لم نصل حد اليأس مادام فينا بقية من إيمان
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
لم نصل حد اليأس مادام فينا بقية من إيمان وكيف التصرف الواعي مع هذا العد التنازلي لاطلاق صاروخ ضربة النهاية التي أطلت علينا بوجهها الكريه ونحن مازلنا هل نبدا بسياسة بسمارك الداخلية ام الخارجية وبالدارجي: (راح علينا الدرب
نحن نعرف بحكم التنشئة الدينية أن الغضب يجلب معه شرور كثيرة تعد ولاتحصي ومنها خراب البيوت والمجتمعات وهذا المرض العضال المسمي الغضب يبدأ بكلمة من الزوج تكون كافية للانفصال وبالتالى تشتت الأسرة وضياع الاطفال وهذه الكلمة الغاضبة يمكن أن يتفوه بها المدير علي أحد مرؤوسيه فتكون فوق احتماله وفي لحظة عمي غاشم وعدم ادراك ربما يتناول آلة حادة أو أي شيء صلب يوجهه الي راس معالي ال Boss ) فيرديه قتيلاً أو علي الاقل يصيبه بعاهة مستديمة والنتيجة يذهب أحدهما الي السجن أو حبل المشنقة تشيعه اللعنات وتفقد الخدمة المدنية مهنيا ضليعا قضي نحبه بسبب كلمة في لحظة شيطانية انطلقت منه لم يستطع كبح جماحها وعلي العموم نحن اهل الديار السودانية نغضب لأتفه الأسباب ونسبب لأنفسنا ولغيرنا مآسي كثيرة كان يمكن تجنبها لو تمسكنا بشرعنا الحنيف وسيرة الرسول عليه الصلاه والسلام ونحن نعرف ماذا نصنع لو وجدنا نفسنا في فورة غضب أو غليان ويكفي أن نتوضا لنطرد الشيطان وإذا كنا قياما أن نجلس وان كنا جلوسا نضطجع المهم أن نغير من الوضع الذي نحن فيه وهذا بلسم شاف لانتفاخ الاوداج وحمرة العيون التي يتطاير منها الشرر وحاجز لنا من أن نرغي ونزبد ونتصرف كالمجانين ونندم أشد الندم ربما الي الابد بسبب تهور غير محسوب تكون عاقبته جريمة قتل أو تخريب ممتلكات أو فقدان لصداقات وأخوة عمرها سنين وسنين .
يا أمة السودان يا أهل الخير والصلاح ... ماذا دهاكم وكل واحد منكم ( مادي بوزو شبرين ) في نقاش ما كان يستدعي غير حسن الاستماع لوجهة نظر الآخر مهما كانت مخالفة ومن ثم الرد عليها بكل موضوعية بدون انفعال وتشنج و ( عروق رقبة مشحطة ) مثل حبل العناقريب ...
اصبحنا لا نطيق بعضنا البعض والكل يتخندق حول مرئياته يتحصن داخلها وكأنها قلعة وندسور أو حصن بابليون وكان في داخله ( طرمبة بنزين ) سرعان ما تشتغل مع حدة النقاش فيحترق الاستديو والساحات والميادين العامة والصوالين والمكتبات والجامعات وهيئات الثقافة والإعلام والفولكلور والجيولوجيا والمتاحف الأثرية والتاريخية والمسارح ودور السينما والاستادات ومواقف السيارات وأسواق الجمعة والربع الخالي ومبني الكوليزيوم والخط الناقل لبترول جنوبنا الحبيب الذي لم يعد ينساب كا ( الدبيب ) في أراضينا وهم يجنون الارباح ونحن منهم نستفيد !!..
عرفنا وفهمنا وتعودنا علي قلة صبرنا وضيق صدرنا في حلقات النقاش لأن أي فرد منا متمسك باستماتة علي ايديلوجيته فلا اليساري مرتاح لليميني ولا العسكري يطيق المدني وبالعكس والقبائل مفرزعة وأهل الطرق تم تسييس بعضهم فصالوا وجالوا في الخلافات القائمة بطريقة ( لسنا وحدنا في السوق ولكننا الافضل ) !!..
ودا كلو كوم والحصل في عاصمة الضباب كوم اخر وقد نما الي علمي عن طريق الونسات العادية وفهمت من هذه الونسات أن فيديوهات كثيرة خرجت توثق لاجتماع في لندن كانت ( تقدم ) تزمع قيامه في صالة كبري هنالك توضح فيه وجهة نظرها في مايدور من أحداث ببلادنا الحبيبة وضرورة ايقاف الحرب اللعينة العبثية المنسية ولابد أن يكون هنالك مدعوون من أبناء جون ومن بقية أبناء الاتحاد الأوروبي وبقية القارات بما في ذلك الأمريكتين ( أود أن أوضح أنني لم اشاهد أي فديو للمأساة التي حدثت عند بداية الاجتماع لأنني ببساطة أعتقد أن الفيديوهات يمكن أن يستخدمها أي طرف ضد الآخر لتكون عبارة عن كيد وإثبات علي أن الفعالية تم افشالها وربما تم التعدي بالضرب علي القائمين بها مع الهتاف بصوت داو ضدهم ) ...
نحن في بلادنا نقوم بمثل هذه الأشياء فنجد فريق يحرق معرضا لفريق اخر علي أساس أن هذا المعرض يحتوي علي كتب جنس أو الحاد ... وحصل أن تقدم أشخاص بعريضة يطالبون بمحاكمة ومصادرة كتب عبقري الرواية العربية الطيب صالح لأنها تحتوي علي مقاطع جنسية ... نحن نأخذ القانون بيدنا هكذا ( رجالة وحمرة عين ومافي شيء مالي عينينا ) ...
لكن في بريطانيا و ( تقدم ) تنال تصريحا بقيام ندوة ويتسلل الي القاعة جماعة لا يروقهم هذا الاجتماع ويهتفوا بعبارات عدائية ضد منظمي الندوة ومحاولة الاعتداء عليهم فهذا شيئ في غاية الخطورة مهما كانت شدة الخلاف الذي لا يعالج بالعنف وانما بمقارعة الحجة بالحجة واحترام الآخر وأن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية !!..
تري ماذا سيفعل أهل البلد المضيف ووزارة داخليتهم هل سيقبضون علي من أثار الشغب وأطلق الفتنة من عقالها ام سيقولون :
( اصلهم الناس ديل دا حالهم ومافي فائدة فيهم ... ديل ناس يا العب فيها يا اطفيها ... ديل ناس البلد بلدنا ونحن أسيادها ... ديل منذ أن اديناهم استقلالهم حكمهم العسكر لأكثر من نصف قرن فمن أين لهم بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وعندما يثورون يضربون ضرب غرائب الإبل... عشان كدة قضية مافي وكل زول بعد دا يشوف شغلو ... وهم الغريبة و العجيبة أن بلدهم تحاصرها النيران والعدو واضح أمامهم لكنهم لا يرونه بل يرون حمدوك ورفاقه لأن قلبهم علي الوطن ويريدون إطفاء نيرانه وتسخير موارده للشعب وليس للطامعين من هنا وهنالك !!..
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الفن لغة التسامح والتعايش
شرُفتُ بحضور محاضرة فكرية متميّزة في مجلس محمد بن زايد، حملت عنوان “التسامح والتعايش في الفكر الإسلامي”، شارك في تقديمها كل من د. شايع الوقيّان، ود. مشهد العلاّف، ود. فاطمة الدهماني.
جاءت المحاضرة ثرية في مضمونها، راقية في خطابها، حيث تجاوزت المفهوم السطحي للتسامح إلى تناول عميق يجمع بين المرجعية الفكرية والدينية، والرؤية الإنسانية الواسعة، مما أتاح للمستمع أن يرى في التسامح أكثر من مجرد فضيلة، بل أسلوبًا لبناء الإنسان والمجتمع.
استعرض المحاضرون كيف أن التعدد سنة كونية، وأن الاختلاف ليس تهديدًا، بل فرصة لفهم الذات عبر مرآة الآخر. واستشهدوا بالآية الكريمة: “لا إكراه في الدين”، للدلالة على أن التسامح في جوهره قائم على الحرية، والعقل، والاحترام. لكن اللحظة التي استوقفتني حقًا، ووسّعت أفق المحاضرة من الفكر إلى الشعور، هي حين تم التطرّق إلى الفن كجسر إنساني يجسّد معنى التسامح، بل ويُمارسه بطريقته الخاصة.
كان التحوّل في سياق النقاش لحظة فارقة بالنسبة لي، فقد كشف عن وجهٍ آخر للتسامح، لا يُبنى على الجدل ولا يُستدعى عبر الخطابات، بل يتجلى في لحظة صامتة نعيشها حين نخاطَب بجمال صادق يلمس وجداننا. هناك، حيث يتكلم الإبداع بما تعجز عنه الكلمات، تتوارى الحواجز، وتذوب الفروق، ويتقدّم الإنسان فينا على كل هويةٍ فرعية أو انتماءٍ ضيّق.
