لم يكن لبنان الرسمي، بلسان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي كان في نيويورك والرئيس نبيه بري، ليوافق على النداء الأممي، لو لم يحصل من الجانب الأميركي عبر المفاوض آموس هوكشتاين على ضمانات بأن إسرائيل "ماشية" فيه. إلا أن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو نسف في كلمته من على منبر الأمم المتحدة كل الآمال المتعلقة بإمكان التوصل إلى هدنة تستمر ثلاثة أسابيع في كل من لبنان وقطاع غزة.

ومن مقرّه في نيويورك أشرف على عملية اغتيال السيد حسن نصرالله، الذي سبق له أن أعطى موافقته على النداء الأممي عبر قنوات التواصل بين قيادتي "حزب الله" ورئيس مجلس النواب، باعتبار أن ما جاء فيه من بنود لا تتعارض مع ما تطالب به "المقاومة الإسلامية" منذ اليوم الأول لإعلانها "حرب المساندة والمشاغلة" في 8 تشرين الأول من العام الماضي. إلاّ أن هذا النداء، الذي وافق عليه لبنان بضمانات أميركية، كشف نوايا إسرائيل العدوانية، التي استمرّت في حربيها التدميريتين والتهجيريتين في لبنان والقطاع، إذ تبيّن للقاصي والداني أنها لن توقف حربيها قبل أن تحقّق ما تدّعيه من أهداف. وهذه الأهداف كما أصبحت واضحة هي تمنّي القضاء على حركة "حماس" في غزة وعلى "حزب الله" في لبنان، وعلى كل من يدور في فلك المحور الإيراني.
إلاّ أن دون تحقيق إسرائيل "أهدافها" عقبات كثيرة، ومن بينها أن القضاء على الحركة الجهادية ليس بهذه السهولة التي يتصورها نتنياهو، وأن القصف المتواصل والمزلزل لن يحقّق له ما يصبو إليه. وهذا ما خبرته تل أبيب في حروبها السابقة، التي انتهت إلى "لا غالب ولا مغلوب"، ولم تستطع أن تصل إلى النتيجة التي كانت تسعى إليها، وهي ضرب القاعدة الحصينة لـ "المقاومة"، التي أثبتت "الأيام والليالي والميدان" أن ساعدها قد اشتدّ أكثر من ذي قبل، وأن ما تشهده المواجهات البرّية "على الحافة" الجنوبية أكبر دليل على أن دون وصول إسرائيل إلى مبتغاها الكثير من العقبات حتى ولو دمرّت كل لبنان وهجّرت كل الشعب اللبناني وليس فقط أهل الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت.
وعلى وقع المسودّة المسرّبة عبر الصحافة الإسرائيلية لم يتمكّن أموس هوكشتاين من اقناع الإسرائيليين بتليين موقفهم بالنسبة إلى المقترحات والأفكار الأميركية، التي قد يناقض بعضها ما ورد في بنود المسودّة المسربة الـ 16، وهو كان يعتقد أنه  قادر على إتمام آخر مهمة له قبل أن ينتقل إلى عمله الخاص في المملكة العربية السعودية في حال فوز الحزب الجمهوري في الانتخابات الأميركية، التي دخلت مرحلة سباق الأمتار الأخيرة، والتي قد يفوز فيها على "المنخار" على حدّ اللغة المستعملة في سباق الأحصنة عندما تكون النتائج النهائية متقاربة جدًّا.
ولا تخفي أوساط لبنانية متابعة مدى ارتياحها لرفض تل أبيب السير بما لا يمكن للبنان القبول به، فتقول "منيح يللي طلعت منهم"، باعتبار أن الشروط الواردة في هذه المسودة، في حال كانت صحيحة، لا يمكن لأي عاقل القبول بها، إذ أن موقف لبنان كان واضحًا منذ البداية، وهو المطالبة بوقف فوري للنار قبل أي أمر آخر، ومن ثم تنفيذ كامل لمندرجات القرار 1701 من دون تغيير فاصلة واحدة فيه، والذي يؤكد على أحقية بسط الدولة اللبنانية كامل سيادتها على المنطقة الجنوبية جنوب نهر الليطاني بعد تعزيز وجود الجيش بالعديد والعتاد لكي يستطيع القيام بما هو مطلوب منه بالتعاون مع قوات "اليونيفيل"، مع احتمال إعطائها صلاحيات أوسع بعد تعزيز إمكاناتها الرقابية لتنفيذ القرار الأممي من قِبل إسرائيل و"حزب الله" بالتوازي. وهذا ما أوضحه الرئيس ميقاتي في حديثه الأخير مع قناة "الجديد".
فالموقف اللبناني واحد وثابت. وكل طرح لا يأخذ في الاعتبار المنطلقات اللبنانية لجهة مطالبته بوقف فوري للنار، ومن ثم الانتقال إلى تطبيق القرار 1701 لن يحظى بأي موافقة من الجانب اللبناني الرسمي، الذي ينطق باسمه اليوم الرئيسان ميقاتي وبري. وهذا يعني أن البداية تكون بتطبيق ملزم لهذا القرار ولن تكون هذه البداية من الصفر. وبداية البدايات تكون برفض كل ما ورد في المسودّة المسرّبة اسرائيليًا.
وما فشل هوكشتاين في اقناع إسرائيل بالقبول بوقف فوري للنار والسير بعد ذلك بما يمكن تنفيذ القرار 1701 بضمانة أميركية من خلال انضمام كل من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا إلى لجنة التفاوض الثلاثية سوى الدليل الساطع على أن تل أبيب لن تفاوض إلا بالنار، لأنها لا تزال تعتقد أنها قادرة على فرض شروطها عبر الميدان. وهذا ما يتعارض مع وقائع الميدان الجنوبي، وأن أي محاولة لاستفراد لبنان عبر تسريبات مشبوهة لن تنجح في التسليم بالأمر الواقع.    المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية والهجرة ونظيره الأردني يبحثان سبل تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة وتنفيذ مراحله الثلاث

التقى الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة، أيمن الصفدي، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشئون المغتربين بالمملكة الأردنية الهاشمية، بحضور حسين الشيخ، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وذلك اليوم السبت الأول من فبراير، لعرض ومناقشة آخر تطورات الأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكذلك سبل تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة وتنفيذ مراحله الثلاث، وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية، وعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع.

يأتي ذلك على هامش الاجتماع الذي عقد على مستوى وزراء الخارجية، وشاركت فيه كل من: المملكة الأردنية الهاشمية، دولة الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، دولة قطر، جمهورية مصر العربية، بالإضافة إلى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عن دولة فلسطين، وأمين عام جامعة الدول العربية، وذلك بدعوة من مصر.

واتفقت الأطراف المشاركة في الاجتماع، على ضرورة الحفاظ على عدم تقسيم قطاع غزة، والتمسك بالانسحاب الإسرائيلي بالكامل والرفض التام لأي محاولات تقسيم أو تهجير.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية والهجرة ونظيره الأردني يبحثان سبل تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة وتنفيذ مراحله الثلاث
  • صحيفة: الهجرة الطوعية لسكان غزة لن تكون محلّ اعتراض من أطراف عربية
  • الخارجية: اتصالات دورية لوقف إطلاق النار ومطالبة إسرائيل بالانسحاب من لبنان
  • خبراء يحذرون.. هذا ما قد يسببه احتلال إسرائيل للبنان وسوريا
  • إسرائيل تضرب أهدافًا لحزب الله.. وتقدّم شكوى ضد إيران لمواصلة تمويلها الجماعة
  • بيان من إسرائيل بشأن الضربات في شرق لبنان
  • إسرائيل تشن غارات على شرقي لبنان والمنطقة الحدودية مع سوريا | فيديو
  • صلاح حسب الله: مصر لن تكون وطنًا بديلًا للفلسطينيين حفاظًا على قضيتهم
  • مسيّرة من لبنان تخترق الحدود صوب إسرائيل للمرة الأولى منذ وقف إطلاق النار
  • هل يصمد وقف النار بين إسرائيل وحزب الله؟