ستراتفور: الامتثال التدريجي لصندوق النقد السيناريو الأرجح لأزمة مصر الاقتصادية
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
سلط موقع "ستراتفور" الأمريكي الضوء على تفاقم الأزمة الاقتصادية في مصر، مشيرا إلى أن الحكومة توازن بين التقشف والحاجة إلى الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
وذكر الموقع، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، أن البيانات الاقتصادية المنشورة مؤخرا أثارت مخاوف بشأن الاستقرار المالي في مصر على المدى القريب والبعيد، حيث شهدت البلاد نموًا اقتصاديًا أبطأ من المتوقع في يوليو/تموز الماضي، كما أظهرت بيانات البنك المركزي، الصادرة الأسبوع الماضي، أن صافي الأصول الأجنبية التي تحتفظ بها البنوك التجارية المصرية بلغ عجزًا قياسيًا في يونيو/حزيران، وسط قلة تدفقات العملات الأجنبية.
وأضاف أن النقص في العملة الصعبة يكشف مشاكل ميزان المدفوعات الحادة التي تواجهها مصر، بما في ذلك عبء الديون الخارجية الكبير والتضخم المرتفع وانخفاض قيمة الجنيه على الرغم من التدخلات المكلفة للبنك المركزي.
وإضافة لذلك، تعاني مصر حاليًا من نقص حاد في الكهرباء وسط موجة حرارة قياسية أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي.
وإضافة إلى الضيق الاقتصادي العام، الذي يشعر به السكان، أثارت أزمة الطاقة السخط، كما يتضح من العدد المتزايد من المصريين الذين لجأوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي في الأسابيع الأخيرة للتعبير عن غضبهم وإحباطهم من الحكومة.
وتدهور الوضع الاقتصادي في مصر بشكل كبير في عام 2022، ما دفع الحكومة إلى السعي للحصول على تمويل خارجي من صندوق النقد الدولي، فيما ظلت توقعات عام 2023 دون تحسن.
وخفضت مصر قيمة عملتها 3 مرات خلال العام الماضي في محاولة لتثبيت سعر صرف الجنيه، لكن هذا الجهد فشل إلى حد كبير، ما تسبب في استنزاف احتياطيات مصر من النقد الأجنبي.
وأدت هذه الاحتياطيات المحدودة إلى مزيد من الضغط على الجنيه وجعل من الصعب على مصر شراء الواردات، خاصة الحبوب، حيث أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى تعطيل صادرات الحبوب الروسية والأوكرانية بشدة ورفع أسعار الحبوب العالمية.
ولأن مصر كانت المستورد الأول للحبوب من كلا البلدين في عام 2021، أي العام الذي سبق اندلاع الحرب، فقد تضررت القاهرة بشكل خاص من هذا النقص وتكافح بشكل متزايد التهديد الذي يلوح في الأفق بانعدام الأمن الغذائي.
وأدت هذه الصعوبات إلى انخفاض ثقة المستثمرين وأدت إلى هروب رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية، خاصة مع استمرار معدلات التضخم العالمية في الارتفاع.
اقرأ أيضاً
أبعاد توسّع الجيش المصري في المشهد الاقتصادي
رياح معاكسة
ولأن العديد من محركات الأزمة الاقتصادية في مصر خارجة عن سيطرة البلاد، لا سيما الحرب الروسية الأوكرانية والتضخم العالمي، فمن المرجح أن يظل الاقتصاد المصري متقلبًا طالما استمرت الرياح المعاكسة للاقتصاد العالمي.
ولحماية اقتصادها من آثار هذا التقلب، توصلت مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج قرض مدته 46 شهرًا بقيمة 3 مليارات دولار في ديسمبر/كانون الأول 2022.
ومع ذلك، أرجأ الصندوق صرف الدفعة الثانية من الأموال لعدة أشهر بسبب مقاومة مصر لتنفيذ إصلاحات غير شعبية.
ومن بين إصلاحات الصندوق المطلوبة: تخفيضات إضافية لقيمة الجنيه المصري، ما سيمكن الحكومة من سداد ديونها الخارجية وجذب الاستثمار الأجنبي.
ومع ذلك، فإن مثل هذه التعديلات في سعر الصرف ستجعل الواردات أكثر تكلفة، وتقلل من قيمة مدخرات المصريين وتقلل من القوة الشرائية للأسر.
