قبل عشر سنوات شهدت مصر يومًا لم تعرف مثله في تاريخها القريب، يوم لا يسمع فيها سوى صوت طلقات الرصاص، وأجواء ملتهبة، وأشخاص يحملون السلاح، وأعمال عنف، وتحريض على قتل واغتيالات، لتنجح في النهاية قوات الأمن المصري، في فض اعتصام رابعة المسلح، والذي هدد المصريين وروع الآمنين.

اعتصام رابعةجماعة الإدعاءات والمظلومية

بعد إطاحة الشعب المصري بالرئيس المعزول محمد مرسي،  لجأت جماعة الاخوان للعنف والدم، عقب ثورة شعبية خرج فيها جموع الشعب المصري للمطالبة بإنهاء حكم جماعة الإخوان.

وتحولت إشارة رابعة العدوية بالقاهرة وميدان النهضة في الجيزة، لمكانين لتجمعات العناصر الاخوانية المسلحة، التي أعلنت استهداف مؤسسات الدولة والشخصيات العامة، وتنفيذ سلسلة اغتيالات، مطالبين بعودتهم للحكم، فإما الحكم أو القتل "نحكمكم أو نقتلكم".

ولم تكن مؤسسات الدولة تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الخطر الداهم، الذي يهدد استقرار البلاد، فجاء فض اعتصام رابعة والنهضة في 14 أغسطس 2013، لإنهاء هذا الخطر، ولتعود الحياة لطبيعتها كما كانت. وتزامنًا مع فض الاعتصامين المسلحين، تسللت عناصر إرهابية لاستهداف مؤسسات الدولة، لا سيما المواقع الشرطية، ودور العبادة، خاصة الكنائس لحرقها، وتصدى جموع الشعب المصري لهذه المحاولات الإرهابية الجبانة.

بعد قليل.. الجنايات تستأنف إعادة محاكمة 13 متهما في فض رابعة مختار نوح: خطاب منصة رابعة كان يصدر الوهم للمواطنين

وخلال هذه الأحداث سقط عدداً من الشهداء، وهم يسطرون ملاحم بطولية في الفداء، قدموا الأرواح من أجل أن نعيش في سلام وأمان، على رأسهم شهداء الشرطة في فض الاعتصامين، وشهداء الشرطة في كرداسة، وغيرهم من الأبطال الذين سجلوا أسمائهم في سجلات الشرف.

ويحمل اعتصام رابعة العديد من الأسرار والخفايا، التي يرفض الإخوان الاعتراف بها، كالسلاح والتخابر بهدف ضرب الدولة المصرية وتفكيكها من الداخل.

وفي إطار هذا العنف بجميع أشكاله وأنواعه، ادّعت الجماعة أن اعتصام رابعة سلمي، وحاولت الترويج لهذه الفكرة، ولكن أين السلمية، في ظل ما تلفّظت به أعضاء الجماعة على منصة رابعة، في تهديدات صريحة للشعب المصري مفادها إما أن ترضوا بحكم الإخوان، أو أن تقتلوا، وغيرها مما شابه، من قيادات الجماعة الإرهابية، ما دفع قوات الأمن للإسراع بعملية فض الاعتصام لوقف نزيف الدماء وحفظ الأمن والسلم العام.

وفي هذا السياق، قال الدكتور منير أديب، الباحث في شئون الحركات الإرهابية، إن جماعة الإخوان تعتمد على المظلومية منذ أكثر من خمسة وتسعين عاماً، ولا تجد سوى هذه القشة تُدر عليها تعاطف المجتمع وتربط أعضاءها وأنصارها بها.

اعتصام رابعةمظلومية كربلاء الشيعة

وأضاف أديب في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن الهدف من إدعاء الإخوان للمظلومية هو إيجاد عاطفة قوية بين قيادات التنظيم وممارساتهم العنيفة التي تخرج عن إطار المنطق وبين بقية أعضاء الجماعة، متابعاً أن التنظيم يُحاول أن يخلق مبرراً للسلوك وسبباً مقنعاً على الأقل لدى هؤلاء الأعضاء لعدم الإفصاح عما يجب الإعلان عنه من أنشطة وفعاليات.

وتابع أن جماعة الإخوان تمارس الجماعة السرية المبررة من وجهة نظرها بدعوى الاضطهاد وأنّ هناك من يتصيّد أخطاءها، والحقيقة أنها تعشق الظلام كما يعشقه البوم "الجارح" الذي لا ينشط إلا في الليل أو عند الغسق وتزداد أحلام التنظيم مع الوقت مثل الحيوانات الليلية التي تكبر عيونها في الليل ويتوسع بؤبؤ عيونها في الظلام بهدف جمع ضوء أكبر حتى يسهل لها الرؤية.

المستشار معتز خفاجي: كنت حريصا على معرفة سبب وجود كل متهم في مكان اعتصامي رابعة والنهضة 10 سنوات من الخديعة.. كيف ضللت الجماعة الإرهابية أذنابها بشأن فض رابعة؟

وأشار أديب إلى أن الجماعة أن تخلق مظلومية أشبه بكربلاء الشيعة، وهدف التنظيم من خلالهما خلق بكائية جديدة بعد أن صارت بكائياته الماضية خلال المائة عام الأخيرة بلا أي تأثير، مردفاً، أن الهدف الأهم من وراء خلق بكائية "رابعة" هو القفز على أخطاء قيادات التنظيم الذين أصروا على الاعتصام، كما أصروا على الوقوف أمام قوات الأمن سواء المسلحة أو الشرطة الداخلية والأهم أنهم سلحوا جزءاً من المعتصمين، فبات فض هذين الاعتصامين واجباً أمام القيادة الأمنية بما يُشكله من خطر على الأمن.

وكشف الباحث في الشؤون السياسية والإرهابية، أن اعتصام رابعة والنهضة كانا مسلحين مادياً ومعنوياً؛ موضحاً أن منصة كل منهما كان يخرج منها التحريض بالقتل عياناً بياناً، كما أن منصة رابعة كانت تضم المجموعات الأكثر تطرفاً، "داعش" و"القاعدة"، فضلاً عن أن هذه القيادات كانت ممثلة بكلمات فوق المنصة، فقد عانت مصر من تحريض هذه المنصة لسنوات طويلة حتى بعد الفض.

وقال أديب أنه كان بحوزة المعتصمين بعض الأسلحة الخفيفة والثقيلة، كاشفاً أن إخوان المنوفية هم من أطلقوا أول رصاصة من مدخل التأمين عند "طيبة مول"، وهو ما اضطر أجهزة الأمن للتعامل مع مطلقي النيران.

وتابع أن هدف أجهزة الأمن كان فض الاعتصام فقط دون إراقة نقطة دماء واحدة، حتى إنها قامت بخلق ممرات آمنة للنساء والأطفال والرجال من الشباب والعجائز، ولولا أن الإخوان المسلحين صوبوا نيرانهم تجاه أجهزة الأمن، وما شكلته المجموعات الأكثر تطرفاً من خطر حتى كان الاعتصام نقطة جذب لكل هذه التنظيمات التي قامت بقتل ضباط الشرطة، ما خرجت رصاصة واحدة من فوهة سلاح ضابط أمن.

وأشار أديب إلى أن المظلومية التي صنعها الإخوان على خلفية فض اعتصامي رابعة والنهضة في ذكراها العاشرة التي تشهد على عنف التنظيم، يتزامن مع شماتة الإخوان الأخيرة في وفاة نجل الفنان المصري حسن يوسف والفنانة شمس البارودي، مختتماً الإخوان كرّسوا إنتاجهم الأدبي وممارستهم السياسية للتسويق بأنهم جماعة دعوية أو سياسية، كما أنهم نجحوا في إقناع البعض بعدم وجود أي علاقة لهم بالعنف، والحقيقة أنهم أكثر التنظيمات ممارسة للعنف وتشفياً في الموت بالوقت نفسه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: رابعة اعتصام رابعة الإخوان جماعة الإخوان محمد مرسي رابعة العدوية رابعة والنهضة اعتصام رابعة فض الاعتصام فض اعتصام

إقرأ أيضاً:

منير أديب: الشائعات أداة التنظيمات المتطرفة لتشويه الخصوم.. والوعي سلاح المواجهة

أكد منير أديب، الخبير فى شئون الحركات الإسلامية، أن تاريخ تنظيم الإخوان الإرهابى يشهد على استخدام العنف كجزء من استراتيجياته منذ نشأته فى عام 1928، مشيراً إلى أن الإخوان استخدموا الدين ستاراً لهم، فبرروا استخدامهم للعنف عبر تحريف النصوص الدينية، واعتمدت الجماعة فى العنف على تلك التأويلات وحتى بعض النصوص الضعيفة، فيما كانت رؤيتهم لباقى النصوص أحادية لا تعبر عن مقاصدها ولا عن حقيقة الدين وإنما عن أيديولوجيات الإخوان. 

وفى حواره مع «الوطن»، أكد «أديب» أن الوعى هو الوسيلة الأهم والأبرز لمواجهة الشائعات التى تنشرها الجماعات الإرهابية والمتطرفة، عبر منصات التواصل الاجتماعى والإنترنت.. وإلى نص الحوار:

هل العنف جزء منهجى فى فكر واستراتيجيات تنظيم الإخوان؟

- تاريخياً، الإخوان استخدموا العنف كجزء من استراتيجية الجماعة منذ نشأتها فى عام 1928، وهذا العنف لم يقتصر فقط على السلوك الفردى لأعضاء التنظيم، بل كان مرتبطاً بفكر مؤسسها حسن البنا، الذى ارتبطت دعوته بالقوة العسكرية لتحقيق الأهداف، والشعار الذى رفعه التنظيم منذ البداية كان يتضمن سيفين ومصحفاً، وهذا يعكس الفكرة التى ترى أن إقامة الدولة الإسلامية وتحقيق الأهداف لن يتما إلا من خلال القوة والعنف.

وفى عام 1939 أنشأ «البنا» النظام الخاص، أو الجناح العسكرى للإخوان، وهو ما يؤكد أن العنف كان جزءاً من الهيكل التنظيمى للجماعة، وفى رسالته «رسالة المؤتمر الخاص» عام 1938، أشار «البنا» إلى أن التنظيم سيستخدم القوة عندما لا يجد غيرها، وهذه المقولة تؤكد أن العنف لديهم وسيلة مشروعة، وعلى مر السنين، ورغم حل «النظام الخاص»، فإن فكرة العنف استمرت فى أدبياتهم وممارساتهم الداخلية، وفى كتابه «الإخوان المسلمون والعنف: قراءة فى الأدبيات المجهولة» يعرض مجموعة من المقولات التى تؤكد ضرورة إنشاء جيش إسلامى قادر على الدفاع عن التنظيم ومواجهة خصومه بالقوة، وهذه الأدبيات والممارسات تدعم الرأى القائل بأن العنف ليس فقط سلوكاً فردياً وإنما جزء من الفكر الاستراتيجى للتنظيم، وهو ما يستمر فى التأثير على مواقف الجماعة حتى اليوم.

ولكن كيف يكون الدين ستاراً للعنف.. وكيف سوقوا لذلك؟

- لجأوا إلى نصوص ضعيفة أو اعتمدوا على تأويل ورؤى أحادية للنصوص الأخرى لا تعبر عن المقاصد الحقيقية لتلك النصوص ولا تعكس حقيقة الدين، وإنما تعكس أيديولوجيات الإخوان، كل ذلك ليبرروا استخدامهم للعنف، ومن هنا تتضح أزمة الإخوان ووصفها كتنظيم متطرف وإرهابى، كما تبرز خطورة هذا التنظيم على الأمن والسلم وكذلك على الإنسان، ليس من كونه استخدم العنف وإنما من تفسيره وتبريره للعنف عبر نصوص دينية، فالإخوان بما فعلوه شوهوا الدين، وأضروا بالدولة وبالمواطنين، ولا أعتقد أن هناك حملة تعرض لها الدين، أو طُعن بها الإسلام تضاهى ما فعلته الجماعات والتنظيمات الدينية المتطرفة، والإخوان أحد النماذج التى تمثل خوارج العصر الحديث، إذ طعنوا الدين من الخلف، وشوهوه، ومارسوا العنف، وكأن هذا الدين يبرر عنفهم ومكرهم.

هل تعد الشائعات ومحاولات تأليب الرأى العام إحدى أدوات التنظيم وأسلحته للتآمر على الدولة؟

- بالفعل يستخدم الإخوان الشائعات كأداة رئيسية فى مواجهة خصومهم، خصوصاً بعد تراجع نفوذ التنظيم داخل مصر وفى المنطقة العربية، فهو يدرك جيداً أنه فقد كثيراً من وجوده السياسى. 

ولم يعد مرحباً به فى كثير من الأوساط، لذلك رأى فى نشر الشائعات وسيلة فعّالة لتشويه صورة خصومه ومحاولة العودة إلى الساحة السياسية، إلى جانب استخدام هذه الشائعات فى إعادة تقديم نفسه مجدداً للجمهور، على أمل أن تتاح أمامه فرصة لاستعادة بعض من مكانته المفقودة، ويبدو أن التنظيم، الذى افتقد القدرة على تقديم خطاب سياسى قادر على جذب تأييد شعبى، استخدم الشائعات، السلاح الوحيد المتبقى له، ليس فقط لتشويه سمعة خصومه وأعدائه، وإنما التأثير كذلك على الرأى العام وخلق حالة من الفوضى قد تساعده على تنفيذ أجندته، وعلى زعزعة استقرار الدولة.

وماذا عن المواجهة.. وكيف تتصدى الدولة لشائعات الإخوان؟

- لا يوجد سلاح يمكن أن يواجه المجتمع من خلاله سلاح الشائعات الذى يستخدمه الإخوان إلا سلاح الوعى، فهو الوسيلة الأهم والأبرز لمواجهة الشائعات التى تنشرها الجماعات الإرهابية والمتطرفة عبر منصات التواصل الاجتماعى والإنترنت، ويستخدمه الإخوان على وجه الخصوص، ومن هنا تبرز أهمية المواجهة الفكرية لهذه التنظيمات وتفكيكها بكشف الأفكار المؤسسة لها التى قامت عليها وفضح مخططاتها، والوقوف أمام خطابها الذى يستهدف تشويه الخصوم واغتيالهم، فهدفهم هو اغتيال المجتمع وشخصيته وهويته، فلا بد من التسلح بالوعى فى مواجهة الشائعات والتنظيمات.

لماذا تركز تلك التنظيمات فيما تطلقه من شائعات دائماً على معلومات مغلوطة تتعلق بالأمن القومى أو باقتصاد وخدمات المواطنين؟

- التنظيمات الإسلامية الراديكالية تعتمد على استغلال الظروف الاقتصادية والمشاعر الدينية لتحريك الناس وتوجيههم لخدمة أهدافها، إذ تستخدم هذه الجماعات الأوضاع الاقتصادية الصعبة والارتباط الدينى العميق لدى الأفراد كوسيلة لخداعهم وجذبهم إلى صفوفها، وتسعى هذه التنظيمات إلى استغلال هذه العوامل لتمرير أفكارها المتطرفة والإقناع بأيديولوجياتها، ومن المهم أن تتولى المؤسسات الدينية مسئوليتها فى تقديم خطاب دينى معتدل ومتوازن يعكس جوهر الدين، بعيداً عن التأويلات المتطرفة التى تروج لها هذه الجماعات.

مقالات مشابهة

  • جماعة الإخوان ونظرية القطيع.. مقاربة سوسيولوجية
  • حتى لا ننسى.. جماعة الإخوان اغتالت النائب العام الأسبق في شهر رمضان
  • 97 عامًا من التضليل.. كيف اتخذت جماعة الإخوان الشائعات أداة لنشر الفوضى؟
  • من الدين إلى السياسة.. تاريخ جماعة الإخوان الإرهابية وارتباطها بالعنف
  • مساعد وزير الداخلية السابق: الشعب انخدع بالجماعة المحظورة في 2011
  • خبير في شؤون الحركات الإسلامية: سلاح الوعي هو الأمثل لمواجهة الشائعات
  • منير أديب: الشائعات أداة التنظيمات المتطرفة لتشويه الخصوم.. والوعي سلاح المواجهة
  • تاريخ من العنف والإرهاب.. أبرز جرائم جماعة الإخوان ضد الأقباط
  • كتاب لإخواني سابق يكشف قصة التنظيم الإرهابي: جماعة خطيرة بمطامع عالمية
  • مذكرات محمد حبيب تكشف حقيقة التنظيم الإخواني ورحلة صعوده إلى الهاوية