حين يصبح البقاء معجزة: نداء لإنقاذ أرواح المنسيين جبال النوبة و النيل الأزرق
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
بقلم: عمار نجم الدين
لم تكن الأشهر الستة التي قضيتها في جبال النوبة والنيل الأزرق تجربة يمكن نسيانها. عشت هناك وسط مأساة مستمرة، متنقلاً بين مستشفى شالي في النيل الأزرق وقرى يابوس المدمّرة، حيث واجهت يوميًا الموت عن قرب، وعاينت معاناة الناس وهم يصارعون الجوع والمرض بلا أمل. كان البقاء نفسه معجزة في تلك الظروف، إذ تتحول الحياة إلى معركة لا تنتهي من أجل النجاة في ظل غياب تام لأي دعم حقيقي.
شالي ويابوس: رموز للصراع والبؤس
في مستشفى شالي، عايشت مشهدًا يفتّ القلب: مرضى يموتون من الملاريا وأمراض أخرى يمكن علاجها بسهولة لو توفرت الأدوية، لكن لم يكن هناك من ينقذهم. كنت أدفن معهم ضحايا المرض يوميًا، في جنازات سريعة وبسيطة، بلا وداع أو طقوس. كان الموت أسرع مما نستطيع استيعابه أو التعامل معه.
في يابوس، الوضع ليس أفضل. المستشفى الوحيد في هذه المنطقة يخلو من الأطباء، ويعمل به عدد قليل من الممرضين والفنيين غير المدربين بشكل كافٍ. بين 48 نقطة صحية في النيل الأزرق، تعمل 7 فقط، ولا تضم أيًّا منها طبيباً مؤهلاً. في هذه الأماكن، يصبح الألم جزءًا من الحياة اليومية، حيث يُترك المرضى لمصيرهم مع غياب الأدوية وأدنى درجات الرعاية الصحية.
معادلة السلاح مقابل الغذاء: شرط لانساني يديم الصراع
ما زاد الطين بلة أن الحكومة السودانية تتعامل مع المساعدات الإنسانية كوسيلة ضغط في حربها مع الحركة الشعبية لتحرير السودان. في كل مفاوضة تجري بين الحكومة والحركة، كانت الحكومة تشترط إدخال الغذاء والدواء مقابل إيصال السلاح إلى جنودها، وهم أنفسهم من أشعلوا شرارة الصراع في جبال النوبة في الصراع الدائر بينهم وبين الدعم السريع . هذا الشرط اللاإنساني لا يترك مجالًا للسلام، بل يعزز من فرص استمرار الحرب، ما يعني المزيد من الموت والمعاناة لملايين الأبرياء.
مساعدات عالقة وأزمة تتفاقم
لم يكن التفاوض على الغذاء مقابل السلاح العقبة الوحيدة. حتى عندما تُمنح الموافقة على تقديم المساعدات، يتم عرقلتها من قبل الحكومة السودانية وفق شروط مجحفة ، مما يمنع وصول الإمدادات إلى المناطق المتضررة. هذا التأخير يحرم آلاف العائلات من الإغاثة العاجلة التي تحتاج إليها، ويجعل الوضع الإنساني أكثر خطورة.
لاجئون بلا مأوى وأمل ضائع
في معسكرات مابان و معسكرات ولاية الوحدة على الحدود مع جنوب السودان ومعسكر كيلو خمسة في إثيوبيا، يواجه مئات الآلاف من اللاجئين أوضاعًا مزرية. هؤلاء اللاجئون لم يفروا فقط من القصف والحرب، بل أيضًا من الجوع واليأس. يتكدس الأطفال والنساء في بيوت الهشة، ينتظرون معجزة تنقذهم من الموت البطيء رغم المساعدات الأممية الشحيحة و
تصاعد الأزمات مع استمرار النزوح
مع تصاعد القتال منذ أبريل الماضي، لجأ أكثر من مليون نازح إلى مناطق الحركة الشعبية في النيل الأزرق و جبال النوبة ، ما ضاعف الضغط على الموارد الشحيحة أصلاً. المدارس أُغلقت، والمستشفيات توقفت عن العمل، والصيدليات الخاصة تبيع الأدوية بأسعار لا يمكن للنازحين تحملها. مع كل يوم يمر، يتفاقم الوضع الإنساني أكثر فأكثر، بينما يتلاشى الأمل في غدٍ أفضل.
