عندما انتفض الشعب السوري في العام 2011 على نظام الأسد لظلمه وطغيانه، تدخّل حزب الله وإيران لإنقاذه. كانت السردية تقول أنّ الإنتفاضة هي جزء من مخطط صهيوني يسعى للإطاحة بنظام الأسد بوصفه لاعباً أساسياً في محور الممانعة، وأنّ إيقاف هذا المخطط يقتضي التصدّي بكل قوّة وحزم له، ودعم نظام الأسد بكل ما اوتيا من قوّة.
وفي تطبيق عملي لما عُرف فيما بعد بوحدة الساحات تدفّقت الميليشيات الطائفيّة الموالية لإيران من كل حدب وصوب لدعم نظام الأسد. عشرات الآلاف من المقاتلين المدجّجين بالسلاح تدفقوا الى سوريا يتقدّمهم حزب الله تحت لواء الحرس الثوري الإيراني. وبالرغم من ذلك، فقد كان الأسد قاب قوسين أو أدنى من السقوط.
ذهب قاسم سليماني الى روسيا في رحلة شهيرة في يوليو من العام 2015 طالبا المساعدة والتدخّل المباشر في الحرب خوفاً من سقوط نظام الأسد وكامل المحور معه. يقول اللواء الإيراني جهار باغي نقلا عن سليماني: “رأى الحاج قاسم أنه يجب إشراك الروس في هذه العملية والاستعانة بهم، لأن العالم كله (أميركيون وأوروبيون وتركيا وعرب) تآمر على بشار الأسد، الذي كان نظامه على وشك السقوط حينها".
بعد أكثر من 10 سنوات على حرب دعم نظام الأسد والتي أدّت الى إزهاق أرواح مئات الآلاف من السوريين وأكثر من 10 مليون بين لاجئ ونازح، نجح محور الممانعة في إبقاء الأسد على الكرسي مُفشلاً ما اعتبره مؤامرة صهيو ـ أمريكية للإطاحة بهذا النظام الممانع. لكن يسأل الممانعون اليوم: أين نظام الأسد الذي دافعنا عنه، وأين محور الساحات الذي روجّنا له؟
البعض يقول إنّه لا يزال في قلب المحور لكنّه يفتقد القدرة على فعل شيء. إذا كان ذلك صحيحاً، فما الذي يمنعه من إصدار بيان دعم لحزب الله وإيران، أو حتى استنكار للهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على الجانبين، أو حتى بيان إدانة للاعتداء على الأراضي السورية وخرق أجوائها! الحقيقة هي أنّ نظام الأسد يفهم اللعبة القائمة تماماً، وهو يعي أنّ أي تحرّك أو موقف له قد يُفهم منه أنّه ضد إسرائيل سيؤدي إلى تغيير النظام.
وفي هذا السياق، نقلت عدّة تقارير مؤخراً أنّ الأسد تسلّم رسائل بهذا المعنى من أطراف عربية كما من إسرائيل تفيد بأنّ عليه أن يبعد نفسه عن المحور الإيراني. ولأنّ مصلحة النظام بالنسبة إلى الأسد أهم من مصلحة حزب الله وإيران، فهو ملتزم على ما يبدو بهذا الأمر، تماماً كما أنّ مصلحة إيران أهم بالنسبة لها من مصلحة أذرعها في هذه المرحلة. لكن إذا كان الأمر كذلك، فإنّ السؤال المطروح بطبيعة الحال يدور حول ماهيّة التصوّر الإسرائيلي المطلوب من الأسد في المرحلة المقبلة.
بعد أكثر من 10 سنوات على حرب دعم نظام الأسد والتي أدّت الى إزهاق أرواح مئات الآلاف من السوريين وأكثر من 10 مليون بين لاجئ ونازح، نجح محور الممانعة في إبقاء الأسد على الكرسي مُفشلاً ما اعتبره مؤامرة صهيو ـ أمريكية للإطاحة بهذا النظام الممانع. لكن يسأل الممانعون اليوم: أين نظام الأسد الذي دافعنا عنه، وأين محور الساحات الذي روجّنا له؟بالنسبة لإسرائيل، يبدو أنّ التركيز سينصب على ضرورة عدم السماح باستخدام الأراضي السورية لتمرير الدعم العسكري والمالي لحزب الله، وضرورة الإبتعاد عن إيران. مثل هذا المطلب سيصبح بمثابة أمر واقع بعد تثمير الهجمة الإسرائيلية على حزب الله وإيران إلى مكاسب سياسية، الأمر الذي لا يبدو بعيداً حتى من وجهة نظر الأطراف التابعة لإيران. فحزب الله نفسه أبدى رغبته واستعداداه بشكل واضح في خطابين أساسيّين لنعيم قاسم، قبل وبعد تولّيه الأمانة العامة لحزب الله، بالتوصل إلى وقف إطلاق نار يتبعه تفاهم على التفاصيل. أمّا رئيس البرلمان الإيراني فقد صرّح بشكل علني بأنّ إيران مستعدة للتفاوض على تطبيق القرار 1701، وهذا يعني أنّ مسألة تطبيق القرار بما يقتضيه من انسحاب حزب الله إلى ما وراء الليطاني وسحب السلاح من المنطقة ونشر الجيش اللبناني هي أولويّة في المرحلة المقبلة.
