ذكرت مجلة "Foreign Affairs" الأميركية أنه "خلال الشهر الماضي، فاجأت إسرائيل حزب الله وإيران والعالم بأسره بعد تمكنها من شل شبكة الاتصالات التابعة للحزب من خلال تفجير أجهزة النداء واللاسلكي المتطورة تقنياً. وعلاوة على ذلك، تزعم إسرائيل أن غاراتها الجوية دمرت جزءاً كبيراً من مخزونات حزب الله من الصواريخ، التي كانت تهدف إلى ردع حرب مدمرة أخرى عبر الحدود.

ولعل الأمر الأكثر أهمية هو أن حملة الاغتيالات الإسرائيلية الواسعة النطاق استهدفت عدداً كبيراً من كبار قادة حزب الله، بما في ذلك أمينه العام حسن نصرالله. وعلى الرغم من أن الجهود التي تبذلها إسرائيل للقضاء على حماس كانت مدمرة بالنسبة للمدنيين الفلسطينيين في غزة، فإن إسرائيل تبدو وكأنها تدير عملياتها في لبنان دون أي اهتمام يذكر بالأضرار التي قد تلحق بالسكان المدنيين أو البنية الأساسية. وفي لبنان كما في غزة، يبدو أن إسرائيل استقرت على استراتيجية العقاب الجماعي التي تحمل السكان المدنيين المسؤولية عن أفعال الفصائل المسلحة التي تعمل في وسطهم".
وبحسب المجلة، "لقد كانت ضرورة وجود خطة "لليوم التالي" لانتهاء الحملات العسكرية موضوعًا ثابتًا في التحذيرات الأميركية لإسرائيل، وخاصة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لأكثر من عام. ولكن الرئيس الأميركي جو بايدن لم يفهم النقطة الأساسية، وهي أن نتنياهو لا يحتاج إلى خطة لتجنب الفوضى، لأن الفوضى هي خطته. وقد أثبت الشهر الماضي في لبنان، مثله كمثل العام الماضي في غزة، أن زعماء إسرائيل لا يحملون أي ادعاءات مثالية بشأن إقامة نظام سياسي جديد في لبنان أو في القطاع، وهم لا يحاولون زرع بذور الديمقراطية أو إعادة تشكيل الشرق الأوسط. ويبدو نتنياهو مقتنعاً بأن أمن بلاده، إلى جانب بقائه السياسي، يعتمد على إطالة أمد الهجمات العسكرية وإبقاء غزة ولبنان في حالة من عدم القدرة على الحكم، وبالتالي الرضوخ".
ورأت المجلة أن "هناك أسباب تدعونا إلى الاعتقاد بأن هذا الهدف، والتكتيكات والاستراتيجيات التي تستخدمها إسرائيل لتحقيقه، لن تنجح في لبنان بقدر ما نجحت حتى الآن في غزة. فعلى الرغم من كل أوجه التشابه بينهما، فإن حزب الله ليس حماس. وعلى الرغم من أن إسرائيل لا تواجه حاليا أي رقابة جدية على دوافعها التوسعية في الضفة الغربية، فإن الدبلوماسية الدولية لا تزال تتمتع ببعض النفوذ في لبنان".
لبنان ليس غزة
وبحسب المجلة، "إن استراتيجية إسرائيل المتمثلة في فرض عقوبات جماعية على شعب بأكمله كوسيلة لضمان الاستسلام ليست سابقة. وبفضل حلفائها الغربيين، لن تضطر إسرائيل على الأرجح إلى القلق بشأن العواقب الدبلوماسية لحملتها من العنف الجماعي في لبنان. وحتى إذا تم التوصل إلى اتفاق جديد يستند إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 لإنهاء الصراع الحالي، فإن العواقب المترتبة على هذه الحملة سوف تقع على عاتق المجتمع اللبناني المنقسم على نحو شبه مؤكد. ولكن هناك أسباب تدعونا إلى الاعتقاد بأن خطة إسرائيل لاستغلال الفوضى في لبنان على نحو مثمر قد لا تنجح بالطريقة التي يأملها نتنياهو. فمن الواضح أن إيران ملتزمة بتمويل حزب الله والحفاظ عليه، حتى في مواجهة الضغوط الداخلية اللبنانية المتزايدة لنزع سلاح الحزب، ومن غير المرجح أن تغير الضربات الإسرائيلية داخل إيران هذا الوضع. والواقع أن كلما ازدادت إيران إذلالاً وانعداماً للأمن، كلما زادت احتمالات أن يرى النظام في طهران حزب الله كحصن ضروري ضد إسرائيل".
