هل يجب طاعة الوالدين في أمور العلاقة الزوجية؟.. ليس في 3 أشياء
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
لاشك أن السؤال عن هل يجب طاعة الوالدين في العلاقة الزوجية ؟ يعد أحد أهم الأسئلة التي تهم الكثير من الأبناء والبنات بل إنه منبع الكثير من المشاكل الزوجية باعتباره من تدخلات الأهل، ومن ثم ينبغي الوقوف على حكم وحقيقة هل يجب طاعة الوالدين في العلاقة الزوجية بدءًا من اختيار الزوج إلى قرار هد البيت وتفكك الأسرة.
قال الشيخ هشام ربيع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن بر الوالدين في إطار الحياة الزوجية يتطلب فهمًا دقيقًا ووعيًا عميقًا، موضحا أن الكثير من المشاكل الزوجية تنشأ نتيجة تدخل الأهل في خصوصيات حياة الزوجين، مما قد يُفهم بشكل خاطئ على أنه عقوق.
وأوضح “ ربيع" قي إجابته عن سؤال : هل يجب طاعة الوالدين في العلاقة الزوجية وعصيانهما عقوق؟، أن البر بالوالدين واجب شرعي، ولكن يجب أن يتم ذلك مع مراعاة خصوصيات الحياة الزوجية.
وأشار إلى أن بعض الأزواج والزوجات قد يشعرون بالضغط عندما يُتوقع منهم إبلاغ الأهل بكل تفاصيل حياتهم، وهذا قد يؤثر سلبًا على علاقتهم، منوهًا بأن التوازن هو المفتاح، يجب على الزوج أن يُحافظ على علاقته بأهله دون أن يؤثر ذلك على حياته مع زوجته، والعكس صحيح.
وأفاد بأن الأهم هو الحفاظ على علاقة صحية ومتوازنة تضمن احترام حقوق الجميع، ناصحًا المقبلين على الزواج إلى أن يكونوا واقعيين، فالحياة الزوجية تتطلب أكثر من مجرد رومانسية، بل تحتاج إلى تحمّل المسؤوليات بحكمة وتعقل، لضمان استقرار الحياة الأسرية.
وأضاف ، قائلاً: "علينا أن نكون واعين للمسؤوليات التي تترتب علينا كزوجين، وأن نتعاون معًا لبناء حياة أسرية قائمة على الحب والاحترام".
حدود طاعة الوالدين في الأمور الزوجيةوبينت دار الإفتاء المصرية، أن الله تعالى شرع التشريعات بما تشتمل عليه من أوامر ونواهي ومحاذير ومندوبات، ومنح الإنسان حرية الاختيار في كل أمر يعود إلى جبلته وفطرته أو ميل نفسه، أو اختيار عقله وقلبه، دون أن يلزمه في ذلك بشيء دون شيء ما لم يكن في اختياره ذلك إثمٌ أو ضررٌ أو مفسدةٌ؛ حتى يتحمل تبعات اختياراته.
وتابعت: ومن الأمور التي ترجع حتمًا إلى إرادة الإنسان واختياره في ضوء الضوابط الشرعية المنظمة لها: أمر الزواج وما يتبعه من استمرار الحياة الزوجية أو إنهائها على وفق ما يجد الإنسان فيها ما يتوخاه من تحقيق أهداف ومقاصد الزواج؛ حيث اعتبر الشرع ذلك الأمر من حقوق الإنسان الراجعة إلى تقديره وحاجته، والتي لا يحق لأحد حرمانه منها أو إجباره عليها، ما دام موافقًا لمراد الشرع وضوابطه.
ولفتت إلى أن ممَّا يُؤكّد ذلك المعنى ويُوطّده أن الشرع الشريف لم يجعل للولي -ولو كان أحد الأبوين- حق الإجبار على الزواج أو المنع منه، إذا كان من تحت ولايته بالغًا عاقلًا ذكرًا أو أنثى، فلا يحقّ للأب تزويج ابنته أو ابنه إلا بعد التأكد من موافقتهما على هذا الزوج أو تلك الزوجة.