وفقاً لمسودّة المقترح المسرّبة من قبل هيئة الإذاعة الإسرائيلية في 30 أكتوبر لترتيبات ما بعد المرحلة الحالية في لبنان والتي يجري التفاوض عليها بين الأطراف المعنيّة، فإنّ القرار 1701 سيكون في صلب التفاهمات المطلوبة لإيقاف الحرب. وبحسب المسودّة، سيقتضي ذلك منع إعادة بناء وإعادة تسليح الجماعات المسلحة غير الرسمية في لبنان، وتمكين القوى الأمنيّة اللبنانية من الإشراف على إدخال الأسلحة عبر الحدود اللبنانية، والإشراف على المنشآت غير المعترف بها من قبل الحكومة والتي تنتج الأسلحة وتفكيكها، وتفكيك أي بنية تحتية مسلحة لا تلتزم بالالتزامات الواردة في اتفاق 1701، وفي غضون 60 يوما من توقيع الاتفاق، سيتعين على لبنان نزع سلاح أي مجموعة عسكرية غير رسمية في جنوب لبنان.
وفي هذا السياق، فإنّ مراقبة المنافذ اللبنانية برا وبحرا وجوا لمنع الدعم الإيراني عن حزب لله سيكون في صلب تطبيق القرار أو أي تسوية تشابهه. كذلك هو الحال بالنسبة إلى مراقبة الوضع في سوريا التي تعتبر تاريخيا بمثابة شريان حياة حزب الله. وقد ذكرت تقارير مؤخراً أنّ إسرائيل أرسلت رسالة عسكرية أيضاً إلى ماهر الأسد، شقيق بشّار الأسد المعروف بقربه من حزب الله وإيران بضرورة عدم السماح بتهريب أي أسلحة إلى حزب الله في لبنان، حيث قامت إسرائيل باستهداف فيلا تابعة للفرقة الرابعة التي يترأسها الأسد، في ضواحي يعفور السورية على الحدود مع لبنان، كتأكيد على الرسالة.
وأشار المرصد السوري إلى أنّ نظام الأسد قام بمنع تام لتواجد أي عناصر غير سورية على الحدود في الجولان وحتى مسافة 15 كلم داخل العمق السوري وحتى جنوب شرق لبنان، في إشارة إلى منع أي عناصر تابعة لحزب الله أو إيران. هناك من يشكك في إمكانية تطبيق الأسد لمثل هذا المهمّة في ظل غياب الموارد اللازمة لذلك، لكن الوقائع تقول إنه بدأ بالفعل في تنفيذ المهمّة كما طلب دعما من روسيا لنشر نقاط مراقبة للمساعدة. ومن الجلي والمقطوع به أنّ نظام الأسد غير معني تماماً بأي تصعيد تقوم به إسرائيل ضد حزب الله وإيران وأنّه ملتزم بالدور المتوقّع له أن يلعبه في التصوّر الإسرائيلي.
المثير للإهتمام أنّ حزب الله وإيران تجاهلا دور نظام الأسد الآن الذي يبدو أنّه يتعارض مع ما تريده إيران وحزب الله، الأمر الذي دفع علي ولايتي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، إلى إصدار تصريح يقول فيه إنّ "نظام بشار الأسد شخصية مؤثرة تؤمن بالمقاومة وتدعمها خاصة ضد الكيان الصهيوني".