وتابعت المجلة، "من ناحية أخرى، يبدو من الواضح أن زخم الحملة الإسرائيلية في لبنان يتباطأ. فرغم أن حزب الله فقد أمينه العام وكثيراً من قياداته، فإن ما يكفي من القدرات العسكرية للحزب نجت حتى أصبحت قادرة على صد الهجمات البرية الإسرائيلية. ومن المرجح أن يأمل حزب الله أن تقدم هذه الهجمات بعض التعويض عن إخفاقاته الكبرى خلال الأسابيع القليلة الماضية. وهناك أيضاً دلائل تشير إلى أن حزب الله بدأ بالفعل في التخطيط لمستقبله بعد نصرالله".
مستقبل حزب الله
وبحسب المجلة، "إن حزب الله قادر على التعافي، ولكن إذا كان له أن يستعيد موطئ قدمه فسوف يحتاج إلى التغلب على ثلاثة تحديات رئيسية. التحدي الأول هو التحول الجيلي داخل صفوف المنظمة، فمعظم القادة الذين استشهدوا في الحملة الإسرائيلية كانوا ينتمون إلى جيل نصرالله، الذي نشأ في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات. والتحدي الثاني يتلخص في التوترات الداخلية بين الشيعة من وادي البقاع وأولئك من جنوب لبنان. ورغم أن الطائفتين الشيعيتين متحدتان في إيمان مشترك وصراع سياسي، إلا أن بينهما اختلافات اجتماعية واقتصادية كبيرة. فالشيعة في البقاع يميلون إلى العيش في مجتمعات عشائرية، وهم أكثر فقراً وتهميشاً في السياسة الوطنية. وعلى النقيض من ذلك، فإن جنوب لبنان هو موطن كل الزعماء الشيعة البارزين في البلاد، بما في ذلك الأمين العام الجديد للحزب نعيم قاسم، ورئيس مجلس النواب ونبيه بري. والواقع أن تدمير المدن والبلدات الشيعية، والتوترات الطائفية المحتملة التي قد تلي الحرب، يعني أن الطائفة الشيعية بأكملها في لبنان سوف تحتاج إلى مساعدة حزب الله وما تبقى من مؤسساته الاجتماعية لتوفير الخدمات في غياب قدرة الدولة. أما التحدي الثالث فيتمثل في علاقة حزب الله بإيران. فنصرالله كان مقرباً من طهران وكان بارعاً في انتزاع حصة كبيرة من الموارد المالية والعسكرية من النظام الإيراني لحزب الله. ولكن في أعقاب استشهاده، ربما يضطر حزب الله إلى تدبير أموره لفترة من الوقت في ظل تقليص التمويل الإيراني".
هل من مخرج؟
وبحسب المجلة، "في بعض الأحيان، وخاصة في الآونة الأخيرة، قد يكون من السهل أن نتخيل أن لبنان محكوم عليه إلى الأبد بأن يكون مجرد بيدق في الصراع الطويل الأمد بين إسرائيل من جهة وإيران وحزب الله من جهة أخرى. ولكن لا يزال من الممكن تخفيف هذه النتيجة القاتمة من خلال الدبلوماسية الشاملة، والحوار الوطني، والالتزام الدولي بإعادة بناء الدولة اللبنانية. وهذه العناصر الثلاثة لابد وأن تسير جنباً إلى جنب، وكلها سوف تتطلب جهداً متضافراً من جانب الولايات المتحدة وفرنسا والدول العربية. إن الدبلوماسية الشاملة ستضمن تعاون إيران. كما وهناك حاجة إلى حوار وطني في لبنان لملء الفراغ الحالي في السلطة، ومناقشة الإصلاحات الدستورية التي من شأنها أن تساعد في ضمان السلام بين الطوائف، وتحديد إطار زمني لدمج القدرات العسكرية لحزب الله مع الجيش. وأخيرا، سيكون الالتزام بإعادة بناء مؤسسات الدولة والاقتصاد المتهالك في البلاد ضروريا لتنفيذ أي اتفاق لوقف إطلاق النار".
وختمت المجلة، "بدون مثل هذا الجهد المكثف، فإن المسار الحالي للصراع سوف يؤدي إلى المزيد من الاضطرابات في لبنان، مع استمرار إسرائيل في الرد على هجمات حزب الله بعنف غير متناسب يؤدي إلى المزيد من النزوح الجماعي. وقد تقدم حملة الفوضى التي تشن تحت غطاء هجوم ضد حزب الله بعض الفوائد السياسية المحدودة لنتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، ولكن بالنسبة للجميع، وخاصة المدنيين اللبنانيين، فإن الأمر سوف يكون بمثابة كارثة". المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله فی لبنان فی غزة

إقرأ أيضاً:

تقرير استخباراتي أمريكي : صواريخ إيران الجديدة تهدد إسرائيل

كشفت معلومات استخباراتية أمريكية جديدة أن طهران تستعد للتسليح بعدة طرق، ما بين مدينة صواريخ تحت الأرض، مضيفة أن صواريخ إيران الجديدة ذات مدى بعيد يصل لـ 1700 كم، مما يجعلها قادرة على الوصول إلى أي مكان في إسرائيل، بالإضافة تصنيع مجموعة سرية من العملاء أسلحة نووية، ووف ما نقل موقع «الشرق الأوسط».

تطوير أسلحة نووية

وحذَّر التقرير الاستخباراتي من أن علماء ومهندسي الأسلحة الإيرانيين يسعون لإيجاد «طريق مختصر» لتحويل مخزونهم المتزايد من اليورانيوم عالي التخصيب إلى سلاح قابل للاستخدام خلال أشهر، بدلًا من سنة أو أكثر، لكن ذلك يتوقف على قرار سياسي من طهران.

صواريخ إيران الجديد تصل أي مكان في إسرائيل

قبل أيام عرض التلفزيون الإيراني أحدث صواريخ إيران الجديدة التي يطلق عليها «اعتماد» ويصل مداها إلى 1700 كيلومتر، أي أنه قادر على الوصول إلى أي مكان في إسرائيل، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية.

يبلغ طول أحدث صواريخ إيران الجديدة «اعتماد» 16 مترا وقطره 1.25 مترا، ويتميز برأس حربي موجه لضمان دقة الإصابة هامش الخطا (CEP): 70 متر وزن الرأس العربي 650 كيلو جراما.

مدينة صواريخ تحت الأرض

وقبل نحو أسبوع، كشفت إيران عن مدينة صواريخ تحت الأرض تحتوي على صواريخ كروز المضادة للمدمرات والسفن «قدر380» التي يزيد مداها من 1000 كيلومتر

ويظهر في مدينة الصواريخ تحت الأرض في إيران، موقع تخزين سفن تحت الأرض في مياهها الجنوبية حيث أظهرت اللقطات عشرات السفن الصغيرة المجهزة برشاشات وصواريخ مخزنة في أنفاق تحت الأرض.

مقالات مشابهة

  • الرئيس اللبناني يؤكد ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها
  • «تقرير»: درجات الحرارة التي شهدها شهر يناير أعلى عن الرقم القياسي المسجل في 2024
  • الرئيس اللبناني يشدد على ضرورة انسحاب إسرائيل وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين
  • تقرير استخباراتي أمريكي : صواريخ إيران الجديدة تهدد إسرائيل
  • ‏وكالة تسنيم: خامنئي يعين أمين عام حزب الله نعيم قاسم ممثلا له في لبنان
  • حماس تعلن إسناد حزب الله!
  • البحباح: تقرير نهائي حول أزمة مياه زليتن سيصدر في يونيو المقبل
  • تقرير لـForeign Affairs يتحدث عن انتهاء حزب الله.. هذا ما كشفه
  • من سيحكم غزة بعد الحرب؟ 4 نماذج متنافسة آخذة في الظهور
  • على بعد أسبوعين.. هل تنسحب إسرائيل من الجنوب اللبناني كما هو متفق عليه؟