غزة - خاص صفا 107 أعوام مرت على وعد "بلفور" المشؤوم، وما زال الشعب الفلسطيني يُعاني ويلات التهجير والاقتلاع من أرضه، ومحاولات الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء القضية الفلسطينية واستمرار جرائم الإبادة والتدمير ومصادرة الأراضي الفلسطينية، ومخططات التهويد والاستيطان. وتحتل هذه الذكرى الأليمة، بالتزامن مع استمرار جيش الاحتلال في حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وفي ظل دعم أمريكي وغربي لـ"إسرائيل".

قصة الإعلان وفي الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 1917، أرسل وزير خارجية بريطانيا في تلك الفترة، آرثر جيمس بلفور، برسالة إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية آنذاك، لتُعرف فيما بعد باسم "وعد بلفور". وبموجب هذه الرسالة منحت الحكومة البريطانية حقًا مزعومًا لليهود في تأسيس وطن قومي لهم في فلسطين، وفقًا للمقولة المزيفة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض". وجاء في نص الرسالة إن "حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل عظيم جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية". وتابعت "على أن يُفهم جليًا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن يُنتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى". وصدر الوعد وتعداد اليهود في فلسطين لا يزيد عن 5% من مجموع عدد السكان، وأرسلت الرسالة قبل أن يحتل الجيش البريطاني فلسطين. ويطلق المناصرون للقضية الفلسطينية عبارة "وعد من لا يملك لمن لا يستحق" لوصفهم الوعد. وإعلان "بلفور" كان بمثابة الخطوة الأولى للغرب على طريق إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين، استجابة مع رغبات الصهيونية العالمية على حساب شعب متجذر في هذه الأرض منذ آلاف السنين. وجاء الوعد بعد مفاوضات استمرت ثلاث سنوات بين الحكومة البريطانية من جهة، واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية من جهة أخرى. واستطاع من خلال تلك المفاوضات، الصهاينة إقناع بريطانيا بقدرتهم على تحقيق أهداف الأخيرة والحفاظ على مصالحها في المنطقة، وفور إعلان الوعد سارعت دول أوروبا، وعلى رأسها أمريكا وفرنسا وإيطاليا بإعلان التأييد له. وفي 25 أبريل/نيسان سنة 1920، وافق المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر سان ريمو على أن يعهد إلى بريطانيا بالانتداب على فلسطين، وأن يوضع وعد "بلفور" موضع التنفيذ حسب ما ورد في المادة الثانية من صك الانتداب. وأما في 24 يوليو/تموز عام 1922، وافق مجلس عصبة الأمم المتحدة على مشروع الانتداب الذي دخل حيز التنفيذ في 29 أيلول 1923، وبذلك يمكننا القول إن وعد بلفور كان وعدًا غربياً وليس بريطانيا فحسب. واختلفت ردود أفعال العرب تجاه التصريح بين الدهشة، والاستنكار، والغضب، وبهدف امتصاص حالة السخط والغضب التي قابل العرب بها وعد بلفور، حيث أرسلت بريطانيا رسالة إلى الشريف حسين، بواسطة الكولونيل باست، تؤكد فيها الحكومة البريطانية أنها لن تسمح بالاستيطان اليهودي في فلسطين إلا بقدر ما يتفق مع مصلحة السكان العرب، من الناحيتين الاقتصادية والسياسية. وأصدرت أوامرها أيضًا، إلى الإدارة العسكرية البريطانية الحاكمة في فلسطين، أن تطيع أوامر اللجنة اليهودية التي وصلت إلى فلسطين في ذلك الوقت برئاسة حاييم وايزمن خليفة "هرتزل"، وكذلك عملت على تحويل قوافل المهاجرين اليهود القادمين من روسيا وأوروبا الشرقية إلى فلسطين، ووفرت الحماية والمساعدة اللازمتين لهم. أما الشعب الفلسطيني فلم يستسلم للوعود والقرارات البريطانية والوقائع العملية التي بدأت تفرض على الأرض من الحركة الصهيونية وعصاباتها المسلحة، بل خاض ثورات متلاحقة، كان أولها ثورة البراق عام 1929، ثم تلتها ثورة 1936. وتمكن اليهود من استغلال تلك القصاصة الصادرة عن آرثر بلفور المعروف بقربه من الحركة الصهيونية، ومن ثم صك الانتداب، وقرار الجمعية العامة عام 1947، القاضي بتقسيم فلسطين ليحققوا حلمهم بإقامة "إسرائيل" في الخامس عشر من أيار عام 1948، وليحظى هذا الكيان بعضوية الأمم المتحدة بضغط الدول الكبرى. وفي عام 1948 سلّمت بريطانيا فلسطين، عبر السماح لـ "منظمات صهيونية مسلحة" بالسيطرة على أراضٍ فلسطينية أقاموا عليها ما أسموه دولة "إسرائيل"، فيما عرف فلسطينيا بـ "النكبة"، ووقعت حينها ثلاثة أرباع فلسطين تحت السيطرة الإسرائيلية، في حين حكمت الأردن الضفة الغربية ووقع قطاع غزة تحت السلطة المصرية. تمسك بالثوابت وعلى مدار العقود الماضية، طالبت المستويات الفلسطينية الرسمية والشعبية الحكومة البريطانية بتقديم اعتذار رسمي عن الكارثة التي لحقت بهم جرّاء "وعد بلفور"، إلا أن الأخيرة ترفض ذلك. وتمر هذه الذكرى المشؤومة، في وقت يتجدد فيه خطر المشروع الصهيوني وإرهابه ضد الشعب الفلسطيني وقضيته، من خلال محاولات إنهاء القضية الفلسطينية وإبادة وتهجير الفلسطينيين، والقضاء على حقهم في الوجود والحياة، ومنع شعبنا من تحقيق أهدافه العادلة في الحرية وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة. ورغم القتل ومحاولات الاحتلال لتهجير الشعب الفلسطيني، إلا أنه ما زال متمسكًا بكامل ثوابته وحقوقه المشروعة، يقاوم بكل ما يملك مخططات تهجيره وطرده من أرضه. وفي هذه الذكرى، تُؤكد الفصائل أنها لن تتخلى عن أي شبر من فلسطين، وأن المقاومة هي طريق شعبنا لاسترداد كل الأرض وانتزاع كل الحقوق. 

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: وعد بلفور فلسطين الأرض الحکومة البریطانیة الشعب الفلسطینی فی فلسطین وعد بلفور

إقرأ أيضاً:

تعليق من الشرطة البريطانية بشأن خطر نووي إثر حريق في منشأة للغواصات

أعلنت الشرطة البريطانية بمقاطعة كمبريا البريطانية، الأربعاء، أن حريقا اندلع بعد منتصف الليل في حوض لبناء السفن، والذي يتم فيه بناء غواصات نووية، داعية الناس في المناطق القريبة للبقاء بأماكن مغلقة.

وقالت الشرطة إنه تم نقل شخصين إلى المستشفى للاشتباه في استنشاقهما للدخان، إثر الحريق الذي اشتعل في الحوض التابع لشركة "بي إيه إي سيستمز"، ببلدة بارو إن فيرنيس الساحلية، دون ورود أي تقارير عن وقوع إصابات أخرى.

Emergency services are currently in attendance at BAE at a significant fire at the site.

There is no nuclear risk. However, people living nearby are advised to remain indoors and keep doors and windows closed.

More: https://t.co/rTHCsiwsuL pic.twitter.com/4AG1wyllxb

— Cumbria Police (@Cumbriapolice) October 30, 2024

وأوضحت الشرطة أنه لا وجود لأي "خطر نووي"، باعتبار أن الحريق وقع داخل حوض بناء السفن الذي يبني الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية.

كانت "من فئة جديدة".. تفاصيل "غرق غواصة نووية صينية" كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، تفاصيل واقعة "غرق" غواصة هجومية نووية صينية، معتبرة أن الحادثة تمثل "انتكاسة كبيرة" لجهود التحديث العسكري الصيني.

ونصحت الشرطة الأشخاص الذين يعيشون في الجوار بالبقاء في الداخل وإبقاء الأبواب والنوافذ مغلقة.

وحسب وكالة "أسوشيتد برس"، فإن حوض بناء السفن، الذي يبلغ عمره 150 عاما، يقع على بعد 350 كيلومترا، شمال غرب لندن، ويعمل على بناء عدة غواصات تعمل بالطاقة النووية، لصالح البحرية الملكية البريطانية.

وأشارت الوكالة إلى أنه جرى بناء الغواصات القليلة التي تحمل الصواريخ النووية البريطانية، في ذلك الحوض.

مقالات مشابهة

  • ذكرى سرقة الأراضي الفلسطينية .. تعرف على آرثر جيمس بلفور صاحب وعد بلفور
  • وعد من لا يملك لمن لا يستحق.. 107 أعوام على إعلان بلفور المشؤوم
  • الحوثيون: نرفض أي تحركات الأمريكية البريطانية وأي عدوان سيُقابل بردٍ حاسم
  • أسامة الدليل: فلسطين هي الأرض المسروقة من البحر للنهر
  • بلفور ... وعدا بريطانيا أمريكيا مشتركا !
  • ذكرى "تصريح بلفور" ومسؤولية بريطانيا عن مأساة فلسطين
  • الجامعة البريطانية تمنح الدكتوراه الفخرية للدكتور جورج أبي صعب وجون لاثام
  • احتفالية الذكرى العشرين على إنشاء الجامعة البريطانية في مصر
  • تعليق من الشرطة البريطانية بشأن خطر نووي إثر حريق في منشأة للغواصات