حاجة ملحّة إلى تدخل دولي عاجل
إن استمرار هذا الوضع دون تدخل دولي عاجل سيؤدي إلى كارثة إنسانية لا يمكن احتواؤها. نحن بحاجة إلى فتح الممرات الإنسانية فورًا دون شروط، وتقديم الغذاء والأدوية والمأوى لإنقاذ الأرواح قبل أن يتحول الوضع إلى مأساة أكبر.
نداء لإنقاذ أرواح الأبرياء
إن ما شهدته في مستشفى شالي بالنيل الأزرق اقليم الفونج الجديد وفي معسكرات اللاجئين في مابان و معسكرات ولاية الوحدة هو وصمة عار على ضمير الإنسانية. لا يمكن للعالم أن يغض الطرف عن هذه الكارثة. كل دقيقة تمر تعني مزيدًا من الجوع، مزيدًا من المرض، ومزيدًا من الموت.
إنني أكتب هذه الكلمات ليس فقط كشاهد على المعاناة، بل كنداء إلى كل من يملك ضميرًا وقوة لتحريك الأمور. يجب أن تكون هناك استجابة عاجلة قبل أن نفقد المزيد من الأرواح. ما يحدث في النيل الأزرق وجبال النوبة هو مأساة إنسانية لا يمكن قبول استمرارها.
كل يوم تأخير في التدخل يعني تضاؤل فرص الحياة لملايين الأبرياء. الناس هناك بحاجة إلى العالم الآن.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی النیل الأزرق جبال النوبة لا یمکن
إقرأ أيضاً:
جوهرة الأزرق المتوسطي النادرة تُعرض في أبوظبي تمهيدا لبيعها بـ20 مليون دولار
كشفت دار "سوذبيز" للمزادات عن ماسة زرقاء نادرة تُعرف باسم "الأزرق المتوسطي"، خلال معرض استثنائي أقيم في العاصمة الإماراتية أبوظبي.
ويمهد عرض الماسة النادرة في أبو ظبي هذا الأسبوع، الطريق أمام طرحها في مزاد بجنيف الشهر المقبل، حيث من المتوقع أن تُباع بسعر يصل إلى 20 مليون دولار.
Auction house Sotheby's unveiled a set of rare diamonds valued at $100 million in an exhibition center in Abu Dhabi. Among the jewels on display is the 10.03 carat Mediterranean Blue, considered one of the most important blue diamonds ever discovered. pic.twitter.com/JldXLpkcbc — The Associated Press (@AP) April 8, 2025
وتزن الماسة الزرقاء الفاخرة الزاهية 10.03 قيراط، وقد وُصفت بأنها واحدة من أهم الماسات الزرقاء المكتشفة على الإطلاق. وتعود أصولها إلى جنوب أفريقيا.
ويأتي عرض "الأزرق المتوسطي" ضمن معرض يضم ثماني ماسات نادرة، يتجاوز مجموع أوزانها 700 قيراط، وتشمل ماسات بألوان متعددة من بينها الأحمر والأصفر والوردي والشفاف، وتقدر القيمة الإجمالية للمعرض بنحو 100 مليون دولار.
وقال كويج برونينج، رئيس قسم المجوهرات في أمريكا الشمالية وأوروبا والشرق الأوسط لدى "سوذبيز"، إن اختيار أبوظبي لاستضافة المعرض "جاء نظرا لاهتمام الدولة الخليجية الكبير بالماس".
وأضاف "لدينا تفاؤل كبير بالمنطقة. ونؤمن إيمانا راسخا بأن هذا هو المكان الأمثل لتجمع تجار وجامعي الماس بهذه الأهمية والندرة”، حسبما نقلت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية.