رغم احتدام الصراعات.. إقبال دولي على الاستثمارات في المنطقة العربية
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
لأول مرة منذ سنوات، تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا زيادة في الاهتمام من قبل المستثمرين الدوليين، وذلك رغم احتدام الصراعات والحروب فيها، وفقا لتقرير نشره موقع "صوت أميركا" الإخباري.
فمؤخرا، شاركت شركات كبرى مثل غوغل ومايكروسوفت وأدوبي، في أحد أكبر الأحداث التكنولوجية بالمنطقة، وذلك عندما استضافت مدينة دبي الإماراتية معرض "Expand North Star 2024"، الذي اجتذب أكثر من 6500 شركة تجارية وتكنولوجية و1800 شركة ناشئة و1200 مستثمر من 180 دولة.
وعلى مدار العام الماضي، جاء أكثر من نصف المستثمرين في الشركات الناشئة الإقليمية من الخارج، مما يعكس مدى جاذبية منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لأولئك الذين يسعون إلى مناطق جديدة للنمو، بما في ذلك المستثمرين من الولايات المتحدة وأوروبا.
وفي هذا الصدد، قدمت فرح النحلاوي، قائدة فريق البحث في منصة بيانات المشاريع "ماغنيت MAGNiTT"، ومقرها دولة الإمارات، أرقامًا قوية عن زيادة الاستثمار الدولي في المنطقة العربية.
وأوضحت النحلاوي: "في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، سجلنا 390 مستثمرًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، منهم 199 مستثمرًا دوليًا".
وتابعت: "عندما نقوم بتقسيم هؤلاء المستثمرين الدوليين، نرى مزيجًا متنوعًا من المساهمين، فحوالي 37 بالمئة من الولايات المتحدة، و13بالمئة من المملكة المتحدة، و8 بالمئة من سنغافورة".
بروز قطاع التكنولوجيا الماليةووفقًا لتقرير حديث من منصة "ماغنيت"، فقد برز قطاع التكنولوجيا المالية كمحرك رئيسي، حيث حصل على 480 مليون دولار من التمويل.
وقالت النحلاوي إن "قلب هذا الاتجاه يكمن في رغبة العديد من البلدان في المنطقة، مثل الإمارات والسعودية، في تجاوز الصناعات التقليدية القائمة على الموارد، مثل النفط".
وزادت: "إنهم يستثمرون بكثافة في التكنولوجيا والتعليم والابتكار، مما يخلق أرضًا خصبة للشركات الناشئة ورجال الأعمال".
وأشارت النحلاوي إلى المبادرات الحكومية المهمة في جميع أنحاء المنطقة، موضحة : "كانت برامج مثل رؤية 2030 في السعودية، وخطط السياسات الاقتصادية بالإمارات، محورية في جذب رأس المال الدولي".
وأردفت: "حسّنت هذه المبادرات بشكل ملحوظ مناخ الاستثمار من خلال التنويع الاقتصادي، بهدف تقليل الاعتماد على النفط، عبر تعزيز قطاعات مثل السياحة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة. وتعمل هذه الحكومات على جعل اقتصاداتها أكثر مرونة وجاذبية للمستثمرين الذين يسعون إلى الاستقرار على المدى الطويل".
وبالنسبة للعديد من المستثمرين الدوليين، تقدم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فرصة لدخول سوق سريعة النمو بعوائد مرتفعة. وبالنسبة للحكومات المحلية، فهي وسيلة لتأمين النمو طويل الأجل بعد النفط.
وفي هذا الصدد، أوضح سيرغي مالوموز، مؤسس ريوومب (حاضنة الأعمال للشركات الناشئة على شبكة الإنترنت من الجيل التالي) إن الحكومات الإقليمية تتبنى نهجا تنظيميا تقدميا ومرنا لدعم التقنيات والصناعات الناشئة.
وقال لـ "صوت أميركا": "هذا يدعم الابتكار ويخلق مناخا تجاريا مواتيا للاستثمارات الأجنبية".
وأضاف مالوموز أن الأسواق مثل الإمارات، تظل جذابة بسبب إمكانات النمو العالية والسياسات الاقتصادية المستقرة. وتابع: "من تجربتي في الاستثمار والعمل مع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لاحظت أن المستثمرين يأتون من أماكن مختلفة، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا والخليج".
وفي سياق متصل، أكد يوسف يحيى، المؤسس المشارك لمختبرات "سافانا للابتكار" في السودان، وهي شركة حاضنة واستشارية بارزة، على مكانة بلاده في المشهد الاستثماري بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
فعلى الرغم من نزوح جزء كبير من القوى العاملة الشابة والموهوبة في السودان بسبب الحرب، فإن يحيى أوضح أن بعض الضحايا كانوا "محظوظين بما يكفي للعثور على فرص خارج بلادهم، وفي بعض الأحيان سد فجوات المهارات والمساهمة في الابتكار عبر الحدود".
كما أشار إلى أن زيادة الاهتمام الدولي مدفوعة جزئيًا بدول مثل مصر، حيث تم سن إصلاحات سياسية شاملة لجذب وحماية الاستثمارات الأجنبية.
وجادل بأن هذه التدابير تعكس التزامًا في جميع أنحاء المنطقة بـ"بناء بيئة مستقرة وقابلة للتنبؤ وملائمة للمستثمرين".
من جانبه سلط روبرت موغيلنيكي، الباحث المقيم الأول في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، الضوء على إمكانات المنطقة للنمو الريادي، على الرغم من الصراعات في العديد من البلدان.
وأوضح: "تتمتع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بفرص كبيرة للنمو الريادي"، مضيفا: "تتمتع المنطقة بسكان شباب.. وتحتوي على العديد من مشاهد الشركات الناشئة الواعدة".
وأشار موغيلنيكي إلى أن العديد من حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خاصة في الخليج، تستثمر بنشاط في ريادة الأعمال.
وتابع: "في بعض الحالات، تقدم الكيانات الحكومية الدعم والاستثمارات المباشرة للشركات الناشئة. وفي حالات أخرى، تسعى الحكومات إلى تعزيز أنظمة الشركات الناشئة وريادة الأعمال من خلال سياسات داعمة".
ومع ذلك، حذر الخبير من أن الحروب والتوترات الجيوسياسية قد تؤثر على الشركات الناشئة بشكل مختلف، موضحا: "الآثار المترتبة على الشركات الناشئة وقدرتها على تأمين الاستثمارات، تعتمد إلى حد كبير على الصناعة التي تعمل فيها، وإمكانية حدوث اضطرابات في العمليات، ومستويات متقلبة من رأس المال الاستثماري المتاح".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفریقیا الشرکات الناشئة فی المنطقة العدید من
إقرأ أيضاً:
ماذا يخطط ترامب لمنطقة الشرق الأوسط؟
من يشاهد الفيلم التسويقي عن غزة والذي يلعب بطولته كل من ترامب وملهمه آيلون ماسك وذراعه التنفيذي نتنياهو، مع ما يتضمنه من مشاهد خيالية عن أبنية مرتفعة بنماذج ناطحات سحاب، أو من مشاهد ولا في الأحلام لمنتجعات سياحية بنماذج غربية، مع مروحة من الصور غير الواقعية يحاول أن يرسمها هذا الفيلم ، لا يمكن إلا أن يتوقف حول الهدف من هذا التسويق، والذي لا يمكن أن يكون فقط للدعابة أو للتسلية، وخاصة في هذا التوقيت الاستثنائي من المشاريع السياسية الصادمة التي يروج لها ترامب، والتي يعمل فعلياً على السير بها وتنفيذها.
فماذا يمكن أن يكون الهدف أو الرسالة من هذا الفيلم التسويقي؟ وأية رسالة أراد إيصالها الرئيس ترامب؟ وما المشاريع الأمريكية الغامضة (حتى الآن) والتي تنتظر منطقة الشرق الأوسط برعاية أمريكية؟
بداية، وبكل موضوعية، لا يمكن إلا النظر بجدية إلى المستوى الحاسم بنسبة كبيرة، والذي يفرضه ترامب في أغلب الملفات التي قاربها حتى الآن، وبفترة قصيرة جداً بعد وصوله إلى البيت الأبيض رئيساً غير عادي.
أول هذه الملفات كان التغيير الفوري لاسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا، مع كامل متتمات هذا التغيير في المراجع العلمية والجغرافية المعنية كافة، وذلك حصل خلال رحلة جوية له فوق الخليج المذكور.
ملفات الرسوم الجمركية مع كندا والمكسيك ودول أخرى، والتي دخلت حيز التنفيذ مباشرة بعد توقيعه الأوامر التنفيذية الخاصة بها، بمعزل عما يمكن أن يكون لهذا الملف من ارتدادات سلبية على تجارة الولايات المتحدة نفسها.
ملف التهديد الجدي بالسيطرة على جزيرة غرينلاند وتداعياته التي ما زالت قائمة، مع ملف التهديد الجدي بالعمل لجعل كندا الولاية 51 للولايات المتحدة الأمريكية.
ملف قناة بنما وفرض انتزاع المميزات التجارية التي كانت الصين قد اكتسبتها من اتفاق رسمي مع سلطات بنما بعد إلغاء الأخيرة الاتفاق.
أهم هذه الملفات أيضًا، والتي فرض الرئيس ترامب تغييرًا دراماتيكيًا فيها بوقت قياسي، هو ملف الحرب الروسية – الأوكرانية، حيث وضعها على سكة الحل القريب، بعد أن كان البحث في إمكانية إيجاد حل قريب لها مستحيلاً، وذلك بمعزل عن الصفقات التجارية الضخمة (وخاصة في المعادن الحيوية مثل الحديد والصلب أو النادرة مثل الليثيوم) ، والتي يبدو أنه على الطريق لفرضها مع أوكرانيا، واجتماع البيت الأبيض الأخير، العاصف وغير المتوازن مع الرئيس الأوكراني، والذي اضطر مرغمًا لإنهاء زيارته إلى واشنطن بعد أن أهين وهُدّد بعدم العودة إلا بعد إعلان استعداده لقبول الصفقة كما هي، والتي ستكون بديلًا عن استمرار هذه الحرب، ولو على حساب أوكرانيا وأراضيها، وأيضاً ستكون على حساب اقتصاد وموقع الأوروبيين حلفائه التاريخيين في حلف شمال الأطلسي.
أما في ما خص فيلم ترامب التسويقي عن غزة، والمقارنة مع الجدية التي أظهرها في متابعة ومعالجة الملفات الدولية المذكورة أعلاه، فيمكن استنتاج عدة مخططات ومشاريع أمريكية مرتقبة، في غزة بشكل خاص، أو في فلسطين وسورية ولبنان بشكل عام، وذلك على الشكل الآتي:
مشروع تهجير أبناء غزة بحجة تسهيل وتنفيذ إعادة الإعمار، رغم ما واجهه من رفض فلسطيني وعربي وإقليمي،ما زال قائماً بنسبة نجاح مرتفعة، والتسريبات حول دعمه قرارًا مرتقبًا لنتنياهو بالانسحاب من تسوية التبادل قبل اكتمالها، بعد فرض شروط جديدة، تؤكد أن ما يُخطط أمريكياً وإسرائيلياً لغزة هو أمر خطير، ولتكون المعطيات التي خرجت مؤخراً وقصدًا للإعلام، عن موافقة أمريكية سريعة لإسرائيل، لحصولها على صفقة أسلحة وذخائر وقنابل شديدة التدمير على وجه السرعة، تؤشر أيضاً وبقوة، إلى نوايا عدوانية إسرائيلية مبيتة، بدعم أمريكي أكيد.
أما بخصوص ما ينتظر سورية من مخططات، يكفي متابعة التوغل الإسرائيلي الوقح في الجنوب السوري، دون حسيب أو رقيب، لا محلي ولا إقليمي ولا دولي، والمترافق مع استهدافات جوية كاسحة لكل ما يمكن اعتباره موقعًا عسكريًا، أساسيًا أو بديلًا أو احتياط، وكل ذلك في ظل تصريحات صادمة لمسؤولين إسرائيليين، بمنع دخول وحدات الإدارة السورية الجديدة إلى كل محافظات الجنوب، وبحظر كل أنواع الأسلحة والذخائر من مختلف المستويات في جنوب سورية، مع التصريح الواضح بتأمين حماية كاملة لأبناء منطقة السويداء دفعاً لهم لخلق إدارة حكم ذاتي مستقل عن الدولة السورية.
أما بخصوص لبنان، فالعربدة الإسرائيلية مستمرة، في ظل الاحتلال والاستهدافات الواسعة وعلى مساحة الجغرافيا اللبنانية، رغم وجود لجنة مراقبة خماسية عسكرية، برئاسة ضابط أمريكي وعضوية فرنسي وأممي ولبناني وإسرائيلي. وليكتمل المشهد الغامض (الواضح) حول مخططات الرئيس ترامب المرتقبة للمنطقة، يكفي متابعة تصريح المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف عن تفاؤله بشأن الجهود المبذولة لانضمام السعودية إلى اتفاقيات أبراهام، مرجحًا أيضاً انضمام لبنان وسورية إلى الاتفاق، بعد الكثير من التغييرات العميقة التي حدثت في البلدين المرتبطين بإيران”.