سر تفوق كرة القدم السودانية في زمن الحرب
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
=======
د. فراج الشيخ الفراري
========
يلاحظ القارئ الكريم تفوق الفريق القومي السوداني،لكرة القدم، في الآونة الأخيرة وتصدره لقائمة المجموعة في التصفيات الأفريقية والمباريات الودية الأخيرة حيث خاض نحو أربعة عشر مبارة رسمية وودية وفاز أو تعادل في معظمها..ولم تكن خسارة مبارتين أو ثلاث بالفارق الكبير. ..
هناك أمران أساسيان ساعدا كرة القدم السودانية علي احراز تلك النجاحات.وهما..تركيز الإدارات علي المهمة الرياضية دون غيرها.والثاني..وقف العدائيات والمناكفات والخلافات الشخصية التي كان يتميز بها الوسط الرياضي...ليس طوعا ولكن ظروف الحرب هي التي أجبرت الوسط الرياضي علي ذلك.
فقد كتبنا كثيرا عن ظاهرة (المعارضة) التي يمتاز بها الشعب السوداني..وبأن السوداني يخرج من بطن أمه وهو معارضا.. حتي صرخة طفلنا عند الميلاد تنم عن معارضته بالخروج من كنف الأمن والأمان في رحم أمه الي عالم البشر المجهول الذي ينتظره..ويقال...أن بعض الدايات يتعرضن للعض والخدش وصرة الوجه الغاضبة من الطفل السوداني عند الخروج
تعبيرا عن حالة السخط و الاعتراض والمعارضة التي تتقمصه وهو في المهد صغيرا..
وعايشنا في فترة ما قبل الحرب كيف كان( حال الاتحاد)..وحال الأندية خاصة الهلال والمريخ..كان هناك أكثر من اتحاد علي مستوي كرة القدم السوداني يتعاركان..وأكثر من قيادة لمجلس ادارة في الهلال والمريخ يتصارعان.. مما أثر في المشهد العام لكرة القدم السودانية، محليا وعالميا.
وجاءت الحرب..ورغم قساوتها وبشاعتها ..إلا أنها اوجدت نوعا من الاستقرار الإداري في الاتحاد العام لكرة القدم ومجالس ادارات الفرق ومنها الهلال والمريخ..أصبح هناك وقت للتفكيرالعقلاني...ووقت للتركيز في المهام..وتوارت نوازع الصراع والخلاف...ولم يعد لأصحاب الطموحات السالبة مجالا للصراع فالصراع الأكبر الذي تمثله الحرب أصبح مغطيا علي كل( الصراعات) الجانبية..ولم تعد حرية الحركة بين الصراعات الجانبية متيسرا ..ولهذا وجد الاتحاد العام فرصة عظيمة في الاستقرار المؤسسي وكذلك ادارات الأندية...لم يعد الجدل البيزنطي متاحا لامن حيث الزمان ولا المكان..فتقلصت مساحات السجال والجدال التي كانت سائدة قبل الحرب ومثل ذلك رصيدا ايجابيا للادارات الحقيقية علي مستوي الاتحاد العام وناديي الهلال والمريخ..
وهذا هو السر في نجاحات كرة القدم السودانية...وهي حالة مصغرة لبقية انشطة الحياة السودانية...دائما تنقصنا روح المسئولية ومتي يكون الصراع ممكنا ومتي يكون ممنوعا...وليتنا نتعلم من هذه الحالة الرياضية في بقية شئون حياتنا اليومية حتي يستقر بنا الحال، لأن أحد أسباب تأخرنا في كل مجالات الحياة..هي ظاهرة الاختلافات والمعارضات غير المبررة السائدة بيننا .. فأنا معارض. .فأنا إذن موجود....
وتلك هي المعضلة.
د.فراج الشيخ الفزاري
f.4u4f@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: کرة القدم السودانی الهلال والمریخ
إقرأ أيضاً:
«18» شهراً على استمرار الحرب السودانية .. لماذا فشلت القوى المدنية في الجهر بأصوات السلام
منذ عقود خلت ظلت القوى السياسية في السودان تشهد انقسامات وتصدعات، بسبب القوى الشمولية التي ترهن نفسها للعسكر وتقويض الحكم المدني في البلاد، من أجل مشاركتها في السلطة.
