"التوسط وعدم الإسراف".. رسائل من الأزهر لكيفية الحفاظ على موارد الحياة
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
في تقريرٍ يحمل عنوان "التوسط وعدم الإسراف"، أصدر المركز العالمي للفتوى الإلكترونية التابع للأزهر الشريف دعوةً قوية للتفكير في أهمية الاعتدال في حياتنا اليومية وتجنب مظاهر التبذير. التقرير يتناول مفهوم الإسراف من منظورٍ واسع، حيث يبين كيف يمكن أن تتسع دائرة الإسراف لتشمل موارد الحياة المختلفة من ماء وطعام ومال، محذرًا من عواقب الاستهلاك المفرط وتأثيره السلبي على الأفراد والمجتمع.
أوضح التقرير أن هناك أفعالًا قد نمارسها ظانين أنها لا تتعارض مع الشرع، ولكنها قد تتجاوز حدود الاعتدال الذي حث عليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ضرب المركز مثالًا في الوضوء، حيث جاء في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أظهر لأحد الأعراب كيفية الوضوء بالاقتصار على ثلاث مرات فقط، وقال: "هذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم". فالتقرير يذكّرنا بأن الإسراف قد يتسلل إلى حياتنا اليومية دون أن نشعر.
هل تعلم كمية الماء الكافية للوضوء؟في جانبٍ آخر من التقرير، يسأل المركز: "هل تعلم أن كمية الماء الكافية للوضوء لا تتعدى ثلث لتر، وللغسل لترين ونصف فقط؟" ويوضح أن أي زيادة على هذه الكميات تعد إهدارًا غير مبرر. يستشهد التقرير بحديث نبوي شريف، حينما قال صلى الله عليه وسلم: "الوضوء مد، والغسل صاع". فقد أظهر النبي الكريم ضرورة التوازن وعدم الإسراف حتى في الطهارة والعبادة.
ما وراء استخدام الماء لغسل السياراتالتقرير يشير إلى أن كمية الماء المستخدمة في غسل سيارة واحدة قد تروي عطش مئة شخص، مسلطًا الضوء على نعمة الماء وضرورة المحافظة عليها، خاصة في ظل التحديات المناخية وزيادة الطلب على الموارد.
ويذكّر بقول الله تعالى: "ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين"، محذرًا من عواقب الإسراف في استخدام الموارد المائية.
الطعام ليس للمباهاةوفيما يخص الطعام، يركز التقرير على مفهوم الاقتصاد في الأكل وتجنب التبذير، موضحًا أن شراء كميات كبيرة من الطعام، أو عرضه على الموائد بشكل مبالغ فيه، ليس إلا هدرًا للموارد.
ويؤكد التقرير أن الطعام لم يُخلق ليُلتقط بجواره الصور التذكارية ثم يُهمل، بل يجب علينا أن نضع على الموائد ما يكفينا دون أن نرمي الطعام في القمامة.
الإسراف في اقتناء أدوات الترف وتبعاتهكما يناقش التقرير مفهوم الإسراف في اقتناء الأشياء الفاخرة كأواني الذهب والفضة، ويعتبرها من الإسراف المحرم شرعًا لما في ذلك من مظاهر التباهي.
يُروى في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الذي يشرب في إناء الفضة، فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم"، ليؤكد أن استخدام مثل هذه الأدوات له عواقب دينية ودنيوية.
الأكل والشرب بحدود وأهمية الاعتدالالتقرير يوضح أيضًا أن الإسراف في الأكل قد يؤدي إلى أضرار صحية جسيمة، حيث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: "ما ملا آدمي وعاء شرا من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه"، مشيرًا إلى أن الاكتفاء بالقليل يكفي الإنسان ويمنع الضرر الناجم عن الإفراط.
التبذير في الحفلات وأهمية إطعام الجائعين
يناقش التقرير عادة الموائد المفتوحة في الحفلات والمناسبات، معتبرًا أنها أصبحت وسيلة للمباهاة الاجتماعية لا أكثر. ويشدد المركز على أن إطعام المحتاجين أولى بكثير من هذا التبذير الذي لا طائل من ورائه، مستشهدًا بقصة الخليفة عمر بن عبد العزيز عندما فضّل صرف الأموال على إطعام الفقراء بدلًا من استخدامها في تجميل بيت الله الحرام.
