سودانايل:
2025-03-18@13:31:01 GMT

نزْعٌ و تمزيق . قصة قصيرة

تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT

نزْعٌ و تمزيق . قصة قصيرة
حكايةُ حربٍ!
أعدّ الجوع لهم مؤائد. تحولت دمدمة المتفجرات ، أزيز المسيّرات ، زمجرة الطائرات فوق رؤوسهم مع صوت الرصاص، تحولت إلي شخيرِ يصدر عن نومهم العميق. لم يكن بالأنحاء ماءٌ ليشربوه غير ما تبقي من خطوِ الجنود في بِرَكِ مياه الأمطار، شربوا ذلك الخليط المُشّبَع و المحتشد بالموت الذي رفض المجيء.

تعب الموتُ من التِجوال في شوارع حِلّتهم المنتهكة إلي آخر بيت فيها ،تعب!
قالوا " نحن عائلة إندمجت و صارت جسداً واحداً ، ليست له هوية جنسية و لا ذاكرة ليخدش الإغتصاب حياءَه أو يؤلمه في الروح". و قالوا لم يعد عند الجنود ما يغضبوننا به أو يجعلنا نرد علي أسئلتهم. و قلت لم يعد للحرب ما تقوله أو تستطيع به أن تجعلهم يتكلمون.
جاء بعضهم ليقتلوهم لأنهم من الفلول، فعل القتَلّةُ فعلتهم و فرحوا بها و هللوا و كبّروا. جاء قتَلَةٌ آخرين ليقتلوهم لأنهم متعاونون مع المليشيا المتمردة، فعل القتَلّةُ فعلتهم و فرحوا بها و هللوا و كبّروا. قالوا لم نمت جراء الهجمتين لا بل ظللنا كما نحن "نحن عائلة إندمجت و صارت جسداً واحداً ، ليست له هوية جنسية و لا ذاكرة ليخدش الإغتصاب حياءَه أو يؤلمه في الروح" قالوا إنتهت الحرب عندما صار القتلُ لا يقتل و أصبح الرعبُ لا يُخِيف. فقلت فعلاً إنتهت الحرب عندما تحوّل الجوع إلي واهبٍ للطعام.
لم يجد الجنود ما يفعلونه فقرّر قادتهم الإتفاق و إقتسام البلاد مناصفة بينهما ، ناسها و موارده مناصفةً بينهما. قالوا سمعنا ذلك عندما مرّ جندي جوار بيتهم. كان الجندي يسمع كلام قائده المتفق مع القائد الآخر. سمع الجندي ذلك في واحدٍ من تلفوناته التي كانت لمَوْتَى أو منهوبين. كان الجندي يسمع و يتلفت كأنه يسمع أصواتا. لم يكن هنالك ما يُصدِر صوتا لأنه خلال الحرب قد نفدت الكلمات و لم يتبقَ من الكلام غير تلك الأصوات المجوفة الي لا تهتم لها طبلةُ أُذنِ و لا ترتعش من أجلها. حتي الحيوانات صارت صمّاء. مع نهاية المكالمة إنتشرت في الهواء رائحةُ البُراز المختلطة برائحةِ الأجساد المُتحللة. رأيت في نهاية الشارع جثة قديمة تحلّلت و يبست و صارت هيكلا مكسواً بجلد رقيق، هيكلٌ بفم مبتسم. قوة الرائحة و نفاذها فيما يبدو دفع بالكلاب ، القطط، الطيور، الهوام، القوارض و جمهرة الحشرات النَشِطة. دفعت الرائحةُ الجميع ركضا، زحفاً و طيراناً نحو النهر. قالوا عندما تأكدنا من ذلك المنظر المهيب و هو مغادرة الحيوانات لحِلَتنا حدث أمر غريب حيث بدأت عائلتنا المندمجة في الإنفصال، إنفصل الأب مبتعدا، نزعت الأم نفسها عن جسد العائلة، تبقي جسد ممزق و مرتبك في إندماجه لكنه بدأ في الإنفصال فتفرق الأولاد و البنات بددا، خرجوا عن ذلك الجسد حيث كما قالوا كنّا عائلة إندمجت و صارت جسداً واحداً ، ليست له هوية جنسية و لا ذاكرة ليخدش الإغتصاب حياءه أو يؤلمه في الروح. إنفصلنا أي واحد منّا بندوب و تقرحات شملت جسد الواحد منّا و روحه. قالوا لم نهتم بما حدث لأن الحرب إنتهت عندما لم يجدِ الموتُ من يقتله و لم يجدِ الجوعُ ما ينهشه و لم يجدِ المرضُ جسدا ليعذبه. قلت إنتهت الحرب.

طه جعفر الخليفة
كندا – اونتاريو
31 نوفمبر 2024م


taha.e.taha@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: لم یجد

إقرأ أيضاً:

4 طرق ناجحة للاستجابة لمريض الخرف عندما يخلط بين الأزمنة

مع تزايد معدلات الإصابة بالخرف، يتزايد تسليط الضوء على كيفية التعامل مع المريض، سواء من قبل أفراد الأسرة أو مقدمي الرعاية الصحية. وتطرح ورقة بحثية جديدة التساؤل حول كيفية الاستجابة لمريض يخلط الأزمنة أو الأمكنة، وهل الكذب العلاجي هو الأسلوب المناسب لتخفيف ضائقة المريض؟

وجود واقع متضارب لدى المريض بالخرف من التحديات الشائعة، حيث يكون المريض منسجماً مع زمان أو مكان مختلفين.

على سبيل المثال، قد يعتقد أن أحد والديه سيأتي ليأخذه إلى المنزل، أو أنه بحاجة إلى المغادرة بشكل عاجل لاصطحاب طفله من المدرسة، بينما لن يحدث ذلك في الواقع.

4 طرق

وتقول الدكتورة أليسون بيلنيك من جامعة ماكماستر متروبوليتان: "هناك 4 طرق للاستجابة لهذا الخلط، ثبت أن اثنتين منهما ناجحتان".

الطريقة الأولى، بحسب "ذا كونفيرسيشن"، هي مواجهة واقع المريض أو تحديه.

مثلاً، إخبار الشخص الذي يعتقد أنه في المنزل أنه في المستشفى. لكن بينت التجارب أن هذا الأسلوب لا يؤدي عادةً إلى اتفاق، بل قد يزيد من حدة الضيق.

الطريقة الثانية هي التعايش مع واقع المريض. على سبيل المثال، بالموافقة على أن أحد أفراد الأسرة المتوفين، مثل أحد الوالدين أو الزوج/الزوجة، سيأتي لزيارته أو لاستلامه لاحقاً.

رغم أن هذه الاستراتيجية قد تنجح كاستراتيجية قصيرة المدى، إلا أنها محدودة زمنياً لأن الحدث الموعود لن يحدث أبداً. وهذا قد يزيد من حدة الضيق في نهاية المطاف.

طريقتان ناجحتان

الطريقة الثالثة، وهي إحدى طريقتين ثبت نجاحهما، هي إيجاد جانب من واقع المريض يمكن مشاركته، دون الخوض فيه بالكامل.

مثلاً، إذا قال المريض إن والده (المتوفى) سيأتي لأخذه، فقد يسأله أحد أفراد طاقم الرعاية الصحية: "هل تفتقد والدك؟". هذا يتجنب الكذب، ولكنه يستجيب لنبرة المريض العاطفية ويمكّنه من مشاركة مشاعره.

وبالنسبة للشخص الذي يشعر بالقلق من ترك طفل أو حيوان أليف بمفرده في المنزل، قد يقول أخصائي الرعاية الصحية: "جارك يعتني بكل شيء في المنزل". هذا يوفر طمأنينة عامة دون تأكيد أو طعن في التفاصيل.

أما الطريقة الرابعة، فهي بالنسبة للمريض الذي يطلب العودة إلى المنزل مراراً وتكراراً لأنه لا يدرك حاجته الطبية، قد يسأل: "ماذا كنت ستفعل لو كنت في المنزل؟" يمكن تحديد حاجة أو رغبة - مثل تناول كوب من الشاي أو المشي أو مشاهدة التلفزيون - والتي يمكن تلبيتها في بيئة المستشفى.

أي تركز الطريقة الرابعة، الناجحة، على تحويل موضوع المحادثة بعيداً عن المشكلة التي كانت تسبب الضيق، إلى شيء آخر يمكنهم إشراك الشخص فيه.

مقالات مشابهة

  • الفاتيكان: البابا استغنى عن أجهزة التنفس لفترات قصيرة
  • هشام يكن: عبد الحليم حافظ أصرّ على إحياء زفاف والديّ
  • فشرتوا
  • عندما تكون الامة  قرار
  • السلطان: العمارة السعودية تسهم في إبراز هوية المملكة عالميًا
  • نابولي.. «التعادل المُر»!
  • كلب يطلق النار على صاحبه في أمريكا
  • مؤشرات أخلاقيات المنظمة (2)
  • 4 طرق ناجحة للاستجابة لمريض الخرف عندما يخلط بين الأزمنة
  • الكشف عن هوية المستهدف بغارة برج الملوك... هذه صورته