وإضافة لذلك، يحث صندوق النقد الدولي الحكومة على خفض دعم الوقود والمرافق والمواد الغذائية، فضلاً عن زيادة الضرائب، للمساعدة في دعم الهوامش المالية للحكومة.
ويمكن للبنك المركزي أيضًا تقديم أسعار فائدة أعلى، ما من شأنه أن يبطئ الطلب المحلي والواردات، ويزيد تدفقات العملات الأجنبية ويحسن معنويات المستثمرين.
ومع ذلك، فإن هذه الخطوة من شأنها أن تضعف بعض الأنشطة التجارية المحلية والاستثمارات الرأسمالية. وبهذه الطريقة، فإن تلبية مطالب صندوق النقد الدولي سيجعل الحياة أكثر تكلفة بالنسبة للمصريين على المدى القصير، ما سيزيد من المشاعر المناهضة للحكومة.
ومن أجل تجنب الاحتجاجات والاضطرابات، من المرجح أن تنفذ مصر إصلاحات مهمة بما يكفي لإطلاق مساعدات صندوق النقد الدولي.
وعلى سبيل المثال، من المرجح أن تفرض مصر ضرائب جديدة تساعد في توليد الإيرادات، ولكن مع تجنب خفض الدعم للسلع الحساسة اجتماعيًا (بما في ذلك الخبز) وإجراء تخفيضات حادة في قيمة عملتها.
وقد تؤدي هكذا استراتيجية إلى خلق توتر مع صندوق النقد الدولي، لكن من غير المرجح أن تخرج الاتفاقية عن مسارها.
وبالنسبة للاقتصاد المصري، فإن التنفيذ البطيء والانتقائي للإصلاحات من شأنه أن يخلق فترة مؤلمة وطويلة من التعديل الذي يحد من النمو الاقتصادي، ولا يفعل الكثير لإثارة ثقة المستثمرين، ويبقي الأسواق عرضة للصدمات الخارجية المتجددة.
اقرأ أيضاً
رايتس ووتش: انقطاعات الكهرباء بمصر تهدد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين
اضطرابات اجتماعية
ومع ذلك، فمن المرجح أن تساعد الإصلاحات التدريجية مصر على تجنب أزمة ميزان المدفوعات. وفي حين أن بعض الاضطرابات الاجتماعية قد تحدث على الأرجح نتيجة لتدابير التقشف، فإن تنفيذها التدريجي من شأنه أن يقلل من مخاطر تلك الاضطرابات، وسيتم بث المشاعر المناهضة للحكومة في الغالب على وسائل التواصل الاجتماعي وليس في الشوارع.
وفي سيناريو أقل احتمالا، قد تنهار المفاوضات بين مصر وصندوق النقد الدولي لأن القاهرة ترفض تنفيذ إصلاحات اقتصادية بسبب المخاطر السياسية والاجتماعية، حسب تقدير "ستراتفور".
وسيؤدي هذا السيناريو إلى زيادة حادة في عدم اليقين بشأن الاقتصاد الكلي لمصر، وانخفاض احتياطيات العملات الأجنبية، وانهيار معنويات المستثمرين الأجانب والمحليين.
وبدون تمويل من صندوق النقد الدولي، يمكن لمصر أيضًا أن تتخلف عن سداد ديونها. وعلى المدى القريب، سيكون خطر الاضطرابات الاجتماعية منخفضًا بسبب استمرار الدعم والإنفاق الحكومي على الفوائد، لكن هذا الخطر سيرتفع على المدى الطويل بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.
أما السيناريو الأقل احتمالا، فهو امتثال مصر الكامل لمطالب صندوق النقد الدولي، وفي مثل هذا السيناريو ستشرع الحكومة بسرعة في إصلاحات كبيرة، بما في ذلك تخفيضات كبيرة في قيمة العملة، وضرائب جديدة وإصلاحات كبيرة للدعم، والتي تمكن القاهرة من خدمة ديونها الخارجية وتنمية الاقتصاد.
ومن المحتمل أيضًا أن تكون مصر قادرة على الحصول على المزيد من الأموال من مقرضين آخرين، ما سيسرع الانتعاش الاقتصادي بشكل أكبر.
وفي حين أن هذه الإجراءات سترفع بشكل حاد تكلفة المعيشة للمصريين، ما يزيد من مخاطر الاحتجاجات المناهضة للحكومة، فإن الحكومة لن تختار هذا المسار إلا إذا رأت أن المخاطر السياسية والاجتماعية لتنفيذ الإصلاحات لا تذكر أو يمكن قمعها بالقوة بسهولة.