بعض المراقبين ينظرون إلى هذا التصريح على أنّه موجّه للداخل الإيراني ردّا على الانتقادات والتساؤلات التي أثيرت مؤخراً عن اختفاء نظام الأسد من المحور المفترض، فيما يرى آخرون أنّ التصريح موجّه إلى الأسد ومفاده أنّ إيران تريد منه أن يبقى في المحور وهي تكتفي أن يقوم بغض النظر عن تهريب الأسلحة لاحقا. وبغض النظر عن هذه القراءات، فإنّ دور الأسد سيتبلور في الميدان بشكل واضح في المرحلة المقبلة وليس في التصريحات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا الحرب بشار الأسد دور سوريا بشار الأسد حرب دور مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة مقالات مقالات سياسة مقالات رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الله وإیران نظام الأسد لحزب الله
إقرأ أيضاً:
وسائل إعلام لبنانية: استشهاد 3 أشخاص جراء غارة للعدو الإسرائيلي على منزل في بلدة دير الزهراني
2024-10-31anwarسابق الدفاع المدني في غزة: نطالب المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لتمكين طواقمنا من أداء واجبها الإنساني انظر ايضاًالدفاع المدني في غزة: نطالب المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لتمكين طواقمنا من أداء واجبها الإنساني
آخر الأخبار 2024-10-31أنظمة الدفاع الجوي الروسية تدمر 21 طائرة مسيرة أوكرانية 2024-10-31استشهاد فلسطينيين اثنين جراء قصف مسيرة للاحتلال مخيم نور شمس 2024-10-31لبنان.. استشهاد 19 شخصاً بغارات إسرائيلية على مزرعة صليبي وبلدة بدنايل في بعلبك 2024-10-31نيبينزيا: التعاون العسكري بين موسكو وبيونغ يانغ لا ينتهك القانون الدولي 2024-10-31الحرارة حول معدلاتها وفرصة لهطل الأمطار 2024-10-30الاحتلال يستولي على 64 دونماً في القدس المحتلة 2024-10-30إحباط عملية تهريب مواد مخدرة إلى العراق وضبط 600 ألف حبة كبتاغون 2024-10-30بمشاركة سورية انطلاق أعمال المنتدى الإقليمي حول تسريع تحول النظم الغذائية في المنطقة العربية في عمان 2024-10-30المقاومة الفلسطينية تستهدف 4 دبابات للعدو الصهيوني شمال قطاع غزة 2024-10-30الصحة اللبنانية: 2822 شهيداً و 12937 جريحاً منذ بدء العدوان الإسرائيلي
مراسيم وقوانين الرئيس الأسد يصدر مَراسيم بتعيين محافظين جدد لخمس محافظات 2024-10-17 الرئيس الأسد يصدر مرسوماً يقضي بتشكيل الوزارة الجديدة برئاسة الدكتور محمد غازي الجلالي 2024-09-23 الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بتسمية الدكتور فيصل المقداد نائباً لرئيس الجمهورية 2024-09-23الأحداث على حقيقتها تدمير عشر طائرات مسيرة للتنظيمات الإرهابية بريفي حلب وإدلب- فيديو 2024-10-30 خروج محطة كهرباء مدينة عامودا عن الخدمة جراء عدوان تركي 2024-10-24صور من سورية منوعات مركبة الفضاء الصينية “شنتشو 19” تلتحم بنجاح بمجموعة المحطة الفضائية 2024-10-30 الصين تستعد لإطلاق سفينة الفضاء المأهولة شنتشو-19 2024-10-29فرص عمل ملتقى بوابة العمل… مشاركة 50 شركة ومؤسسة وتقديم أكثر من 750 فرصة عمل 2024-10-30 الخارجية تعلن توزيع المقبولين للاشتراك في المرحلة الثانية من مسابقة تعيين العاملين الدبلوماسيين 2024-10-23الصحافة “إسرائيل” وسياسات الإرهاب والأرض المحروقة.. بقلم : جمال ظريفة 2024-10-30 ما الهدف؟ بقلم: أ. د.بثينة شعبان 2024-10-28حدث في مثل هذا اليوم 2024-10-3131 تشرين الأول 1956 – فرنسا والمملكة المتحدة تبدأان حملة قصف على مصر لإرغامها على فتح قناة السويس 2024-10-3030 تشرين الأول 1991.. انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط 2024-10-2929 تشرين الأول 1956- قوات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب مجزرة كفر قاسم بحق الفلسطينيين 2024-10-2828 تشرين الأول 1974 – مؤتمر القمة العربي الثامن المنعقد في الرباط يقرر اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني 2024-10-2727 تشرين الأول 1960 – نهاية أزمة الصواريخ الكوبية 2024-10-2626 تشرين الأول 1954- الرئيس جمال عبد الناصر يتعرض لمحاولة اغتيال أثناء إلقائه خطاباً في الإسكندرية
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |