كيف سيطرت الأيديولوجيا على عمل الصحفيين الإسرائيليين؟ قراءة في كتاب
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
الكتاب: أيديولوجيا الصحفيين الإسرائيليين
الكاتب: فايز أبو رزق
الناشر: أرفلون للترجمة والطباعة، مصر، عام 2024م
عدد الصفحات: 300 صفحة
تعالج دراسة فايز أبو رزق نموذجا من الصحفيين الإسرائيليين وطرق التعامل مع الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وكيف سيطرت الأيديولوجيا الدينية والعرقية والسياسية والعسكرية على كل بثه الإعلامي المرئي والمسموع، فالإعلام أهم أدوات الدول في السلم والحرب، وتزداد أهميته مع التقدم التكنولوجي وعصر الذكاء الاصطناعي الذي بتنا نلمسه اليوم، فقد تطور الإعلام الرقمي والدبلوماسية الرقمية؛ ليصبح مشاركا فاعلا في صياغة سياسات واستراتيجيات الدول، وعلى المستوى الفلسطيني أصبح الإعلام الرقمي والدبلوماسية الرقيمة مساحة من مساحات الاشتباك في قضايا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، شاركت فيها الصحافة الإسرائيلية بكل قوة، فأطل المتحدثون والإعلاميون الإسرائيليون على كل بيت عربي عبر الشاشات العربية التي سمحت باستضافتهم، وقبلت بالسردية الإسرائيلية من باب الرأي والرأي الأخرى، بعد اتفاقيات التطبيع.
لعل أخطر أشكال التطبيع هو التطبيع الثقافي الذي اختراق العقول، وبدل أفكار البعض ممن قبل بالطرح الإسرائيلي، كما يشير الكاتب في مقدمته عبر عمليات الاقتباس دون التحري من مدى مصداقية المعلومة" نقل المعلومات "النسخ ـ اللصق" عن المراسلين الإسرائيليين والتفاعل مع كتاباتهم، سواء من قبل المواطن العربي العادي، أو الجهات الإعلامية العربية المتخصصة، تحول بعض الصحفيين الإسرائيليين من مغمورين في المجتمع الإسرائيلي إلى مشهورين في المجتمعات العربية عامة والفلسطينية خاصة".
يضيف أبو رزق: كثيراً ما نسمع المراسلين الإسرائيليين يتحدثون اللغة العربية أو يلبسون "الكيبا ـ القلنسوة"، فالمشاهد العربي يريد أن يعرف من هؤلاء؟ ومن أين أتوا؟ وماذا يريدون من المتلقي العربي؟ وماذا يجري معهم في فلسطين؟ هكذا فعلت الفضائيات العربية..
العديد من الصحفيين الإسرائيليين ضربوا بعرض الحائط أخلاقيات ومبادئ مهنة الصحافة كافة، وحمل هؤلاء الصحفيون على كاهلهم مهمة تزييف الحقائق والتحريض الممنهج ضد الفلسطينيين، واختلاق سردية فلسطينية مشوهة، وتحول غالبيتهم إلى شركة علاقات عامة تحرض ضد الآخر من جهة، وتبرر وتجمل الجرائم السياسية والعسكرية الإسرائيلية من جهة أخرى.
تكمن أهمية هذه الدراسة النوعية بمضمونها وتفاصيلها، أنها تمنح القارئ العربي حقائق حول أولئك الصحفيين الإسرائيليين، وكيفية تعاطيهم مع القضية الفلسطينية، والصراع العربي ـ الإٍسرائيلي، فهم أكثر من يسوقون للرواية الإسرائيلية، ويحاولون بكل ما يمتلكون من ماكنة إعلامية وتمويل، تزييف الرواية الفلسطينية وشطب لسرديتها في عقول شعوب العالم.تضمنت منهجية الكاتب في معالجته للصحفيين الإسرائيليين عدة محاور أهمها: الخلفيات العسكرية والاجتماعية والتوجهات السياسية للمراسلين الإسرائيليين، ومدى تأثيرهم في صناعة القرار، وأبرز ما اعترض الكاتب من صعوبات ندرة المعلومات المنشورة عن الخلفيات العسكرية لبعض المراسلين الذين أدّوا خدمتهم في الوحدات السرية بالجيش الإسرائيلي، ولُطخت أياديهم بدماء فلسطينية وعربية، لذلك يتجاهلون الحديث عن سنوات خدمتهم في الجيش الإسرائيلي.
احتوت الدراسة على نحو أربعين صحفيا من مختلف التوجهات الإسرائيلية من اليمين الإسرائيلي، فقد أوضح الكاتب في دراسته مدى تأثر تحليل الخطاب الإعلامي لأولئك الصحفيين بأيديولوجيتهم وانتمائهم، وخلفيتهم العرقية، والفكرية، والعقائدية، وكيف تماهى ذلك مع تحليلهم لقضايا الساعة، وليس سرا أن الخطاب الإعلامي الإسرائيلي وصورة الفلسطيني وشيطنة مقاومته هو أحد الأساليب التي اتبعتها الصحافة المسموعة والمرئية، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، فكل ما يصدر هو نتاج المؤسسة العسكرية الموجهة للإعلام الإسرائيلي، فقد اتضح خلال حرب طوفان الأقصى أن جميع من ظهر عبر الفضائيات ليسوا بإعلاميين بقدر ما كانوا أعضاء كتيبة عسكرية بالدرجة الأولى، بعيدة كل البعد عن قواعد العمل الصحفي الحر المعمول به.
ومن أشهر الصحفيين الذين تناولهم أبو رزق الكاتب الإسرائيلي أشورات كوتلر، أمير بوخبوط، إيدي كوهين، تسيفي يحزكيلي، جدعون ليفي، وعن اختياره للصحفيين يقول الكاتب: "بداية قمنا بجمع قائمة تشمل 100 صحفي إسرائيلي للكتابة عنهم، بعيدا عن اللجوء إلى الانتقائية، فلم يكن اختيارنا للقائمة عشوائيا، بل من خلال متابعتنا على مدار ما يزيد عن عشرين عاما من عملنا الإعلامي العديد من كتابات هؤلاء المراسلين، ثم ركزنا الدراسة على الصحفيين الأكثر تأثيرا وشهرة في إسرائيل حسب استطلاعات الرأي في الدولة العبرية"، وضم هذا الجزء صحفيين وصحفيات من مختلف وسائل الإعلام الإسرائيلية الكبرى (يمنيين ويساريين وشرقيين وغربيين ومتدينين ومستوطنين).
الصفحي آفي سخاروف:
ذو الأصول الكردستانية، يعمل منتجا، وكاتبا، وصحافيا، ومراسلا ومحللا، ومحاضرا مختصا بالشأن الفلسطيني، أدى الخدمة في الجيش الإسرائيلي مقاتلا في وحدة المستعربين الخاصة "دوفدفان" عام 1991م، بدأ عمله الإعلامي في صوت إسرائيل باللغة العبرية "ريشيت بيت" عام 2000م، ثم كاتباً ومحللاً للشؤون العربية في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، ومع بداية الأزمة المالية في صحيفة هآرتس عام2013م، انتقل للعمل في موقع واللا نيوز العبري لشؤون الشرق الأوسط، وعمل في الموقع الالكتروني، وقدم برنامجا أسبوعيا في إذاعة الجيش الإسرائيلي، ومحاضرا للتاريخ الفلسطيني المعاصر في جامعة تل أبيب.
يوضح الكاتب سخاروف تربح من عمله الصحفي مبلغا يقدر بـ 25 مليون دولار في صفقة واحدة، حين كتب سخاروف بالشراكة مع (ليؤر راز) الضابط السابق في الوحدات الإسرائيلية الخاصة، مسلسل "فوضى" الإسرائيلي الذي أنتجته شبكة الكوابل التلفزيونية الإسرائيلية(YES)، وقامت، فيما بعد، شركة نيتفليكس (Netflix) الأمريكية بشراء الأجزاء 2،3،4 من المسلسل عام 2017م، حتى عام 2022م، وقد عمل هذا المسلسل على تشويه الفلسطينيين، ووصمهم بأبشع الصفات، حين ركز على إنسانية الوحدات الإسرائيلية الخاصة "المستعربين" وتبرير جرائمهم، بينما وصف المسلسل مقاومة الاحتلال بالإرهاب، والفلسطينيين بالمجرمين السفاحين."
يقول الكاتب عن المسلسل: "يعتقد من يشاهده في البداية أنه محايد نوعا ما، فبعض المشاهد تركز على ما يوصف قانونيا وأخلاقيا بأنه أخطاء وعنف ترتكبه قوات الاحتلال ضد أعدائهم بالإضافة إلى التركيز على الأمر نفسه بالنسبة للفلسطينيين عموما، وللمقاومة خصوصا على مستوى التنظيم والأفراد المنتمين لها"، وفي تفسيره لاسم المسلسل فوضى، التي هي كلمة عربية وليست عبرية، ويقابلها بالعبرية "بلجان" أو "برداك"، وهي وصف لحالة الفوضى التي تنشأ عن فشل الوحدة الخاصة في الاستمرار بالتنكر داخل ساحة المعركة وسط الفلسطينيين، بسبب انكشافهم من قبل المواطنين أو المقاومة، فيصبح الوضع فوضوي، لذلك تم الاتفاق على كلمة السر، وهو أن ينادي أحد المستعربين "فوضى".
كما يشير الكاتب أنه في شهر أبريل من العام 2023م، كشفت شبكة SHOW TIME أنها ستقوم بعرض مسلسل (أشباح بيروت) من أربع حلقات، قام بكتابته سخاروف وشريكه ليؤر راز، ويتناول المسلسل قصة اغتيال القيادي البارز في حزب الله اللبناني، "عماد مغنية"، الذي اغتيل أثناء تواجده في سوريا عام 2008م.
لسخاروف مؤلفات عديدة "الحرب السابعة.. كيف انتصرنا؟ ولماذا خسرنا في الحرب مع الفلسطينيين؟" عام 2004م، وكتبه سخاروف بالشراكة مع عاموس هارئيل، المراسل العسكري في صحيفة هآرتس، ويتناول الكتاب الانتفاضة الفلسطينية الثانية "انتفاضة الأقصى" عام 2000م، يشتمل على 400 صفحة موزعة على 14 فصلا متسلسلة وفق ترتيب كرونولوجي، شرح الكتاب كيفية "انتصار الإسرائيليين في الحرب مع الفلسطينيين وأسباب خسارتهم لها"، مركزا على أخطاء القادة الإسرائيليين في السياسة والأمن، وعلى عمليات التصفية الإسرائيلية، حيث لعبت دوراً مهماً في دفع حركة "فتح" إلى تصعيد مقاومتها، وإلى تكثيف استخدامها لسلاح الاستشهاديين داخل الخط الأخضر، لا سيما بعد اغتيال الدكتور ثابت ثابت، وقائد كتائب شهداء الاقصى رائد الكرمي.
أما سبب تسمية عنوان الكتاب بالحرب السابعة يقول سخاروف: "يختلف الطرفان على تسمية الجولة الراهنة من المواجهة، فالفلسطينيون يسمونها (الانتفاضة الثانية) فيما يعرفها الإسرائيليون بـ (المد والجزر) فقمنا باختيار الرقم سبعة لها باعتبارها الحرب السابعة منذ العام 1948م".
الصحفي أفيشاي بن حاييم:
ذو الأصول المغربية، صاحب أيديولوجية دينية حاصل على درجة الدكتوراه، عنوانها الحاخام الإسرائيلي عوفاديا يوسيف، شديد العداوة للفلسطينيين الذي أفتى مرات عديدة بقتل الشعب الفلسطيني، يسكن بن حاييم في مستوطنة "هار ألدار" المقامة على أراضي قرية بيت سوريك التي تبعد 12 كم من الشمال الغربي لمدينة القدس.
عمل في صحيفة معاريف مراسلا مختصا لشؤون الأحزاب الدينية الحريدية اليهودية في إسرائيل، وحزب شاس الإسرائيلي خصوصاً، قدم بالتوازي برنامجا دينيا في الفترة الصباحية من بث القناة الثانية، ثم عمل في القناة العاشرة محللا لشؤون الأحزاب الحريدية عام 2010م، وهو من أجرى المقابلة مع القاتل "عامي بوبر" منفذ مجزرة "عيون قارة ـ الأحد الأسود" عام 1990م، الذي راح ضحيتها سبعة عمال من قطاع غزة.
مازال بن حاييم يعمل في (القناة 13 ـ القناة 10 سابقا)، ويقدم برنامجا في إذاعة الجيش الإسرائيلي، فهو يميني متشدد، ورغم اتهامه اليهود الغربيين "الاشكنازيين" بظلم اليهود الشرقيين "السفارديم"، إلا أنه من المدافعين عن بنيامين نتنياهو (ذو الأصول الاشكنازية)، دعمه المستميت هذا نتنياهو ووصفه بأنه رمز إسرائيلي، أفقد بن حاييم الكثير من المصداقية في الشارع الإسرائيلي.
يعد بن حاييم من أشد المعارضين لخطة "ارئيل شارون" في الانسحاب وتفكيك مستوطنات قطاع غزة عام 2005م، وخلال مقابلة معه يقول بن حاييم عام 2011م، "إن أحد أسباب عملية إجلاء المستوطنات من قطاع غزة كان تأديب وترويض الصهيونية الدينية في إسرائيل"!!.
عام 2018م، وفي مقابلة مع صحيفة "يسرائيل هيوم" دافع بن حاييم عن اتهامات الفساد وتلقي الرشوة التي وجهت في حينه لوزير الداخلية الإسرائيلي "ارييه درعي"، مشيراً أنه "لو تحققتم في أموال درعي لن تجدوا شيكلا واحدا، لم يقم بالعمل من أجله منذ كان يبلغ العاشرة من العمر، كان يجمع الزجاجات الفارغة ويبيعها من أجل مساعدة والديه"!، كما فسر كثرة ملفات الفساد الخاصة بأعضاء في حركة شاس، ذلك "يعني أن شاس هي الأكثر اضطهادا في إسرائيل، وليس الأكثر فسادا".
من مؤلفات بن حاييم "إسرائيل الثانية.. البشرى السارة والظلم المر" الصادر عام 2022م، وإسرائيل الثانية هي تسمية إسرائيلية قديمة كانت تطلق في ستينيات القرن الماضي على اليهود السفاراديم (الشرقيين)، أما إسرائيل الأولى فهي تسمية كانت تطلق على شرائح اليهود القدامى الذين ساهموا في إقامة إسرائيل وإدارة شؤونها في العقود الأولى، وتشير هذه التسمية إلى اليهود الإشكناز (الغربيين) أو اليهود الذين سكنوا فلسطين قبل 1948م، وفي كتابه هذا يطلق بن حاييم تسمية إسرائيل الثانية على الليكوديين الشرقيين ويصفهم بضحايا المؤسسة النخبوية، الذين يعتبرون نتنياهو سندهم في الضائقة؛ ولذلك عليهم دعمه بشكل ثابت، ووفقا بن حاييم، فإن التاريخ الإسرائيلي ليس سوى صراع بين إسرائيل "الأولى" و"الثانية"، حيث يرى أن إسرائيل الأولى (النخبة الاشكنازية القديمة) هي القوة الكبرى المسيطرة على القضاء والإعلام.
الصحفي إيهود يعاري:
كاتب ومحلل سياسي متخصص في شؤون الشرق الأوسط، تعود أصول عائلة يعاري لمملكة يهود الخزر. تزوج للمرة الأولى من حواء "حافا" التي عملت موظفة في بنك لئومي الإسرائيلي، التي اعتقلت 1985م مع صديقة لها بتهمة قتل وسرقة حساب بنكي بقيمة 50 ألف دولار للسائحة اليهودية "ميلا ماليفسكي"، وحكم عليها بالسجن المؤبد.
يعاري هذا حاصل على درجة الماجستير من جامعة تل أبيب في دراسات الشرق الأوسط في عام 1968م، عمل مساعدا لمنسق عمليات الحكومة الإسرائيلية في المناطق "وزارة الجيش"، كما عمل في صحيفة دافار الإسرائيلية، فإذاعة الجيش الإسرائيلي محللا للشؤون العربية، وأصبح عام 1975م، محللاً سياسيا في القناة الإسرائيلية الأولى.
كما عمل في المجال الأكاديمي حيث أصبح باحثا عام 1987م، في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، الداعم للسياسات الامريكية والمواقف والمصالح الإسرائيلية في الشرق الأوسط، نشر وكتب وقدم العديد من الأعمدة والمقالات في بعض الصحف الأجنبية، منها: نيويورك تايمز، واشنطن بوست، وال ستريت جورنال، اتلنتيك...
يعمل يعاري حاليا 2023م، في القناة 12 الإسرائيلية، يعتبر يعاري المقرب من الأجهزة الأمنية والسياسية في إسرائيل، معروفا بتقاريره وتحليلاته المعادية للعرب وللفلسطينيين، وكان يبدي كراهية شديدة للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، واتهمه بإعطاء التعليمات شخصيا لقتل إسرائيليين، فقد كان يظهر معارضته الشديدة لاتفاقيات أوسلو.
عندما وقعت إسرائيل والمملكة الأردنية عام 2016م، على اتفاقية لشراء الغاز الطبيعي لمدة 15 عاما من إسرائيل، ابتداء من عام 2020م، خرج مئات الشبان في مسيرات احتجاج في شوارع عمان للمطالبة بإلغاء اتفاق شراء الغاز الإسرائيليّ للمملكة الهاشمية، ردا على تلك الاحتجاجات، بمقالاً بتاريخ 5-11-2016م، عنوانه "تعارضون صفقة الغاز؟ توقفوا عن الشرب من إسرائيل"، يضيف أبو رزق:" عندما يتم فتح صنبور في العاصمة الاردنية يتلقون مياه قادمة من إسرائيل، بالمجمل حوالي 55 مليون متر مكعب سنويًا، لم يعطوا هذه الحقيقة حقها في النشر، لكن حان الوقت لتذكيرهم بها".
الصحفي بن كاسبيت:
صحفي ومراسل ومقدم برامج وكاتب ومحلل سياسي، أصوله من بلغاريا، أدى خدمته الإلزامية في الجيش الإسرائيلي ليصبح قائد دبابة في سلاح المدرعات بين الأعوام (79-1982)، عمل مقدما ومحاورا في عدد من الإذاعات العبرية مثل إذاعة الجيش الإسرائيلي "غالي تساهل" وإذاعة اف ام (103)، وفي القنوات التلفزيونية الإسرائيلية، وعمل أيضا في موقع الأخبار الأمريكي "المونيتور".
أخطر أشكال التطبيع هو التطبيع الثقافي الذي اختراق العقول، وبدل أفكار البعض ممن قبل بالطرح الإسرائيلي، كما يشير الكاتب في مقدمته عبر عمليات الاقتباس دون التحري من مدى مصداقية المعلومة" نقل المعلومات "النسخ ـ اللصق" عن المراسلين الإسرائيليين والتفاعل مع كتاباتهم، سواء من قبل المواطن العربي العادي، أو الجهات الإعلامية العربية المتخصصة، تحول بعض الصحفيين الإسرائيليين من مغمورين في المجتمع الإسرائيلي إلى مشهورين في المجتمعات العربية عامة والفلسطينية خاصة".نشر بن كاسبيت عام 2006م، مقالاً بعنوان "هل تسمع يا أحمد؟" يوضح فيه لأعضاء الكنيست العرب المسموح والممنوع في إسرائيل، وفي المقال وصف كاسبيت الأعضاء العرب بأنهم أشرار وطابور خامس وسموم ينبغي سجنهم أو طردهم أو ترحيلهم.
بعد ما فصل من عمله عام 2012 في صحفية معاريف، أسس صحيفة "نهاية الأسبوع" في هذا العام وقعت حادثة في سجن "ريمون" الإسرائيلي حيث قام معتقل فلسطيني بضرب سجان إسرائيلي احتجاجا على عمليات التفتيش المذلة التي يتعرض لها أهالي الأسرى خلال توجههم لزيارة أبنائهم في السجن، فكتب بن كاسبيت مقالا في الملحق الأسبوعي لصحيفة معاريف، وصف فيه الأسرى الفلسطينيين بأنهم "يسمنون كالخنازير وينعمون بكل النعم، وتصيبهم التخمة، ويحظون بزيارات مكثفة، ويمكنهم أيضا تنفيذ عمليات تخريبية من داخل السجن الإسرائيلي، وفي النهاية يقومون بضرب الشرطة"
خلال عمله الإعلامي أثار بن كاسبيت الكثير من الجدل في إسرائيل حيث يعترف في إحدى المقابلات الشخصية معه: أنه يميني ومن مؤيدي حزب الليكود، ولكن على الرغم من ذلك، فإن بن كاسبيت من أشد منتقدي "بنيامين نتنياهو" الذي تولى منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي أكثر من مرة، بل وأصدر عن سياسة نتنياهو كتابين.
عام 2017م، قبلت محكمة إسرائيلية في القدس، الالتماس الذي قدمه الصحفي بن كاسبيت، وحددت أنه سيطلب من بلدية القدس الكشف عن نطاق عمل زوجة رئيس الحكومة سارة نتنياهو كأخصائية نفسية للأطفال، واحتجت سارة نتنياهو والبلدية التي كان يرأسها نير بركات المقرب من نتنياهو على ذلك، وادعوا أن كشف المعلومات يشكل تهديدا أمنيا على زوجة رئيس الوزراء وانتهاكا لخصوصيتها.
بينما رفع بنيامين نتنياهو عام 2018م دعوى قضائية ضد "بن كاسبيت" يطالبه فيها بدفع مبلغ بقيمة (200,000) شيكل بحجة نشره تقريرًا كاذبًا ضده، وكان بن كاسبيت قد نشر خبرا، مفاده أن نتنياهو أمر بمنح فائدة تقاعدية بقيمة 6 ملايين شيكل إلى المستشار القانوني للكنيست إيال ينون، قبل فترة وجيزة من موعد استقالته من منصبه.
آراؤه وتوجهاته:
يقول الكاتب: "بن كاسبيت من الشخصيات التي اهتمت بقضايا حكومته، ولكن عندما يتعلق الأمر بالآخر، فإنه يرمي كل القوانين والأخلاقيات وراء ظهره، ويظهر الوجه البشع في تعامله مع قضايا الفلسطينيين"، فعلق على خبر اعتقال الفتاة الفلسطينية "عهد التميمي" (16 عاما) ومقاومتها للجنود الإسرائيليين أثناء محاولة اعتقالها في قرية النبي صالح عام 2017م، بمقال نشرته صحيفة معاريف دعا فيه بعبارات ضمنية، وتحريضية، إلى قتل التميمي، قائلاً "يجب أخذ ثمن إذلال جنودنا في فرص أخرى، أي في مكان مظلم لا يوجد به أحد، ولا كاميرات"، وبفعل هذا التحريض تم اعتقال التميمي ووالدتها والحكم عليهما بالسجن لمدة 8 أشهر.
من مؤلفاته نتنياهو.. سيرة حياة الصادر عام 2018م، يحاول بن كاسبيت في كتابه الإجابة عن عدة تساؤلات تُثار في إسرائيل والعالم حول سطوة نتنياهو، الذي يعد من الكتب الأكثر مبيعا في إسرائيل لعدة أعوام؛ إذ بيعت منه "70000" ألف نسخة حتى منتصف العام 2021م، لتضمنه أسرار عن حياة نتنياهو غير معروفة حتى لوسائل الإعلام الإسرائيلية.
يكشف الكتاب عن أن رئيس جهاز "الموساد" الأسبق مئير داغان، كان يرى في نتنياهو خطرًا وجوديًا على إسرائيل، "فمئير داغان الذي شارك في كل حروب إسرائيل، لم يجد أن خطرًا وجوديًا أحدق بإسرائيل في تلك الحروب، مثلما يشكل نتنياهو خطرًا عليها، لأنه رأى في نتنياهو شخصًا غير قادر على اتخاذ قرارات، وعندما يتخذ قرارات، ويرسل مقاتلي الموساد لتنفيذ مهام خطرة فإنه لا يتحمل المسؤولية".
كما يكشف كتاب بن كاسبيت أن نتنياهو كان وراء الاحتجاجات والمظاهرات ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، اسحاق رابين، بهدف إسقاطه بعد توقيع اتفاق "أوسلو" مع الجانب الفلسطيني برئاسة الرئيس الراحل ياسر عرفات.
الصحفي بوعز جولان:
جولان من مدينة "كريات آتا" التي تقع شرقي مدينة حيفا، التي أسست على أنقاض بلدة كفر عطا الفلسطينية كمستوطنة وتحولت فيما بعد إلى مدينة.
نشأ جولان في بيت من التيار الديني الصهيوني؛ لذلك التحق بمدارس دينية لتعلم التوراة والشرائع اليهودية، والعقائد الدينية، ودرس الإعلام خلال المرحلة الثانوية في مركز "بني عكيفا نحاليم الديني" فقط، فلا تعادل الشهادة من هذا المركز الدراسات الأكاديمية المتعارف عليها.
خدم جولان في الجيش الإسرائيلي في وحدة "جفعاتي"، في لبنان وفي قطاع غزة، ويقول في مقابلة شخصية: إن الخدمة العسكرية في قطاع غزة غيّرت أفكاره، وأظهرت له أن "العدو غير معنى بالسلام"، مع نهاية خدمته العسكرية أسس صحيفة أسبوعية دينية أطلق عليها مسمى "علهاه"، مختصة بالشؤون الرياضية، ثم أنشأ عام 2012م الموقع الإخباري (0404) والاسم يرمز لمقدمة الهاتف في مدينة حيفا، ومازال مديرا للموقع حتى الآن.
عام 2018م، عمل محررا رئيسا لنشرات الأخبار في القناة (20) وهي قناة تلفزيونية إسرائيلية يمينية، إلى مسمى (الآن 14) "Now 14". ومازال جولان يعمل في القناة مقدما لعدة برامج ومنها البرنامج "أربع مع بوعز جولان".
عام 2020م، وقع جولان في حدث سبب له إحراجا كبيرا بين وسائل الإعلام والصحفيين الإسرائيليين، حيث كتب جولان على الفيسبوك، أنه حصل على شهادة ودرع تكريم من ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي تقديرا لأعماله "السرية والعلنية"، وأرفق جولان صورة للشهادة والدرع اللذين حملا شعار الجيش والعلم الإسرائيلي، الذي حصل عليه من ضابط صغير.
يقول أبو رزق: "لا تنبع أهمية الصحفي جولان من التحقيقات التي قام بها أو الفضائح التي كشفها أو الجوائز التي فاز بها، بل تنبع من منصبه كمؤسس ومالك موقع إخباري الكتروني، لا يعدم الوسيلة كل يوم في التحريض على الفلسطينيين. ومقالاته التي ينشرها عبر موقعه الإخباري 0404، تقطر تحريضا وكراهية ضد الفلسطينيين"، حتى أنه اعترف في مقابلة صحفية: "أنا أعمل وفق أجندة، ولا أخجل من القول: أنا يميني التوجه، ومع أرض إسرائيل الكاملة، ومع التوراة والشرائع اليهودية، وأدعم جنود جيش الدفاع".
قصة موقع جولان الإخباري (0404) (04-مقدمة الهاتف في منطقة شمال فلسطين المحتلة)، موقع مغمور إسرائيليا مشهور فلسطينيا، معروف عن الموقع تبريره لسياسات جيش الاحتلال وتمجيده لجنود الاحتلال الذين يقتلون الفلسطينيين (المخربين)، كما أنه لا ينقل أيضا الأخبار الحصرية.
خلال الحرب الإسرائيلية على غزة "الرصاص المصبوب" عام 2014م، ارتفع بشكل كبير عدد متابعي موقع 0404، حيث كان ينشر تحديثات عن الحرب إلى جانب الصور وأحيانا فيديوهات، وبدأت المواقع الفلسطينية بترجمة أخبار حصرية، والموقع مشهور بألفاظه العنصرية ضد العرب الفلسطينيين، فهو يطلق وصف إرهابي على أي فلسطيني يلقي الحجارة على دوريات الاحتلال، بالإضافة لذلك يحرض من خلال أخباره وتحليلاته على قتل الفلسطينيين.
عام 2017م، أضحى الموقع بحسب صحيفة غلوبس الإسرائيلية، رابع أهم موقع إخباري الكتروني في إسرائيل. كتب جولان عام 2020م، وجهة نظر تحريضية على قتل الفلسطينيين تحت عنوان: "لهذا السبب يُقتل جنودنا بالحجارة، ماذا يجري لنا؟"
فكتب يقول: "لماذا ينجح "المخربون" في إصابة جنود الجيش الإسرائيلي، ولماذا يُقتل الجنود في الهجمات بالحجارة؟ السبب الحقيقي يجب أن يُقال ويُعرض، المخربون لم يعودوا يخشون جنودنا، هم يقتربون منهم، يلقون عليهم الحجارة والقطع الخشبية، والزجاجات، ودون خوف من أن يصيبهم أي من الجنود، سياسة الجبن، وسياسة عدم الرد لأسباب ضعيفة، وعدم الرغبة في خلق مواجهات، هذا الموقف هو السبب لكل ما سيقع من عمليات في المستقبل.
عام 2023م، كتب جولان عدة سطور على موقع 0404، طالب فيها باستيلاء الجيش الإسرائيلي على بيوت "المخربين" وإعلانها منطقة عسكرية مغلقة، بالإضافة إلى جمع أفراد العائلة ووضعهم في باص ورميهم خارج الحدود. وختم جولان بالقول "هكذا يتم تقليص الإرهاب".
بحسب متابعات الكاتب، في يناير من العام 2023م، بلغ عدد المعجبين بصفحة الموقع باللغة العبرية، على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك (٦٤٩٬٤١٢) معجب، وتابع الصفحة (٧٢٩٬٧٧٦) متابع. فيقول جولان: "عن نسب زيارة موقعه، بأنه يزور الموقع الإخباري وصفحاته على مواقع التواصل، حوالي 800,000 متصفح يومياً
ختاماً يمكن القول: لا رقابة صحفية في إسرائيل قانونية يمكن أن توقف ما يجري على الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي، ولا وازع أخلاقي أو إنساني يمنعهم من مباركة إبادة شعب بأكمله على مدار عام، فجميعهم مدافعين عما ارتكبه جيش الاحتلال من مجازر وتطهير عرقي منظم؛ لذلك فأولئك جزء لا يتجزأ من المنظومة الاستعمارية في فلسطين، فالإعلام استغل أيما استغلال للترويج للمشروع الصهيوني، وما تعرض له مواطنوه في العالم، فكان أداة من أدوات هذه الدولة لاستمرار هذا المشروع الإحلالي، وتبرير أفعاله وجرائمه.
تكمن أهمية هذه الدراسة النوعية بمضمونها وتفاصيلها، أنها تمنح القارئ العربي حقائق حول أولئك الصحفيين الإسرائيليين، وكيفية تعاطيهم مع القضية الفلسطينية، والصراع العربي ـ الإٍسرائيلي، فهم أكثر من يسوقون للرواية الإسرائيلية، ويحاولون بكل ما يمتلكون من ماكنة إعلامية وتمويل، تزييف الرواية الفلسطينية وشطب لسرديتها في عقول شعوب العالم.
فهذا الكتاب هام لكل من يعمل في الحقل الإعلامي والسياسي، بل وكل متابع للشأن الفلسطيني، وحتى المواطن العادي، الذي قد تعتريه أحيانا لحظات بقبول الرواية الإسرائيلية المزيفة والترويج لها دون دراية، وتمكن أهمية هذه الدراسة بأنها تكاد تكون الأولى التي جمع فيها سير وتوجهات الصحفيين الإسرائيليين، وعالجت أراءهم وتوجهات، وخلفيتهم العسكرية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب الفلسطيني الاحتلال احتلال فلسطين كتاب عرض إعلاميون كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصحفیین الإسرائیلیین فی الجیش الإسرائیلی الشرق الأوسط فی إسرائیل فی القناة الکاتب فی فی صحیفة قطاع غزة أبو رزق عام 2018م عمل فی من قبل
إقرأ أيضاً:
قراءة فكرية في التغيرات الكبرى التي صنعها السيدُ حسين بدرالدين الحوثي
يمانيون ـ كامل المعمري
بمراجعة الأحداث الكبرى التي عصفت بالمنطقة العربية على الأقل خلال العقود الأخيرة، وتحديدًا منذ الخمسينيات نجد أن مشروعًا واحدًا، بتفرده وبنائه العميق، قد خرج من الركام كحالة استثنائية، لا تشبه في تكوينها ولا في مسارها أي مشروع آخر، إنه المشروع الذي انطلق من أعماق جبال مرّان، في محافظة صعدة شمالي اليمن، لكن حاملًا رؤية قرآنية عادت من جديد، متجاوزةً للإطار التقليدي الذي حدّدته أيديولوجيات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
لقد كان العام 2003 نقطة تحول فارقة في التاريخ الحديث للمنطقة؛ ففي الوقت الذي كانت فيه الهيمنة الأمريكية تخترق العالم العربي والإسلامي تحت مظلة “الحرب على الإرهاب”، خرج الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي برؤية قرآنية حادة الملامح وواضحة المقاصد، تقلب المعادلة.
رفع شعارًا أدهش الجميع بجرأته وبساطته في آن واحد: “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”، لم يكن هذا الشعار مُجَـرّد صياغة خطابية، بل كان إعلانًا عن مسار سياسي وثقافي جديد، يهدف إلى إعادة تشكيل وعي الإنسان اليمني وإحياء روحه النضالية المفقودة في ظل سنوات من التبعية والضياع السياسي.
مميزات المشروع القرآني:
ما يميِّزُ المشروعُ القرآني منذ انطلاقته، أنه لم يكن مُجَـرّد رد فعل محلي على أزمة سياسية أَو اجتماعية داخلية، بل كان جزءًا من رؤية أوسعَ تستهدف إعادة توجيه بُوصلة العداء نحو الأعداء الحقيقيين للأُمَّـة: الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، كانت هذه الرؤية ضرورية في وقت اختلطت فيه الأوراق، وتداخلت فيه التحالفات بين أنظمة عربية خاضعة تمامًا للإملاءات الأمريكية وأُخرى غارقة في مستنقع التطبيع مع “إسرائيل”.
جاء المشروع القرآني ليعيد صياغة وعي الفرد والجماعة، متجاوزًا حدود الجغرافيا اليمنية، ليطرح نفسه كبديلٍ حضاري شامل للأُمَّـة العربية والإسلامية، هذه الرؤية لم تكن معزولةً عن الواقع، بل كانت استجابة واعية للمخاطر التي بدأت تلوح في الأفق مع احتلال العراق وتفكيك بنية الدولة الفلسطينية ومحاولة الهيمنة الكاملة على مقدرات المنطقة.
منذ البداية، أدرك أنصار هذا المشروعِ أن معركتهم ليست ظرفية، بل وجودية لذلك، كانت المواجهة مع النظام السابق تتجاوز البعد العسكري لتصل إلى حرب قيم ومعانٍ، فبينما كان النظامُ اليمني السابق يسعى بكل أدواته إلى إخضاع المشروع، مدفوعًا بإملاءات أمريكية وسعوديّة، كان هذا المشروع يزداد صلابة، مستمدًا قوته من رؤية إيمانية جعلت من التضحية عنوانًا للصمود.
لقد أرادت أمريكا أن تقضيَ على هذا المشروع في بداياته الأولى وذلك عبر دعم النظام الذي شن حربًا ظالمة عام 2004 انتهت تلك الحملات العسكرية الكبيرة باستشهاد القائد المؤسّس الشهيد حسين بدر الدين الحوثي، الذي أراد أن يقدم للأُمَّـة تجربة يمنية في إطار المشروع القرآني، وباستشهاده ظلت فكرة المشروع حية في قلوب ثلة من المؤمنين الذين واصلوا تحمُّل المسؤولية تحت قيادة السيد العلم القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي “حفظه الله”.
لقد خاض النظام السابقُ سِتَّ حروب متتالية ضد هذا المشروع حتى نهاية عام2009، حَيثُ استُخدمت كُـلُّ أدوات القمع والتدمير لإخماد هذه الحركة في مهدها، لكن وكما يحدث دائمًا مع الحركات ذات الطابع القرآني، كانت كُـلّ ضربة توجّـه إليها سببًا في اتساعها وانتشارها.
الثورة التحرّرية تزيدُ قوة وصلابة التحَرّك:
جاءت ثورة الـ 21 من سبتمبر 2014 كتتويج لمسار طويل من الصمود والمقاومة، ومثلت الثورة لحظة فارقة في تاريخ اليمن الحديث، حَيثُ بدأت مرحلة الخروج من التبعية الكاملة للوصاية السعوديّة والأمريكية، حينها أدركت القوى الكبرى أن المشروع القرآني لم يعد مُجَـرّد تهديد سياسي أَو عسكري، بل تحول إلى نموذج يلهم الشعوب الأُخرى في المنطقة.
شن التحالف بقيادة السعوديّة، والإمارات والولايات المتحدة وبريطانيا، وبمشاركة 17 دولة حربًا عدوانية على اليمن في مارس 2015، استهدفت كُـلّ مقومات الحياة تجاوزت الحرب 350 ألف غارة جوية، وخلّفت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، ناهيك عن الدمار الاقتصادي والاجتماعي الذي لم يشهد له اليمن مثيلًا في تاريخه الحديث وحصاراً خانقاً، لكن وعلى الرغم من وحشية العدوان، الذي استمر لقرابة عشر سنوات، خرج الشعب اليمني من هذه الحرب أكثر صلابة وإصراراً على التمسك بمشروعه.
كان سر هذا الصمود يكمن في قدرة المشروع القرآني على توظيف كُـلّ التحديات كأدَاة لبناء وعي جديد، يجعل من المعاناة وقودًا للصمود ومن التضحيات أَسَاسًا للنصر.
وما يجعل هذا المشروع حالة استثنائية هو شموليته، فهو ليس مشروعاً سياسيًّا محدودًا بظرف أَو مرحلة، بل هو رؤية حضارية متكاملة تهدف إلى بناء الإنسان الواعي بمسؤوليته تجاه نفسه ومجتمعه وأمته.
كما أن الثقافة القرآنية التي يقوم عليها المشروع ليست مُجَـرّد شعارات أَو نصوص نظرية، بل هي أدَاة لإعادة تشكيل القيم والسلوكيات، بما يتناسب مع التحديات الراهنة.
إن هذه الرؤية هي التي مكنت الشعب اليمني من تحويل الحرب إلى فرصة للنهوض، فبينما كان العالم يتوقع انهيار اليمن تحت وطأة الحصار والعدوان، ظهر الجيش اليمني كقوة تمتلك رؤية واستراتيجية، قادرةً على تغيير المعادلات، وكانت الرؤية القرآنية بمثابة خارطة طريق لإعادة توجيه بوصلة العداء نحو الأعداء الحقيقيين للأُمَّـة، بعيدًا عن التبعية والانهزامية التي سيطرت على الكثير من الأنظمة والشعوب العربية والإسلامية.
التجربة اليمنية في إطار المشروع القرآني:
وفي لحظة فارقة من تاريخ المنطقة، حَيثُ الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية على أوجها، وحيثُ الأنظمة العربية تتهاوى واحدة تلو الأُخرى في مستنقعات التطبيع أَو التبعية، كان المشروع القرآني كحالة استثنائية غير مؤطرة، هذا المشروع الذي تعرض حاملوه لأبشع أنواع الحروب في العصر الحديث حاضراً وبقوة في الحرب العدوانية الإسرائيلية الأخيرة على غزة التي استمرت قرابة خمسة عشر شهرًا؛ ليخوض مواجهة مباشرة مع أعداء الأُمَّــة بدءًا من فرض الحظر البحري على الكيان الإسرائيلي؛ الأمر الذي أَدَّى إلى دخول اليمن في معركة بحرية استمرت قرابة العام في مواجهة البحرية الأمريكية والبريطانية التي حاولت حماية سفن العدوّ الإسرائيلي، حَيثُ تم شن عدوان جوي على اليمن إلَّا أن الجيش اليمني سجل موقفًا قويًّا وشجاعاً ليتفاجأ الأمريكي كيف يمكن لقوة صاعدة أن تعطل قدرات الأسطول البحري الأمريكي وتنتصر في معركة على قدرات دول كبرى عسكريًّا.
إلى جانب ذلك استطاعت اليمن إطلاق الصواريخ الفرط صوتية والمسيّرات على المدن الفلسطينية المحتلّة وهو ما أذهل الأعداء والعالم، ويكاد المرء لا يصدق أن شعباً يرزح تحت وطأة الحصار والحرب منذ ما يزيد عن عقد، يستطيع أن يقوم بكل ذلك بل والسؤال الأهم كيف يمكن لشعب فقير ومحاصر أن يصنع صواريخ فرط صوتية وبالستية تضرب أهدافاً متحَرّكة ومسيّرات متطورة، متناسين أن المشروع القرآني لا يقف عند حدود بل يتجاوز ذلك إلى التصنيع العسكري وبناء القدرات العسكرية وفي كُـلّ المجالات، وأنه مشروع إرادَة وإيمَـان.
لقد سجل الشعب اليمني حالة فريدة واستثنائية على مستوى العالم والمنطقة رغم إمْكَانياته البسيطة في إسناده لغزة بالموقف العسكري الذي كان غير مسبوق، سواءً في المعركة البحرية ضد العدوان الثلاثي أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني، والهجمات البرية بالصواريخ والمسيّرات التي لم تتوقف طوال عام ونيف باتّجاه المدن الفلسطينية المحتلّة.
على الجانب الآخر نفير عسكري غير مسبوق، مسيرات راجله عسكرية، ودورات تأهيل وتدريب لمقاتلين جدد تجاوز عددهم قرابة 600 ألف مقاتل، ومئات المناورات العسكرية، وفي المسار الشعبي حشود مليونية أسبوعيه في كُـلّ المحافظات المحكومة من المجلس السياسي الأعلى وحكومة التغيير والبناء، ناهيك عن الوقفات والنكف القبلي الذي كان بشكل يومي، والتبرعات لغزة والفعاليات والندوات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وفي الجبهة الإعلامية حراك غير مسبوق، رافق انتصارات كبيرة في البحر والبر والجو، إضافة إنجازات تمثلت في إزاحة الستار عن أسلحة نوعية صاروخية ومسيّرات وغير ذلك.
هكذا هو المشروع القرآني يفرض على كُـلّ منتمٍ إليه التحَرّك الجاد والعمل والثقة بالله وعدم الاستكانة، وبهذا الوعي والنفير استطاع اليمن أن يبرز كقوة إقليمية مؤثرة وفاعلة لا يمكن تجاوزها، تفرض معادلات كبرى أمام أقوى جيوش العالم.
نجح اليمن انطلاقًا من المشروع القرآني في إيصال رسالة قوية مفادها أن الشعوب العربية قادرة على المواجهة رغم كُـلّ التحديات، وأن القضية الفلسطينية تظل قضية مركزية للأُمَّـة العربية والإسلامية، بل وأعاد تعريف دور الشعوب في الصراعات الكبرى.
وبكل هذه المعطيات، فَــإنَّ ما حدث في البحر الأحمر يعكس بوضوح كيف تحول المشروع القرآني إلى لاعب رئيسي في معادلات القوة الإقليمية، من هنا، من هذا الشريط المائي الاستراتيجي، تتحدى اليمن الهيمنة الأمريكية بشكل مباشر، وتعيد صياغة مفاهيم السيادة التي حاولت القوى الكبرى طمسها، إنهم يدركون في تل أبيب وواشنطن، أنهم لا يواجهون جيشًا بالمعنى التقليدي للكلمة، بل يواجهون حركة متكاملة، عمقها وعي شعبي يستمد جذوره من مشروع رسخ في أذهان الناس، وأن كرامتهم ليست قابلة للمساومة.
لقد فشلت محاولات احتواء هذا المشروع، ليس لأَنَّ القوة العسكرية عاجزة عن ذلك، بل لأَنَّهم يقفون أمام سد منيع من الوعي الذي لا يتزعزع، والصمود الذي لا ينكسر.
المشروعُ القرآني في اليمن حالة استثناء:
وما يثير الاهتمام أكثر هو هذه القدرة الفريدة للمشروع على الاستمرار والنمو وسط التحديات، فكل حرب شُنت عليه كانت بمثابة وقود جديد يدفعه إلى الأمام، وكلّ محاولة لإخماده لم تكن إلا خطوة جديدة في مسار ترسيخ حضوره، نحن أمام حالة استثنائية، حَيثُ يتحول القمع إلى سبب للاستمرار، والحصار إلى مصدر للقوة.
إن القوة التي تُهمل بناء الوعي، مهما عظمت أدواتها العسكرية والسياسية، تسقط أمام أول اختبار حقيقي، هذه العبارة التي تعكس جوهر الصراع بين المشاريع العربية التي تعثرت، والمشروع القرآني في اليمن الذي ظل شامخاً رغم كُـلّ الحروب والتحالفات الدولية.
إن التجارب العربية في مواجهة الهيمنة الغربية، بدءًا من القومية الناصرية مُرورًا بالاشتراكية البعثية وُصُـولًا إلى حركات الإسلام السياسي، تكشف عن نمط متكرّر من الإخفاقات، حَيثُ ظلت الشعارات تضج على السطح بينما كان الأَسَاس هشًّا لا يصمد أمام التحديات.
المشروع الناصري بقيادة جمال عبدالناصر كان رمزًا للتحرّر في الخمسينيات، لكنه اصطدم بواقعه في نكسة 1967، واعتمد على تحالفات خارجية مع الاتّحاد السوفيتي وأهمل بناءَ وعي شعبي مسلح بالحرية والمسؤولية.
النظام البعثي في العراق كذلك، رغم هيمنته على المشهد لعقود، انهار سريعًا في مواجهة الغزو الأمريكي عام 2003، إذ كان يعتمد على حزب أوحد منفصل عن تطلعات الجماهير.
حتى المشاريع الثورية التي ظهرت مع موجة التغييرات الحاصلة منذ مطلع العام 2011، مثل تجربة الإخوان المسلمين في مصر، تعاملت مع السلطة كغنيمة سياسية بدلًا من كونها أدَاة لتحرير الإرادَة الوطنية.
على النقيض، المشروع القرآني في اليمن يمثل استثناءً جذريًّا لهذه الحلقة من الإخفاقات، لقد أسس هذا المشروع دعائمه على منظومة إيمانية عميقة تستند إلى نصوص القرآن الكريم كمصدر للتشريع والحركة؛ مما جعله قويًّا لا يتأثر بأية مؤامرات، بينما كانت المشاريع العربية تستورد الأيديولوجيات من الخارج وتبني عليها سياساتها.
ولقد أعاد المشروع القرآني تعريف المقاومة كواجب ديني ووطني، واستحضر قوة الهوية في معادلة الصراع، فكان أحد أبرز عوامل نجاح المشروع القرآني هو رفضه التبعية لأية قوة خارجية.
لقد اعتمد المشروع القرآني على مبدأ الاستقلالية في القرار السياسي والاقتصادي، فتبنى اقتصاد المقاومة من خلال التصنيع العسكري المحلي والاكتفاء الذاتي الزراعي، وهو ما حرّره من هيمنة البنك الدولي وشروط القوى الكبرى، هذا الاستقلال منح المشروع القرآني مرونة عالية في التعامل مع التحديات، حَيثُ لم يعد رهينة لقرارات اللاعبين الدوليين.
المشروع القرآني أَيْـضًا قلب معادلة الجيش والدولة، بينما انهارت جيوش عربية نظامية؛ لأَنَّها قاتلت كجيوش موظفين، نجح المشروع القرآني في تحويل الشعب اليمني إلى جيش شعبي مقاتل يدافع عن قضيته من منطلق عقائدي، والمسيرات المليونية في اليمن لم تكن مُجَـرّد استعراض للقوة، بل كانت مدرسة جماهيرية لصناعة وعي مقاوم يتحدى أدوات الاستعمار والعدوان.
الأهم من ذلك، كُـلّ المؤامرات التي استهدفت المشروع القرآني تحولت إلى وقود يزيد من قوته، اغتيال السيد حسين بدر الدين الحوثي في 2004 لم يكن نهاية المشروع، بل كان بدايةً لمرحلة أوسع، على عكس المشاريع العربية التي كانت تنهار بمقتل قادتها أَو بتغير الظروف الدولية، حَيثُ نجح المشروع القرآني في تحويل رموزه إلى أيقونات نضال تتجاوز الزمان والمكان.
اليوم، تعجز القوى الكبرى عن كسر المشروع القرآني؛ لأَنَّه لا يقبل التفاوض على ثوابته؛ لأَنَّ ما يميزه عن غيره هو فهمه العميق لمعركة الوعي، حَيثُ أدرك أن الصراع مع الهيمنة الغربية ليس على الأرض فقط، بل على شرعية الرواية الحضارية، فالغرب قدم نفسه كحضارة نهائية، والمشروع القرآني رد بإحياء نموذج ديني يثبت قدرة الأُمَّــة على إدارة دولتها بعيدًا عن التبعية، بينما حوَّلت الأنظمة العربية الدين إلى شعارات أَو طقوس فردية، أعاد المشروع القرآني القرآن إلى مركز الحياة كمنهج ودستور حركة.
مشروع لم يؤطر:
قبل عَقدَينِ من الزمن، لم يكن أحد يتوقع أن يقفَ مشروعٌ ناشئ في وجه منظومة دولية تملك أقوى أدوات القمع والسيطرة، ولكن المشروع القرآني، كما أثبتت التجربة، لا يقوم على حسابات القوة التقليدية بل يرتكز على بناء الإنسان الواعي، القادر على مواجهة التحديات بفكر ثاقب وإيمان صلب، لذلك فَــإنَّ أية محاولة لفهم هذا المشروع من خلال عدسات السياسة التقليدية ستخفق في إدراك عمقه وتأثيره.
المثير في تجربة المشروع القرآني هو أنه لم يأتِ من رحم الأنظمة، ولم يُؤطَّر ضمن الأيديولوجيات التقليدية التي أسقطتها الأحداث، إنه مشروع خرج من الناس وإليهم، يتغذى على احتياجاتهم، ويستمد قوته من إيمانهم، لذلك فشلت الولايات المتحدة وبريطانيا و”إسرائيل” في كسره؛ لأَنَّهم لا يواجهون جيشًا تقليديًّا أَو حركة سياسية عابرة، بل يواجهون حالةَ وعي جماعي راسخة وسدًّا منيعًا من الصمود والإرادَة.
إن هذا المشروع يقدم للأُمَّـة نموذجًا مختلفًا، ليس لأَنَّه تحدى القوى الكبرى فحسب، بل لأَنَّه أثبت أن النصر لا يتطلب أدوات القوة التقليدية، ويمكن لشعب محاصر أن يصنع معادلة جديدة، يمكن لوعي مستمد من القيم القرآنية أن يتحدى أعتى الإمبراطوريات.
اليوم، عندما ننظر إلى المشهد العربي، لا نجد مشروعاً آخر استطاع أن يصمد أمام الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية بهذا الشكل، فالأنظمة التقليدية إما انهارت أَو استسلمت، والمشاريع الأُخرى تلاشت في زحام المصالح الدولية، وحده المشروع القرآني الذي يحمله اليمنيون استطاع أن يقدّم نموذجًا متكاملًا، يجمع بين المقاومة الشعبيّة، والصمود العسكري، والوعي الثقافي.
إن هذا المشروع لم يظهر من فراغ؛ بل جاء لحكمة ربانية على يد شهيد وقائد ينتمي لمدرسة آل البيت كاستجابة تاريخية لواقع متراكم من التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها الأُمَّــة الإسلامية.
والثقافة القرآنية كانت العمود الفقري الذي أسّس عليه هذا المشروع، حَيثُ عمل على بناء وعي جمعي قادر على مواجهة أعقد المعادلات الإقليمية والدولية وبالتالي تحول هذا الوعي من مُجَـرّد أدَاة دفاعية إلى حالة هجومية تسعى لإعادة تعريف العلاقة بين الشعوب وقوى الاستكبار العالمي.
في النهاية، يمكن القول بثقة إن المشروع القرآني الذي يمثل تجربة فريدة لليمن، أثبت أنه أكثر من مُجَـرّد حركة مقاومة، إنه نموذج متكامل لإعادة بناء الأُمَّــة على أسس الوعي والإيمان، رؤية تتجاوز اللحظة الراهنة لتضعَ أُسُساً جديدةً لبناء أُمَّـة إسلامية قوية، تمتلكُ استقلالية القرار، وتحملُ رسالةً إنسانية متجاوزة للهُويات الضيقة والانتماءات العابرة.
هذه الرسالة، المستمدة من القرآن الكريم، تعيد للإنسان مكانته المركزية كفاعل ومسؤول عن تغيير واقعه، وتحمل في طياتها قيم العدل والسلام التي غُيبت طويلًا في ظل الهيمنة الاستعمارية والتبعية.
إنه مشروع يتحدى الهيمنة ليس بالسلاح فقط، بل بفكرة، بفهم عميق لمعنى الحرية والكرامة، وهذا هو الدرس الأهم الذي يمكن للأُمَّـة أن تتعلمه من التجربة اليمنية، فالقوة الحقيقية ليست في السلاح، بل في الوعي والإرادَة والانطلاق من القرآن وما يجب أن يفهمه الجميع أنه ليس مشروعًا يمنيًّا بل قرآنيًّا جامعاً، خارطة طريق للأُمَّـة لمواجهة أعداء الإسلام والإنسانية.
ولا سبيل للأمتين العربية والإسلامية للخروج من حالة الانحطاط والذل والخضوع للهيمنة الأمريكية والصهيونية إلا بهذا المشروع القرآني الذي يواصل حمله السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في محاضراته وخطاباته للأُمَّـة، انطلاقاً من مسؤوليته الدينية، وسيأتي اليوم الذي تصدح فيه كُـلّ الأُمَّــة بالصرخة وتتبناها كشعار للمواجهة، فهذه الصرخة التي صدح بها القائد المؤسّس الشهيد حسين الحوثي، وأرادها لتكون مشروع كُـلّ الأُمَّــة وستكون كذلك.
المصدر: المسيرة