اقرأ أيضاً
زيارة وزير التجارة المصري لتركيا.. مشاريع وخطط لتطوير العلاقة الاقتصادية بعد الجفاء (محصلة)
المصدر | ستراتفور/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر صندوق النقد الدولي البنك المركزي التضخم صندوق النقد الدولی من المرجح أن على المدى ومع ذلک فی مصر
إقرأ أيضاً:
التفاصيل الكاملة لأزمة "عز" ضد استبعاده من التصويت على قرار شطب أسهم شركة حديد عز
قالت الهيئة العامة للرقابة المالية، إن أحمد عز المساهم الرئيسي في شركة حديد عز، تقدم بتظلم من استبعاد أسهمه وأسهم الأطراف المرتبطة به من التصويت على قرارات الجمعية العامة غير العادية بالشطب الاختياري لأسهم الشركة.
أضافت الرقابة المالية أن أحمد عز يمتلك نسبة تزيد عن 68% من أسهم شركة حديد عز، وفقًا لبيان الرقابة المالية صادر اليوم الأربعاء.
وأوضحت الرقابة، أنه تقرر تحديد يوم الأربعاء الموافق 22 يناير الجاري للنظر في التظلم.
وكانت شركة حديد عز، حددت سعر شراء أسهم الشطب، وفقًا للقيمة العادلة الواردة في تقرير المستشار المالي المستقل شركة BDO.بواقع 138.15 جنيه للسهم، وذلك بعد العرض على الجمعية العامة غير العادية للشركة.
وأكدت الشركة أنه بذلك يكون سعر الشطب أعلى من متوسط سعر السهم خلال الثلاث أشهر السابقة على إعلان نية الشطب بـ28%، وخلال الستة أشهر السابقة على إعلان النية بنسبة 40%.
ومن المقرر انعقاد الجمعية العامة غير العادية للانعقاد يوم الثلاثاء الموافق 28 يناير الجاري للموافقة على الشطب الاختياري لأسهم الشركة من البورصة المصرية وشراء أسهم المتضررين من الشطب الاختياري.
كما ستناقش فتح حساب مؤقت باسم حساب أسهم الشطب الاختياري يقتصر غرضه على تنفيذ عمليات شراء أسهم المساهمين المتضررين من الشطب على أن يتم تمويل هذا الحساب من خلال الشركة أ ضمنان الغير.
وفي بيان ردًا على استفسارات المستثمرين، أكدت الشركة أن سعر الشطب السابق يزيد عن متوسط سعر السهم في عامي 2023 و2024 بنسبة 156% و35% على التوالي، كما يزيد سعر الشطب بالمعامل الدولاري عن المتوسط السنوي لسعر السهم بالدولار بما بين 75%، و426%؛ للسنوات من 2015 حتى 2023، وبنسبة 33% عن متوسط عام 2024 وحده.
وأوضحت ان أحدث التقييمات الصادرة من إدارة البحوث التابعة لأكبر بنوك الاستثمار المصرية منذ سبتمبر الماضي وحتى يناير الجاري تراوح فيها تقدير السعر للسهم في الحالة الأساسية بين 115.00 جنيه و120.21 جنيه وهو نفس نطاق سعر الشطب الموصي به رغم اختلاف توجهاتها الاقتصادية والصناعية والمالية.
وأكدت أنها لا تخطط لبيع أي حصة من أسهمها لمستثمرين عرب أو أجانب، منوهة إلى أنها لم تتلقى أي عروض من مستثمرين لشراء حصة من أسهم الشركة.
كما ذكرت حديد عز أنه لديها حصة سوقية من حديد التسليح في السوق المصري في حدود الـ40%، رغم زيادة المنافسة من المصانع المصرية الأخرى التي بدأت الاستثمار في التكامل الرأسي.
وأشارت إلى أن الطاقة الإنتاجية المحلية تفوق استيعاب السوق بأكثر من الضعف، ولذللك سيظل التنافس قوياً لفترة مقبلة، بالإضافة أنه في حالة زيادة طاقات إنتاج الصلب فسيكون هناك أثر عكسي ملموس نظراً لأن الزيادة التدريجية في الاستهلاك ستحتاج ما لايقل ن 10 سنوات لتصل إلى الطاقة الإنتاجية المتوفرة بالفعل.