في هذا الأفق، لا يعود الانتماء للغة أو الدين أو الجغرافيا شرطًا للفهم أو التفاعل، فالصورة، واللحن، والقصيدة، تتجاوز هذه الحواجز، لتخاطب ما هو أعمق: إنسانيتنا المشتركة.
قد نأتي من ثقافات متباعدة، ونتحدث بألسن مختلفة، ونسكن أوطانًا متفرقة، لكننا حين نقف أمام لوحة تُحرّك فينا شعورًا غامضًا، أو نستمع إلى لحنٍ يوقظ فينا ذكرى قديمة، نُدرك فجأة أن هناك شيئًا واحدًا يوحّدنا، شيءٌ غير مرئي، لكنه حاضر بقوة: الفن.
فالفن يوحّدنا تحت مظلّة إنسانية واحدة، ويجمعنا على طاولة واحدة، لا نسأل فيها عن الأسماء أو الخلفيات، بل نشعر فيها بكل ما هو جميل ومشترك فينا كبشر: الشوق، الفرح، الحنين، التأمل، والرغبة في السلام.
وحين نُقبل على هذا الجمال بانفتاح القلب، لا نكون متذوّقين فحسب، بل نكون مشاركين في فعلٍ من أرقى أشكال التعايش، حيث نُصغي بعمق، ونتفاعل بإحساس، ونتعلّم، دون أن نشعر، كيف نكون أكثر رحابة، أكثر تسامحًا، وأكثر وعيًا بإنسانية الآخر.
وهكذا يصبح الفن ليس فقط أداة تعبير، بل وسيلة لترويض الذات، وتهذيب الرؤية، وتعليم القلب كيف يتسع للجميع، دون شروط، ودون حذر. هو المساحة التي نمارس فيها التسامح شعورًا حيًّا، لا مفهومًا نظريًا، ونعيشه كما نعيش الموسيقى أو الألوان أو الشعر… بتلقائية، وصدق، ودهشة.
ولعلّنا لا نجد وصفًا أبلغ لما يفعله الفن من قول الرسّام بابلو بيكاسو: “الفن يُزيل الغبار عن الروح.”
ذلك الغبار الذي يتراكم من الأحكام المسبقة، ومن توترات الحياة اليومية، ومن المسافات التي نضعها بيننا وبين الآخر. الفن لا يمنحنا متعة بصرية فحسب، بل يُطهّر أعماقنا من ثِقل الواقع، ويُعيد إلينا طهارة النظرة الأولى: تلك النظرة التي ترى الإنسان، لا صفته.
وحين نتأمل لوحة، أو نستمع إلى موسيقى تمسّ أرواحنا، نُصبح أكثر استعدادًا للقبول، أكثر قابلية للتفاهم، وأقرب إلى لحظة التسامح الحقيقية، التي لا تُملى علينا بل تنبع منا.
ويضيف الفيلسوف جاك مارتيان رؤيةً مكملة حين يقول: "الفن الحقيقي يُعبّر عن الكائن الإنساني في جوهره، ويكشف عن وحدة الإنسان رغم اختلاف مظاهره.” ليست هذه مجرّد عبارة فلسفية، بل رؤية تُلخّص دور الفن في كشف الجوهر الواحد الذي يسكن خلف التعدّد الظاهري. إن الفن يُزيل القشور، ويأخذنا إلى نقطة التقاء داخلية، حيث لا أسماء ولا أعراق ولا لغات، بل نبض مشترك يربطنا كبشر.
وكلما تعمّقنا في الفن، ازددنا فهمًا للآخر، لا من خلال ما يقوله، بل عبر ما يشعر به، وما يُخفيه أحيانًا خلف صمته.
إن مجلس محمد بن زايد، من خلال فسحه لهذا النوع من الحوار، يُثبت أن التسامح لا يُبنى بالخطاب وحده، بل يحتاج إلى الأدب، إلى الفن، إلى المساحات الوجدانية التي تُهذّب النفس وتُنعش العقل. فالتعايش لا يكون فقط بقبول وجود الآخر، بل بفهمه، والإحساس به، والانفتاح عليه بصدق.
وفي النهاية، الفن هو اليد التي تُمدّ حين تعجز الكلمات، وهو الصدى الذي يسمعه القلب حين يضيق صدر العالم. وعندما نمنح الفن مكانًا في خطاب التسامح، فإننا لا نُزيّنه، بل نُعمّقه. وعندها فقط، يصبح التسامح ليس مجاملة اجتماعية، بل أسلوب حياة، وثقافة راسخة، ومشروع إنساني دائم.