واستندت لما قال الشيخ ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (32/ 30، ط. مجمع الملك فهد): [ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد، وإنه إذا امتنع لا يكون عاقًّا، وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكلِ ما يُنفِّر منه مع قدرته على أكلِ ما تشتهيه نفسه كان النكاح كذلك وأولى، فإن أكلَ المكروه مرارة ساعة، وعِشْرة المكروه من الزوجين على طول تؤذي صاحبه ولا يمكنه فراقه] اهـ.
ونوهت بأنه مع تقرير ذلك المعنى من إنَّه لا يحق للوالدين أو أحدهما إجبار الأولاد على الزواج ممَّن لا يرغبون بالزواج منه، إلا أنَّه لا منافاة بين ذلك وبين ما منحه الشرع للوالدين من منزلة ومكانة تحتم على الأولاد الطاعة والرعاية على أتم وأكمل وجه، وهو المأمور به في قوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾ [الإسراء: 23].
وأردفت: إذ إن ضابط الطاعة المأمور بها من الأولاد للآباء: هو كلّ ما يعود لمنافع الأبوين بحيث يلحقهم ضرر بتفويته، مع عدم الإضرار بمصالح أولادهم الحقيقية، بحيث إذا تعارضت تلك الطاعة فيما يضر بمصالحهم وما لا بد لهم منه من الأمور الحياتية كالزواج والعمل والسكن، فإنه يجب حينئذٍ التلطف مع الآباء وبيان تعذر طاعتهم في ذلك لما يعود من ورائه من ضرر أو مشقة لا يرضونها لأولادهم أصالة.
ودللت بما قال العلامة ابن مفلح [ت: 763هـ] في "الآداب الشرعية والمنح المرعية" (1/ 436، ط. عالم الكتب): [قال أبو بكر في "زاد المسافر" فيضحكهما، وقال في رواية أبي عبد الله: روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فبايعه فقال: جئت لأبايعك على الجهاد وتركت أبويَّ يبكيان قال: «ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما». وقال الشيخ تقي الدين بعد قول أبي بكر: هذا مقتضى قوله أن يبرأ في جميع المباحات فما أمراه ائتمر وما نهياه انتهى، وهذا فيما كان منفعة لهما ولا ضرر عليه فيه ظاهر، مثل: ترك السفر، وترك المبيت عنهما ناحية، والذي ينتفعان به ولا يستضر هو بطاعتهما فيه قسمان: قسم يضرهما تركه؛ فهذا لا يستراب في وجوب طاعتهما فيه، بل عندنا هذا يجب للجار، وقسم ينتفعان به ولا يضره أيضا طاعتهما فيه على مقتضى كلامه، فأما ما كان يضره طاعتهما فيه لم تجب طاعتهما فيه لكن إن شق عليه ولم يضره وجب] اهـ.
ضابط عقوق الوالدين وأثره على إنهاء العلاقة الزوجيةونبهت إلى أن ضابط العقوق: "أن يؤذي الولد أحد والديه بما لو فعله مع غير والديه كان محرمًا من جملة الصغائر، فينتقل بالنسبة إلى أحد الوالدين إلى الكبائر، أو يخالف أمره أو نهيه فيما يدخل فيه الخوف على الولد فوات نفسه أو عضو من أعضائه ما لم يتهم الولد في ذلك، أو أن يخالفه في سفرٍ يشق على الوالد وليس بفرض على الولد، أو في غيبة طويلة فيما ليس بعلم نافع ولا كسب، أو فيه وقيعة في العِرض لها وقع"؛ كما قال العلامة ابن حجر الهيتمي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/ 116، ط. دار الفكر).
واستطردت : هذا، ولَمَّا كان أمر إنشاء الزواج وانعقاده لا يشرع فيه الإجبار من الوالدين، ولا يلزم الأولاد فيه الطاعة إن خالف اختيارُ آبائهم اختيارَهم وميلهم، فكيف يكون لإنهاء الزواج وما يتبعه من انهدامِ بيتٍ وفرقةٍ وشتاتِ أمرٍ وتبعاتٍ مالية كبيرة ونفسية خطيرة أن يلزمهم الشرع بطاعتهم في ذلك، إضافة إلى ما قد يلحق الزوجة من ظلم إن طُلِّقتْ دون وقوع تقصير منها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: حدود طاعة الوالدين في الأمور الزوجية ما حدود طاعة الوالدين في الأمور الزوجية الحیاة الزوجیة فی ذلک إلى أن
إقرأ أيضاً:
العلاقة بين الدولة والسلطة والمنظمة في فلسطين
د. عبدالله الأشعل **
يجرى الخلط في الخطاب السياسي الفلسطيني والعربي بين 3 مكونات فلسطينية هي منظمة التحرير الفلسطينية التي تأسست عام 1964 لتُعبر عن الشعب الفلسطيني الذي أنكرته إسرائيل.
وفي عام 1975 اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالمنظمة كمُمثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني حتى تتعاقد على السلام في فلسطين مع إسرائيل قبل أن تعلن إسرائيل عن خططها الحقيقية ونظرتها إلى فلسطين سكانا وأرضا وبدأ ذلك صراحة من جانب نتنياهو قولا وسلوكا خلال الفترة من 2021 حتى الآن، وتقدم خطوة أخرى عندما استصدر من الكنيست قانونين أحدهما 2017 وهو القاضي بإنشاء دولة يهودية خالصة في فلسطين والهدف الأساسي التمسح في اليهودية وطرد فلسطيني 1948 من داخل الدولة المحتلة قبل أن تتحول في المرحلة القادمة إلى إسرائيل الكبرى وتضم كل فلسطين وأجزاء من دول عربية مجاورة. والقانون الآخر صدر 2023 ويقضي بحظر إقامة دولة فلسطينية في فلسطين.
أما السلطة فهي حكم محلي انتقالي وإن تمت عن طريق الانتخاب وهي في كل الأحوال نتاج إعلان أوسلو ولو طبق الإعلان بحسن نية من قبل إسرائيل لكانت مفاوضات الوضع النهائي قد تمت ولم يتضمن الإعلان إنشاء دولة فلسطينية وإنما كان يراد له أن يكون حكما ذاتياً بعد أن يتم تركيز الاتفاق على خمس قضايا حجزت لمفاوضات الوضع النهائي للأراضي الفلسطينية.
وعموما اتفاق أوسلو انتهى عام 2000؛ لأنَّ أجله كان خمس سنوات من 1995 حتى 2000 والذي نقضه هو نتنياهو بعد أن كتب بيريز في مذكراته أن أوسلو كانت محطة في تنفيذ المشروع الصهيوني. وكان لأوسلو فوائد كثيرة بالنسبة لإسرائيل، بينما استمر معدل التراجع في القضية الفلسطينية ومن مزايا أوسلو لإسرائيل ثلاثة رغم أن النقد المزعوم لا يتوقف في إسرائيل.
الأولى: أنه هدأ الفلسطينيين والعالم وتفادت به إسرائيل الضغوط.
الثانية: أن إسرائيل حصلت دون تحفظ على اعتراف عرفات بما عرف خطأ وثيقة الاعتراف المُتبادل.
الثالثة: أنها صادرت حق المقاومة وجلبت عرفات إلى فلسطين من تونس بعد أن أبعدته إسرائيل من بيروت عام 1982 مما مكنها من السيطرة عليه واغتياله.
وكانت أوسلو محطة أساسية نحو تحقيق أهداف المشروع الصهيوني وشجعت الأردن على إبرام اتفاقية السلام في وادي عربة 1994. وكل ذلك ترتب على خطوات التقارب بين مصر وإسرائيل والسادات كامب دافيد والسلام. ولا عبرة بتهديد إسرائيل بإلغاء أوسلو فليست سارية، ولكن أي حقوق لفلسطين في أوسلو تظل سارية بموجب القانون الدولي وليس بموجب أوسلو.
وأما الدولة فقد حلت محل المنظمة والسلطة وكان محمود عباس قد ارتكب خطأ سياسيًا وقانونيًا عندما جمع بين رئاسة السلطة والمنظمة والدولة؛ فهو لم ينتخب لرئاسة الدولة. ومن العبث أن يجتمع الجميع في نطاق المنظمة كلما أرادت كل المشروعات الهادفة إلى المصالحة بين الفصائل المقاومة وبين السلطة. والسلطة حاليا هي حكومة الدولة، وأبو مازن رئيس واقعي للدولة الفلسطينية.
والدولة الفلسطينية لا تعتمد في قيامها على موافقة إسرائيل، ويمكن أن تكون أراضيها تلك المخصصة للفلسطينيين في قرار التقسيم ويكون الجزء 21.5% من مساحة فلسطين الإجمالية التي وافقت الدول العربية في مبادرة السلام العربية على إهدائها لإسرائيل تؤول إلى الدولة الفلسطينية. والوصف القانوني الصحيح للدولة الفلسطينية هي أنها اعلنتها الجمعية العامة 2012 وتحتلها إسرائيل وتقيد سيادتها. والأساس القانوني لاستقلال الدولة الفلسطينية عن إسرائيل هي: قرار التقسيم، الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية رأى الجدار العازل 2004 ورأى 2024 الذين حددا علاقة إسرائيل بأرض فلسطين خارج إسرائيل بأنها سلطة احتلال يجب أن تنتهي فورًا.
وأرجو أن يتعدل الموقف العربي بناء على هذا الإيضاح فتؤيد القمم العربية إزالة الاحتلال عن جسد الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس كلها استنادا إلى رفض قرار مجلس الأمن 478/1980 اعتبار القدس عاصمة إسرائيل وحظر نقل السفارات إلى القدس الشرقية وكذلك القرار 242 الذي أكد أن شرق القدس أراضي محتلة والدولة الفلسطينية التي يعترف بها الآن معظم أعضاء المجتمع الدولي عضو في الكثير من المنظمات الدولية وليست عضوا في الأمم المتحدة بسبب الفيتو الأمريكي والغربي. ولكنها عضو مراقب وبهذه الصفة عضو في محكمة العدل الدولية ورفعت أمامها دعوى ضد الولايات المتحدة لتلزم المحكمة واشنطن باحترام قرارات مجلس الأمن لأن واشنطن انتهكت هذه القرارات ونقلت سفارتها من تل أبيب إلى القدس الشرقية، خاصة وأن الكونجرس كان قد قرر عام 2002 قبيل غزو العراق الاعتراف بأن القدس عاصمة إسرائيل الأبدية ورخص للرئيس في الوقت المناسب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. ورغم أن الدعوى مرفوعة على الولايات المتحدة عام 2018 والقضية واضحة يكون قد مضى عليها سبع سنوات ويبدو أن واشنطن هددت قضاة المحكمة الدولية مثلما هدد الكونجرس بفرض عقوبات على الجنائية الدولية إذا أدانت إسرائيل وأمرت بالقبض على زعماء إسرائيل فلما تحدت الجنائية الدولية واشنطن قام الكونجرس بفرض عقوبات على المحكمة وقضائها. وهكذا تحولت الدولة العظمى إلى معول هدم للقانون والقضاء الدوليين بسبب انحيازها للظلم الصهيوني، وإفلات إسرائيل من العقاب.
المطلوب رفع دعاوى ضد أمريكا أمام قضائها والقضاء الأوروبي وحبذا لو رفعت دعوى ضد ترامب شخصيًا بسبب إسرائيل الكبرى والاستيلاء على غزة وإفراغ فلسطين من أهلها وسوف نقدم إلى المدعي العام للمحكمة مذكرة بهذا المعنى.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصر