هل يحمل المشهداني مفتاح حل القوانين الخلافية بالعراق؟
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
بغداد- تمكّن مجلس النواب العراقي، مساء أول أمس الخميس، من انتخاب رئيس جديد له بعد مضي عام كامل من التأجيل والإخفاقات المتكررة في حسم الملف. وتم انتخاب محمود المشهداني رئيسا لمجلس النواب، حيث حصل على 181 صوتا مقابل 43 صوتا لصالح سالم العيساوي.
ووفق العرف السياسي العراقي، يُخصص منصب رئيس الجمهورية للأكراد، ومنصب رئيس الوزراء للشيعة، أما رئاسة البرلمان فتُخصص للسنة.
وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قررت المحكمة الاتحادية العراقية إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي بعد محاكمة بدأت في فبراير/شباط 2023 على خلفية شكوى تقدم بها النائب ليث الدليمي، اتهم فيها رئيس البرلمان بتزوير تاريخ طلب استقالة باسمه واستعماله لإنهاء عضويته في البرلمان.
يُعد المشهداني من الشخصيات السنية المؤثرة في السياسة العراقية، وشارك في العملية السياسية بعد عام 2003، وكان أحد أعضاء لجنة صياغة الدستور الدائم لعام 2005.
وشغل المشهداني منصب رئيس مجلس النواب العراقي من عام 2006 حتى استقالته عام 2008. والمشهداني من مواليد عام 1948 في بغداد، أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والإعدادية في مدينة الكاظمية، وتخرج من كلية الطب بجامعة بغداد عام 1972، والتحق بالجيش العراقي برتبة ملازم.
تم إبعاده لاحقا عن الجيش العراقي بسبب معارضته الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت 8 أعوام (1980- 1988). وفي عام 2000، حكمت عليه السلطات العراقية في عهد الرئيس الراحل صدام حسين بالسجن 15 عاما.
وفي أول تصريح له بعد انتخابه رئيسا لمجلس النواب، أكد المشهداني عزمه العمل مع البرلمانات العربية والدولية والضغط لاستصدار قرار دولي بوقف إطلاق النار وإنهاء العدوان على لبنان وغزة "وحماية الشعوب الآمنة من المجازر الصهيونية".
#محمود_المشهداني واحد من القلائل داخل المكون السني الذين مارسوا السياسة فكرا وسلوكًا وقد يخفق في ممارسة الكثير من المهام خارج عالم السياسة. شخصية مقبولة لها تجربة في إدارة رئاسة البرلمان في ظل واقع مضطرب عاشته البلاد حينها ، تجربة ناجحة يمكن أن نصفها . اليوم هو يعاد إلى الموقع… pic.twitter.com/WyCDhI0MZ7
— علي البيدر (@AliAlbaidar) October 31, 2024
شخصية توافقيةبدوره، قال القيادي في تحالف العزم النائب رعد الدهلكي إن اختيار محمود المشهداني لرئاسة مجلس النواب يُمثل خطوة بالغة الأهمية في استقرار العملية السياسية العراقية.
ورأى الدهلكي، في حديث للجزيرة نت، أن الفراغ الطويل في منصب رئاسة البرلمان زاد من الضغوط على القوى السياسية لإكمال الاستحقاقات الدستورية، مشيرا إلى أن المشهداني، بحكم خبرته وحنكته، يُمثل شخصية توافقية قادرة على لمّ شمل المكون السني، وتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف.
وبيّن أن اختيار المشهداني جاء انطلاقا من الرغبة في معالجة الإشكاليات التي عانى منها البيت السني خلال الفترة الماضية، لا سيما الخلافات بين الأجيال، مؤكدا أن المشهداني سيعمل على ترميم العلاقات وتوحيد الصف السني.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع المكونات الأخرى، أكد الدهلكي أن المشهداني، بوصفه شخصية محايدة وقريبة من الجميع، سيكون قادرا على حسم العديد من القوانين الخلافية، وعلى رأسها قانون العفو العام، مشيرا إلى أن عودة منصب رئاسة البرلمان إلى المكون السني قد أسهمت في معالجة حالة عدم التوازن التي شهدتها المناصب السيادية، وأكد أن هذا الأمر سيسهم في استقرار الأوضاع السياسية في العراق.
وتوقع الدهلكي أن تشهد المرحلة المقبلة نشاطا ملحوظا في عمل البرلمان، مع التركيز على حسم القوانين المهمة ومراقبة أداء الحكومة، بما يضمن تحقيق برنامجها الحكومي وإعادة الحقوق إلى أصحابها.
أما عضو الإطار التنسيقي الشيعي النائب علاء الحيدري، فقال إن مجلس النواب العراقي لم يترك تركة ثقيلة للمشهداني. وأشار، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن محسن المندلاوي النائب الأول للرئيس أدار الجلسات البرلمانية بنجاح خلال فترة توليه رئاسة المجلس بالوكالة، حيث تمكن من إقرار العديد من القوانين المتأخرة.
وأوضح الحيدري أن الفوضى والخلافات سيطرت على الجلسات السابقة التي عُقدت لانتخاب رئيس للبرلمان، على عكس الجلسة الأخيرة التي شهدت توافقا وهدوءًا، لافتا إلى أن تدخل رؤساء الكتل السياسية في الجلسة الأخيرة أثر على قرار بعض النواب.
وشدد الحيدري على أهمية منح البرلمان الفرصة الكاملة لأداء دوره الرقابي والتشريعي، معربًا عن أمله في تسريع وتيرة العمل البرلماني مقارنة بالفترة السابقة.
كما تطرق إلى بعض القوانين المثيرة للجدل مثل قانون العفو العام وقانون الأحوال الشخصية، مؤكدًا أن هذه القوانين ستتم معالجتها وفقًا للدستور والقوانين النافذة مع احترام آراء جميع الأطراف، مشيرا إلى أهمية إقرار قوانين متأخرة مثل قانون النفط والغاز والخدمة المدنية قبل نهاية الدورة النيابية.
من ناحيته، اعتبر عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني النائب جياي تيمور انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب في هذه المرحلة الحرجة من العملية السياسية إنجازا كبيرًا، خاصةً في ظل التنافس الشديد بين المكونات السياسية المختلفة.
وقال تيمور، في حديثه للجزيرة نت، إن قرب الرئيس الجديد من القوى الشيعية الرئيسية والحزب الديمقراطي الكردستاني قد يسهم في تذليل العقبات التي تواجه مجلس النواب، مما يتيح له أداء دوره الرقابي والتشريعي بشكل أفضل، مشيرا إلى أن انتخاب رئيس سني للمجلس يعكس التوزيع المكوناتي للمناصب في العراق.
وأشاد تيمور بخبرة محمود المشهداني الواسعة في المجالات النيابية والإدارية والسياسية، مؤكدًا أن هذه الخبرة ستكون مفيدة في قيادة مجلس النواب خلال الفترة المتبقية من دورته، متمنيًا أن يتمكن من توظيف خبراته بشكل كامل لتعويض ما فات المجلس خلال الفترة الماضية.
وأكد أن انتخاب المشهداني رئيسًا للمجلس يمثل خطوة إيجابية نحو استقرار العملية السياسية في العراق، ويمهد الطريق أمام المجلس لأداء دوره المنوط به بشكل أكثر فعالية، مشددا على أهمية أن يقدم أعضاء مجلس النواب ككل الدعم الكامل للرئيس الجديد، وأن يعملوا معًا كفريق واحد من أجل تحقيق تطلعات الشعب العراقي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات العملیة السیاسیة محمود المشهدانی رئاسة البرلمان مجلس النواب انتخاب رئیس مشیرا إلى منصب رئیس رئیس ا إلى أن
إقرأ أيضاً:
غياب التفاهمات يعمق الأزمة السياسية في ديالى
بغداد اليوم - بغداد
قدم أستاذ العلوم السياسية، خليفة التميمي، اليوم الجمعة (14 آذار 2025)، قراءة شاملة حول الأزمة السياسية في ديالى، مشيرًا إلى أن نسف اتفاق فندق الرشيد سيؤدي إلى ثلاث نتائج.
وقال التميمي في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "الأزمة السياسية في ديالى ليست وليدة هذه الأسابيع، بل هي بدأت منذ البداية، لأن تشكيل الحكومة المحلية وتوزيع المناصب جاء على أسس غير سليمة، ولذلك هذا الأمر أدى إلى خلق مجلس غير مستقر وحكومة غير مستقرة، وبالتالي كل كتلة سياسية تدعي أنها تمتلك الأغلبية، وهي في فكرتها لا تقف عند حد معين، وهذا ما يدفعها إلى المزيد من التصعيد".
وأضاف التميمي، أن "تشكيل حكومة ديالى في اجتماع فندق الرشيد قبل أكثر من سبعة أشهر تم من خلال توازنات غير صحيحة. بعض الكتل نالت أكثر من استحقاقها، وبالتالي هذا الأمر توج بعد حسم ملف تكليف مديري النواحي، حيث كانت آلية التوزيع تعتمد مبدأ اختيار من ينتمي إلى قرابة هذا المسؤول أو تلك الكتلة، وبالتالي تجاهلت الكفاءات والنخب في تكليف الأسماء لإدارة الأقضية والنواحي".
وأشار إلى أن "منصب المحافظ ورئيس المجلس كلاهما في وضع قلق، حيث إذا ما تم المضي من قبل كتل سياسية في مجلس المحافظة لاستجواب رئيس المجلس وإعفائه، فهذا يعني بداية نسف للتفاهمات التي تم التوصل إليها في فندق الرشيد، والتي من خلالها ولدت الحكومة المحلية. هذا سيؤدي إلى أن تكون الاتفاقية بشكل عام معرضة لخلل وتخلق حكومة غير مستقرة، إضافة إلى أنه لن يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل سيؤدي إلى تكرار التغييرات، الاستجوابات، والسجالات".
ولفت إلى أن "ما يُطرح من قبل البعض حول حل المجلس هو أمر مستبعد من قبل القوى والكتل السياسية، وما يُطرح في هذا السياق يأتي في إطار رسائل إعلامية. ولكن بشكل عام، ما يحدث الآن في ديالى هو أزمة تعكس عدم وجود تفاهمات حقيقية بين القوى السياسية، حيث أن آلية التشكيل منذ البداية اعتمدت توازنات غير صحيحة، وبالتالي أدى إلى أن الكتل السياسية تتخذ سياقات تقود إلى خلافات وعدم الاستقرار".
يُذكر أن رئيس مجلس محافظة ديالى عمر الكروي، كشف الشهر الماضي، خلال مؤتمر صحفي، عن تحركات لتعطيل عمل المجلس عبر دفع كتل سياسية لأعضاء من أجل عدم حضور الجلسات والاستحواذ على منصب رئيس المجلس والمحافظ والقرار السياسي في ديالى مع قرب الانتخابات.
وكان مجلس ديالى قرر قبل أشهر إقالة رئيسه عمر الكروي، عن حزب السيادة من منصبه وانتخاب نزار اللهيبي، عن حزب تقدم بدلاً عنه، فيما عاد الكروي لمنصبه بعد أيام بقرار قضائي لانعقاد جلسة إقالته بلا استجواب.