قالت صحيفة إيكونوميست إنه وفي خطوة مفاجئة ذات دلالات سياسية واقتصادية أعلنت مؤسسة بنك التسويات الدولية (بي آي إس) انسحابها من مشروع "إم بريدج"، وهي منصة مدفوعات عبر الحدود تم تطويرها بالتعاون مع الصين و4 بنوك مركزية أخرى.

وجاء هذا الإعلان بشكل غير متوقع خلال حديث المدير التنفيذي لبنك التسويات الدولية أغوستين كارستنز في مؤتمر مصرفي عقد في مدريد في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ أوضح أن قرار الانسحاب يعزى إلى ضغوط جيوسياسية متزايدة.

ووفقا لإيكونوميست، فإن هذا القرار يأتي في وقت يسعى فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى استنساخ المنصة كجزء من نظام "بريكس بريدج" لتجنب العقوبات الأميركية، مما يشير إلى تزايد التوترات بشأن المدى المستقبلي للسيطرة على الأنظمة المالية العالمية.

مشروع "إم بريدج"

وأُطلق مشروع "إم بريدج" في 2021 بمبادرة من بنك التسويات الدولية بالتعاون مع الصين وعدد من البنوك المركزية، بهدف تسريع المدفوعات الدولية باستخدام العملات الرقمية وخفض تكاليف المعاملات وضمان أمانها.

بوتين أعلن عن رغبته في تطوير نظام "بريكس بريدج" بالاعتماد على دعم التكنولوجيا الصينية (رويترز)

ونجح المشروع -وفقا لإيكونوميست- في خفض وقت المعاملات من أيام إلى ثوانٍ، والتكاليف إلى الحد الأدنى.

لكن القلق السياسي بشأن إمكانية استخدام المشروع وسيلة للالتفاف على العقوبات المالية الأميركية -خاصة في ظل تدخل الصين كجهة تطوير رئيسية- دفع العديد من المسؤولين الغربيين إلى الضغط على البنك للانسحاب.

وفي تصريحاته، أكد كارستنز أن "إم بريدج لم يُنشأ لتلبية احتياجات دول بريكس"، مشيرا إلى أن الانسحاب لا يعزى إلى فشل تقني، بل يعود إلى مخاوف سياسية متزايدة.

بوتين وطموحات بريكس المالية

وتقول الصحيفة إن هذه التطورات تأتي في وقت يجدد فيه الرئيس بوتين جهوده لبناء نظام مالي بديل بالتعاون مع مجموعة بريكس.

ففي قمة بريكس الأخيرة في قازان أعلن بوتين عن رغبته في تطوير نظام "بريكس بريدج" بالاعتماد على دعم التكنولوجيا الصينية، مشيرا إلى ضرورة البحث عن بدائل للنظام المالي الذي يهيمن عليه الدولار والبنوك الأميركية.

وكان مشروع جعل المدفوعات عبر الحدود أسرع وأرخص يتم تطويره بشكل مشترك من قبل "مركز الابتكار" التابع لبنك التسويات الدولية مع البنوك المركزية في الصين وهونغ كونغ والإمارات العربية المتحدة وتايلند، وانضمت المملكة العربية السعودية إلى المنصة في يونيو/حزيران الماضي.

وقال مسؤول إماراتي الأسبوع الماضي إن "إم بريدج" قامت منذ ذلك الحين بتسوية مئات المعاملات بقيمة مليارات الدولارات، وإن حجم المعاملات في بلاده على المنصة ارتفع بأكثر من الثلث في الشهر الماضي.

وأعرب بوتين عن استيائه من العقوبات المفروضة على بلاده، قائلا "نضطر الآن للبحث عن بدائل"، وأوضح أن المشروع رغم انسحاب بنك التسويات الدولية لا يزال مدعوما بقوة من قبل البنوك المركزية للدول المشاركة.

نظام مالي جديد على أسس صينية

وأثار انسحاب بنك التسويات الدولية تساؤلات بشأن مستقبل المشروع، خاصة مع تولي الصين دفة القيادة الفنية.

وأوضح الخبير جوش ليبكسي من "مجلس الأطلسي" في حديث لصحيفة إيكونوميست أن المشروع قد يتحول إلى منصة تقودها الصين بالكامل مع شفافية أقل.

وأشار ليبكسي إلى أن الصين لن تتخلى عن استثماراتها في "إم بريدج"، مما يعزز فرص تطوير النظام وفق رؤيتها الخاصة.

من جهته، اعتبر محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي أن السبيل الأمثل لتجنب "تفكك نظم المدفوعات" هو الابتكار في أنظمة مالية رقمية تتيح الحفاظ على فعالية العقوبات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات بنک التسویات الدولیة

إقرأ أيضاً:

البيض: الانتقالي لم يقدم نموذجا ملهما في عدن وأضاع طموحات الجنوب

هاجم هاني البيض، نجل الرئيس الأسبق علي سالم البيض، قيادات المجلس الانتقالي، المدعوم من الإمارات، وتجربتها في عدن والتي قال بأنها أضاعت طموحات أبناء المحافظات الجنوبية.

 

وقال البيض في مقال له على منصة إكس: للأمانة نقولها إذا كان الانتقالي قدم حينها نموذجا جديدا متميزا خلال تجربته السياسية والاقتصادية الماضية على صعيد الحياة الاجتماعية والمدنية والخدمية للمجتمع، وساهم بفعالية في تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين وخلق حالة استثنائية جديدة في تلك المناطق وتحديدا عدن!".

 

 

وأضاف: "اتصور كانت اتت كل المناطق الأخرى الهامة إليه طوعاً بدلاً من أن يذهبوا إليها في محاولات يائسة اليوم لتدارك ما تبقى من حاضنات شعبية.. وبالوقت الضائع".

 

واستدرك بالقول: "للأسف كانت تجربة ناقصة اضاعت كثير من الطموحات الممكنة لأبناء الجنوب".

 

وأكد البيض أن المكتسبات انحصرت في الجانب العسكري والامني على حساب متطلبات المجتمع، مشيرا إلى أن بناء ما سماها بـ "الوحدات العسكرية والأمنية" شابها الكثير من الإنتقائية والانتماء المناطقي.

 

ولفت إلى أن المكتسبات المحصورة في العسكرة والتسليح تحولت لإشكالية بحدّ ذاتها في النسيج الاجتماعي والسياسي بالجنوب، أخل بقواعد وأسس البناء الوطني الحقيقي والمتكافئ بين مختلف شرائح ومكونات المجتمع.

 

وبحسب البيض، فإن الإشكال الناجم عن العسكرة والتسليح وانعكاساته على النسيج الإجتماعي "يؤسس لمستقبل غير مناسب للبلاد، إذا ما استمر دون تصحيح وتغيير وهيكلة لكافة القطاعات والهيئات والمؤسسات العسكرية والامنية التي انشائها المجلس الإنتقالي الجنوبي خلال الفترة الماضية قبل أن تصبح عبئا كبيرا عليه وعلى الجنوب".


مقالات مشابهة

  • كيف تفضح طموحات نتنياهو نقاط ضعف الاحتلال الإسرائيلي؟
  • العراق يعزز مكانته الدولية بعد غيابه عن قائمة الحظر الأمريكية.
  • شعبة النقل الدولي: ميناء طابا يعزز الأمن القومي لمصر خاصة فيما يتعلق بالسيطرة على الحدود البحرية
  • تجميد الإعلام الأمريكي الدولي: غيابٌ استراتيجي يعزز حضور المنافسين
  • ساير والثورة في النماذج الاقتصادية... هل نحن أمام نظام مالي جديد؟
  • نظام ساير والثورة في النماذج الاقتصادية... هل نحن أمام نظام مالي جديد؟
  • طرق دبي تنجز 40% من أعمال مشروع تطوير وترقية نظام "نول"
  • التخطيط والتعاون الدولي تبحث مع فرنسا مستقبل العلاقات الاقتصادية الثنائية
  • الصين : تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني تعطل بسبب انسحاب الولايات المتحدة منه
  • البيض: الانتقالي لم يقدم نموذجا ملهما في عدن وأضاع طموحات الجنوب