التوسط في الزواج مفتاح السعادةالتقرير يتناول أيضًا قضية الإسراف في مصاريف الزفاف، مشيرًا إلى أن مثل هذه المصاريف لا تمنح الزوجين السعادة المنشودة. السعادة الزوجية تنبني على التوافق والاحترام المتبادل، وليس على حجم الإنفاق على الأفراح.
الإسراف وعواقبه في نصوص الشريعة
التقرير يستعرض نصوصًا شرعية متعددة تؤكد على قيمة الاعتدال وتشجع على الاقتصاد، مشيرًا إلى أن الله وعد أهل الاعتدال بأن يكون حسابهم يسيرًا يوم القيامة، بينما يواجه المسرفون مشقةً في حسابهم. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا".
التحذير من الإسراف في الوقت
يلفت التقرير الانتباه أيضًا إلى أهمية الوقت وعدم إهداره في أمور غير مفيدة، حيث يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، ويذكر بأن الإنسان سيحاسب على وقته يوم القيامة.
نحو حياة بلا إسراف
وفي الختام، يؤكد التقرير أن الاعتدال في استخدام النعم هو السبيل الأمثل للحفاظ عليها. يوضح أن التعامل مع الموارد بحذر يمكن أن يضمن استفادة الجميع منها، معطيًا أمثلة عن الإسراف مثل ترك صنبور المياه مفتوحًا، أو الإفراط في غسل الأشياء، واستخدام الكهرباء بلا داعٍ.
أقوال السلف عن الإسراف
ويختتم التقرير بأقوال مأثورة من السلف عن أهمية الاقتصاد، مثل قول عمر بن الخطاب: "كفى بالمرء كل ما اشتهى"، مشيرًا إلى أن الاقتصاد في الأمور كافة يُعتبر من القيم الرفيعة التي يجب التحلي بها.
بهذا يكون التقرير قد رسم صورة شاملة حول خطورة الإسراف وأهمية التوسط، مشجعًا على اتباع نهج الاعتدال في جميع مناحي الحياة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المركز العالمي للفتوى الإلكترونية صلى الله علیه وسلم مشیر ا إلى أن الإسراف فی
إقرأ أيضاً:
ما حكم إلقاء السلام على قارئ القرآن؟.. الإفتاء تجيب
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (حَدَثَ نِقَاشٌ عندنا بين رُوَّاد المسجد حول مدى جواز إلقاء السلام على مَن يقرأ القرآن، فنرجو بيان الحكم الشرعي في هذه المسألة.
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال إن إلقاء السلام على قارئ القرآن مشروعٌ، والخلاف فيه دائرٌ بين الكراهة والاستحباب، فيَسَعُ المكلَّفَ أنْ يُلْقِيَ السلامَ عليه أو لا يَفعَل، مِن غير إثمٍ عليه في ذلك ولا حرج.
وأوضحت جدار الإفتاء أنه لا يُشرع لغيره الإنكارُ عليه، مع الأخذ في الاعتبار أنَّ الأَوْلَى مراعاةُ حال القارئ فإن كان مستغرِقًا في التدبر والترتيل، ولا يحزنه عدمُ السلام عليه، تُرِكَ السلامُ عليه، أما إذا لَم يكن مستغرِقًا في التدبر والترتيل، أو كان يحزنه عدم إلقاء السلام عليه، فالأَوْلَى في هذه الحالة والمستحبُّ إلقاءُ السلام.
وذكرت دار الإفتاء أن السلام تحيةٌ مِن عند الله، أهداها أهلَ الإسلام، وأَمَرَهُم بإفشائها؛ فقال تعالى: ﴿فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً﴾ [النور: 61].
وعن عبد الله بن عمرٍو رضي الله عنهما أنَّ رجلًا سأل النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم: أيُّ الإسلام خيرٌ؟ قال: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» متفق عليه.
وتابعت: وللسلام أثرٌ عظيمٌ في توثيق أواصر الأُلفة والمحبة في المجتمع؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".