كمبالا/بورتسودان ــ التغيير
ثلاث أعوام مرت على انقلاب 25 أكتوبر 2021، ونحو عامين على حرب 15 أبريل 2023، و لم تبارح الأزمات المتلاحقة السودان، في ظل عجز متمدد للقوى السياسية والمدنية التي لم تنجح في تكوين حركة قوية من أجل السلام وإسكات صوت البندقية، ما يطرح تساؤلات، لماذا اقتصرت أدوار وفعالية القوى المدنية على إصدار البيانات؟ ، ولماذا لم نشهد حَراكاً على الأرض مناهض للحرب من السودانيين في الخارج؟ وأين الحراك الدبلوماسي لاستقطاب دعم العالم للشعب السوداني؟.
حدة الخلافاتبدأت حدة الخلافات بين القوى المدنية في الأسابيع الأخيرة التي سبقت انقلاب 25 أكتوبر 2021، وأدى ذلك لانقسام قوى الحرية والتغيير إلى جناحين، ضم أحدهما مجموعة كبيرة من الأحزاب والتنظيمات السياسية والمهنية والمدنية التي كانت ضمن التحالف الأصل، فيما شكلت المجموعة الموقعة على اتفاق سلام جوبا عدا حركتي عضوا مجلس السيادة السابقين، الهادي إدريس والطاهر حجر – وتم تشكيل الحرية والتغيير فيما عرف بـ”الكتلة الديمقراطية”.
لكن هذه التحالفات لم تصمد طويلًا وسرعان ما أصابها التشقق والانقسام، وخرج حزب البعث من الحرية و التغيير فيما جمد حزب الأمة في الجهة المُقابلة صنشاطه في التحالف.
حالة انقسامويشهد السودان منذ اندلاع حرب 15 أبريل من العام الماضي، تزايد حالات الانقسام والاستقطاب وسط القوى المدنية، التي فشلت حتى الآن في تكوين جبهة مدنية عريضة لإيقاق الحرب التي خلفت أكبر أزمة إنسانية شهدها العالم وفقًا للأمم المتحدة.
ويرى الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، عادل خلف الله، أنه لم تتبلور حتى الآن الجبهة العريضة، من قوى النضال السياسية والاجتماعية والمهنية، لأسباب متعددة، ليست معزولة هى الأخرى من ضراوة الصراع وعنفه وإرهاصات التشكل والمخاض”.
ويقول خلف الله لـ «التغيير» إن المجريات والمعاناة والانتهاكات وحجم الدمار الذي طال كل شيء، قد أكد و على نقيض ما تشتهى سفن قوى الحرب ومموليها، أنه لا بديل للحلول السلمية لقضايا النضال الوطني وعبر الحوار، ولا مسوغات قيمية، وطنية، إنسانية، أخلافية، لاستمرار الحرب.
ويضيف: “على الرغم من الحملة الضارية التي شنتها قوى الردة والفلول ومليشياتها العسكرية ومعها قيادات من الجيش، عبر أطنان من الأكاذيب والمبالغات بطابع فاشي على قوى النضال السياسي الاجتماعي، الحزبية والنقابية والمهنية وتكويناتها، بتجريمها وتحميلها كل أوزار الحرب ومسبباتها، لدرجة إحلالها مكان الطرف الذي تحاربه.
وتابع: “وهو ما يشير لجوهر الصراع وحقيقته، صراعات تحالف قوى الهيمنة والتبعية والتخلف، فى مواجهة قوى التحرر والديمقراطية والتغيير وحراكها السلمي”.
ويمضى عادل خلف الله، “الطابع العنفي في الصراع المتزامن مع موجات من الانتهاكات ومعاداة الحريات العامة، وما أفرزته الحرب، من تصدعات ونزوح وهجرة واسعتين، أسهم كذلك في تأخير بلورة وحدة جبهة عريضة، سياسية واجتماعية، لوقف الحرب وإحلال السلام، بمعادل موضوعي لتحدياتها، كما أظهر محدودية فعالية وتأثير الجهود والمبادرات التي خرجت من دهاليز المؤسسات الإقليمية والدولية.
وزاد: “وعليه يمكن القول إن التأخير، ليس زمن ضائع، وإنما مواقيت الزراعة، المحكومة بسنن التاريخ والجغرافيا واستعدادات المجتمعات وقواها، بقانون (لكل أجل كتاب) الذي يتخطى الرغبات والأماني.
وشدد خلف الله، على أن العامل الفاعل في وقف الحرب وإحلال السلام هو العامل الوطني، الإرادة الوطنية المتجهة لبلورة إرادتها عبر جبهة عريضة واسعة لوقف غير مشروط للحرب”.
و تُتهم بعض الأحزاب السياسية بأنها أدّت دورًا في اطالة أمد الحرب نتيجة لدعمها وتأيدها لأحد طرفي الصراع، الذي خلف أكبر كارثة إنسانية في العالم، حيث تجاوز عدد النازحين و اللاجئين أكثر من 12 مليون نسمة، “حسب” المنظمة الدولية للهجرة”. ويواجه أكثر من 25 مليون شخص اليوم نقصًا شديدًا في الغذاء، كما قُتل أو جُرح آلاف الأشخاص، واعتقل المئات وأسيئت معاملتهم أثناء الاحتجاز.
ويحمل رئيس المجلس القومي لحزب المؤتمر السوداني مستور أحمد، الشموليين بإضعاف العمل المدني بإصطفافهم مع العسكر لوأد عمليات التحول المدني الديمقراطي، وقال مستور في ندوة نظمتها تنسيقية “تقدم”، بمناسبة ثورة أكتوبر، للأسف بعض القوى المدنية تشارك لأسباب خاصة بها لمساعدة الشموليين لقطع الطريق أمام الثورة”.
وأضاف: “هؤلاء طعنوا الثورة من الخلف، وللأسف هذه سِمة أصبحت ملازمة لجميع الثورات في السودان، ما يفتح الباب للحديث عن تصنيف الأحزاب والقوى المدنية التي تساعد العساكر لدفع التحول الديمقراطي”.
واستدرك قائلًا: “مافي عساكر بعملوا انقلاب ما لم يشتغلوا على إضعاف قوى مدنية واستقطاب قوى مدنية محسوبة على المدنيين. “على حد قوله”.
وأوضح أحمد، أن هناك بعض الأشخاص لديهم رغبة في عدم وجود تحول الديمقراطي في السودان، وقال “لهذا نحن رهائن للمشمولين والشمولين رهائن آخرين خارجيين، وهذا يحتاج لعمل كبير لتفادي تكرار نفس الطريقة لمناقشتها”.
وحول الحراك الذي يمكن أن يلعبه السودانيين بالخارج لإيقاف الحرب، يرى الناطق الرسمي باسم تنسيقية تقدم صعوبة توحيد الجهود في الوقت الحالي.
و قال الجاك في تصريح مقتضب لـ «التغيير» إن القوى المدنية تتحرك وفق ما هو متاح لها من أدوات وهي قوى لا تحمل السلاح.
من جهته، كشف رئيس الجبهة الثورية نائب رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” الهادي إدريس، عن البدء في خطوات بإتجاه نزع الشرعية عن الحكومة القائمة في بورتسودان.
وقال إدريس في تصريح سابق لـ «التغيير» أفاد فيه أن تنسيقية “تقدم” تخطط لمواصلة دعوة المجتمع الدولي لممارسة ضغوط على الجيش وقوات الدعم السريع للعودة لمنبر جدة، إضافة لعقد مائدة مستديرة مع أطراف السودان الأخرى لنزع الشرعية عن حكومة بورتسودان”.
وتابع : “تنسيقية تقدم لديها شرعية الثورة السلمية و هي مؤهلة للحديث باسم الشعب السوداني ونزع الشرعية عن الحركة الإسلامية في بورتسودان لمنع تقسيم السودان”.
وبدوره يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية عبد الرحمن أبو خريس، إن التحالفات التي تنشأ في السودان لا تقوم على “أرضية صلبة” بسبب اختراقها من قبل الأجهزة النظامية التي حكمت أكثر من 50 عاما منذ استقلال البلاد.
ويقول أبو خريس لـ «التغيير» إن حالة السيولة السياسية والأمنية الحالية أدت إلى وجود أحزاب مصنوعة الغرض منها ايقاف أي تقارب بين القوى المدنية لصالح العسكر لذا أغلب التحالفات تكون هشه وقابلة للتفكك في أي لحظة”.
ويضيف “أغلب التحالفات السياسية الموجودة الآن تنقصها الإرادة الوطنية وتنظر لمصالحها لذلك سريعًا ما تنهار وتصطف إلى جانب من يمتلك القوة والسلطة وتتماها”.
ويشير عبد الرحمن إلى أن التحالفات السياسية والمدنية الموجودة تعاني من الضعف وعدم القبول الواسع، بجانب أن قطاع واسع من الشعب السوداني فقد الثقة في الأحزاب السياسية وينظر إليها بأنها أدّت دوراً في ما آلت إليه الأوضاع في البلاد”.