطوم حينما يتعلق الأمر بالمصالح الدولية.
امام القوات المسلحة فرصة للبحث عن سلام حقيقي ومعافاة وطنية لن تتحقق بمعادة ثورة ديسمبر، فالثورة أعمق وأرسخ من الحرب وأكبر من ارهاب البراء سيما انه ليس البراء ابن مالك الصحابي الجليل بل هو اسامة عبدالله! الحركة الإسلامية دفعت القوات المسلحة نحو الانقلاب وفشل الانقلاب ثم سعت نحو الحرب ودمرت المجتمع والدولة، والشعب يدرك ان الفترة الانتقالية المدنية كانت خيار أفضل من الانقلاب ومن الحرب وما ان يعود المجتمع والدولة إلا ويطال الإسلاميين غضب الشعب ومحاسبته رغم الأكاذيب والجعجعة والسلاح ومن لا يصدق ذلك فليسأل عمر البشير ورهطه، كيف انتهى به المقام حبيساً بدلاً من رئيساً.
الجرائم الواسعة والفظيعة المرتكبة من طرفي الحرب اتخذت عنفاً ممنهجاً ومنظماً وخلفها فكرة داعشية عند كتائب البراء، وعلى الإسلاميين السودانيين اصحاب الفكر الداعشي ان يسألوا أنفسهم اين داعش نفسها؟
من واجبنا القيام بعمل واسع ومنظم في الداخل والخارج يرصد ويوثق ويعمل مع المنظمات الوطنية والاقليمية والدولية لإعلان الحركة الإسلامية وجناحها العسكري في كتائب البراء جماعة ارهابية وعلى قادة الجيش ان يدركوا ان الجيش مؤسسة من مؤسسات الدولة وان تكون لديهم حساسية تجاه الجرائم المتلفزة التي لا تسقط بالتقادم وتفاقم الشقاق الوطني ودوامته مما يُصعب الاتفاق على امكانية بناء القوات المسلحة وفق برنامج وطني جديد متوافق عليه ويثير أسئلة إثنية وجغرافية حول قومية القوات المسلحة وهي أسئلة قديمة ومتجددة عمّقتها جراحات هذه الحرب، ان ما يجري لن يمر إقليمياً ودولياً دون مساءلة ومن مصلحة القوات المسلحة ان تفرز عيشها بعيداً عن عيش الإسلاميين ولو بالتدرج ونحن ندرك المصاعب في هذا الطريق وعلى قيادة الجيش ان تعترف بالجرائم ومعاقبة مرتكبيها.
على الحركات المسلحة المتحالفة مع القوات المسلحة رغم اختلافنا العميق مع توجهاتها، ان تقف ضد جرائم كتائب البراء وارهابها الذي تحكمه بوصلة ذات توجهات إثنية وضد قوى ثورة ديسمبر وستطال هذه الحركات نفسها يوماً ما، وحسناً فعلت حركة تحرير السودان مني مناوي بإدانة بعض هذه الجرائم علناً.
أخيراً نحن في القوى المدنية علينا ان نترك موضوع الحكومة الموازية وفك الارتباط خلفنا، فقد انفك الارتباط ولنرتبط بشعبنا ووطننا وبالثورة السودانية من ١٩٢٤ إلى ديسمبر ٢٠١٩.
*المجد لوحدة السودان وشعبه*
**الثورة أبقى من الحرب* *
*#نعم_لثورة_ديسمبر*
*#لا_لحرب_أبريل*
*
١ فبراير ٢٠٢٥*